أبرز فتاوى دار الإفتاء ضد الاحتكار والمحتكرين.. الدار تجيب عن تساؤلات حول احتكار الدولار والسلع: من الكبائر وفاعله آثم.. وتوضح حكم التعامل مع المحتكر.. وتكشف رأى الشرع فى أحقية تسعير الحاكم للسلع

أبرز فتاوى دار الإفتاء ضد الاحتكار والمحتكرين.. الدار تجيب عن تساؤلات حول احتكار الدولار والسلع: من الكبائر وفاعله آثم.. وتوضح حكم التعامل مع المحتكر.. وتكشف رأى الشرع فى أحقية تسعير الحاكم للسلع
أبرز فتاوى دار الإفتاء ضد الاحتكار والمحتكرين.. الدار تجيب عن تساؤلات حول احتكار الدولار والسلع: من الكبائر وفاعله آثم.. وتوضح حكم التعامل مع المحتكر.. وتكشف رأى الشرع فى أحقية تسعير الحاكم للسلع

رسائل مهمة من دار الإفتاء المصرية حول "الاحتكار" واستغلال بعض التجار للأزمة العالمية ورفعهم الأسعار، حيث أكدت الدار أن احتكارُ السِّلَع والأقوات استغلالًا للأزمات عَملٌ مُحَرَّم شرعًا، فقد دَلَّت النصوص الشرعية على أن الاحتكار من أعظم المعاصي، فروى الإمام مسلم بسنده عن معمر بن عبدالله رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ». وفى روايةٍ لمسلمٍ أيضًا: «من احتكر فهو خاطئ».

اليوم السابع يستعرض فى هذا التقرير أبرز الفتاوى الصادرة من الدار حول الاحتكار؛ وذلك على النحو الآتي:

س - هل احتكار الدولار فى أيامنا هذه يدخل تحت الاحتكار المنهى عنه، وما هو جزاء مَنْ يقوم بجمع الدولار ليضارب به بقصد الإضرار باقتصاد الدولة، وهل المال المكتسب من تجارة السوق السوداء حرامٌ شرعًا؟

الجواب

 نعم، يدخل ذلك فى الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا، ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبٌ لإثمٍ كبير؛ لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحّ العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سَلْبًا فى الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين فى المشقة والحرج.

ومن ناحية أخرى لا يجوز التعامل فى النقد الأجنبى إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها فى هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بـ"تجارة السوق السوداء" كسبٌ غير طيِّبٍ.

 

س - يقوم بعض التُّجار بالاحتكار فى أعلاف الحيوانات بدعوى أن الاحتكار المُحَرّم إنما يكون فى طعام الناس فقط؛ فما حكم الشرع فى ذلك؟

الجواب

يحرم شرعًا الاحتكار فى كل ما يحتاج إليه الناس فى معايشهم من غير الاقتصار على الطعام فقط؛ لأنَّ علة التحريم هى الإضرار بالناس، وهى مُتَحَقِّقَةٌ فى كل ما يحتاجون إليه ويعتمدون عليه فى معيشتهم.

 

س - هل يجوز للحاكم التسعير عند استغلال بعض التجار الظروف الاقتصادية التى يمرّ بها العالم وقيامهم بمضاعفة أسعار الأطعمة والسلع؟ 

الجواب

لقد أعطت الشريعة الإسلامية للحاكم حقَّ تقييد المباح إذا رأى فى ذلك المصلحة؛ كما فى تقييد الملك الخاص، بل ونزعه استثناءً إذا اقتضت ذلك المصلحةُ العامة، ونصَّ الفقهاء على أن للحاكم أن يتخيَّر من أقوال العلماء ومذاهبهم فى المسائل الخلافية والأمور الاجتهادية ما يراه محققًا لمقاصد الشرع ومصالح الناس، وأنَّ عليه أن يجتهد فى تحقيق المصلحة قدر ما يستطيع فيما لا يخالف قطعيات الشرع وثوابته.

وعقود البيع والشراء لم تَعُدْ عقودًا بسيطة تقتصر آثارُها على أطرافها أو على طائفة معينة أو أناس معينين كما كان الحال فى السابق، بل أصبحت فى العصر الحاضر عقودًا مركَّبةً مرتبطةً بالنظام العامّ للدولة المدنية.

ومن المقرر شرعًا أنه إذا لم تتم مصلحة الناس إلا بالتسعير: سعَّر عليهم ولى الأمر تسعيرًا لا ظلم فيه ولا وكسَ ولا شططَ، أمّا إذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه فإنه حينئذٍ لا يفعله.

ولقد صرح فقهاء الحنفية بأنَّه يجوز للحاكم أن يُسَعّر على النَّاس أن تعدَّى أربابُ الطعام عن القيمة تعدِّيًا فاحشًا، وذلك بعد مشورة أهل الرأى والبصيرة، وهو المختار وبه يُفتَى؛ لأن فيه صيانةَ حقوق المسلمين عن الضياع ودفعَ الضرر عن العامة.

