بوابة صوت بلادى بأمريكا

د.مريم المهدي تكتب : التطهير العرقي البطيء الآن .. النكبة الثانية للفلسطينيين بعد نكبة 1948

 
 أن النجاح الباهر الذي حققته عملية "حماس" كان بالنسبة للحركة نفسها غير متوقع على الإطلاق، وكذلك عواقب هذه العملية.
أن الأمور الآن لا تسير وفق خطة "حماس  "، وهو ما ينعكس في الخطوات غير المدروسة ، مثل الوعيد بقتل الرهائن، وهو ما سيلحق الضرر بحماس نفسها بشكل واضح.
 
   _ هناك الآن السؤال الرئيسي والاهم :
      من هي الجهة الرئيسية المسؤولة عما حدث ويحدث  ؟ وخطة من التي يتم تنفيذها ؟ أم أنه لم تعد هناك خطة وتتجه كافة الأطراف إلى الارتجال ؟
     إن عدم الكفاءة المذهلة، والفعالية القتالية المنخفضة، وعدم القدرة على السيطرة على الجيش الإسرائيلي, وفشل أجهزة الاستخبارات  وهم أم حقيقة ؟  تتعارض    تماما مع الصورة الراسخة والإنجازات السابقة لإسرائيل لدرجة أن الجميع يبدؤون بشكل لا إرادي   في الشك أن إسرائيل كانت تعلم، إلا أنها لم تمنع عن عمد      هجوم "حماس" لتعلن بعد ذلك حقها في "الدفاع عن النفس" بلا قيود. في رأيي أن هذه الرواية تحمل قدرا من الوجاهة والمنطق ، لأن كل شيء في الوقت الراهن     يتجه نحو حقيقة أن إسرائيل  ستصبح المستفيد الرئيسي.
 
  _  تواجه إسرائيل مهمتين استراتيجيتين وتخطط لهم منذ عام 1948: 
     إزالة التهديد المتمثل في النمو الديموغرافي الفلسطيني، الذي سيحوّل إسرائيل إلى دولة فلسطينية في غضون بضعة عقود من الزمن، وتحييد إيران أو على الأقل برنامجها النووي. ومع كل عام يمر، تصبح هذه المهام أكثر صعوبة، ويتعين العمل  بشكل أسرع .
     والقصف الشامل للمناطق المدنية وقتل الأبرياء العزل من النساء والأطفال  من ليس لهم ذنب وقطع المياه والكهرباء وضرب معبر رفح لمنع الإمدادات الطبية والغذائية  والوعود الإسرائيلية بعدم ترك سوى الخيام في جنوب غزة،  والضغط المكثف على مصر لقبول مصر نزوح سكان غزة واستيطانهم في سيناء وهذا هو المستحيل  التي ارتوي ترابها بدماء شهداء حرب أكتوبر المجيدة وهذا هو المستحيل .، يشير إلى أن القضية تتعلق بالتطهير العرقي، وإخلاء غزة من السكان الفلسطينيين، وقد بدأت إسرائيل بالفعل في إنجاز هذه المهمة.
      والآن أصبح لدى إسرائيل فرصة لحل المشكلة الاستراتيجية الأولى، على الأقل في غزة. وللقيام بذلك، لا تحتاج إلى تصفية حماس، ولا تحتاج إلى الذهاب إلى غزة، واعتقد هي تصريحات بغرض التمويه من وجهة نظري.
    
    _ التطهير العرقي والابادة الجماعية البطيئة  :
بالنسبة لإسرائيل، يبدو أن السيناريو الأمثل بأقل التكاليف هو "الإبادة الجماعية البطيئة"، حيث ستواصل قصف غزة ، وتدمر المباني وجعل الحياة لا تطاق بالنسبة للفلسطينيين بنسبة  مع كل يوم يمر. بتطبيق حصار ليس كامل وإنما  حصار صارم وإبادة منخفضة الشدة عن بعد، والتي سيعتاد عليها العالم كله تقريبا. وهو أقل من المستوى الذي سيضطر فيه "حزب الله" إلى فقدان ماء الوجه إذا لم يتدخل. وفي هذا السيناريو، ينبغي لحماس أن تبقى،  في غزة كذريعة للتطهير العرقي.
      أن  التأخير في العملية البرية لا يمكن تفسيره فقط بالقضية التي لم تحل ، والمتمثلة في فتح ممر لتهجير الفلسطينيين  إلى سيناء ، بل وأيضا بفهم القيادة الإسرائيلية لتفضيل السيناريو منخفض الشدة لتدمير غزة.
 
