بوابة صوت بلادى بأمريكا

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : ضحكات من مقام السخرية

 
ليست كل الضحكات من مقام السخرية بالتأكيد؛ فالضحك شيء جميل وتعبير عن السعادة؛ لكن بعض الضحكات تكون من مقام السخرية ولما لا فالسخرية بند من بنود الكلمة والقلم. أحيانا أجلس متجهم الوجه؛ أحاول أن أقنع القلم بأنني أنوي أن أكون جادا؛ لكن القلم يتملص من بين أصابعي ويحاول الهرب كبغل حرون؛ قائلاً بأن السخرية يجب أن تكون هي السائدة عند مقابلة أحداث غريبة تُعلن المعصية أمام العقل والفكر المتزن. أكتم ضحكة وأعيد النظر في العناوين التي أريد الكتابة عنها؛ أعطيه العذر وأُسلم برأيه بأن الضحكات التي من مقام السخرية؛ أحيانا تقدس الهدف من الكتابة أكثر من الكلمات الجادة؛ أقصد تبرز الدهشة أكثر وأكثر من سلوكيات، أو مواقف، أو سياسات، أو عقول؛ لو استخدمت معها الكلمات الجادة؛ يُصبح المعنى ناقصا وغير مقنع.                                                                               
الضحكاية الأولى:
****************
سخرية أشبه بالحزن الأسود على عقول ضلت التعليم الصحيح للعبادة وضحايا إما أخذتهم السذاجة إلى حتفهم أو مجانين بالجملة؛ تحت عنوان لخبر جاء من " كينيا" يقول: العثور على 89 جثة داخل مزرعة مساحتها 800 فدان يمتلكها قس طلب من أتباعه الصوم حتى الموت؛ في الحقيقة أنا لا أعلم الطائفة التي يقودها هذا القس؛ حيث أن الطوائف شائعة في كينيا ويقال أنه مجتمع متدين جدا؛ لكن هل يقود التدين الإنسان إلى حتفه وكأنه غنمة لا تفهم أنها وقعت في يد جزار لن يرحمها من السكين. هذا القس خرج عن حدود العبادة الحقيقية إلى نوع من جنون التدين الباطل وكأنها لإله لم نسمع عنه من قبل ؛ هذا القس الذي يدعى " ماكينزي " تم اعتقاله  من قبل شرطة  مقاطعة " ما ليندي " التابعة لدولة " كينيا " الأفريقية ؛ بعد أن عثرت الشرطة على 89 جثة قابلة للزيادة على أرض يملكها القس في ساحل كينيا بعد أن طلب من أتباعه الصوم حتى الموت ؛ تمت مداهمة المكان بناءً على بلاغ من الجمهور حيث تم العثور على 15 شخصا هزيلا لقى أربعة منهم حتفهم ليصبح عدد الضحايا 93 شخصا ؛ الأتباع الذين وجدوا أحياء كانوا يتضورون جوعا بناء على تعليمات من القس حتى يقابلوا الرب يسوع ؛ الغريب أن هذا القس قُبض عليه مرتين قبل ذلك ؛ في العام الماضي ؛ وفي مارس من العام الحالي على خلفية وفاة أطفال أيضا وتم الإفراج عنه بكفالة وأضيفت لهما القضية الثالثة التي تسببت في وفاة 93 شخصا والله أعلم إذا كان ازدادوا ثانية بوفاة آخرين نتيجة وصولهم إلى الهزال الذي لا عودة منه ؛ الشرطة طلبت من المحكمة السماح لهم بمدة أطول لاحتجاز القس حتى يمكنهم الوصول إلى تفاصيل أكثر عن ضحايا آخرين دفنوا في الأرض . لا بد من وقفة هنا بين السخرية والدهشة وبالتأكيد الألم على ضحايا سذج وقعوا بين براثن " قس " هرب عقله وباقي له خطوات للوصول إلى باب مستشفى الأمراض العقلية. هذا القس ذكرني بالراهب " راسبوتين " الذي كان يدفع ضحاياه إلى الخطيئة ثم يظل يضربهم وهم عراة لكي يتوبوا وتكون توبتهم مقبولة على حسب ادعائه؛ نعم هناك اختلاف كبير؛ لكن المبدأ واحد؛ وهو ضلال الطريق نحو العبادة المضبوطة. ما فعله القس ماكينزي لا يختلف كثيرا عما نراه الآن من بعض رجال الدين في العقائد المختلفة؛ حيث التشدد والتزمت والمبالغة عن المعقول لتكون على حد رأيهم العبادة مرضية أمام الله؛ أيضا كثر الحديث عن عذاب القبر والشواء في الآخرة والثعبان الأقرع وخلافه من هرتلات جاهلة. على مستوى عام أقول لهؤلاء ولكل من يخرج عن مفهوم العبادة المضبوطة ما قاله السيد المسيح " وويل لكم أنتم الناموسيين لأنكم تحملون الناس أحمالا عسرة الحمل وأنتم لا تمسون الأحمال بإحدى أصابعكم. لماذا لا يبتعد أصحاب الفكر المتردي من رجال الدين في كل العقائد عن تزمتهم وتشددهم الباطل ويذاكرون قبل أي عظة أو نصائح قد تصل للأوامر ولا تمت إلى الله وينسون أو يتناسون أنه إله محبة وإله رحوم وغفور وإله لا يطلب من البشر خليقته المستحيل أو فروضا فوق طاقتهم؛ من المؤكد أن أمثال القس ماكينزي هم أول من سيعاقبون في الآخرة وسيحاسبون على الأخطاء التي ارتكبوها في حق ضحاياهم أو تسببوا في خروج البعض عن العقيدة بأقوالهم ووصاياهم وكلماتهم غير المبررة من ناحية الإيمان.                                                                            
الضحكاية الثانية:
****************
أعلن مكتب الرئيس الأمريكي أن الرئيس سيرشح نفسه لولاية ثانية؛ أتصعب على المكتب البيضاوي في البيت الأبيض وعلى من أصبح يجلسون به الآن خلفا لرؤساء كانوا زعماءً قادوا أمريكا لتصبح سيدة العالم. الرئيس الحالي الذي يريد أن يرشح نفسه لولاية ثانية ؛ كثيرون يتشككون إن كان يستطيع إكمال ولايته الأولى أم سيأخذه الخرف بعيدا ؛ نحن نطلب من الله أن لا تتدنى مكانة أمريكا أكثر مما تدنت على يد الرئيس السابق أوباما وأكمل عليها الرئيس الحالي جون بايدن ؛ إلى أي طريق ستذهب أمريكا العظيمة إذا تولى هذا الرئيس ولاية أخرى ؛ الديمقراطيون الذي ينتمي إليهم ضجوا من أخطائه ويحاولون أن يلملموها خلفه قبل أن تستفحل ؛ والأبرز فيها  سلسلة من الإخفاقات على صعيد الداخل والخارج ، والتي بدأت بالانسحاب المرتبك من أفغانستان، وصولًا إلى ما صاحب الحرب الأوكرانية من آثار اقتصادية أربكت حسابات الفيدرالى الأمريكي وخلفت موجة تضخم وارتفاع فى الأسعار لم تسلم منها الأسواق الأمريكية ، فما الوضع إذا تولى فترة أخرى وصحته لا تسمح والأهم أن ذاكرته يصيبها التوهان أحيانا ؛ كثيرا ما أسأل وأتساءل ؛ هل أمريكا سيدة العالم ينقصها الرجال الذين يمكن أن يتولوا البيت الأبيض بكفاءة  وإلى متى الحزبان الكبيران يتنافسان على كرسي الرئاسة دون النظر إلى مصلحة أمريكا نفسها ؛ منذ فترة ليست بالقصيرة والرؤساء الذين تناوبوا على الجلوس فوق المكتب البيضاوي في تناقص من حيث كفاءة إدارة مصالح أمريكا مما أدى إلى الحط  من  مكانتها كسيدة للعالم والقوة الوحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ؛ مما دعا بعض الدول مثل الصين أن ترتفع برأسها وتحاول المنافسة ؛ ودول أخرى مثل إيران التي لا تُعد شيئا أمام أمريكا لا تأبه لأي تهديدات وتمضي قدما نحو امتلاك الأسلحة النووية ؛ وحتى عندما أتى الرئيس ترامب الذي كان يعد بعودة الصولجان للبيت الأبيض ومن ثم عودة مكانة أمريكا التي عهدها العالم ؛ قامت ضده حربا عشواء حتى أقصته عن المقعد بعد ولايته الأولى وشاهدنا كيف انتهت الانتخابات الرئاسية المشكوك فيها  في النصف الثاني لولاية ترامب ! ؛ بل الأَمَر من ذلك نفس الحرب الشعواء لا