"سيدة الخلاط".. قصة امرأة شامخة اقتحمت مهن الرجال منذ طفولتها.. أمل عيد اشتغلت فى مصانع طوب بحثا عن الرزق الحلال.. تكافح على خلاطة خرسانة بيومية 100 جنيه: بحارب فى مهنة شاقة علشان أربى عيالى.. فيديو وصور

فى مشهد فريد يحبس الأنفاس، يعجز اللسان عن وصفه، بطلته امرأة شامخة، تنادى بـ"سيدة الخلاط"، تقف بين الرجال بعزمها وقوتها، على خلاطة، تعد الخرسانة، وتخلط الرمل بالأسمنت مع الزلط والماء، لتوزيع وصب سقف وأعمدة إحدى البنايات فى مدينة بلقاس، وعيناها ثورة من الحزن والأسى.. كفوفها نهر جارف من الكفاح والشقى.. يصرخ صوتها حرقة ووجع بلا آهة.. ومع ذلك تضيء قناديل الأمل، وتزهر أمانيها وأحلامها، يفوح فى الحياة تواضعا، زينتها القناعة والرضا، تبتسم وكأنها لم تذق مرارة الحياة يوما، روحها تعانق الحياة والحب والأمل، وتدفعها للبقاء من أجل صغارها، حاملة الوجع بين ضلوعها، إذ ضحت بطفولتها وشبابها وأنوثتها منذ أكثر من 20 عاما، وعملت فى مهن شاقة أرهقت روحها وصحتها؛ لتوفر حياة كريمة لأسرتها وأبنائها.

حفرت أمل عيد محمد صاحبة الـ37 عاما بسطور من ذهب أشعارا فى الكفاح والشقى والعطاء، كادت أن تكسرها قسوة الحياة، فتحملت المسؤولية وتسلحت بالشجاعة والإرادة وقهرت المستحيل، وتشبثت بكل فرصة تجعلها تحيا بعزة وكرامة، لتثبت لنا أن وراء كل امرأة عظيمة قوتها وشموخها، كفاحها وإصرارها على النجاح، ذاتها الحرة، أملها رغم الألم، سعادتها رغم التعب.. "وراء كل امرأة عظيمة نفسها".

واقتحمت "سيدة الخلاط"، مهن الرجال منذ أن كان عمرها 12 عاما، بحثا عن الرزق الحلال، فعملت باليومية فى عدد كبير من مصانع الطوب، ومن ثم شقت طريقها للعمل فى مجال رفع الخرسانة على خلاطة برفقة الرجال؛ لتعول أطفالها بعد أن انفصلت عن زوجها، واتخذت من ذاتها القوية واجهة لها لقهر الظروف، لتثبت لنا يوما بعد يوم أن المرأة صاحبة إرادة صلبة لا تقهر.

"أنا بموت من الشغل وشايلة فوق طاقتي، عايشين بيومية 100 جنيه ومكملة، بحارب لوحدى علشان أقدر أعيش وأربى عيالى واسدد ديوني.. الشغل مش صعب، الصعب إنى أنام وعليا ديون".. بهذه الكلمات المؤلمة بدأت "أمل"، حديثها لـ"اليوم السابع"، فقالت، إنها عاشت طفولة صعبة، حيث اضطرت للعمل والكفاح فى مهن شاقة برفقة صديقاتها، لتساند والدها على المعيشة، مشيرة إلى أنها لم تجد سبيلا آخر يتيح لها العيش بعزة وكرامة وراحة بال، سوى العمل فى مصانع الطوب وحمل الخرسانة، فبالرغم من خطورته وسقوطها لأكثر من مرة أثناء عملها وتعرضها لإصابات خطيرة كادت أن تودى بحياتها، إلا أنها تداوم على عملها دون ملل أو كلل.

وتابعت أنها ظلت تعمل فى مصانع الطوب لسنوات طويلة، شقت خلالها ليل نهار، متحملة أعباء ومشقة العمل، حيث كانت تعمل يوميا لساعات طويلة، تحمل الطوب على كتفيها بكل عزيمة؛ لتكسب لقمة عيش حلال، مضيفة أنها تركت عملها فى مصانع الطوب بعد أن تزوجت، وبعد فترة انفصلت عن زوجها، تاركا لها طفلين، فاضطرت للعودة مجددا للشقى والكفاح، من خلال عملها فى حمل الخرسانة على خلاطة.

وعن الصعوبات التى تواجهها فى العمل، قالت "أمل": "منذ طفولتى وأنا بشتغل فى مصانع الطوب والخرسانة ونفسى أرتاح.. وقعت كتير وأنا بشتغل وضهرى اتكسر وكملت، وبسيب ولادى لوحدهم فى البيت وبنزل أشتغل من الفجر وببقى قلقانة عليهم معرفش عنهم حاجة طول اليوم.. أصعب حاجة لما أسيب ولادى واحنا بنفطر مع بعض فجأة علشان جايلى شغل خرسانة.. وحشتنى لمتنا والقعدة معاهم، تعبت وشقيت علشان أكبرهم، واتسجنت فى رمضان 6 أيام بسبب ديوني.. وطلاقى من 15 سنة بعد ما جوزى اتجوز عليا زود الحمل والمسؤولية عليا، بس فضلت واقفة على رجلى بشتغل وبكافح فى الخرسانة علشان خاطر ولادي".

