سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 مايو 1971.. محمد عبدالسلام الزيات يعين نفسه وزيرا للإعلام دون الرجوع إلى الرئيس ويسيطر على الإذاعة ويوقف بث استقالات معارضى السادات

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 مايو 1971.. محمد عبدالسلام الزيات يعين نفسه وزيرا للإعلام دون الرجوع إلى الرئيس ويسيطر على الإذاعة ويوقف بث استقالات معارضى السادات
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 مايو 1971.. محمد عبدالسلام الزيات يعين نفسه وزيرا للإعلام دون الرجوع إلى الرئيس ويسيطر على الإذاعة ويوقف بث استقالات معارضى السادات

غادر محمد عبدالسلام الزيات، وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة «البرلمان»، منزل الرئيس السادات إلى مبنى الإذاعة، بعد إذاعة استقالات معارضى السادات من كبار المسؤولين والوزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى، والذين عملوا بجوار جمال عبدالناصر، فى نشرة أخبار الساعة الحادية عشرة مساء، 13 مايو 1971، وسبقتها ولحقتها أناشيد مثيرة.

 

ذهب «الزيات» إلى منزل السادات، وكان موجودا الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، والسيدة جيهان السادات، وبعد مناقشة، استقر الأمر على ذهابه إلى الإذاعة لمواجهة الموقف، حسبما يذكر فى مذكراته «السادات.. القناع والحقيقة»، وكان ما فعله داخل الإذاعة الذى امتد حتى 14 مايو «مثل هذا اليوم» 1971، من أهم الأدوار التى حسمت هذه المعركة لصالح السادات، وأطلق هو عليها «ثورة التصحيح»، وجعلها عيدا قوميا «15 مايو» طوال فترة حكمه.

 

يروى «الزيات» فى مذكراته، أنه فور توجهه إلى مكتب وزير الإعلام المستقيل، محمد فائق، حاول أن يخلق جوا من الرهبة والتهديد، يؤكد: «استدعيت المسؤولين الذين تصادف وجودهم فى ذلك الحين بمبنى الإذاعة، وبينهم محمد عروق، رئيس إذاعة صوت العرب، وسعد زغلول، وإسحق حنا، ومنير حافظ، مدير الاستعلامات، وكتبت على عجل قرارا بتعيين نفسى وزيرا للإعلام، بالإضافة إلى عملى كوزير دولة لشؤون مجلس الأمة، وكلفت المسؤولين بإذاعة القرار».

 

كان تعيين «الزيات» لنفسه وزيرا للإعلام مبادرة شخصية منه، ووقع هو إمضاء السادات عليه، وبمقتضى ذلك وحسب قوله: «أصدرت أوامرى بوقف إذاعة الاستقالات، ووقف إذاعة الأناشيد المثيرة، ولم يخالف هذه الأوامر إلا محمد عروق، فقد أعاد إذاعة الاستقالات من إذاعة صوت العرب، ثم غادر المبنى مباشرة، وعينت سعد زغلول محله مشرفا على إذاعة صوت العرب والإذاعة العامة، وبدأ استدعاء جميع المسؤولين عن الإذاعة من منازلهم، وكان اهتمامى الأول بالقسم الهندسى، فقد كنت أعرف أن هناك محطات فى أبى زعبل وفى طرة وغيرهما من الأماكن، ويمكن استخدامها، وأجريت اتصالات بجميع المحافظين فى المحافظات التى تقع فيها هذه المحطات للانتقال فورا إلى مراكز هذه المحطات والحفاظ عليها، ومتابعة ما يجرى فيها، وقررت أن تكون إذاعة صلاة الجمعة من مسجد الإذاعة، وكان مقررا أن تذاع من إحدى المحافظات».

 

يؤكد «الزيات» أنه وجد تعاونا ممن كانوا معه من العاملين بالإذاعة، ويضيف: «عندما جاء وقت الإذاعة الصباحية، كانت درجة الأمان وصلت إلى 90 %»، يكشف: «خلال هذا أمكننى تدبير خط مباشر بين الإذاعة ومنزل السادات، وأخذت أتلقى بيانات التأييد وبعض الأخبار، وأذكر أن أول بيان أمرت بإذاعته من بيانات التأييد أبلغنى به عزيز صدقى الذى كان نائبا لرئيس الوزراء ووزير الصناعة»، يؤكد «الزيات»: «المجهود الذى قام به عزيز صدقى فى هذه الليلة - والذى حاول السادات أن يطمسه - لا بد أن يذكر، فقد أجرى اتصالا مع جميع رؤساء إدارات المؤسسات وشركات القطاع العام، ومع العديد من الزعماء النقابيين وأمكنه أن يؤمن جبهة العمال».

 

يضيف «الزيات»: «كان أمامى عمل آخر، وهو أن أعد مجلس الأمة للاجتماع فى نفس يوم الجمعة، 14 مايو، ووقع اختيارى على حافظ بدوى ليكون رئيسا للمجلس، وكان وزيرا للشؤون الاجتماعية، وذلك بدلا من لبيب شقير الذى استقال، فاتصلت به فجر الجمعة فى كفرالشيخ، وطلبت منه أن يوافينى بأسرع ما يمكن إلى مبنى الإذاعة، وأخذت أتنقل يوم الجمعة بين المجلس لأجتمع بالأعضاء لإعدادهم لجلسة المساء، وأعد الأوراق الخاصة بالجلسة، وبين الإذاعة لأطمئن على سير البرامج ومراجعة الأخبار والأحاديث قبل إذاعتها».

 

عقد مجلس الأمة جلسته بحضور 280 نائبا فى الساعة الثامنة وأربعين دقيقة، برئاسة الدكتور إسماعيل معتوق، أكبر الأعضاء سنا، وحضر عدد من الوزراء، وقال رئيس الجلسة: «إن البلاد شهدت فى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة أحداثا كان لزاما على مكتب المجلس ورئيسه أن يقوما بدعوته إلى الانعقاد، فلما لم يقوما بواجبهما تقدم الأعضاء بطلب للدستور، واستجاب رئيس الجمهورية، وأصدر القرار الجمهورى بدعوة المجلس».

 

تبارى النواب بالهجوم أثناء كلماتهم ضد زملائهم المعارضين، وألقى مصطفى كامل مراد خطبة حماسية، ثم أخذ رئيس الجلسة التصويت على إسقاط عضوية، لبيب شقير، رئيس المجلس، ومحمد فايق، وكمال الدين الحناوى، وعلى السيد على، وضياء الدين داود، وصبرى مبدى، وأحمد شهيب، وعبدالهادى ناصف، وعلام عبد العظيم، وعبدالعاطى نافع، وجابرعبدالعزيز، ونبيل نجم، ومحمد البديوى فؤاد، وأحمد كمال الحديدى، وحمدى حراز، وأحمد إبراهيم موسى، ومحمد سيد عبدالمنعم، ومتولى النمرسى».

 

 ورغم هذا الدور المهم لـ«الزيات»، إلا أنه أصبح فيما بعد من أشد معارضى السادات، وكان ممن شملتهم قرارات اعتقالات 5 سبتمبر 1981. 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع