حمدي رزق يكتب: خواطر الشيخ الشعراوى..

حمدي رزق يكتب: خواطر الشيخ الشعراوى..
حمدي رزق يكتب: خواطر الشيخ الشعراوى..

بعيداً عن سجدة الشيخ الشعراوى إبان نكسة 67، وفيها قولان، مَن يعرف الشيخ الشعراوى حق المعرفة يعرف أنه كان لين الجانب، متسامحاً، يلتمس الأعذار، ويجتذب المختلفين، ويُتبع السيئة الحسنة تَمحوها، صدره واسع، وحصيرته تتسع للغريب قبل القريب، لم يبتدر أحداً بعداء، ولم يتجهم فى وجه إنسان، كائنا مَن كان.

الشيخ لم يطلب فى حياته عصمة ولم يزعم عصمة، واجتهد، وأصاب وأخطأ، ولم يزعم رسالة أو كرامة من الكرامات، ومن خشيته خشى أن يحسب الناس ما يقوله تفسيراً للقرآن الكريم فقرر أنه «خواطر»، وخواطره كانت عنوانه الأثير.

فالعصمة لا تكون إلا لنبى، وفى حياة الشيخ الشعراوى فصول من الاختلاف والخلاف، ولكنه كان حريصاً على المودة، عاملاً عليها، ويروى معاصروه كيف كان العفو والصفح أقرب إليه من الخصام، اللدد فى الخصومة لم يعرف طريقه إلى نفس الشيخ، رحمة الله عليه.

وعلى طريقه يسير ورثته بين الناس، وهم يحملون إرث الشيخ وفضائله، وعنوانهم التسامح، ولكن هناك مَن نصّب نفسه قيّماً على تراث الشيخ وذكراه، وكيلاً عن ورثته، ويقدم البلاغات باسمهم ضد المختلفين، أو الرافضين، ولو كان الشيخ حياً لحاورهم فى الأمر.

حتى المختلفون يحملون احتراماً للشيخ، وإذا اختلفوا مع بعض ما أتاه أو قال به، فهذا من طبائع الأمور، وليس بغريب، ولا بشاذ، ويستأهل ردوداً، وحوارات، ومنها رد الأستاذ «أحمد»، نجل الشيخ، على الأستاذة فريدة الشوباشى أخيراً، فإرث الشيخ الفكرى والدينى يؤخذ منه ويُرد عليه، لا هو بقرآن كريم ولا بسُنة مطهرة، ولكنه اجتهاد عالِم قال: ربى الله ثم استقام.

أقول قولى هذا بعد أن ثبت من رد نجل الشيخ أنه لم يتقدم ببلاغات ضد الأستاذة فريدة، وكنت قد تواصلت مع صديق للأسرة كان مقربا من الشيخ، وتيقنت أن ورثة الإمام لم يتقدموا ببلاغات ضد كائن مَن كان منذ رحيله، ولم يوكلوا أحداً ليرفع قضايا باسمهم، ويتفاجأون تماماً بمَن يستحل اسم الشيخ، ويحمّل ورثته إثم بلاغاته العقورة، وهو لا يعرف حتى أسماء ورثة الشعراوى، أو التقاهم يوماً.

الاختلاف من حول الشيخ الشعراوى يجوز وجائز، وحدث فى حياته، ولم يتقدم ببلاغ واحد ضد المختلفين مع فضيلته، وحاول البعض معه أن يرفع قضية فى حياته على الصديق إبراهيم عيسى، ورفض قطعياً، ودعا له، وعلى نهجه ورثته، عازفون تماماً عن رفع القضايا، ويترفعون عن البلاغات التى يتحدث بها هؤلاء المحتسبون الجدد ويستخدمون فيها اسم الشيخ دون سند من قانون.

استحلال اسم ورثة الإمام فى بلاغات تصل إلى مكتب النائب العام لا محل له من الإعراب قانونا، بل رد الأستاذ «أحمد»، نجل الشيخ، كفيل بمحق هذا البلاغ الكاذب، الذى يطنطن به محامٍ لا شغلة ولا مشغلة له سوى تقديم البلاغات على خلق الله عمّال على بطّال، ليتكسب شهرة على جثث الضحايا.

خلاصته، واحتراماً لذكرى الشيخ ووصيته فى أولاده.. فليمتنع الوسطاء، وأصحاب الهوى والغرض، وخلُّوا بينكم وبين ورثة الشيخ، فهم ليسوا على خلاف، ولم يكن الشيخ سبّاباً ولا لعّاناً، بل كان يحب من القول أحسنه، ومن العمل أطيبه، ولو كان حياً لما رفع بلاغاً ضد الأستاذة فريدة، بل لكان دعاها إلى مجلسه لتسمع منه تفسيرا لسجدة النكسة، سبق أن قال به للمحاور الشهير، طارق حبيب، وهو مُتاح على يوتيوب لمَن شاء!.

 

 

بركة غليون..

 

حمدي رزقالجمعة 17-11-2017 21:37

 

 

 

بركة ضخمة تطل على البحر المتوسط، ذات أرض سبخية رخوة تغص بالبوص والهيش، لا تصلح للزراعة أو البناء، تقصدها عصابات الهجرة غير الشرعية ببضاعتها من البشر لتهريبهم إلى أوروبا، تتحول في غضون عام إلى أكبر مزرعة للاستزراع السمكى بأيد وعقول وخبرات مصرية، تحت إشراف القوات المسلحة، نحن أمام نموذج ومثال لواحد من المشروعات المخططة جيدا لسد الفجوة الغذائية من الأسماك.

مَن غاص في البركة قبلا- وشباب كفر الشيخ وأجوارها يعرفون الطريق إليها جيدا في طريقهم إلى أوروبا- يدرك حجم الإنجاز الفريد، بركة غليون، وهكذا اسمها، نسبة إلى «الغليون»، وهو المركب الصغير، الفلوكة كما تشتهر مصرياً، تحولت من بركة إلى أكبر «مفرخ سمكى» عرفته مصر، نموذج ومثال للمشروع المتكامل، ولو كانت لنا إضافة أن يسجل على أكياس السمك من إنتاجها (سمك غليون)، باعتباره اسما تجاريا يرمز إلى «بركة غليون»، التي تتحول من تصدير الهجرة الشرعية إلى تصدير الأسماك والجمبرى.

مَن سمع ليس كمَن رأى وعايش هذا المشروع منذ أن كان حلما يسبح على سطح مياه راكدة تجلب من الأمراض أكثر مما تجلب من رزق، عامان فقط نموذج للمشروعات الإنتاجية كثيفة العمالة، يتكون المشروع من مفرخ (أسماك- جمبرى) على مساحة (17) فدانا، بطاقة (20) مليون أصبعية أسماك بحرية/ 2 مليار يرقة جمبرى، ومزرعة إنتاج الأسماك البحرية بإجمالى عدد (453) حوض تربية، و(155) حوض تحضين، بطاقة إنتاجية (3000) طن أسماك/ دورة تقريبا، ومزرعة إنتاج الجمبرى بعدد (655) حوض تربية، بطاقة إنتاجية (2000) طن جمبرى/ دورة تقريبا، ومزرعة إنتاج أسماك المياه العذبة بعدد (83) حوضا، بطاقة إنتاجية (2000) طن.

بركة غليون ليست مزرعة جمبرى وأسماك فحسب، بل تضم مركزا متطورا على أحدث الأساليب العلمية للأبحاث والتطوير والتدريب، بمساحة (700م)، ويتكون من معمل جودة المياه، ومعمل الغذاء الحى، ووحدة الإرشاد والتدريب، ومعمل بيولوجية الأسماك، ومعمل صحة وأمراض الأسماك، ومعمل تركيب وجودة الأعلاف، وجميعها مُقامة على حواف البركة، ومُخصصة لأبحاث أسماك البركة.

ليست مجرد مزرعة سمكية على 400 فدان كانت بورا وتحولت بعزيمة الشباب وخبرة الشيوخ إلى طاقة إنتاجية مضافة لسد الفجوة في إنتاج الأسماك، تغطى العجز وتفيض بالتصدير، فهناك مجمع صناعى متكامل يقوم على ضفاف البركة، يضم مصنع أعلاف الأسماك البحرية، على مساحة (1518م2)، بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنويا، ومصنع أعلاف الجمبرى، على مساحة (567م2)، بطاقة إنتاجية 60 ألف طن سنويا، ومصنع عبوات الفوم، على مساحة (1200م2)، لإنتاج عبوات مختلفة الأحجام من الفوم، لتداول جميع منتجات الأسماك والجمبرى للأسواق الداخلية والتصدير، بطاقة إنتاجية (1500/900 كجم/ يوم)، ومصنع الثلج على مساحة (448م2)، وبطاقة إنتاجية (40) طن ثلج مجروش/ يوم، و(20) طن ثلج بلوكات/ يوم.

بركة غليون- وتذكروا هذا الاسم جيدا- من بشاير الخير، تضم أكبر مصنع لتجهيز الأسماك والجمبرى في الشرق الأوسط، على مساحة (19695م2)، ويشتمل على مصنع منتجات الأسماك: مبردة/ مجمدة/ فيليه/ مطهية/ نصف مطهية، ومصنع منتجات الجمبرى: مبرد/ مجمد/ مقشر/ مصنع/ مطهى/ نصف مطهى، بطاقة إنتاجية (100) طن/ يوم، بالإضافة إلى 1359 حوض سمك، منها 83 حوضا للأسماك الشعبية.

زُرت بركة غليون مبكرا، وغُصت في المياه المالحة حتى وسطى، وكان حلما ما أراه من مخططات تفصيلية على الورق، وزيارة السيد الرئيس للبركة، التي كانت بركة، وتدشين المرحلة الأولى، خير وبركة، والخير على قدوم الواردين، هنيئا لكفر الشيخ ببركتها، كفر الشيخ بعد البركة ستتحول إلى محافظة حاضنة لشبابها، وكانت تلفظهم في البحر بحثا عن الرزق.