وأوضحت أنها تعلمت أصول المهنة، بمطالعة زملائها ومراقبتهم أثناء العمل، فبمجرد أن مارست المجال، نجحت فى إعداد الخرسانة وصب الأعمدة والأسقف أحيانا، مشيرة إلى أن عملها لا يتوقف فقط على إعداد الخرسانة، بل تقوم أيضا بحمل شكائر الأسمنت والأخشاب، والزيوت، وغيرها، مضيفة، "شغل الخرسانة صعب وشاق.. اتفرض عليا.. بس الحمدلله احسن من الحوجة.. وولادى فرحانين وفخورين بيا.. نفسى أفرح بيهم وأسدد ديونى وانام مرتاحة".

وأشارت إلى أن يومها حافل بالعمل الشاق، حيث تبدأ عملها مع أول ساعات النهار برفقة زملائها الرجال الذين يأتون من مناطق متفرقة من مدينة بلقاس لكسب قوت يومهم بيومية تصل لـ100 جنيه، حيث تقوم هى بإعداد الخرسانة على الخلاطة، بخلط الرمل بالأسمنت مع كمية محسوبة من الحصى، ثم خلط المزيج بمقدار معين من الماء، وبعد انتهائها من تلك العملية، يبدأ زملائها فى مرحلة التوزيع وصب السقف أو الأعمدة.

وقالت إنها وزملاءها، يعملون بانسجام وحب، يشاركون أحزانهم وأفراحهم، حيث اعتادوا على أن يعملوا سويا كأسرة واحدة، يصبروا بعضهم البعض، لينسوا مشقة العمل وصعوبته، بتناول وجبة الفطور سويا، والغناء والدندنة والضحك، وسرد الحكايات، مشيرة إلى أن كل واحد منهم يحكى للآخر عن همومه، يسلون أوقاتهم الطويلة فى العمل بكوب شاى وبعض اللقيمات، ونكات تضحكهم وتصبرهم على مشقة العمل.

وأشارت إلى أنه بالرغم من مشقة وخطورة المجال، كونه يحتاج قوة بدنية كبيرة، فضلا عن تعرضها للكثير من المضايقات كونها امرأة اقتحمت مهنة الرجال، وإصابتها بجروح قطعية فى جسدها لأكثر من مرة بسبب سقوطها على على الخلاطة، إلا أنها تحاول الصبر والتحمل بكل ما أوتيت به من قوة لتتمكن من توفير حياة كريمة لأبنائها وتسديد ديونها، مؤكدة على أن ظروفها المعيشية الصعبة وديونها التى تفاقمت عليها فرضت عليها، حب العمل والرضى به رغم مشقته، حتى تفوقت فيه وأصبح مصدر دخلها الرئيسى واليومي.

ابنة-محافطة-الدقهلية-أمل-عيد
ابنة-محافطة-الدقهلية-أمل-عيد

 

إعداد-أمل-عيد-للخرسانة
إعداد-أمل-عيد-للخرسانة

 

المكافحة-أمل-عيد
المكافحة-أمل-عيد

 

أمل-عيد
أمل-عيد

 

أمل-عيد-برفقة-زملائها
أمل-عيد-برفقة-زملائها

 

أمل-عيد-برفقة-زملائها-في-العمل
أمل-عيد-برفقة-زملائها-في-العمل

 

أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-الخرسانة
أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-الخرسانة

 

أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-مجال-الخرسانة
أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-مجال-الخرسانة

 

أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-مصانع-الطوب-والخرسانة
أمل-عيد-تقتحم-مهن-الرجال-وتعمل-في-مصانع-الطوب-والخرسانة

 

أمل-عيد-سيدة-تعمل-في-الخرسانة
أمل-عيد-سيدة-تعمل-في-الخرسانة

 

سيدة-الخلاط
سيدة-الخلاط

 

سيدة-الخلاط-أمل-عيد
سيدة-الخلاط-أمل-عيد

 

سيدة-تعمل-في-الخرسانة
سيدة-تعمل-في-الخرسانة

 

عمل-أمل-عيد-في-مهنة-شاقة-برفقة-الرجال
عمل-أمل-عيد-في-مهنة-شاقة-برفقة-الرجال

 

كفاح-أمل-عيد-بالعمل-على-خلاطة-خرسانة
كفاح-أمل-عيد-بالعمل-على-خلاطة-خرسانة

 

كفاح-أمل-عيد-في-مهنة-شاقة
كفاح-أمل-عيد-في-مهنة-شاقة

 

كفاح-سيدة-الخلاط
كفاح-سيدة-الخلاط

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع