اللواء أحمد كمال المنصوري "لصوت بلادي" :لقبتني اسرائيل بالطيار المجنون وتم عمل فيلما تسجيليا عن عملية الست فانتومات كاملة

اللواء أحمد كمال المنصوري "لصوت بلادي" :لقبتني اسرائيل بالطيار المجنون وتم عمل فيلما تسجيليا عن عملية الست فانتومات كاملة
اللواء أحمد كمال المنصوري "لصوت بلادي" :لقبتني اسرائيل بالطيار المجنون وتم عمل فيلما تسجيليا عن عملية الست فانتومات كاملة

اللواء أحمد كمال المنصوري " لصوت بلادي :

ألقيت عمرو ابني من الطائرة وكسرت قدمة .. لهذه الاسباب !!!

كرمني الرئيس السيسي هذا العام وكنت معه برحلته الي فرنسا وروسيا

حوار : رشا لاشين

 

حير العالم بجرأته وثقته وذكائة وايمانه .. الثقه بالله تصنع المستحيل .. اصبح من وقتها اشهر طيار في العالم .. اطلق عليه العدو الاسرائيلي " الطيار المجنون "من منطلق الحقد والسخريه بعدما كانت طائرته تسقط بطريقه عموديه علي بعد ثلاثه الاف قدم اخذت منحي اخر لتطلق صاروخا علي الفانتوم الاسرائيلي بعدما ظنوا انها اخر تحليقه للفارس .. انه اللواء "أحمد كمال المنصوري " من فرسان وابطال حرب اكتوبر المجيده .. تخرج في الكليه الجوية قبل نكسة 1967.ومن جرحي حرب اكتوبر ومصابي العمليات الحربية مرتين اثناء الحرب . قائد تشكيل مقاتلات في حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر ..اسقط طائرة اسرائيليه فانتوم في اطول معركة جوية استمرت 13 دقيقه بصاروخ انطلق من طائرة ميج 21.. رصيد طلعاته الجوية 52 طلعه جوية منذ بداية النكسة ثم حرب الاستنزاف الي حرب اكتوبر واخرها كانت يوم 24 اكتوبر1973 في منطقة العين السخنه وهذا هو العيد القومي لمحافظة السويس .. كما انه حصل علي وسام الشجاعه والواجب والتدريب وميدالية جرحي الحرب مرتين ووسام النجمه العسكرية ..كما كرمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الذكري الاربعين لنصر اكتوبر  كان ل" صوت بلادي " شرفا للحوار معه الذي كان كالتالي :

س : هل بحكم التربيه العسكريه التي نشأت عليها كان لها سببا في دخولك كلية الطيران ام انه كان حلما وشغفا منذ الطفولة ؟

ج : خلقت لأكون طيارا ومعجب جدا ان يحلق النسر منفردا باستمرار وهذا كان هدفي وأملي منذ الطفولة عندما كنت طفلا في روضة اطفال الأمير عبد المنعم في مصر الجديدة .. اتذكر زملاء الروضة جيدا كان يجلس بجواري طفل فلسطيني اسمه عثمان ابولبن من عرب 48.. اخذت اسرائيل بيوتهم واراضيهم بعد مصيبة 1948 والتقسيم الذي حدث في ذلك الوقت .. بينما يجلس علي يميني طفل مصري  يهودي اسمه " صفوت شلهوب " وفي المقعد الامامي لي كان يجلس طفلا اسمه " حسن مرقص" وهو اسمه هكذا ليس له علاقة بقبطية الاسماء فوالداه اسماه حسن .. وكان الاساتذة يطلقون علينا أحمد ومرقص وكوهين .. كوهين ترك مصر هو واهله اثناء العدوان الثلاثي عام 1956.. وظل معي صديقي حسن .. قبل ان يسافر الطفل اليهودي هذا اقنعني انه سيجعل والده يعلمني الطيران وان والده طيار ومقابل ذلك لابد ان اعطية تعريفه كل يوم .. علي مدي شهر كنت اعطيه مصروفي مقابل تنفيذ وعده لي وكنت ايضا اعطيه سندوتشاتي .. حكيت لوالدتي ما حدث ونصحتني ان ابتعد عنه لانه سيستولي علي ماهو اكبر من المال مثلما استولي اجداده علي ارض اخواتنا الفلسطينيين وهجروهم من ارضهم واخذوا بيوتهم ومن يومها تعلق حبي بالسماء .. في عام 1952 كان ابي من الضباط الاحرار الذين قاموا بالتحفظ علي الوزراء  وخاصة حيدر باشا وزير الحربيه انذاك وكان خال المشير عبد الحكيم عامر وساهم في نجاح الثورة المصريه وانه افهم الملك فاروق انها مجرد زوبعه في فنجان وكان هذا تسكين لغضب الملك الشديد حتي نجحت الثورة وبدات الطائرات تحلق في مطار الماظة احتفالا بنجاح الثورة وشتان ما بين تحليق الطائرات في ثورة 1952 ونكسة 25 يناير ومن يومها تعلقت عيناي بالسماء وعندما جاء العدوان الثلاثي الغاشم علي مصر عام 1956 رايت الطائرات الميسترال الفرنسيه تحلق في سماء بلدي ومعها الطائرات الانجليزيه والاسرائيليه  .. وكان بيتنا بجانب مطار الماظة  وزاد تصميمي علي الانتقام من اليهود وتذكرت زميل الروضه اليهودي الذي سرقني بأن أحقق حلمي واصبح طيارا  مقاتلا وليس مجرد طيار .. الطيار المقاتل يظل مرابطا في طيارته لا يتركها ابدا فهو مربوط بست أحزمه لمده ساعتين وتحل عنه الاحزمه ساعتين وهكذا فهو في رباط الي يوم الدين .. الطيار المصري المقاتل هو الوحيد المرابط لمده 24 ساعه كي تظل شبكة مصر عذراء لا تخترق واشبه هذا بالسد العالي عصام الحضري وابعث له التحيه من خلالكم .. مصر تحتاج دائما الي رأس حربة يساندها دائما ويدافع عنها فلقد ظللنا منتظرين لمده 29 سنه كي تتأهل مصر لكأس العالم  بروسيا وكان هذا بفضل اللاعب المصري الاصيل محمد صلاح .. ليس المطلوب ان يتم احراز اهداف في الدقيقة 89 او 90 من المباراة ولكن المطلوب هو انه في خلال 30 ثانيه يتم احراز هدف كما اصبت انا طائرة قائد التشكيل الاسرائيلي في معركتي الشهيرة بالست فانتومات في اطول مده وهي 13 دقيقه وكان لدينا طائرتين ميج 21 واربع صواريخ واربعمائة طلقه تطير ساعه فقط بتكنولوجيا عتيقه وقديمه امام ست طائرات علي احدث طراز واعلي مستوي واحدث ما في الترسانه الامريكيه والطائرة الواحده بها اتنين طيارين واحد وظيفته يقتلني والثاني يقود الطائرة يعني ست طائرات بها 12 طيار ب 24 عين ب 12 مخ .. اسرائيل كان معها امريكا ومصر كان معها الله سبحانه وتعالي .. وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم ..تمكننا من تدمير طائرة فانتوم في اطول معركه جوية وهي 13 دقيقه وهذا اقصي شيء تتحمله الطائرة لان المعركة الجوية في الغالب لا تستغرق سوي من دقيقتين الي ثلاث دقائق حيت ان الطائرة تستهلك 200 لتر في الدقيقه .. ويبلغني زميلي ان الطائرات لا زالت تهاجم فماذا نحن فاعلون .. فقلت له اصطدم بهم ولا تبالي .. التحقت بكلية الطيران ولدي من العمر ستة عشر عاما .. وبدات حياتي مع العسكريه المصرية التي هي اقدم عسكريه في التاريخ من ايام القائد حور محب شبيه الرئيس السيسي حاليا ... بعد نكسة عام 1967 بدأت مصر حربًا طويلة في استنزاف القوات الإسرائيلية، حيث كانت أهدافها تتمحور حول 3 نقاط وهي: المشاركة في توفير المعلومات حول القوات الإسرائيلية في سيناء والبحر الأبيض والأحمر، والمشاركة في استنزاف القوات الإسرائيلية، وتأمين القوات البرية والمواقع الحيوية في العمق المصري. 

وكانت المرحلة الأولى من حرب الاستنزاف، التي استمرت حتى 20 يوليو 1969 وكانت فترة إعداد وتدريب وتنظيم للقوات الجوية المصرية بكل التخصصات، حيث كانت القيادة العسكرية لا تريد الزج بالقوات الجوية في تلك الحرب حتي تكمل استعداداتها، خصوصًا أن في تلك المرحلة اقتصرت عمليات الجانب الإسرائيلي على أعمال الاستطلاع وعمل كمائن لاصطياد الطائرات وعدم الدخول في معارك جوية كبيرة. .. كما أنه  في أعقاب معركة رأس العش فى الأول من يوليو 1967 تطورت الاشتباكات مع تنفيذ مهام القصف الجوي يوم 14 و15 يوليو على أهداف إسرائيلية بالضفة الشرقية من قناة السويس، وأسفرت عن سقوط 3 طائرات ميراج إسرائيلية مقابل 3 أخرى مصرية دون إصابة الطيارين المصريين. 
ونتيجة لذلك القصف انسحبت إسرائيل لفترة قصيرة إلى خطوطها الأولى، ثم توقف اشتباك الطيران المصري مرحليًا واقتصر على اشتباكات فردية أو معارك جوية متباعدة.

