الكذب الأبيض بقلم المنتجب علي سلامي

الكذب الأبيض بقلم المنتجب علي سلامي
الكذب الأبيض بقلم المنتجب علي سلامي
 
 
الكذب صفة قبيحة مذمومة يُرافِق الهروب من الحقيقة لِمَن استخدمه، وهو أحقر الصّفات لأنّ صاحبه يرتكب فعل المُحرّمات كلّها متستّراً به...
ومجتمعنا العربيّ تعوّد في قاموس حياته اللّغويّ خاصّة العامّي منه أن يستخدم تركيب (الكذبة البيضاء ) وأباح ذلك مع مرور الزّمن....
فاخترع عيد الكذب في الأوّل من نيسان من كلّ عام، وأصبح الناس يحذرون أن يقعوا فريسةً لكذبة بيضاء  يخبرهم بها قريب أوجار من هنا أو زميل أوصديق أوحبيب من هناك.....
وكم كان هذا الكذب مؤذياً لمن صدّقه دون أن ينتبه أنّه تسلية ومُزاح أو دون أن ينتبه إلى اليوم الذي خُصّص له !
وكم تسبّب هذا الكذب بصدمات لمن استمع إلى كلماته المخادعة التي نسج قائلها من حبلها المخادع القصير حوادث وقصص وأخبار سواء أكانت مفرحة أم مُحزنة....
والذين يصدّقون هذا الكلام غالباً هم الصّادقون الطيّبون الذين يقدّسون الصّدق ولا يتوقّعون غيره ممّن يعاشرونهم ويتعاملون معهم.
وكلّما كان صاحب الكذب الأبيض ذكيّاً وقادراً على التعبير بمهارة ويعرف تفاصيل حياة مَن سيكذبُ عليه بدقّة كانت كذبته البيضاء تلبس ثوب الصّدق أكثر وتغري سامعها بمفاتن حروفها فيقع في مصيدة تصديقها....
ويا لكثرة ما نسمَع في مجتمعنا من أنواع الكذب الأبيض وهذه أمثلة على ذلك وهي غيض من فيض:
يقول صاحب المتجر للزّبون الذي اشترى أغراضاً غالية الثّمن من متجره وهَمّ بدفع حسابه:
- (خليها علينا) ويعيدها أكثر من مرّة.
وتقول الأمّ الحنون لطفلها المحبوب المشاغب الذي أتعبها قليلاً:
-(والله حتّى مَوْتك من القتل....أو (بدّي كسرلك دياتك).....أو(بدّي قلعلك عينيك)....
أو تقول(تقبرني) للتعبير عن مدى تعلّقها به...
ويقول العاشق لحبيبته:
(بموت فيك.....بحبّك قد البحر وموجاته....مافيني عم نام الليل وأنا عمفكّر فيك.....ودبت من الحب.ّ....
أو يُقال مبالغةً:
(ماعندي نقطة زيت أو مي ولاحبّة رز أوسكّر....مافيه بجيبتي ليرة.....والله ماقرأت كلمة.....)....
أو يقول أحد المسؤولين المتقاعدين وهو يجلس في قصره الريفيّ والسيّارات الفخمة حوله وسواها:
(والله ليرة واحدة مااستفدت من وظيفتي الحكوميّة)...
وغالباً ما يُرافق القسم بالله هذا الكذب الأبيض في مجتمعنا المسلم والمسيحيّ...
أو يقول لك صاحب المحلّ بعد أن تطلب منه أن يُقلّل من سعر السلعة التي اشتريتها من متجره:
- (والله ماني ربحان منّك قرش واحد)....أو(بعتك بخسارة بس لانو هاي استفتاحيّة).
وقيل:
(أجمل الشعر عند العرب هو أكذبه)
والكذب هنا بمعنى الخيال...وهو ممدوح مشكور فكلّما كان الشّاعر كذّاباً كان شعره أجمل ويلقى استحساناً من المستمعين إليه....
ويالروعة الكذب في أدبنا العربيّ قديمه وحديثه ....
ويا لكثرة الكذّابين في مجاله وأعني طبعاً الخيال والمبالغة في رسم الصّور الشّعريّة..
وسوف أعرض في منشور لاحق بإذن الله شواهد على ذلك منوّعة.