أخبار عاجلة

رغم السنوات.. فضيحة جديدة تثير التوتر بين الدنمارك وجرينلاند.. حملة حكومية فى الستينيات لتحديد نسل فتيات "الإسكيمو" رغما عنهن.. نواب جرينلاند يصفونها بالإبادة الجماعية.. وقضية إبعاد الأطفال عن أسرهم تعود للظهور

بودكاست جديد أطلقته الإذاعة العامة الدنماركية، أيقظ النيران في رماد فضيحة تعود للستينات، بطلها كانت دولة الدنمارك المتهمة حاليًا بانتهاك حقوق الإنسان، وإجبار نساء وفتيات شعب الإسكيمو أو الإنويت الموجودين على جزيرة جرين لاند، على زرع "لولب" داخل أرحامهن، بالإضافة إلى اختيار مجموعة من الأطفال وإبعادهن عن أسرتهن لسنوات طويلة.


نجا ليبرث

 

فبين عامي 1966 و1975 زرع الأطباء الدنماركيون أجهزة داخل الرحم في نصف نساء السكان الأصليين في جرينلاند لوقف نمو السكان الأصليين، دون الحصول على موافقتهن، فيما يسمى بالحملة الحلزونية والتي أدت إلى انخفاض بنسبة 50٪ تقريبًا في عدد الأطفال المولودين في جرينلاند في السبعينيات.

 

وجرينلاند هي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل مملكة الدنمارك وتعتمد على كوبنهاجن لإدارة العملة والعلاقات الخارجية والدفاع، فضلاً عن تقديم دعم سنوي كبير، وقد انتقلت جرينلاند من مستعمرة إلى إحدى مقاطعات الدنمارك في عام 1953.

 

حكومة الدنمارك وجرينلاند اتفقتا رسميًا على بدء تحقيق لمدة عامين في ممارسات تحديد النسل التاريخية التي نفذها أطباء دنماركيون لسنوات عديدة على  شعب الإنويت. 

 

وتم تشكيل لجنة لفحص ممارسات منع الحمل التي نفذتها السلطات الصحية الدنماركية بين عامي 1960 و 1991 ، في كل من جرينلاند والمدارس في الدنمارك مع طلاب من جرينلاند.

 

ويروي بودكاست DR  قصة كيف أجبرت آلاف الفتيات والنساء في جرينلاند إلى حد ما على إدخال وسائل منع الحمل اللولبية من عام 1966 إلى منتصف السبعينيات .   

 

وتشير الحملة على مواقع التواصل الاجتماعى  إلى أن ما يصل إلى 4500 امرأة وفتاة  تم زرع اللولب الرحمي في جرينلاند بين عامي 1966 و 1970، دون موافقتهم، حيث تم تزويد  نساء وفتيات الإنويت بجهاز داخل الرحم (IUD) ، المعروف باسم اللولب ، خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وهي وسيلة منع حمل توضع داخل الرحم   لمنع الحمل.

 

وأكد مجلس جرينلاند لحقوق الإنسان،  بأن الدولة الدنماركية ربما تكون قد ارتكبت انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان من خلال الحملة.

حيث  قال المتحدث باسم المجلس في بيان صحفي: "نشعر بالصدمة لحدوث إدخال منهجي للأشكال الحلزونية في فتيات ونساء جرينلاند دون موافقة".

 

وكان من بين المتضررين فتيات لا تتجاوز أعمارهن 12 عامًا، وصرح العديد علنًا أنه لم يتم إبلاغهن بشكل صحيح، حيث تشك بعض النساء غير القادرات على إنجاب الأطفال في أن اللولب هو السبب.

 

كما قالت ارنانجيج بولسن، إنها كان لديها لولب تم تركيبه عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها ، ليس في جرينلاند ولكن على الأراضي الدنماركية، حيث كانت تدرس في مدرسة داخلية لأطفال جرينلاند في جزيرة بورنهولم عام 1974.

 

وقالت: إنها عانت من الألم نتيجة إجراء عملية "زرع اللولب" عندما كانت مراهقة،  ولم يسألوني قبل الإجراء، ولم يكن لدي أي فكرة عما يدور حوله الأمر، أو ما هو اللولب، ولم يكن بإمكانى السفر إلى المنزل مرة واحدة فقط في السنة  وبالتالي لم أستطع استشارة والدى.

 

من بين النساء والفتيات اللواتي تم تركيب اللولب كانت نجا ليبرث،  والتي صرحت في البودكاست الذى تداولته وسائل الإعلام : في سبعينيات القرن الماضي ، قال طبيب لنجا ، التي تعتقد أنها كانت تبلغ من العمر حينها 13 عامًا ، أن تذهب إلى مستشفاها المحلي لزرع "لولب" بعد الفحص الطبي الروتيني في المدرسة.

 

تقول نجا : لم أكن أعرف حقًا ما هو  ذلك لأنه لم يشرح أو يحصل على إذني، وكنت خائفة، ولم أستطع إخبار والديّ، كما كنت عذراء.  

 

وفى بيان له قال وزير الصحة الدنماركي ماجنوس هونيك: إن التحقيق سيسلط الضوء على القرارات التي أدت إلى هذه الممارسة وكيف تم تنفيذها، مشيرًا إلى أنه  التقى بالعديد من النساء المتضررات ، قائلًا: الألم جسديًا وعاطفيًا الذي تعرضن له لا يزال موجودًا حتى اليوم. 

وقالت وزيرة الصحة في جرينلاند، ميمي كارلسن: إن إشراك جرينلاند في التحقيق ضروري لمعرفة حقيقة ما حدث.

 

ويأتي ذلك في أعقاب الخلافات الأخرى التي شهدت تدقيقًا متزايدًا في علاقة الدنمارك السابقة بجرينلاند، ففي مارس اعتذرت الدنمارك ودفعت تعويضات لستة  من شعب الاسكيمو أو الإنويت قد انفصلوا عن عائلاتهم وأرسلوا إلى الدنمارك كجزء من التجربة الاجتماعية   في الخمسينيات من القرن الماضي.

 

وخلال الصيف، صوت برلمان جرينلاند لتشكيل لجنة منفصلة لفحص إنهاء الاستعمار في الدنمارك بعد عام 1953.

 

 كما طالب ستة من سكان جرينلاند الأصليين الذين تم أخذهم كأطفال إلى الدنمارك في تجربة اجتماعية  عام 1951 بتعويض من الدولة الدنماركية. 

 

وهم الأعضاء الباقون على قيد الحياة من مجموعة مؤلفة من 22 طفلاً تم إبعادهم من منازلهم ليتم تعليمهم على أنهم دنماركيون صغار، وعندما   عادوا لاحقًا إلى جرينلاند ، تم وضعهم في دار للأيتام ، ولم ير الكثير منهم عائلاتهم مرة أخرى.

 

ويريد كل من الناجين الستة 28200 جنيه إسترليني ، كما يقول محاميهم.

قالت هيلين ثيسين، إحدى الأطفال، التي روت قصتها لبي بي سي: إن الاعتذار يعني كل شيء.

 

القصة بدأت  عام 1951 عندما قررت السلطات الدنماركية، أن إحدى طرق تحديث جرينلاند تتمثل في إنشاء نوع جديد من شعب الاسكيمو، حيث طُلب من المعلمين والكهنة تحديد الأطفال الذين يمكن إعادة تعليمهم ومنحهم "حياة أفضل" في البر الرئيسي للدنمارك ، ثم العودة ليكونوا قدوة في العلاقات بين جرينلاند والدنمارك.

 

وقالت هيلين ثيسين التي كانت في  السابعة من عمرها  إن والدتها ، التي تُركت وحدها مع ثلاثة أطفال بعد وفاة والدهم ، أخبرتها أن الدنمارك "مثل الجنة تمامًا، فلا داعي لأن تحزن" .

وحُرم الأطفال عند وصولهم من الاتصال بأقاربهم، وواجهوا صعوبات في اللغة الدنماركية - الجرينلاندية ، كما تم وضعهم في دور رعاية.

 

واكتشفت هيلين سبب اقتيادها فقط في عام 1996 عندما كانت تبلغ من العمر 52 عامًا ، ولم تعيد بناء علاقتها مع والدتها أبدًا.

 

وقالت إنها تحدثت مع بعض الأطفال الآخرين في بعض الأحيان وإنهم "شعروا بالخسارة وانعدام الثقة بالنفس".

 

وكانت ردود الفعل على البودكاست قاسية، حيث أطلق عليها اسمها: إبادة جماعية وقال النائب عن جرينلاند في الدنمارك أكي ماتيلدا هويج دام لموقع اي جي: إن حملة اللولب تندرج تحت تعريف الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لجريمة "فرض تدابير تهدف إلى منع المواليد داخل المجموعة".


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع