تستمر الأزمة السورية في التأثير على المنطقة بشكل واسع مع تغييرات جوهرية على المستويين الداخلي والدولي ورغم التحديات المستمرة هناك إشارات تبرز الأمل في إمكانية الوصول إلى حلول سياسية قد تغير مجريات الأحداث !
و قد تابعا جميعاً أحداث الساحل السوري و ما شهدته اللاذقية و طرطوس من توترات أمنية هي الاعنف منذ سقوط بشار الأسد جراء هجمات نفذها فلول النظام على دوريات و حواجز أمنية و مستشفيات أوقعت عشرات القتلى و الجرحى و لكن فى ضوء التطورات العسكرية والسياسية المتلاحقة لا يجب ان نركز على المناطق التي تشهد اشتباكات و نزاع فقط و ننسى أن هناك مناطق اخري شهدت استقرارا نسبيا ! و من الطبيعي ان نشهد بعض الاشتباكات و العمليات العسكرية من وقت لآخر بالتزامن مع الحلول السياسية من خلال مبادرات دولية و محلية لإيجاد تسوية ،، و ان كان الطريق طويل و معقد لكني أراهن على وعي الشعب السوري و تصديه لكل محاولات الانقلاب على الثورة أو التدخل الخارجي لإحداث فرقة و تقسيم و عدم استقرار !و بالمناسبة ليست كل المبادرات حسنة النية و ليست جميعها شريرة فهناك أطراف متعددة داخلية وخارجية تهتم بمصير سوريا و وحدتها و تماسك شعبها و المواقف تكون كاشفة في ظل الظروف الصعبة و الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية !
و ليس بعيدا عن تحديات تحقيق الاستقرار و التنمية و تحقيق العدالة الاجتماعية هناك قضية الجولان المحتل تفرض نفسها كا أولوية وطنية لا يمكن تجاوزها و على الرغم من الاعتراضات الدولية لا تزال إسرائيل تسيطر على هضبة الجولان منذ عام 1967 و ان كانت التوترات في هذه المنطقة تؤثر على الوضع الإقليمي فقد ازداد التوتر بعد احتلال مناطق واسعة جديدة داخل سوريا بحجة الحفاظ على أمن واستقرار الكيان المحتل ! مما زاد الأمر صعوبة و تعقيداً و هنا لا احد يراهن على مسار التسوية السياسية مع إسرائيل التي تسعي بكل قوة لاحتلال مزيدا من الاراضي من كل الدول المحيطة بها بحجج واهية لتحقيق هدف واحد هو إنشاء دولة إسرائيل الكبري على حساب انتزاع الاراضي بدون وجه حق من جيرانها و بالخلاف مع كل القوانين الدولية ثم تتباكي على انها دولة محاطة بالاعداء من كل اتجاه و هكذا دأبت إسرائيل على الكذب و المغالطة و سياسة الأمر الواقع ! و قد استغلت إسرائيل ما حدث و يحدث في سوريا اسوأ استغلال و اعتبرت ان الدولة السورية التي تعاني من أزمات انسانية تمثل خطرا عليها ! و صمت العالم جعل المجرم يمثل دور الضحية،،
و بالحديث عن القضايا الانسانية فأولها قضية التهجير و التشريد ،، فمازال ملايين السوريين يعيشون فى ظل ظروف انسانية صعبة و يحتاجون إلى الدعم العاجل و بالذات النازحون فى المخيمات الذين يعانون من نقص الموارد الأساسية و رغم كل هذه الصعوبات تبقي سوريا أمام فرصة للتوصل إلى تسوية عادلة حول قضايا الاحتلال و التهجير ،، ومن الأزمات إلى الأمل تبقى سوريا في حاجة إلى قيادة حكيمة ودعم دولي لإعادة الاستقرار ! فالقضية الرئيسية تكمن في إيجاد تسوية تشمل عودة الأراضي المحتلة وضمان حقوق جميع المواطنين و تسوية الخلافات السياسية و العسكرية بين جميع الأطراف و قد أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية مؤخرا عن توقيع اتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم ،، اتفاق وصف بالتاريخي بين الإدارة السورية ممثلة بالرئيس أحمد الشرع وبين قوات سوريا الديموقراطية ممثلة بمظلوم عبدي و قد رحب العديد من الدول العربية و الأجنبية بهذا الاتفاق و اعتقد ان هذا الاندماج قد يساعد على تحجيم العناصر المتطرفة كما يضمن عودة المزيد من المهجرين السوريين إلى بلادهم و يقدم ردا على خطاب الكراهية و محاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري و كافة المحاولات التي تهدد أمن و وحدة سوريا و لكن يبقي موقف النظام التركي الذي دعم الشرع من هذا الاتفاق مع أكراد سوريا و هو ملف غاية فى الحساسية و التعقيد ،،
اخيراً بالنسبة لصمت الإدارة السورية الجديدة على تعدي إسرائيل على الأراض السورية و عدم التزامها بالقانون الدولي و خرق الاتفاقيات و المعاهدات فهناك من يتهم الإدارة السورية بأن بينها وبين إسرائيل و أمريكا اتفاق غير معلن ! و لا اعتقد ان هذا هو سبب الصمت تجاه احتلال المزيد من الأراضي و التصعيد اللافت و الاستفزاز و التهديد الإسرائيلي بالتدخل و التوسع تحت غطاء حماية الأقليات وخاصة الطائفة الدرزية فى الجنوب السوري و بينما يرفض غالبية الدروز الانخراط فى المشروع الاسرائيلي يلف الغموض موقف الإدارة السورية الجديدة خصوصاً انها لم تصدر حتى الآن أي تصريحات رسمية قوية تدين التهديدات الإسرائيلية أو تكشف عن استراتيجيتها لمواجهة هذه التحديات و قد يكون هذا الصمت له اكثر من تفسير و من المبكر ان نحكم على الإدارة السورية فى ظل الظروف الراهنة ! فقد يخفي هذا الصمت ترتيبات سياسية و للحديث بقية ،،