  _ حماس والمسؤولين الاسرائيليين : 
      إن تخفيف لهجة المسؤولين الإسرائيليين تجاه "حماس" في اليومين الأخيرين والبدء في تهيئة شروط المساومة يشير إلى تحرك هذا السيناريو "البطيء". وكما أعتقد، فسوف يتم قريبا إجراء بعض التخفيفات فيما يتعلق بإيصال المياه والغذاء والوقود،للفترة حتى فتح الممر إلى مصر، ومن ثم سيكون من الممكن تشديد النظام.
            
        _ وضع الضفة الغربية :
    ما العمل بالنسبة للضفة الغربية ؟ أعتقد أن هذه القضية ستترك لوقت لاحق ، لأنه من الصعب إجبار مصر على قبول حتى سكان غزة . ولا أستبعد استمرار المخطط الصهيوني الامريكي الدنيء لاحتلال سيناء كوطن بديل للفلسطينيين وأمام رفض         مصر التفريط في أي حفنة تراب من أرض سيناء المقدسة ، قد تلجأ الولايات المتحدة لتنظيم انهيار مالي في مصر من أجل ربط  قضية القروض الجديدة بمسألة قبول الفلسطينيين.!!
 
    - حرب دموية واسعة النطاق : 
     سيأتي الدور على الضفة الغربية إذا أو عندما تغرق المنطقة بالكامل في حرب دموية واسعة النطاق، وعلى خلفية الأهوال ستتمكن إسرائيل من طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، حتى إلى الصحراء، دون الاهتمام بأي عواقب على الوضع  الإنساني.      
       إلا أن إنجاز المهمة الأولى في هذه المرحلة يتعارض مع الثانية.  فالمهمة الثانية (تحييد إيران) لا يمكن حلها إلا من خلال جر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصراع . ويمكن تحقيق ذلك من خلال التصعيد الأقصى للصراع في غزة ، شديده الشراسة، والذي سيتسبب في إبادة جماعية للفلسطينيين ، مما سيجبر معارضي إسرائيل على الدخول إلى الحرب ضد إرادتهم ، أو من خلال الهجوم على الولايات المتحدة تحت رايات دول أجنبية.     
      وبطبيعة الحال، فإن فتح جبهة ثانية هو آخر ما تحتاجه واشنطن على خلفية اقتراب خسارتها في الحرب بأوكرانيا والاشتباك المرتقب مع الصين ، حيث ستمارس الولايات المتحدة أقصى قدر من الضغط على جميع أطراف النزاع من أجل وقف  التصعيد أو إبطائه .
 
      _ دعم امريكا الكامل لاسرائيل من اجل تفريغ غزة من الفلسطينيين وتهجير أهلها :-  
    امريكا  مستعدة لمساعدة إسرائيل على تطهير غزة من الفلسطينيين ، إلا أنها ترغب في القيام بذلك بهدوء قدر الإمكان، دون زيادة عدد المشاركين في الصراع ، ودون فواتير وتكاليف  تضطر هي لدفعها. 
 
      المنطقة العربية المحيطة بإسرائيل :      
    بالنسبة ، للخيارات المتاحة حاليا أمام المنطقة العربية بكل تأكيد لا تتضمن خيار الحرب مع إسرائيل بالوسائل العسكرية ، ولا يشكل ذلك، على أقل تقدير، أولوية  راهنة. تشتعل المشاعر في الشوارع بالهتافات فقط ، لكن قادة الدول يضطرون إلى الاسترشاد بالمصالح العقلانية والاقتصادية .
 
    ولذلك، فإن القصف المتقطع لإسرائيل عبر الحدود ليس سوى إظهار لموقف سياسي، ومسرح يناسب الجاننبي . أما التفكير في الحرب الحقيقية ضد إسرائيل هي معناها حرب مع الولايات المتحدة.
  ومع ذلك، فإن الرهانات على الحرب العالمية الثالثة التي قد تندلع وهي الحد الأقصى، ونحن نتحدث عن وجود وكيان دول، لذلك يمكن أن تنسى أي قيود ومبادئ إنسانية  وأخلاقية في مثل هذه الحرب، التي ستتخذ فيها الأطراف أي إجراءات متاحة. وهي حرب ستجلب خسائر عالمية فادحة .

أخبار متعلقة :