سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..17مايو 1926يوسف وهبى يتعاقد على تمثيل دور النبى محمد عليه السلام فى فيلم ألمانى بتمويل تركى.. وثورة غضب ضد «عميد المسرح العربى»

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..17مايو 1926يوسف وهبى يتعاقد على تمثيل دور النبى محمد عليه السلام فى فيلم ألمانى بتمويل تركى.. وثورة غضب ضد «عميد المسرح العربى»
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..17مايو 1926يوسف وهبى يتعاقد على تمثيل دور النبى محمد عليه السلام فى فيلم ألمانى بتمويل تركى.. وثورة غضب ضد «عميد المسرح العربى»

زار الأديب التركى «وداد عرفى» الفنان يوسف وهبى فى مسرح رمسيس، أثناء الموسم المسرحى لعام 1926، وقدم له شخصا يدعى الدكتور «كروس»، وأفهمه أنه شخصية لها وزنها، وأنه رسول الرئيس التركى «كمال أتاتورك»، ومستشاره الخاص، وجنسيته ألمانية، وطلب منه تحديد موعد معه لأمر مهم جدا، حسبما يذكر «يوسف وهبى» فى الجزء الثالث من مذكراته، التى صدرت فى حياته عام 1967، وينقل منها الكاتب والناقد السينمائى سمير فريد فى كتابه «تاريخ الرقابة على السينما فى مصر».

 

يكشف «وهبى» عن طبيعة الأمر المهم، الذى أثير فى اللقاء الثانى، قائلا: «إن الدكتور كروس يمثل مؤسسة سينمائية ألمانية مشهورة «سينماتوغرافية»، ونال موافقة الرئيس التركى على إنتاج فيلم إسلامى ضخم كدعاية مشرفة للدين الإسلامى الحنيف، وعظمته وسمو تعاليمه، تشارك الحكومة التركية فى نفقاته باسم «محمد رسول الله»، وأعد السيناريو، وصرحت بتصويره لجنة من كبار علماء الإسلام فى «استنابول»، ويظهر فى الفيلم النبى محمد عليه الصلاة والسلام، ويتم تصوير مناظره الخارجية فى صحراء السعودية، وأقترح أن أرسم شخصية النبى».

 

يذكر سمير فريد، أن يوسف وهبى وافق على القيام بدور النبى، بل وقع عقد التمثيل فى السفارة الألمانية مقابل عشرة آلاف جنيه «لاحظ ضخامة هذا المبلغ عام 1926»، لكن وما إن نشر الخبر فى الصحف حتى ثار رجال الأزهر، وثار معهم الرأى العام، وظهرت فى الصحف فتوى من شيخ الأزهر تنص على أن الدين يرحم تحريما باتا تصوير الرسل والأنبياء ورجال الصحابة رضى الله عنهم.. يضيف «فريد» نقلا عن «وهبى»: بعث إلى الملك فؤاد تحذيرا قاسيا مهددا إياى بالنفى وحرمانى من الجنسية المصرية، وهذا لم يمنع من إنتاج الفيلم وقام بالدور ممثل يهودى.

 

يعتبر «فريد» أن هذه المعركة أولى معارك الرقابة على السينما فى مصر، ويقدم وثائقها كاملة كما نشرتها الأهرام، ومجلة المسرح، لصاحبها ورئيس تحريرها محمد عبدالمجيد حلمى، من 17 مايو إلى يونيو 1926، وكان لها السبق فى الكشف عن الموضوع، حيث نشرت بعددها، 17 مايو، مثل هذا اليوم 1926، وفى «باب فن» تحت عنوان «فى النهاية»، قائلة على لسان صاحبها ورئيس تحريرها: أظن القراء عرفوا من العدد الماضى أن شركة «سينماتوغرافية» حضرت إلى مصر، وأنها تحاول أن تتفق مع بعض الفرق المصرية لتمثيل بعض الروايات، واليوم نقدم للقراء البيان التالى:

 

اتفق «وداد عرفى بك» مع نجيب أفندى الريحانى على أن يمثل له حلقة من حياة «جحا»، واتفق مع يوسف وهبى على أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس، حيث يمثل للشركة رواية «النبى محمد»، ويشترك نجيب أفندى الريحانى فى تمثل هذه الرواية، فيقوم بتمثيل دور «معاذ»، وقد أخذ يوسف وهبى يستعد لإخراج دوره، وصنع لنفسه صورة فوتوغرافية للشكل الذى ابتدعه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهى صورة لا تختلف عن صورة «راسبوتين» التى صنعها يوسف فى كثير أوقليل، «راسبوتين» الجاسوس الدنىء والدجال وزير النساء.

 

تضيف مجلة المسرح، على لسان رئيس تحريرها محمد عبدالمجيد حلمى: «أنا لم أكن رجلا دينيا، ولا درست قواعد الدين الإسلامى وأوصاف الرسول، إلا أن يوسف وهبى ذا المزاج الجنونى والحركات التشنجية والعيون الشهوانية، الذى يلوح التبذل والاستهتار فى منظره العام، لا يصلح مطلقا لتمثيل هذا الدور الذى يحتاج إلى وقار الرسل، وجلال الأنبياء، وهيبة الصلاح ورزانة التقوى، ثم هناك الناحية الدينية، ما رأى علماء الدين الأجلاء فى هذا العمل؟ إلى فضيلة مولانا الشيخ المفتى الأجل نرفع هذا السؤال، هل يسمح الدين لشخص ما أن يتعدى إلى مقام النبوة الإسلامية فيعبث بها، ويقدمها للعالم أجمع فى صورة شوهاء؟ وما مبلغ علم يوسف وهبى بالدين وأخلاق النبى عليه السلام، وصفاته وعوائده حتى يقدم على إبراز شخصيته؟ ألا يعد هذا استهزاء مؤلما، ثم هو إهانة جارحة لكل المسلمين، ليس من شأنى أن أجيب على هذا، وإنما أنا أنبه علماء الدين الأجلاء إلى موضع الخطر من هذا العمل، وعليهم أن يقوموا بواجبهم، ويقفوا ضد هذا العمل الخطر، وفى اعتقادى أن من يقدم على الاستهزاء بمقام النبوة يعد خارجا على الدين الإسلامى مارقا من السنة النبوية مروقا تاما.. على كل حال سنرى ما يكون فى النهاية».

 

أحدث ما كشفته مجلة المسرح من أسرار حول هذه القضية ضجة كبيرة، تحرك فيها الأزهر ووزارة الداخلية، وتلقت «الأهرام» يوميا مقالات غاضبة من قراء، وردودا من يوسف وهبى، فماذا عن كل ذلك.. وكيف انتهى الأمر؟


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع