د. مريم المهدي تكتب: مكافحة الفساد وحرب الشائعات ومستقبل مصر

د. مريم المهدي تكتب: مكافحة الفساد وحرب الشائعات ومستقبل مصر
د. مريم المهدي تكتب: مكافحة الفساد وحرب الشائعات ومستقبل مصر

فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، ومع تشعب الجهاز الإدارى للدولة وتمدده، لم تعد مسألة مكافحة الفساد مهمة الدولة، والأجهزة الرقابية، وحدها.

وإنما أصبح ذلك مسئولية مجتمعية يجب أن يشارك فيها جميع المواطنين، وكذلك المجتمع بكل مؤسساته، ومكوناته وفئاته وأحزابه، وذلك من أجل إعادة الاعتبار للمنظومة الأخلاقية، والقيمية للمجتمع، وإصلاح بعض المفاهيم الخاطئة، والتوعية بخطورة بعض السلوكيات المتعلقة بالفساد، والرشوة على الفرد والمجتمع، وتأكيدا لخطورة الفساد فقد شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى اكثر من مرة على ضرورة مكافحته، مشيرا إلى أن ذلك مسئولية الجميع، وليس الجهات الرقابية فقط.

البرلمان يقع على عاتقه دور كبير فى مواجهة ذلك الفساد، وذلك من خلال سن التشريعات والقوانين اللازمة لمواجهة المفسدين والمرتشين، وسد الثغرات التى ينفذ من خلالها هؤلاء الفاسدون، وضعاف النفوس لتحقيق مآربهم وأهدافهم، بالإضافة إلى تطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة، وإرساء مبادئ النزاهة والشفافية فى كل المؤسسات، والأجهزة وإعادة الانضباط للجهاز الإداري، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية، ومكافحة الروتين والبيروقراطية، وإيجاد البرامج والآليات الفعالة للقضاء على الفساد بكل أشكاله وصوره التى تعددت، وتنوعت فى بعض مؤسسات ومصالح الدولة.

الإعلام بأجهزته، ووسائله يقع عليه عبء التنوير والتوعية، وكشف وقائع الفساد أمام المجتمع بالأدلة القاطعة، وبيان خطورة المساس بالمال العام، لأنه ملك لجميع أفراد الشعب، ولايجوز المساس به، كما أن للمنزل، والمؤسسات الدينية دورا كبيرا فى التنشئة والتوعية بخطورة مثل هذه السلوكيات، وحرمتها، وغرس القيم والمبادئ القويمة التى تزخر بها الأديان السماوية بل، والأعراف الاجتماعية السوية التى قامت عليها مجتمعاتنا منذ آلاف السنين.

وهنا تجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى ما قام به جهاز الرقابة الإدارية فى الآونة الأخيرة، حيث أبلى بلاء حسنا، وأثبت كفاءة عالية وقدرة على مكافحة الفساد ومواجهة أباطرته المتوغلين فى بعض المؤسسات، وكشفه العديد من الوقائع التى تقدر بمئات الملايين، وإعادتها إلى الدولة، الأمر الذى يفرض على الجميع الوقوف إلى جانب مثل هذه المؤسسات الرقابية، ومؤازرتها لاستكمال مشوار القضاء على الفساد.

 

 حرب الشائعات

 
وبجانب تفشي الفساد الذي تواجهه الدوله وتكافحه الاجهزة الرقابيه بكل قوة وكفائه , تتعرض مصر ايضا لحرب ضروس من نشر وترويج الاشاعات الكاذبه التي من شانها زعزعة استقرار البلاد ,

 وذلك منذ فترة انها حرب من نوع جديد، هى حرب الشائعات حيث يستغل أهل الشر مواقع التواصل الاجتماعى فى نشر شائعات عديدة ومتنوعة لتحقيق عدة أهداف، منها بث حالة من الإحباط بين المواطنين، ونشر الذعر وإثارة البلبلة.

ويلعب مركز معلومات مجلس الوزراء دورا مهما فى متابعة تلك الشائعات وبحث ما جاء فيها، والرد عليها وكشف الحقيقة للجماهير.

وفى تقريره أمس تحدث عن بعض الشائعات الغريبة ومنها ما انتشر على صفحات الفيس بوك من وجود «بيض بلاستيك» صينى خطير على صحة الإنسان فى الأسواق المصرية، وهو ما نفته وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تماما، خاصة أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من البيض، ولا يوجد بيض بلاستيكى أصلا، وهو وهم كبير مثل وهم الأرز البلاستيكى الصينى الذى انتشر كشائعة أيضا على صفحات الفيس بوك.

كما تقصى المركز أيضا شائعة فى منتهى الغرابة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى عن قيام الحكومة بإضافة مادة على رغيف الخبز لخفض الخصوبة والحد من الكثافة السكانية، ورغم عدم معقولية هذه الشائعة فإنها استمرت فى الانتشار، حتى اضطرت وزارة التموين إلى تكذيبها، وتأكيد أنها لا تمت للواقع بصلة وتستهدف إثارة الذعر والبلبلة بين المواطنين.

وكذلك شائعة نقص السلع التموينية وارتفاع أسعارها بالمجمعات الاستهلاكية، وهو ما تأكد عدم صحته.

إن مواجهة حرب الشائعات تستلزم تضافر مؤسسات الإعلام والتعليم ودور العبادة والمجتمع المدنى، من أجل العمل على رفع درجة الوعى المجتمعى ونشر ثقافة المعرفة خاصة بين الشباب، حتى لا يقع فريسة لحالة الفوضى التى تضرب جنبات مواقع التواصل الاجتماعى، وليتصدى لمثل هذه الشائعات الغريبة ويكشف زيفها، وأن يتعلم جميع رواد هذه المواقع عدم تشيير أى معلومة إلا بعد التأكد من صحتها.

كما أن الجهات والوزارات المعنية عليها عبء مهم الآن فى متابعة شبكة الإنترنت، والرد أولا بأول على أى شائعات تنتشر فى مجال عملها، فحرب الشائعات لن تنتهى، وأهل الشر لن يصمتوا، المهم الآن أن نحصن شبابنا ونرفع درجة وعيهم لمواجهة تلك الشائعات، وأن نكشف حقيقتها أولا بأول، وهى مهمة أساسية للتحدث الإعلامى بكل وزارة أو هيئة، حتى تستطيع مواجهة حرب الشائعات، وحماية المجتمع بكامله منها.

 

 

نظرة مستقبلية إيجابية لمصر:

وبرغم هذه الجبهات والتحديات التي تمر بها مصر الا ان مصر تسير علي طريق المستقبل للاجيال القادمه بشهادة المجتمع الدولي فقد,

كشفت عدة منظمات دولية وصحف عالمية عن نظرة مستقبلية إيجابية لاقتصاد مصر. يأتى ذلك وسط إشادات متكررة بخطة الإصلاح الاقتصادى التى تنفذها

 الحكومة المصرية، والتى تستهدف وضع الاقتصاد المصرى فى المسار الصحيح وتوصيل الدعم لمن يستحق بالفعل.

وآخر تقييم إيجابى لأحوال الاقتصاد المصرى جاء من صندوق النقد الدولى، حيث أعلن سوبير لال، المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد والمسئول عن ملف مصر، أن الإصلاحات الاقتصادية المصرية ستبدأ فى تحقيق أثر ملموس يتمثل فى إيجاد فرص عمل، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتحقيق معدلات تضخم أقل. وأشار إلى أن زيادة اسعار الوقود من المتوقع أن يكون لها تأثير مؤقت على التضخم فقط.

وقد كشفت المراجعة الرئيسية الثالثة التى يجريها صندوق النقد الدولى عن نظرة إيجابية لاقتصاد مصر، ولا يزال الصندوق يتوقع أن ينمو الاقتصاد 5٫5% فى السنة المالية 2018/2019 وذلك بدعم من تعافى السياحة المصرية وزيادة إنتاج الغاز الطبيعى.

وتتزامن هذه التقديرات الإيجابية مع رفع البنك الدولى فى تقريره الأخير بشأن الآفاق الاقتصادية ـ توقعاته لمعدل النمو المصرى إلى 5٫7% للسنة المالية المقبلة، بينما ثبت توقعاته لمعدل النمو 5٫8% خلال العام المالى 2019/2020.

وفى سياق متصل، قالت مجلة «الايكونوميست» البريطانية إن هناك المزيد من المناطق فى مصر تحتوى على كميات كبيرة من الغاز الطبيعى وتحتاج إلى التنقيب. وقالت المجلة إن غاز البحر المتوسط سيكون موضع جذب خاص لاوروبا.

ويبقى فى النهاية أن ثمة مؤشرات قوية على وجود بوادر إيجابية مشجعة بشأن تعافى الاقتصاد المصري، ووجود فرص حقيقية لنمو مستدام، ولتعافى قطاعات حيوية مثل السياحة، وقطاعات واعدة مثل البترول والغاز، والأهم أن المنظمات الدولية تلاحظ وتلقى أضواء إيجابية على حالة الاقتصاد المصرى.