تزال مستمرة  حتى يعيفوه عن الترشح مرة أخرى ؛ وكأن هناك من يخطط لأمريكا كي تسقط عن عرشها ؛ نعم ستسقط عن عرشها لو فرض وتولى الرئيس الحالي فترة أخرى . أمريكا سيدة العالم لا يجب أن تهبط إلى مستوى دول العالم الثالث ويصبح من يتولى أمر البيت الأبيض كمن يسير داخل أنفاق لا يعرف كيفية الخروج منها. ترشح الرئيس الأمريكي الحالي لفترة أخرى هو نوع من السخرية التي تجر خلفها المزيد والمزيد من السخريات والضحكات ستأتي على أمريكا من كل اتجاه.                                                 
الضحكاية الثالثة:
***************
السلاح قبل الخبز والموت قبل الحياة؛ هذا ما تتجه إليه الدول الكبرى الآن وخاصة بعد الحرب الروسية والأوكرانية؛ نعم صناعة الموت تنتعش وصناعة الحياة تتجه للركود؛ يبدو أن عزرائيل له تدخل في هذا الموضوع ويطالب بالموت بالجملة لأن الموت فرادى أصبح مهمة صعبة عليه . الدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا أصبحت صناعة الموت من أسلحة وذخيرة في مقدمة أولوياتها طالما وجدت النفوس الشيطانية المتعطشة للدماء تطالب بها وكأنها تطالب بالمزيد من لعب الأطفال؛ النفوس المتعطشة للدماء تهدي الأطفال الموت والتشرد لهم ولأسرهم؛ نعم دائما المزيد وكأنهم دراكولا الذي لا يشبع من امتصاص الدماء. البنتاجون يطالب ب 5.8 مليار دولار إضافية للذخائر في موازنة العام الحالي؛ القطاعات الاقتصادية في ركود أما صناعة الأسلحة فهي الأكثر رواجا ونشاطا وانتعاشا خلال الأشهر الماضية والفضل يعود لقتل الأبرياء بيد المتعطشون للدماء. ليس فقط أمريكا بل شركة ألمانية تخطط لإنشاء " مصنع دبابات " داخل العاصمة كييف؛ أما في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، لا حديث خلف الكواليس يعلو على صفقات السلاح والتعاقدات الدفاعية الجديدة لصالح أوكرانيا، والتي تخلق بطبيعة الحال انتعاشه في قطاع الصناعات الدفاعية، فبحسب ما رصدته شبكة سي إن إن الأمريكية في تقرير سابق، توفر خطة الاتحاد والتي تبلغ 2 مليار يورو ما يعادل 2.1 مليار دولار لشراء ذخيرة لصالح أوكرانيا . وفى منتصف مارس الماضي، اختتم وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي قمة استمرت يومين في السويد وكانت النتيجة اتفاقًا مؤقتًا لشراء قذائف مدفعية من عيار 155 ملم كانت كييف في أمس الحاجة إليها، وإرسال المزيد من قذائف المدفعية إلى أوكرانيا من المخزونات الحالية لدول الاتحاد؛ حيث استغاث وزير الدفاع الأوكراني إن بلاده بحاجة إلى مليون طلقة من الذخيرة "في أقرب وقت ممكن" لردع القوات الروسية". وفى تصريحات نشرتها شبكة سي إن إن، قال ميكائيل يوهانسون الرئيس التنفيذي لشركة "ساب" السويدية للصناعات الدفاعية: أعتقد أن العديد من البلدان لديها دعوة للاستيقاظ، وتحتاج إلى تجديد مخزوناتها وزيادتها.. وسيستمر هذا لعدد من السنوات القادمة.. انتهز المستثمرون هذه الفرصة، وعملوا على زيادة مخزونات الدفاع في الأشهر الأخيرة حيث زاد حلفاء أوكرانيا من دعمهم العسكري. البيانات كثيرة التي تسير على نفس النمط في أن الجميع متفقون على زيادة وانتعاش صناعات الموت ؛ معنى هذا أن العالم لم يعد يفكر كثيرا في ما يسمى ب " السلام العالمي " ؛ عالم متعطش دائما لتجديد عقده مع الشيطان وسياسة القتل للأبرياء ومن خلفها سياسة الطمع والجشع وانتعاش صناعة الموت ؛ المغفلون كثيرون من أمثال زلينسكي الرئيس الأوكراني ؛ ملكته العنجهية ويستغيث ويطلب المزيد من الأسلحة والذخائر وهو يظن أن أمريكا وأوروبا تمنحه إياها من أجل سواد عينيه ؛ يقف غافلا ويصم أذنيه عن الوصول لحل سياسي مضحيا بشعبه الذي تساقط منه الألاف ؛ الغباء أغلق عينيه أن أمريكا وأوروبا يستخدمونه هو وشعبه ككبش فداء من أجل القضاء على روسيا  وللأسف مع كل ظهور لغباء مثل غباء زلينيسكي تنتعش صناعة الموت لتربح مصانع الأسلحة المليارات ثمنا لدماء الأبرياء ؛ يا ترى هل مات السلام العالمي وأصبح من الواجب علينا تقديم العزاء مع ضحكة من مقام السخرية ونثر الزهور فوق قبره . يا ترى ما قاله البابا فرنسيس بأن الميزانيات الضخمة التي توجه لإنتاج الأسلحة الأفضل أن توجه لإغاثة الفقراء والمعدمين ستجد أذانا صاغية؟؟؟ لا أعتقد!!!!!                                                                         
 
الضحكاية الرابعة:
***************
السودان يحارب السودان.. ولما لا دول العالم الثالث سواء كانت عربية أو أفريقية ؛ لا تطيق العيش في هدوء وسلام ؛ تنتعش مع الدماء ؛ فقر واقتصاد في الهاوية لا يهم ؛ الانتعاش بالدماء أفضل ؛ ومن الواجب منحها وسام من طبقة " ضحكاية من مقام السخرية " ؛ اتفق السودان على ألا يتفق ؛ منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير والجيش وقوات الدعم السريع يتربصان ببعضهما ؛ شيء عادي فالبحث عن السلطة في هذه البلاد أقوى وأهم كثيرا من البلد نفسه وأهم من الشعب ؛ إن ما يثير الضحك فعلا هو قوات الدعم السريع التي يترأسها الملقب ب " حميدتي " وكيف وصل هذا ال " حميدتي " إلى رتبة الفريق هذا هو مقام السخرية ؛ مؤهل متوسط كان يعمل في التجارة ثم جمع بعض الأفراد حوله وعمل كحارس للقوافل التجارية ؛ ثم بطريقة ما وصلت سمعته إلى البشير فضمه إلى المليشيات التي استعان بها لمقاومة التمرد في دارفور وأعطاه رتبة ملازم وكيف توالت الترقيات علي كتفه في فترة قصيرة جدا ليصل إلى رتبة الفريق ؛ فعلا ضحكة من مقام السخرية ؛ وماذا يريد كل طرف وهما يتربصان ببعضهما لا أحد يعلم ؛ فقط النتيجة خراب السوادان وتجويع وقتل المدنيين وهروب ولجوء إلى مصر التي يلجأ إليها كل مستغيث ؛ المشهد الذي يثير ضحكاية أخرى هو كأنني أشاهد ما حدث في مصر من الخونة والإرهابيين في أحداث 25 يناير وهو فتح السجون وهروب المساجين ؛ الدول سحبت رعاياها من السودان وكانت مصر هي السباقة دائما في حماية مواطنيها وتم سحب المصريين من السودان بالفعل واستضافة السودانيين الذي هربوا من هذا الوضع المذري بين قوات المفروض أنها هي التي تحمي السودان وشعبه ؛ السودان يعاني الفقر والأزمات قبل هذه المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع فإلى أين سيصل به الأمر بعد هذا التناحر ؛ الله أعلم !  الأمر يستحق البكاء على شعب السودان؛ لكن الضحكاية كلها مركزة على عقول هربت ورتب مُنحت بطريقة أغرب من الخيال لإناس لم تتعلم من الفنون العسكرية أكثر من غفير الدرك الذي لا يصلح إلا ليطلق حنجرته في منتصف الليل " مين هناك “؛ متى تفوق هذه القوات الله أعلم؛ كان الله في عون الشعب السوداني أمام معارك برهان وحميدتي .                                                
 
 
 
 

أخبار متعلقة :