في كل دول العالم يحتل المعلم بؤرة اهتمام دولته بل وترسم كل السياسات الخاصة بالتعليم من خلاله وكيف لا وهو القائم بالعمل والذي يحمل علي عاتقه هموم تحقيق الأهداف التي ترجوها الدولة من وراء التعليم ولأن المثل المصري يقول "طباخ السم بيدوقه" كان لزاما علي القائمين علي التعليم ان يشركوا المعلم في كل ما يخص مجال عمله، فأهل مكة ادري بشعابها. الا ان هؤلاء المطورون يستعينون بكل من هب ودب دون الاقتراب من بعيد او قريب من المعلم وهنا نجد المعلم لا حول له ولا قوة بكل ما يخص مجال عمله والذي كان هو اولي به من اي احد غيره ولذلك نجد حال التعليم المصري لا يرضي عدو ولا حبيب، وكم كانت مصر من اوائل الدول التي نادت بالتعليم وأخذت علي تطويره.وأُخذ عن مصر برامجها التي وضعت بالفعل لتطوير التعليم وقديما كان يحتل التعليم المصري مكانة متميزة عالميا حيث استعانت كثير من دول العالم بالمعلم المصري والذي كان يوكل له التعليم برمته في هذه الدول بدأ من وضع الاهداف ومرورا بوضع المناهج وتنفيذها ولقد اخرج التعليم المصري ليس لمصر فقط وانما للعالم اجمع افضل القامات واعظمها ويكفي ان نذكر ان التعليم المصري هو الذي افرز لنا سميرة موسي. اول عالمة ذرة مصرية والتي نالت تعليمها بجامعة القاهرة واخيرا الراحل الدكتور أحمد زويل عالم الكيمياء والحاصل علي نوبل في الكيمياء والذي تخرج في جامعة الاسكندرية والمجال لن يتسع لذكر الكثير ممن كان للتعليم المصري اكبر اثر عليهم في مراحل تعليمهم الاولي بل والجامعية الامر الذي يدعنا في حيرة من امرنا حيث كان لنا البدء بوضع اللبنات الاولي للتعليم بمصر وخارجها. اما اليوم فنجد مصر وقد خرجت من سباق التعليم العالمي، بل وتذيلته والأسباب كثيرة الا ان اهمها يرجع الي تهميش المعلم والذي استبعد عن كل برامج التطوير بل واهمل لدرجة ان اصبحت مهنة المعلم غير مرغوبة بعد ان كان المعلم يلقي اهتماماً كبيرا لن نقول من الدولة وانما من المجتمع الذي يعيش فيه حتي عاش المعلم فترة كبيرة من الزمن يكتفي بالتقدير المعنوي ويقبله كمدد وعون له في دروب مهنته القاسية اما اليوم فقد غاب التقدير المجتمعي للمعلم وأصبح من الفئات التي يراها كثيرون تعمل ضد المجتمع. وعليه اصبح المعلم يعاني الأمرِّين علي المستويين المعيشي والمهني واذا أرادت الدولة بالفعل ان تعيد التعليم لحالته الأولى فعليها اولا بإعادة هيبة المعلم التي لن تأتي الا بإعطاء المعلم حقوقه المالية المسلوبة بل ووضعه في المكانة التي يستحقها فهو ليس بأقل من القاضي والوزير وكيف لا وهو المؤسسة التي تربت فيها كل هذه الفئات التي تحظي بعناية ومكانة كبيرة في الوقت الذي يواجه فيه المعلم كل الوان النكران والجحود.