س- ما المعنى المراد من قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم عندما طُلِب منه التسعير: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ..» إلخ الحديث؟ وهل الحديث يدل على حرمة التسعير؟ 

الجواب

هذا الحديث لا يدلّ على تحريم التسعير، وإنما هو تنبيهٌ من النبى صلى الله عليه وآله وسلم على أن الأمر على الحقيقة إنما هو بيد الله تعالى، وأرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى التعلق بالله تعالى ودعائه؛ فعلى المسلم اللجوء إلى الله تعالى فى الأزمات، مع اتّخاذ الأسباب المُمْكنة، والوسائل المتاحة.

س- يقوم بعض التجار بتخزين بعض السلع المتوقع غلاؤها، لبيعها فى وقت الغلاء بأقل من سعرها، فهل هذا جائزٌ أم لا؟ كما تقوم بعض الشركات بإغراق الأسواق بمنتجاتها وتبيعها بأقل من سعرها أيضًا، فهل هذا جائز أم لا؟ وهل يُعَدُّ ذلك احتكارًا؟ وما الفرق بين هذه الممارسات وبين أن يرخص التاجر السلعة تيسيرًا على الناس وإرفاقًا بهم، أو جذبًا للمشترين، فى إطار من المنافسة الشريفة العادلة؟ 

الجواب

 إذا كان تخزين التجار للسلع -أو طرح الشركات للمنتجات فى الأسواق المحلية- بغرض بيعها بثمن زهيد قد يقل عن سعر تكلفتها؛ وذلك للانفراد بالأسواق والسيطرة عليها، والإضرار بالمنافسين وإخراجهم منها، بما يُسمَّى (بالإغراق): فإن ذلك حرامٌ شرعًا؛ لأنه يؤول إلى الإضرار بالأسواق، والإخلال بقانون العرض والطلب، وضرب الصناعة الوطنية وإضعاف الاقتصاد الوطني، ولذلك كان محرمًا دوليًّا.

أما إذا لم يكن فيه إضرارٌ بالعامة، وكان المقصودُ طرحَها بعد ذلك بغرض إرخاصها والتيسير على الناس فى شرائها، أو التنافس التجارى الشريف فى استقطاب الجمهور وجذب المشترين: فهو أمر محمودٌ شرعًا ولا مانع منه.

والمعوَّل عليه فى حكم هذه الممارسات السوقية ونحوها على حصول الضرر الذى يكشف عنه "قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية" مع لائحته التنفيذية؛ فإذا تحققَ الضرر فى أى ممارسة مِن هذه الممارسات بوقوعها فيما منعه القانون ولائحتُه فهى حرام شرعًا، سواء نوى صاحبها الإضرار بغيره أم لم ينوه.

س - يقول السائل: فى ظِلِّ الظَّرْف الاقتصادى الذى تَمُرُّ به بلادنا يحتكر بعض التجار السلع، ويُضَلِّلون فى أسعارها، ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة فى السعر على الفقراء؛ فنرجو موافاتنا بالحكم الشرعى لهذا الفعل؟

الجواب

 التجار الذين يقومون باحتكار السلع ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة فى السعر على الفقراء آثمون، وما يقومون به يُعدُّ أمرًا محظورًا شرعًا سواء كان سيتبرع بجزء من الثمن أو لا.

أما مَنْ يقوم بالشراء من هذا البائع مع عدم وجود ضرورة لذلك، أو مع وجود طريقة أخرى للشراء أو وجود سلعة أخرى تقوم مقامها، فهو بهذا الفعل يكون قد قَدَّم عونًا على مخالفة أوامر الله تعالى وارتكب محظورًا وإثمًا، وأمَّا مَن كانت له حاجة فى الشراء ولا يجد طريقة أخرى لشرائها، فهو مضطر لذلك، وغير مؤاخَذٍ به، والإثم يكون على البائع فقط.

س - ما حكم قيام بعض الناس بشراء السلع المحتكرة من التاجر المحتكر دون حاجة لذلك، مما يساعد التجار على الاحتكار؟ 

الجواب

 مَنْ يقوم بالشراء من البائع المحتكر مع عدم وجود ضرورة لهذا الشراء، أو مع وجود طريقة أخرى للشراء أو وجود سلعة أخرى تقوم مقامها، فهو بذلك الفعل يكون قد قَدَّم عونًا على مخالفة أوامر الله تعالى وارتكب محظورًا وإثمًا، وأمَّا مَن كانت له حاجة فى الشراء ولا يجد طريقة أخرى لشرائها، فهو مضطر لذلك، وغير مؤاخَذٍ به، والإثم يكون على البائع فقط.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع