"حلويات على الأسفلت".. ستات المدبح الجدعة ينظفن الكرشة والممبار وزبائنهن من الغلابة.. "أم خالد" سلاحها الطشت والجردل.. و "نحمده" تلقب نفسها بـ"جزارة البسطاء".. و5000 جنيه المكسب من الموسم للموسم


إسراء عبد القادر

إذا أخذتك قدماك للمنطقة المحيطة بمدبح السيدة زينب، ستجد نفسك وكأنك تخترق عالما غريبا من نوعه له طقوسه وتقاليده الخاصة، فبمجرد وصولك لمنطقة المدبح تنظر بعينيك بعيداً لترى مجموعات من النساء يفترشن الأرض أمامهن "الطشوت والجرادل" يجلسن منهمكات بكل ما يمتلكن من تركيز لإتمام مهمة تنظيف "الممبار والكرشة" على أكمل وجه.

كريم عبد العزيز (4)

شارع المدبح

 

إذا كنت واحداً من المارة العاديين فى هذا الشارع من الممكن أن يصيبك الاندهاش من تلك المرأة التى تجلس بهذا الشكل على الطشت، تقترب لتتحدث مع " أم خالد" التى تجاوز سنها ال60 عاما، فتجدها امرأة مصرية "قوية" عصبت رأسها بالإيشارب الأحمر واتخذت من الأقراط بمختلف الأحجام والألوان وسيلة لتمييز شكلها ولتصبح من أبرز العلامات المميزة فى منطقة مدبح السيدة زينب.

كريم عبد العزيز (2)
أم خالد مع محررات اليوم السابع

تتحدث أم خالد ل"اليوم السابع"، عن مهنتها التى لا تعرف سواها منذ نعومة أظافرها فكما تقول" فتحت عينى عالدنيا لقيتنى بشتغل كدة.. وهو دة مصدر رزقى الوحيد"، وتكمل أم خالد حديثها متحدثة عن موسم عيد الأضحى قائلة: أنا بشتغل طول السنة، الرزق بيزيد فى العيد أه.. بس دى شغلتى اللى معرفش غيرها"

وتتحدث أم خالد بنبرة غلب عليها الخوف على مصدر الرزق والشكوى عن الوضع الجديد الذى فرضه الحى بعكس ما كان يحدث كل عام، حيث إنها دفعت 1600 جنيه من أجل الجلوس بهذا الشكل فى الأيام التى تسبق أول أيام العيد، طالبة من الحكومة أن تتركها وزميلاتها من نفس المهنة يبحثن عن مصدر رزقهن الوحيد منذ نعومة أظافرهن.

كريم عبد العزيز (1)
نحمده ذكى مع محررات اليوم السابع

تتجول فى المشهد المحيط بك الملىء بالنساء اللاتى يفترشن الأرض منشغلات فى تنظيف اللحوم، لتجد نفسك قد دخلت فى حديث" من القلب للقلب" مع "نحمده ذكى صاحبة ال55 عام، والتى جذبتك للحديث معها بضحكتها الصافية ووجهها الذى يحمل علامات السنين .

تتحدث نحمده ل"اليوم السابع"، عن مهنة تنظيف وبيع "الممبار والكبدة والكرشة"، والتى تعمل بها منذ أن كان عمرها 6 سنوات فقط، وتتحدث بكل فخر أنها وحدها هى التى قامت بتعليم نفسها مهنة التنظيف بمتابعتها لأكبر أخواتها والتى تعمل أيضاً فى نفس المهنة.

وتكمل نحمده حديثها بوجه يشع رضا وصفاء، لتخبرك أنهن نسوة لا يردن إلا البحث عن "لقمة عيش حلال" ويجلسن فى هذا المكان منذ سنوات طويلة بدلاً من الذهاب إلى المنطقة المحيطة بالمجزر الآلى، واللاتى يواجهن فيه الكثير من العقبات من سكان تلك المنطقة وقلة الزبائن فيها.

أما عن زبائنها فتقول نحمده أنها"جزار البسطاء"، حيث يعتبر البسطاء هم زبائنها والذين يقبلون على شراء تلك الأكلات بدلاً من اللحوم وأسعارها الغالية، وعن موسم عيد الأضحى تقول نحمده إنها تبدأ يومها خلال تلك الفترة بتنظيف ما لديها من كبدة وكرشة وممبار"بخليهم زى الفل".. هكذا تسوق نحمده لبضاعتها وتجلس طوال اليوم تنتظر من يأتى لها لشراء بضاعتها"الطازجة"، تخرج نحمده من موسم العيد واحدة من أكثر الفائزات بإيراد يزيد عن 5 آلاف جنيه تصرف منها لفترة طويلة بعد انقضاء موسم العيد.

أم خالد ونحمده بعض النماذج للنسوة اللاتى يعملن فى تلك المهنة طوال العام، ولكن هناك الكثير من النساء اللاتى اخترقن عالم "الحلويات على الأسفلت" وليس فى موسم العيد فقط، ولكنه باب رزق لهن طوال العام.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع