حيثيات حكم إعدام المتهمين بقضية "حرق ملهى ليلى" بالعجوزة.. المحكمة تستند لأقوال الشهود والاعترافات.. وتؤكد: الطب الشرعى أثبت وفاة 17 عاملا بإسفكسيا الاختناق.. وترد على دفوع المحامين:"المتهم مسئول عن نتائج فعله"


كتب أحمد الجعفرى

عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحاً، ترجل 4 شباب من دراجتين بخاريتين، واقتربوا بخطوات ثابتة وسريعة نحو "ملهى ليلى" بمنطقة العجوزة، ألقوا زجاجتين مولوتف على واجهته، وعادوا مسرعين إلى الدراجات البخارية، وانطلقوا لاذين بالفرار، وقبل أن يتوارى الملهى عن أعينهم أطلقوا عيار نارى من فرد خرطوش، وكان آخر أثر لهم فى المكان، لم تمر سوى ثوان معدودات حتى اشتعلت النيران بمدخل الملهى بالكامل وحالت دون هروب العاملين به والنجاة بأنفسهم، تصاعدت أبخرة الدخان بالداخل، ومع ضعف التهوية بالمكان وانغلاقه التام، انتشر غاز أول أكسيد الكربون، الذى كان بمثابة "عزارائيل" الذى جاء ليحصد أراوح 17 عاملاً بالملهى، توفوا نتيجة استنشاقه فماتوا بإسفكسيا الخنق.

 

وبعد مرور عامين تقريباً على حادث مقتل 17 عاملاً داخل "ملهى الصياد" الليلى بمنطقة العجوزة بشمال الجيزة، والتى وقع فى الـ4 من ديسمبر لعام 2015، أودعت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار جلال عبد اللطيف، حيثيات حكمها القاضى بالإعدام شنقاً على المتهمين الأربعة المتورطين فى الحادث، وهم كلاً من محمد عبد الرحمن تركى، وشهرته "المجنون"، ومحمد جمال محمد أبو اليزيد، وشهرته "ميكى"، ومحمد عماد محمد على، وشهرته "حماصة"، وأخيراً محمود سعدى على أحمد.

 

المحكمة تستند إلى أقوال الشهود الأربعة وضابط الواقعة مجرى التحريات

استندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى اعترافات المتهمين التفصيلية التى أدلوا بها أمام جهات التحقيق بالجيزة، والتى شهدت تطابقاً كاملاً فى الأقوال بين المتهمين الأربعة، وتمثيلهم الجريمة وكيفية ارتكابهم الواقعة تفصيلياً، والتى جاء فى مجملها، أنهم تربطهم علاقة صداقة مع بعضهم البعض، وانهم اجتمعوا على رد إهانة مدير الملهى الليلى والذى رفض استضافتهم بالملهلى فى الليلة السابقة لللية التى شهدت تنفيذهم الجريمة، وأنهم أعدوا عدة سيناريوهات للانتقام منهم، واستقروا فى نهاية المطاف على إحراق واجهة "الملهى"، وأنهم أعدوا فى سبيل ذلك زجاجتين "مولوتوف" ملؤها بمادة "الكيروسين" المشتعلة، وألقوها على واجهة الملهى، ومن ثم أطلق أحدهم النيران من سلاح خرطوش تجاه الملهى، وفروا هاربين.

 

حريق ملهى العجوزة
حريق ملهى العجوزة

 

أحد شهود الإثبات: المتهمون حرقوا الملهى وقالوا: "علشان ما تدخلوناش المحل تانى"

كما استندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى أقوال شهود الإثبات ومن بينهم ممدوح محمود طلب تركى عامل بالمهلى، والذى قال إنه شاهد المتهمين الأربعة قبل الواقعة داخل الملهى، وأنهم كانوا يتجادلون مع مدير الملهى الذى طردهم لعدم التزامهم بتعليمات الأمن، فخرجوا جميعاً والغيظ يملأ نفوسهم، وبعد فترة وجيزة فى الخامسة من صباح اليوم التالى عادوا مرة أخرى، وكان هو خارج الملهى، حيث توجه لشراء مشروب لأحد الزبائن، شاهدهم تلك المرة يستقلون دراجتين بخاريتين وألقوا زجاجتين مولتوف على الملهى مما أدى لاشتعال النيران به، وفروا هاربين قائلين: "علشان تعرفو إزاى متدخلوناش المحلى تانى"، وهو ما أكده أيضاً شاهد الإثبات الثانى السيد شبل السبد عبد السلام، وتوافقت مع أقوال الشاهد الرابع محمد مصطفى عبد السلام.

 

ملهى العجوزة
ملهى العجوزة

 

مدير الملهى: المتهمون هددونى بحرق الملهى ونفذوا بعد ساعات من تهديدهم

واستندت المحكمة أيضاً إلى شهادة حسين حسن رمضان مدير ملهى العجوزة الليلى، والذى أكد أنه سمع صوت زميله الشاهد الثانى السيد شبل، وهو يتشاجر مع بعض الأشخاص، بسبب أسعار المشروبات، وحينما توجه إليهم، فوجئ بهم يرفضون دفع أى مبالغ، فرفض بقائهم فى الملهى، بعدها أنصرفوا، وعاد المتهمون مرة أخرى يوم 4 ديسمبر 2015 فى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وطلبوا الدخول ولكنه رفض وطلب من الأمن منعهم، فهددوه بأنهم سيعودون مرة أخرى وسيدخلون الملهى، بعد إضرام النيران به، وانتهى العمل فى السادس صباحاً، وانصرف إلى بيته، وعلم فيما بعد بإحراق الملهى.

