جرجس شكرى أمين عام النشر بقصور الثقافة في حواره لـ"اليوم السابع": الميزانية مهمة والأهم أن نملك استراتيجية.. كتب الأجيال الجديدة "موجودة" وكتب الرواد مقصودة لعودة الهوية.. و"الذخائر" ليست الأكثر مبيعًا

جرجس شكرى أمين عام النشر بقصور الثقافة في حواره لـ"اليوم السابع": الميزانية مهمة والأهم أن نملك استراتيجية.. كتب الأجيال الجديدة "موجودة" وكتب الرواد مقصودة لعودة الهوية.. و"الذخائر" ليست الأكثر مبيعًا
جرجس شكرى أمين عام النشر بقصور الثقافة في حواره لـ"اليوم السابع": الميزانية مهمة والأهم أن نملك استراتيجية.. كتب الأجيال الجديدة "موجودة" وكتب الرواد مقصودة لعودة الهوية.. و"الذخائر" ليست الأكثر مبيعًا
خلال السنوات الأخيرة شاهدنا طفرة حقيقية في قطاع النشر داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، طبعات جديدة من الكتب التراثية النادرة، أعمال المبدعين من مختلف المحافظات، إصدارات في كل مجالات الإبداع والمعرفة، ورغم  المعوقات فإن أفكار القائمين عليها كانت لها دورها الكبير في الوصول إلى تلك الطفرة الكبيرة التي وصلت إليها إدارة النشر بقصور الثقافة.

 

ومن هؤلاء الذين كانت لهم بصماتهم الواضحة في النهوض بإدارة النشر داخل الهيئة، وكان له تأثيره الواضح في تحقيق تلك الطفرة الكبيرة التي تحدثنا عنها هو الشاعر والناقد المسرحي جرجس شكري، أمين عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، الرجل الذى يعمل كـ"دينامو" من أجل خروج المنتج الثقافي إلى النور، ويعمل طوال الوقت تقريبًا على تقديم مختلف الأعمال والإصدارات الأدبية والفكرية بأفضل صورة ممكنة، وقاد إدارة النشر خلال السنوات الماضية بجدية فائقة، رغم كل المعوقات التي واجهت صناعة النشر عمومًا، خاصة تلك التأثيرات الاقتصادية التي عانت منها الصاعة بسبب تفشى جائحة كورونا عالميا.

 

"اليوم السابع" التقى الشاعر والناقد المسرحي جرجس شكري، وكان لنا معه هذا الحوار للحديث عن كواليس ما يدور في إدارة النشر بقصور الثقافة، والأزمات التي تواجها صناعة النشر، وإلى نص الحوار:

 

- تم زيادة ميزانية إدارة النشر خلال السنوات الأخيرة.. كيف يتم توجيه تلك الزيادة وهل هى كافية لتحقيق خطة الهيئة؟ 

 

بداية المشكلة ليست فى حجم الميزانية وإن كانت الزيادة ضرورية دون شك، لكن الأهم أن تكون هناك استراتيجية واضحة لمشروع النشرـ، وأن نعمل وفق أهداف محددة وواضحة تتفق وتحقق فلسفة الهيئة العامة لقصور الثقافة، لقد كانت مخصصات النشر قبل 2016 أكبر من سنوات لاحقة، ورغم هذا حقق مشروع النشر نجاحا ملموساً بمخصصات أقل فى السنوات الأخيرة، ولهذا زاد مخصص النشر بعد 2019، وكان ضروريا بعد زيادة أسعار مستلزمات الطباعة، والمهم أن يتم توجيه هذه المخصصات بشكل جيد، ففى سنوات سابقة أى قبل 2016 كانت هناك سلاسل ودوريات تستهلك جزءاً كبيراً من الميزانية دون جدوى وتم إيقافها بواسطة اللجنة التى قامت بإعادة هيكلة مشروع النشر وفقاً لتوصيات الجهات المختصة.

 

 أما زيادة الميزانية فقد حدث بعد أن حققت الإصدارات مبيعات غير مسبوقة، وخاصة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب والمعارض الأخرى فى المحافظات. 

 

أما عن الشق الأخير من السؤال، هل الزيادة كافية؟ أقول لك إن الطموحات لا حدود لها، لكن من الممكن إذا كان لديك رؤية واضحة وأهداف محددة أن تحقق الكثير بميزانية محدودة، ولقد تعلمت من عملى بالمسرح على مدى سنوات أن زيادة حجم الإنفاق لا يضمن النجاح، فهناك عروض مسرحية تقترب ميزانيتها من مليون جنيه ومع هذا يكون متواضعا وضعيفا فنياً وعروض أخرى لا تتجاوز ميزانيتها خمسون ألف جنيه ويحقق نجاحاً كبيراً على المستويين النقدى والجماهيرى. 

 

تهتم قصور الثقافة بإعادة نشر كتب الآباء والمؤسسين ... لكن البعض يتساءل: أليس الجيل الجديد أولى بالطبع؟

 

أولاً إعادة طبع كتب الرواد فى الأصل موجهة للشباب، للأجيال الجديدة، وثانياً لدينا 18 سلسلة منها على الأكثر أربعة سلاسل معنية بإعادة نشر روائع التراث والكتب المؤسسة فى عصور ولغات مختلفة، أما السلاسل الأخرى فهى معنية بنشر الأعمال الجديدة فى الشعر والقصة والرواية والنقد الأدبى والموسيقى والسينما والفن التشكيلى والفلسفة والترجمة وغيرها، ومنها سلاسل تهتم بنشر إبداع الشباب مثل "سلسلة إبداعات"، وبالتالى فالاهتمام بالأجيال الجديدة حاضر وبقوة، ولكن نحن نعمل فى مشروع النشر وفقاُ لفلسفة الثقافة الجماهيرية التى تهدف إلى تنمية الوعى وأيضاً بوصفها خط الدفاع الأول عن الهوية المصرية، وهذه الفلسفة تفرض علينا العمل فى اتجاهين الأول تقديم ما يدعم تنمية الوعى والشعور القومى بالإضافة إلى تقديم كلاسيكيات الثقافة العالمية للقارئ فى شتى أنحاء مصر بسعر مناسب، والثانى دعم المواهب الجيدة واكتشاف مواهب جديدة، وعلى سبيل المثال سلسلة إبداعات مخصصة لنشر أعمال من هم أقل من أربعين عاما، أما سلسلة أصوات أدبية لمن هم فوق الأربعين.

 

هذا بالنسبة للإبداع أما الأبحاث والأعمال النقدية والترجمة فنحرص على التنوع بين الكتب المؤسسة والكتب الجديدة، بالإضافة إلى اكتشاف المواهب وتقديمها ليس فقط من خلال الأعمال الإبداعية ولكن أيضاً من خلال الترجمة، فمنذ أربع سنوات بدأنا مشروع شباب المترجمين من خلال سلسلة آفاق عالمية لاكتشاف مواهب جديدة بين شباب المترجمين وذلك من خلال عمل مجموعة من شباب المترجمين تحت إشراف أحد المترجمين أصحاب الخبرة فى لغات مختلفة، وقدمنا ثلاثة كتب والرابع على وشك الصدور، ففى الكتاب الأول قدمنا مجموعة من القصص القصيرة عن اللغة الصينية من خلال 16 من شباب المترجمين تحت إشراف دكتور محسن فرجانى، وتكررت التجربة من خلال اللغة الألمانية مع الدكتورة علا عادل، ثم فى اللغة الإيطالية مع الدكتورة أمانى حبشى، وبهذا نكون قدمنا بالإضافة إلى الكتب المنشورة جيلاً من شباب المترجمين للحياة الثقافية، وهذا فى سياق فلسفة الهيئة العامة لقصور الثقافة فى دعم واكتشاف المواهب الجديدة. 

 

- لماذا لا تهتم إدارة النشر بالكتب التراثية المعاد طبعها وتكتفى بتقديمها مصورة مع أنه من الممكن إعادة جمعها وإخراجها بشكل أفضل؟

 

حين نجد الكتب فى حالة جيدة، أنا بشكل شخصى أفضل نشرها كما هى، فقط مع تصحيح الأخطاء إن وجدت، أما إذا كانت الكتب فى حالة سيئة يتم إعادة جمعها وتجهيزها مرة أخرى للنشر، وفى كل الأحوال الكتب القديمة التى يعاد نشرها من الأصول يتم معالجتها والعمل عليها من خلال خطوات عديدة حتى تخرج فى صورة جيدة، فالصورة تخضع للعديد من المعالجات أى لا تطبع كما هى، ففى أحيان كثيرة يكون نتيجة إعادة الجمع أقل جودة من طبع النسخة الأصلية، وإذا أردنا نفس الجودة نحتاج إلى وقت طويل، ناهيك عن أن معظم الكتب موجودة أفلام أى جاهزة للطبع كما حدث فى كتب ابن رشد والغزالى، وكتاب معجز أحمد " شرح أبى العلاء المعرى لديوان المتنبى" والأمثلة عديدة، وفى النهاية المعيار هو جودة الكتاب المطبوع. 

 

تعتبر سلسلة الذخائر والتراث الاكثر طلبا فى الهيئة لكن البعض يشتكى من قلة حجم الطبعات المنشورة من أعمال تلك السلاسل.. ولماذا لا يتم إعادة طبع بعض الأعمال التى نفدت ولازال عليها طلب؟


 

أولاً ليس صحيحاً أن الذخائر السلسة الأكثر مبيعا، هناك سلاسل أخرى مثل ذاكرة الكتابة، ومجموعة كتب الهوية، وصدر منها أربعون عنواناً نفد معظمها، بالإضافة إلى مجموعة الكتب التى صدرت بمناسبة العام المصرى الروسى، ومن قبل مجموعة الكتب التى صدرت فى مئوية ثورة 1919، وأيضاً روائع المسرح العالمى نشرنا خمسين عنوانا بواقع مائة ألف نسخة نفد السواد الأعظم منها، وعناوين عديدة فى سلال أخرى نفدت، ولو أن سلسة الذخائر فقط هى الأكثر مبيعاً سيكون هناك خلل كبير فى الذائقة المصرية، ومن ناحية أخرى ليس كل الكتب التى تنفد تستحق أن تطبع، وبصياغة أخرى لو طبعت مرة ثانية لن تبيع بنفسة نسبة الطبعة الأولى، فقد أعدنا طباعة تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت، وأيضاً كتاب الأصنام لابن السائب الكلبى على سبيل المثال حين كان هذا ضرورياً، فقد طبعنا من كتب ابن رشد وكتاب الغزالى أكثر من 5000 نسخة، وهناك كتب من سلسة الذخائر تبيع ببطء، نعم تنفد ولكن تحتاج إلى بعض الوقت، وفى سلاسل أخرى أعدنا طباعة الكتب التى تستحق ففى سلسلة ذاكرة الكتابة طبعنا من كتاب مساجد مصر 5000 نسخة وحين نفدت قدمنا طبعة أخرى، وهكذا فى كتب من كلاسيكيات الثقافة العالمية مثل الإلياذة والأدويسة التى نفدت أكثر من مرة، والأمثلة عديدة. 

 

 

- تلعبون دورا مهما فى سياق العدالة الثقافية ووصول الكتب للمهتمين بجودة وأسعار جيدة.. كيف ترون تعميم هذه التجربة والاستفادة من أجنحة النشر المتعددة فى وزارة الثقافة؟ 


 

لست أنا من يجيب على هذا السؤال فدورى محدد وهو العمل على تحقيق الهدف من مشروع النشر فى سياق فلسفة الهيئة العامة لقصور الثقافة والتى تحاول قدر الإمكان تحقيق العدالة الثقافية ليس فقط من خلال النشر ولكن أيضاً من وصول الكتاب إلى كل المحافظات ونحاول أن يكون هناك منفذ بيع فى كل محافظة على الأقل حتى تصل هذه العناوين إلى الجميع. 

 

 

- لجنة توحيد النشر أُقرت قبل سنوات وحتى الآن لا يبدو أنه جرى تفعيلها، وأحيانا تتكرر بعض العناوين بين قصور الثقافة وهيئة الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة.. كيف نعالج هذا؟ 


 

نعالج هذا باستمرار اللجنة فى أداء مهامها، فاللجنة توقفت منذ فترة طويلة، ولم تجتمع منذ سنوات، رغم أن نتائجها كانت مثمرة وناقشت موضوعات عديدة، وتوقفت فجأة دون أسباب أو مقدمات! وظنى أنها لجنة مهمة ومفيدة للنشر الحكومى بشكل عام، أى النشر فى وزارة الثقافة، وكانت فرصة ليس فقط للتنسيق بين قطاعات النشر فى وزارة الثقافة، لكن أيضاً بحث مشاكل النشر والتحديات التى تواجه هذه الصناعة بشكل عام، وأذكر أننا ناقشنا موضوعات مهمة. واللجنة وفقا للقرار الوزارى يرأسها الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وكان أخر اجتماع برئاسة الدكتور سعيد المصرى. وتوقفت اللجنة بعد ذلك.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع