رشا لاشين تكتب: المستنصر بالله وزمن العولمة

رشا لاشين تكتب: المستنصر بالله وزمن العولمة
رشا لاشين تكتب: المستنصر بالله وزمن العولمة

نخشي جميعنا في ظل الأنخفاض الحاد والمستمر لسعر وكرامة المواطن المصري المسكين والذي جرتة الظروف بمنتهي الوحشية ليكون في مصاف الطبقة الفقيرة بعد أن كان من الطبقة الوسطي المستورة إجتماعيا وإقتصاديا .. أصبح البحث عن اللقمة الحلال و الأحلام المشروعة أمرا صعبا وكابوسا يوميا يستمر الي ان يذهب الي بيتة حاملا قوت يومة لأولادة ..

نخشي يوما أن نجد فيه الناس يسرقون بعضهم البعض ويعتدون علي بعضهم البعض تحت راية الجوع والإحتياج .. نخشي أن يعود زمن المستنصر باللة وأن تضع الشدة المستنصرية أوزارها وهو مصطلح يطلق على مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت بالعجاف نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر 1036 - 1094ميلادية .

 ولقد روى المؤرخون حوادث قاسية، فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤس الخبازين وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع صوب بغداد .

وذكر ابن إلياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها

 وذكر ابن إلياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها

ويذكر أن الخليفة المستنصر قد امتدت فترة حكمه للستين عاما ويلاحظ أن هناك علاقة بين طول مدة الحكام في مصر ونزول الشدائد بها ففي زمن رمسيس الثاني الذي طالت مدة حكمه ضربت مصر بالنزائل وعرفت سنوات الشدة في مصر بالسنين العجاف (ذكرت في عشر أيات بالتوراة وتسع أيات  بالقرآن) ضربت مصر بالنزائل في عهد رمسيس الثاني وحدثت مجاعة عصر حكم الهكسوس لمصر في سبع سنوات عرفت بسنين يوسف رواها القرآن في حلم الملك وبتوليه يوسف خزائن الأرض أدار الأزمة. ويذكر أن الحسن بن الهيثم قد زار مصر في عصر الدولة الفاطمية وأشار عليهم ببناء سد عالي على النيل إلا أن مشروعه رفض من الخلافة فكانت النتيجة ماحدث من شدة وظلت الفكرة حتى كتب لها التنفيذ في ستينات القرن العشرين ببناء السد العالي الذي وقى مصر خطر السنين العجاف التي غالبا ما كانت تستمر بالسبع سنين ويذكر أن محمد علي بعد خروج الحملة الفرنسية كانت مصر أمامه ليحكمها منذ 1803م إلا أنه رفض الولاية ومنسوب الفيضان منخفض ولم يقبل إلا بعد انتهاء الأزمة التي حسبت على خورشيد باشا الوالي العثماني .

نعود للشدة المستنصرية وما جاء بكتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء تأييدا لما سبق نسوق ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفسادوأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دون تليس دقيق وعم مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيدفانقطعت الطرقات براً وبحراً إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج ! خراج ! فبلغ أربعة عشر درهما وبيع أردب قمح بثمانين ديناراً. ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير

أدّت الأحداث السابقة إلى تقويض أركان خلافة المستنصر بالله، كنتيجةٍ طبيعيةٍ للدمار الذي حلّ في عموم الديار المصرية بسبب المجاعة إلى جانب الفوضى السياسية العارمة، فقُتل البساسيري نائب المستنصر بالله في العراق الذي استولى على بغداد من الخليفة العباسي وبمقتله عادت بغداد إلى الخلافة العباسية ثانيةً بعد ثمانِ سنواتٍ من الحكم العبيدي الفاطمي، كما عادتِ الخطبة في كلٍّ من بغداد ومكة والمدينة للخليفة العباسي بدلًا من المستنصر بالله، كما استولى النورمان على جزيرة صقلية التي كانت خاضعةً للحكم العبيدي الفاطمي، ثم توالى استقلال مدن صور وطرابلس وبيت المقدس وحلب والرملة عن الخلافة الفاطمية.