 

واستندت المحكمة إلى شهادة الرائد أحمد مجدى توفيق رئيس مباحث العجوزة، والذى أكد أنه تبلغ له فى حوالى الساعة السادسة والثلث صباح يوم الرابع من ديسمبر 2015_يوم وقوع الحادث_، بوقوع حريق بملهلى الصياد السياحى بمنطقة العجوزة، بفعل فاعل، ارتكبوا أشخاص كانوا يستقلوان دراجات بخارية، وأنهم أشعلوا النيران فيه، بواسطة زجاجات مولوتوف واطلقوا الأعيرة النارية تجاه الملهى، ما أسفر عن وفاة 16 شخصا من العاملين بداخله، وبعد مناقشة الشهود وجمع المعلومات والتحريات، توصل لهوية المتهمين الأربعة المتورطين فى الحادث، وتم القبض عليهم.

 

 

المتهمين بحرق ملهى العجوزة الليلى
المتهمين بحرق ملهى العجوزة الليلى

 

التقارير الطبية والمعملية ونتائج المعاينة أحد دلائل المحكمة لإدانة المتهمين

ومثلت مناظرة النيابة العامة لجثامين المجنى عليهم السبعة عشر، وما تضمنته التقارير الطبية الخاصة دليل هام استندت إليه المحكمة فى حيثياتها، حيث أشارت إلى خلو جثامينهم من أى أصابات حيوية تشير إلى حدوث عنف جنائى، وأن وفاتهم نتيجة إسفكسيا الاختناق باستنشاقهم غاز أول أكسيد الكربون المتصاعد من الحريق، وما صاحب ذلك من فشل فى وظائف الجهاز التنفسى وتوقف عضلة القلب لكل من المجنى عليهم، فضلاً عن معاينة المعمل الجنائى والنيابة لمكان الحادث، والتى أثبتت أن الحريق نشب نتيجة إلقاء عبوات مشتعلة تحتوى على مادة قابلة للاشتعال، وتركزت أثاره بأرضية وجدارية مدخل الملهى، وامتدت النيران لتشمل باقى ساحة المكان ومحتوياته، وانتشرت الترسبات الكربونية الكثيفة بمحتويات ومكونات المكان بالكامل.

 

وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها: "حيث إنه ثبت من تفريغ النيابة لتسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة على واجهة شركة "جولدن" للتوزيع المواجهة للملهى، ظهور المتهمين الأربعة جميعاً بمسرح الحادث حال التنفيذ وأن الافعال الثابتة بإقرارهم بالتحقيقات، سجلتها الكاميرات، كما تبين ظهور الشاهد ممدوح تركى بمكان الواقعة حال ارتكاب المتهمين لها، وهو ما يتسق مع ما جاء بالأقوال، وحيث إنه وفقاً لتقرير المعمل الجنائى بأن السلاح النارى المضبوط بحوزة المتهم محمود سعيد على هو سلاح نارى عبارة عن خرطوش بماسورة غير مششخنة وهو كامل وسليم وصالح للاستعمال، والذى أقر المتهم المذكرو باستعماله واستخدامه فى الحادث.

 

7


 

المحكمة ترد على دفوع المتهمين وتفندها

وردت المحكمة فى حيثيات حكمها على دفوع المحامين الموكلين للدفاع عن المتهمين الأربعة، والذين دفعوا بانقطاع علاقة السببية بين الحريق ووفاة المجنى عليهم، وانتفاء القصد الجنائى لدى المتهمين وتناقض أقوال شهود الاثبات، وعدم كفاية التحريات وعدم جديتها، واعتمادها على أقوال مدير الملهى وبطلان اعترافات المتهمين، وفندتها جميعاً بأن المتهم مسئول عن جميع النتائج المحتملة لفعله متى كان فى مقدوره أو من واجبه أن يتوقع حصوله، وأن القصد الجنائى لفعل الحرق يتحقق متى تعمد الجانى وضع النار فى الشئ المملوك للغير، وأن التحريات الجدية هى التى تقود مأمور الضبط القضائى لمرتكبى الواقعة الحقيقين، وهو ما حدث من خلال ضبط المتهمين فى الواقعة.

 

10
 

الحكم

بعد اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت فى الدعوى والسابق إيرادها بالتفصيل فى الحيثيات، فقد ثبت لها على وجع القطع والجزم واليقين، أن المتهمين اضرموا النيران عمداً فى منبى ليس مملوك لهم "مطعم وملهى الصياد"، مما أسفر عن موت 17 شخص، وأحرزوا وحازوا بواسطة المتهم الأول أدوات تستخدم فى التعدى وزجاجتين مولوتوف، وأحرز المتهم الثالث سلاح نارى خرطوش "غير مشخشن"، وبعد الاطلاع على مواد القانون حكمت المحكمة حضورياً وبإجماع الأراء بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً ومصادرة السلاح النارى المضبوط وألزمتهم بالمصاريف الجنائية، وبإحالة الدعاوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.

 

18

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع