الستر بقلم دكتور أحمد فرحات

الستر بقلم دكتور أحمد فرحات
الستر بقلم دكتور أحمد فرحات
 
 
الستر على المخطئ هدي وخلق، وهو لا يعني إقرارا لخطأ المخطئ، ولا تهوينا من زلته، ولكنه مع الإنكار عليه ومناصحته يأخذ بيده ليستمر في سيره إلى الله، ويفتح له باب التوبة، وتصحيح الخطأ. إذ ربما يفقد الإنسان حياءه عندما تُكشف أخطاؤه فيتجرأ على المزيد من الخطأ. وويل لمن فقد حياءه!
الأخطاء والذنوب والمعاصي إذا جهر بها صاحبها وكررها مرة تلو مرة لا يردعه إلا كشف الستر من عليه، فالمعروف عنه الخطأ والتمادي فيه وتكراره لا يستحب أن نستر عليه بل نرفع أمره لولي أمره لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك المحرمات وجسارة غيره على مثل فعله كالصديق أو القريب أو الرفيق.
إن العفيف إذا استعان بخائن  كان العفيف شريكه في المأثم
قد يكون الستر مأمورا به محمودا ، وقد يكون حراما، فإذا رأينا شخصا على معصيته وهو شرير منهمك في المعاصي لا يزيده الستر إلا طغيانا فإننا لا نستره بل نبلغ عنه حتى يردع ردعا يحصل منه المقصود.
وللستر رصيد، قد ينفد وأنت لا تدري، يظل ستر الله يغطيك رغم عظيم قبحك، حتى إذا ما رأى منك بلادة لا تبالي معها عظيم ما أنت فيه من ستر، ولا يرى منك نية  ارتداع أو إقلاع نزعه عنك!!
من ذاق الحرام، سيُحرَم لذة الحلال، شاء أم أبى. كل العلاقات المحرّمة ستدمّر حياتك حتى لو لم تُكشَف، قد تُمنح منحة الستر- لخيرٍ فعلته في حياتك يومًا ما أو لحكمةٍ أرادها الله – لكنك ستُسلب متعة الحلال ولقمة الحلال والعيش الحلال ،وكفى به عذابًا!
وباب التوبة مفتوح على مصراعيه، لم يغلقه الله في وجه أحد، وأجل مكان للتوبة بيوت الله وحرمه، ومن ينكث بعد التوبة فإنه لا يدري متى يحل به غضب الله، ومن يحلل عليه غضبه فقد هوى، ” وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ” (آية 82 سورة طه)  لعلك تلحظ حرف العطف ثم وما يفيده من الترتيب والتراخي، أي ينتظر حتى يعلم عنه صدق التوبة وصلاحها.
الإصرار على الخطأ والتمادي فيه مهلكة؛ لأن فيه تعمدا وقصدا يقول الله تعالى: “وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ” . الأحزاب: 5