بوابة صوت بلادى بأمريكا

د.مريم المهدي تكتب : السعودية وريادة الثورة السيبرانية الدولية

بتأسيس المملكة العربية السعودية، للمنتدى الدولي للأمن السيبراني، والذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في الأيام القليلة المنصرمة، تكون البلاد قد خطت خطوة مهمة وواثقة، في طريق تعزيز ريادتها وسيادتها في هذا المجال، والذي بات حيويا وضروريا بصورة لا غنى عنها لكافة الدول الكبرى، عطفا على ما لهذا المنتدى من دور في فتح آفاق رحبة لنقل المعرفة وتبادل الخبرات، بجانب استكشاف فرص التعاون في قطاع الأمن السيبراني، على الصعيدين الإقليمي والدولي 
 
  المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023:_
رسم الأولويات المشتركة في الفضاء السيبراني:
أهم الخبراء وصناع القرار والمهتمون من حول العالم على موعدٍ في العاصمة الرياض يومي الثامن والتاسع من شهر نوفمبر المقبل مع النسخة القادمة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023؛ الذي يتناول أهم القضايا الحيوية والاستراتيجية في الفضاء السيبراني على المستوى الدولي تحت شعار "رسم الأولويات المشتركة في الفضاء السيبراني"، وليواصل بذلك ريادته كمنصة دولية في فتح آفاق التعاون، وتعزيز الشراكات، ودفع حدود المعرفة بين مختلف الشركاء عالمياً في هذا القطاع الحيوي والواعد.
وكان المنتدى الدولي للأمن السيبراني      منذ انطلاقته في العام 2020، قد نجح في        تعزيز مكانته كحدث  عالمي رائد يجمع أبرز الخبراء للتباحث في أهم القضايا المتعلقة بالفضاء السيبراني،  وقد استقطب في نسخته     للعام 2022 أكثر من 9000 شخص من 117 دولة.وقد جاءت رؤية المملكة 2030 منسجمة ومتناغمة بتعزيز الأمن السيبراني لدورها الحيوي في حفظ، ودعم استخدام تقنيات المعلومات وتعزيز البنية التحتية الرقمية، لكي تكون ممكناً أساسياً لبناء أنشطة   صناعية   متطورة وتحقيق مراكز متقدمة عالمياً بيمؤشرالأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية.  وتشير التوقعات العالمية إلى نمو سوق الأمن السيبراني السعودي بمعدل نمو سنوي قدره 16.5 % بين عامي  2018 و2023؛ ليصبح بذلك السوق الأكبر للأمن السيبراني في الشرق الأوسط. كما أن المملكة حققت نجاحا  باهرا بوضع خطط وبرامج وأهداف استراتيجية في الأنظمة الرقمية العاملة في المملكة وتضمينها لخطط وبرامج          وأهداف متوافقة مع مكونات الأمن السيبراني في المملكة وتطبيق التحديثات والتسريع بتحقيق الإصلاحات الأمنية بشكل دوري ومنتظم وسد الثغرات للحد من انتشار الهجمات الإلكترونية عبر الفضاء السيبراني , متقدمة \عالميا  في مؤتمرالامم المتحدة   للحكومة الإلكتروني 30 يونيو 2022.
وياتي هذا المنتدى، ليترافق مع مبادرات طموحة للمملكة في قطاعات التكنولوجيا المختلفة،وقد كان آخرها الترخيص لمنطقة اقتصادية خاصة للاستثمار في الحوسبة السحابية والتي   تعنى بتوفر موارد تقنية المعلومات حسب الطلب عبر الشبكة العنكبوتية،        وذلك في أواخر مايو أيار الماضي، ويتوقع أن تسهم تلك المنطقة في جذب استثمارات مباشرةأجنبية ومحلية بمقدار 13 مليار دولار إلى قطاعي التكنولوجيا الرقمية والذكاء  الاصطناعي بحلول عام 2030 .
 
إن قضية الاهتمام بالأمن السيبراني، باتت مسألة ملحة وضرورية، واجبة الوجود كما تقول جماعة الفلاسفة، سيما أن العالم بأسره أضحى شبكة متصلة من البيانات والعمليات الرقمية، تداخلت فيها الخيوط وتشابكت الخطوط، ولم تعد هناك رفاهية الانفصال عما يجري في  بقية أرجاء العالم، فقد انتقل البشر من زمن القرية الكونية الصغرى، تلك التي تحدث عنها عالم الاجتماع الكندي مارشال ماكلوهان، في ستينات القرن الماضي، إلى عالم "صندوق الدنيا"، المتمثل في الهاتف الذكاء النقال في عالم الاتصالات المعاصرة، والتساؤل مفتوح على      مصراعيه، عما سيكون حال ومآل البشر في زمن الميتافيرس عما قريب من جهة، ناهيك عن القضايا السيبرانية التي ستطرأفيالغد المزدحم بالذكاء الاصناعي، وبعد الغد حيث الذكاء الفائق ينتظر الجميع.
 
 شبكات التواصل الالكترونيه المتحكمه في   الانشطة الانسانيه العالمية :_
تبدو شبكات التواصل الإلكتروني هي   من يقوم بالتحكم في دفة غالبية الأنشطة الإنسانية في  حاضرات أيامنا، من شبكات الدفاع إلى وحدات الهجوم في عالم العسكرية والحروب، ومن عند  بورصة الأوراق المالية، وصولا إلى مجالات السفر والانتقال برا وبحرا وجوا.
وبدون اطالة، يمكن القطع بأن مسألة الأمن الخاص بالمعلومات المنتقلة عبر الأثير، هي المقدمة لشكل الحياة الأخرى على الأرض في القرن الحادي والعشرين، والمغايرة لما جرت به سبل الحياة طوال القرون الغابرة.
 
 مظاهر الحياة البشرية في ظل الثورة السيبرانية:
على أنه وإن كانت الحياة البشرية في ظل الثورة السيبرانية، تفتح أمام البشر دروبا إنسانية أرقى، وسبل معالجة للإشكاليات المعاصرة بطرق أفضل، إلا أنها وفي الوقت عينه  تضع الجميع أمام تحديات خطيرة ومقلقة، لا سيما إذا تم تسخيرها كأدوات للشر، الأمرالذي أدى إلى ظهور قناعة عند عدد وافر من الاستراتيجيين العسكريين بنوع خاص، تفيد بأن العالم السيبراني سيكون فضاء حروب الجيل الخامس، وهو أمر مخيف حقا.. لماذا؟
لعل المتابع لأفلام الخيال العلمي، يدرك اليوم أن المشهد تجاوز الشاشة الفضية، إلى الواقع العملي، ولم تعد مناظر استيلاء بعض الإرهابيين على مطار عالمي يتطلب القوة المسلحة، والدخول عنوة عبرالبوابات، تحت تهديد السلاح.
يكفي الأمر اليوم،مجموعة من الشباب الذين لهم دراية سيبرانية عالية، بالدخول إلى الشبكات الإلكترونية التي ترسم مسارات ومدارات الطيران العالمي لهذا المطار أو ذاك، وتحويل بعضها    عن دروبها الواقعية، وتحريف البعض الآخر إلى خطوط وهمية، ليحدثوا أكبر كارثة جوية في  تاريخ العالم.
 
   تهديدات الحقبة الزمنية القائمة و القادمة :
ولعلنا لا نغالي إن قلنا إن تهديدات الحقبة الزمنية القائمة والقادمة، ستكون من جراءالصراعات السيبرانية على البنى التحتية في الدول المقابلة في حالات الحروب، ومن غير الحاجة إلى مواجهة الجيوش بشريا على الأرض، إذ يكفي ومن أسف شديد تعطيل محطات     توليد الطاقة الكهربائية، لتعجز دولة بأكملها عن الحياة.  
من أفضل العقول المفكرة الدولية التي طرحت أهمية التعاطي مع موضوع الأمن السيبراني حوالكرةالأرضية، البروفيسور الأميركي جوزيف ناي، صاحب رؤية "القوة الناعمة"  وعنده أنه بين القوى التي تشكل العناصر المحركة الرئيسية في عالم اليوم، الجماعات غير الأممية، أي التي ليست بدول، الصغيرة في عددها، لكن القادرة على العمل في العالم الافتراضي   
فقد تابع العالم عبر العقد الماضي بعض الحالات التي جرت فيها اختراقات سيبرانية، كما الحال  مع جوليان اسانج صاحب ومؤسس موقع ويكليكس، وإدوارد سنودن عميل هيئة الأمن القومي الأميركي NSA وكلاهما كبد الولايات المتحدة الأميركية خسائر غير محدودة على الصعيدين الأدبي المعنوي من جهة،والماديالعسكري والاستخباري على الأرض من جهة ثانية.
لا يقتصر مجال الأمن السبراني على سياق الحروب والمواجهات المسلحة، سيما أن العديد من المجابهات في عالم القرن الحادي والعشرين وما يليه، مرتبطة بالحصول على المعلومات والبيانات ذات الصبغة الاقتصادية.
على سبيل المثال لا الحصر الصراع بين واشنطن وبكين، والذي هو اقتصادي في جوهره ومظهره، فكلاهما لا يود الوصول إلى حافة الهاوية والصدام عبر النار والبارود بل من وراء الكواليس تجري الاختراقات السيبرانية بهدف الحصول على بيانات الصفقات والمنتجات، وهو الأمر الذي تبرع فيه الصين اليوم عبر تجسسها السيبراني، محاكية ما فعلته اليابان في سبيعنات وثمانينات القرن الماضي، حين كانت تبدأ من حيث انتهت مكتشفات ومخترعات أميركا، ومن غير، عناء البدء من النقطة صفر.

أخبار متعلقة :