سعيد الشحات يكتب:ذات يوم..4سبتمبر 1978 السادات يغادر الإسماعيلية فى طريقه إلى كامب ديفيد.. ووزير الخارجية محمد إبراهيم كامل يرفض دعوة بالانضمام للحزب الوطنى

حضر الوزراء وكبار رجال الدولة إلى مطار «أبوصوير» الحربى بالإسماعيلية لوداع الرئيس السادات، يوم 4 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1978.

كان السادات فى طريقه إلى أمريكا لعقد قمة ثلاثية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين، والرئيس الأمريكى جيمى كارتر، فى منتجع «كامب ديفيد»، وهى القمة التى زار وزير الخارجية الأمريكى سايروس فانس القاهرة بشأنها، واتفق عليها مع السادات فى لقائهما يوم 7 أغسطس 1978، حسبما يؤكد محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية المصرية وقتئذ فى مذكراته «السلام الضائع».

 

كان «كامل» ضمن الوفد المرافق للسادات بوصفه وزيرا للخارجية، ويذكر فى مذكراته أنه وصل مع باقى أعضاء الوفد إلى مطار «أبوصوير» فى الساعة العاشرة من صباح 4 سبتمبر لانتظار الرئيس السادات عند وصوله من السويس، حيث أدى صلاة عيد الفطر فى اليوم السابق، ويضيف: «أقيم صوان كبير ليحمى الزائرين الذين حضروا لوداع الرئيس من الشمس والحرارة وبينهم كبار رجال الدولة والجيش وعدد كبير ممن أعلنوا انضمامهم للحزب الوطنى الديمقراطى الذى شكله الرئيس السادات».

 

يكشف «كامل» عن نقاش حدث معه أثناء انتظاره لانضمامه إلى الحزب الوطنى مثل باقى زملائه من الوزراء.. يقول: «قبل وصول الرئيس حضر لى محمد ماهر محمد على المحامى، ومنصور حسن وزير الإعلام والثقافة فيما بعد، وكلاهما كانا ممن عهد إليهما السادات بدور تنفيذى فى تنظيم حزبه الجديد، وسألانى: متى ستنضم للحزب؟.. فقلت إننى لن أنضم إليه، فقال ماهر محمد على: ولكنك وزير الخارجية، فقلت: ولقد كنت كذلك قبل إعلان تشكيل الحزب، فصاح ماهر محمد على: ولكنك كنت عضوا فى الحزب الوطنى القديم «أسسه الزعيم مصطفى كامل» وأنت فى فجر شبابك فكيف لا تنضم للحزب الوطنى الجديد وأنت صديق الرئيس؟ «يقصد أن كامل والسادات كانا متهمين فى قضية اغتيال أمين عثمان يوم 5 يناير 1946، وحصلا على البراءة».

رد كامل: هذا صحيح ولكننى لم أعد من أعضاء الحزب الوطنى القديم، لأننى خالفت مبادئه التى تنادى بأنه لا مفاوضة إلا بعد الجلاء، وها أنا كما ترى فى طريقى إلى كامب ديفيد للتفاوض قبل أن يتم الجلاء.

 

يصف «كامل» رد الفعل: «عقدت الدهشة لسان ماهر محمد على ونظر إلى متشككا فى رجاحة عقلى»، ويضيف: «الواقع أننى بعد أن عينت وزيرا للخارجية ألمح لى مرة ممدوح سالم رئيس الوزراء ورئيس حزب مصر - الذى أوعز الرئيس للحكومة بتشكيله بعد التصريح بتشكيل الأحزاب - أمام الرئيس بالانضمام إلى حزب مصر وقلت له وقتها: إننى أعتبر نفسى فى مهمة قومية فوق الأحزاب، وبعدها كان فؤاد محيى الدين سكرتير عام الحزب يرسل لى بصفة دورية دعوة للانضمام وبها الاستمارة الخاصة بذلك، ولكننى كنت أهمل الرد»، ويذكر أنه فور إعلان السادات عن تأسيس حزبه الجديد «الوطنى» انتقل إليه كل أعضاء حزب «مصر العربى الاشتراكى» برئاسة ممدوح سالم بنوابه فى البرلمان والوزراء كما استولى على مقراته.

 

يتحدث «كامل» بعد ذلك عن باقى تفاصيل السفر إلى «كامب ديفيد» قائلا: «لم يلبث أن وصل الرئيس بصحبة السيدة زوجته «جيهان» وبعض أولاده وحفيده، حيث سبقوه إلى ركوب الطائرة، أما هو فتبعهم بعد أن صافح طابور المودعين الطويل الذى امتد من باب الصوان حتى مدخل الطائرة».. يضيف: «توجهت بعد ذلك إلى مقعدى فى الطائرة وربطت حزام الأمان وشرعت فى قراءة صحف الصباح».

 

نزل السادات فى باريس وفى قصر «مارينيه» وزاره الرئيس الفرنسى جيسكار ديستان، فى قصر الضيافة وهى مجاملة عن العرف المألوف، ودعاه إلى العشاء، وتناول باقى الوفد العشاء فى وزارة الخارجية.. يؤكد «كامل»: «وضح لنا من المناقشات أن الجانب الفرنسى كان مفرطا فى التشاؤم من أن يؤدى مؤتمر القمة فى كامب ديفيد إلى أية نتائج إيجابية، وبنوا تقديراتهم على أساس قناعتهم بأن «مناحم بيجن» لن يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه المتصلبة، وأن الرئيس كارتر ليس فى وضع يسمح بممارسة ضغط فعال على إسرائيل، كما كان الفرنسيون مشفقين من التشتت والانقسام الذى حاق بالدول العربية منذ مبادرة السادات «السفر إلى إسرائيل 19 نوفمبر 1977».

 

بعد ظهر يوم 5 سبتمبر 1978 أقلعت الطائرة بالسادات من فرنسا إلى كامب ديفيد. 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع