فاروق رضا يقدم.. تحليل رواية "العصر الجميل " للأديب ضياء الشرقاوى

فاروق رضا يقدم.. تحليل رواية "العصر الجميل " للأديب ضياء الشرقاوى
فاروق رضا يقدم.. تحليل رواية "العصر الجميل " للأديب ضياء الشرقاوى

 

إن الفنان الأصيل هو الذى يبحث باستمرار عن أشكال فنية جديدة تعبر عن قضاياه . وضياء الشرقاوى يطرح علينا من خلال أعماله نموذجا للفنان دائب البحث فى بحار الفن المجهولة , عن أشكال جديدة للتعبير الفنى هو يذكرنا بقول بودلير : ( إلى نهاية المجهول للعثور على شئ جديد ) . وفى رواية ( مأساة العصر الجميل ) ذات الأجزاء الثلاثة , شخصيتان رئيستان ,, لكن هناك شخصية ثالثة تلوح وتختفى , شخصية وهمية وحقيقة فى نفس الوقت , تشترك بوجودها الحاضر والغائب , بل هى المحور الرئيسى الذى يدور حوله الحوار بين الشخصيتين الأخريين . إننا نعيش فى عصر لاهث , قلق , وأكثر ما يشغل الإنسان اليوم هو أن يتجنب الأوهام ليبتعد عن الأخطار , ولكننا فى عصر الأوهام أيضا وعبثا مقاومتها , مأساة العصر الجميل أنه متعدد الآلهة وحتى مع تسليمنا بوجودها بلا مناقشة فإنها تبدو لنا خلال هذا العالم وكأنها شئ فائض بلا مناقشة فإنها تبدو لنا خلال هذا العالم وكأنها شئ فائض بلا فائدة يقيدنا ويستعبدنا وتكون عبئا آخر فوق ما نتحمله من هموم وأوهام وما نعانيه من قلق وكل الطقوس التى نمارسها لاكتساب رضاء الآلهة تحولت إلى سخفات وتكرار أبدى ممل , مفرغة من أى مضمون ومن أى معنى خاصة عندما تكون ممارسة هذه الطقوس فى عالم يتطاحن وتتصارع فيه آلهة بديلة , وأكثر من قوة لكل منها طقوس خاصة . المقال:في مأساة العصر الجديد كما كتب الكاتب الراحل ضياء الشرقاوي فما كان يلوح جوهريا للزمان الواقعي المعتاد وفي كتابه الضفة (الملح)معتمدا على عنصري الزمكان (الزمان والمكان)وهي رواية رائدة باستخدام عنصري الزمان والمكان وتوظيفهما دراميا في شخصيات الرواية زمن يتحرك من الماضي الى الحاضر وهو في الخيال ماضي وحاضر وامكان التحكم فيه (الأوهام و التخيلات والتنبات)ليشبه بلدول الساعة وهو يتحرك ما بين الماضي والحاضر هذه المتلازمة الكبيرة التي تكلم فيها الفلاسفة والفيزيائيون والرياضيون وكتبو عنها الكثير من النظريات أمثال ألبرت انشتاين حول نظريته النسبية فمواقع النجوم التي نراها اليوم هي موقع ذلك النجم منذ الاف السنين أي انه ماضي في أعيننا لكنه موجود بجسمه في زمن مغاير يبعد عنا الاف السنوات الضوئية .ولو ركبت ذلك النجم لأكون في المستقبل وهذا ما حدث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في حادثة المعراج وقد أثبت انشتاين بالحسابات الرياضية لكن يجب أن نتحلل الى ذرات لكي نستطيع السفر في المستقبل الزمن يتلاشى عند النائم الذي يستطيع أن ينام لعشرات الساعات الطويلة دون أن يحس بالزمن مثلما حدث لأصحاب الكهف الذين ناموا لثلاثة قروون وتسعة سنين دون أن يستشعروا أو يحسوا بالوقت رغم أن أجسادهم تغيرت لكن لم يشعروا بالوقت في داخلهم كأنه ساعة من الزمن الزمن شعور واحساس أكثر من القياس ،اليوم أصبح الزمن عامل أساسي في الرؤية الاستشرافية نحو المستقبل اي ان السياسة والاقتصاد بما يسمى صناعة الغد والاستشراف لمئة سنة مقبلة بعدما كان الرصد في السماء أصبح على الارض نظرة مصر نحو عام 2030 أصبح بامكان اعطاء نظرة دقيقة كيف ستكون عليه مصر في ذلك الزمن أو حتى أكثر من ذلك الزمن على غرار المراصد التي تجمع فيها كل البيانات والاحصاءات الدقيقة والمربوطة بعالم الزمن اللحظي والاني لكل جزء من الثانية حول معدلات الحرارة والرطوبة والضغط الجوي وزيادة السكان و معدلات الوفيات والأمية والتعليم والبطالة والتشغيل والاسكان والكثير من العوامل الاخرى المربوطة بعامل الزمن للعمل عليها في ارصاء ركائز التخطيط للمستقبل نحو مئة سنة أو أكثر ومواجهة كل المشكلات والعقبات عبر ايجاد حلول جذرية ناجعة وناجحة مثلما جاء في قصة سيدنا يوسف في سبع سنين الخصبة وسبع سنين العجاف وكيف تمكن يوسف في مواجهة سنين القحط والجدب بالتخطيط المحكم والعلم (اجعلني على خزائن الأرض...........) عبر رؤية تتحدث عن حاضر خصب ومستقبل كارثي وبالتفسير الصحيح لتلك الرؤية تمكن يوسف من انقاذ مصر من مجاعة محققة ،كانت رؤية في عالم الزمن وعرف قراءتها وتحليلها والتحكم في عواملها من خلال بناءصوامع الحبوب وتخزين القمح في سنبله كي لا يفسد وهذا ما يعتمد عليه اليوم في الدول العظمى بما يسمى الاستشراف وصناعة الغد أما الحاضر الذي نعيشه فهو نقطة ميتة كما قال علي بن أبي طالب -تولد اللحظة ميتة-كل عشر من الثانية يأتي يصبح ماض في حينه لنترك وراءنا ماض قريب وبعيد و مستقبل قريب و بعيد لنكون نحن كالبندول بين ماض وهمي راح ومضى وحاضر يفنى في حينه ومستقبل مبهم لم يأتي غائب لنعيش المكان دون الزمان ويكون بين أيدينا كالوهم أما الماضي فقد أصبح عبر التاريخ وكتابته بكل تفاصيله -الذاكرة الفردية والجماعية-وأصبحت الميديا بالصورة المتحركة والثابتة والصوت كلها توثق للماضي بعدما كانت رسوما ونقوشا بدائية تحكي قصص الأمم