ومن 20 يوليو 1969 بدأت المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف على صعيد القوات الجوية المصرية، فقد بدأ استخدامها كعنصر تفوق لاستنزاف العدو ومجاراة الجانب السياسي علي عدم توقيف الحرب، وقد أجبر هذا التطور القوات الجوية البدء في القتال والدفاع عن القوات البرية وأعمال الدفاع الجوي رغم عدم استعدادها الكامل لكل تلك المهام.

وصدرت الأوامر في يوم 20 يوليو للواء طيار مصطفى الحناوي، قائد القوات الجوية المصرية آنذاك، للرد علي القصف الجوي الإسرائيلي المُعادي، فحلقت 50 طائرة مصرية معظمها من النوع "ميج 17" من قاعدة المنصورة الجوية لقصف أهداف إسرائيلية علي الضفة الشرقية من قناة السويس. 

كانت تلك الأهداف لمواقع صواريخ "هوك" في الرمانة، ومحطة رادار الإسماعيلية، وتجمعات تابعة للجيش الإسرائيلي محققة بجميعها خسائر جسيمة، وتوالت بعدها بلغ عدد الطلعات الجوية المصرية من 20 يوليو حتي 31 ديسمبر 1969 حوالي 3200 طلعة جوية من أعمال هجوم وتأمين واستطلاع جوي.

وبعدها  تصاعدت الهجمات الجوية المصرية بعد ذلك كرد شبه يومي علي خطة "بريما" الإسرائيلية التي من خلالها يتم قصف عمق الأراضي المصرية بطائرات إف-4 فانتوم الثانية.

من البطولات التي حققها الطيارون المصريون في حرب الاستنزاف بطولة الطيار أحمد عاطف الذي أسقط 7 طائرات فانتوم إسرائيلية بطائرته "ميج 21" وهو يعد أول مصري وعربي يسقط طائرة إف-4 فانتوم الثانية.
في ليلة 23 و24 يناير 1970 اشتركت الطائرات أليوشن-28 المصرية في قصف جزيرة شدوان عند احتلالها، كان ذلك أول استخدام لها في حرب الاستنزاف، في شهر أبريل ومايو 1970 ووصلت طائرات الدعم السوفيتي، التي استخدمت في حماية العمق المصري وتوجيه الأسراب المسئولة عن ذلك للجبهة الغربية من القناة لدعم القوات بها مما أدي إلى زيادة الهجمات علي الجانب الشرقي.

وقد بلغ عدد الطلعات الجوية في المرحلة الأخيرة من حرب الاستنزاف نحو4000 طلعة الذي جعل إجمالي عدد طلعات القوات الجوية المصرية في حرب الاستنزاف حوالي 7200 طلعة جوية.

وتعد حرب الاستنزاف العصر الذهبى للطيارين المصريين حيث كانت القوة هى قوة الطيار نفسه وليس الطائرة فلم يكن هناك الصواريخ جو/جو الموجهة راداريا وصواريخ القتال خلف مدى الرؤية BVR، وشهدت فترة حرب الاستنزاف أكبر عدد من المعارك الجوية فى تاريخ المنطقة وربما فى تاريخ القتال الجوى كله.

س : يقال انك قمت بإلقاء ابنك عمرو من الطائرة علي بعد 3 متر وكان لا زال خمس سنوات .. ما الذي دفعك لهذا العمل المفاجيء ؟

ج : كنت اجلس مربوطا الي كرسي طائرتي ضمن اربع من طياري الحاله الاولي في قاعده بني سويف الجويه ، كان الجو صحوا و شمس الشتاء تشع نورها علي فترات ، كنا علي اعتاب فصل ربيع عام 1973 فشهر فبراير مازال في منتصفه ، و بروده الجو تظهر علي فترات لتذكرنا بفصل شتاء قاس مر بنا.​

بينما اجلس داخل طائرتي و احزمه الكرسي تشدني بقوة الي الطائرة وكأنني جزء لا ينفصل من اجزاءها، تطلعت ببصري لاطمئن علي رفاقي ، ثلاث من طياري المقاتلات يقبعون داخل طائراتهم المسلحه انتظارا لاي طارئ لينطلقوا خلفي الي السماء مدافعين عن قاعدتهم ووطنهم وبلدهم ـ كلما انطلقوا انطلق معهم ملك الموت ، فهذا الملك مصاحب لنا في كل طلعه نكاد نحس به ونراه اثناء القتال الجوي المتلاحم مع العدو وحتي اثناء التدريبات ، فقد مات من الطيارين الشباب اثناء التدريبات اكثر ممن ماتوا خلال النكسه وحرب الاستنزاف وهو دليل علي وحشيه التدريب وقوته

أحسست بالملل يتسرب الي بدون ان أشعر ، فدوري في الحاله الاولي يستمر لمده ثلاث ساعات طويله ومؤلمه ، هربت من الملل بتذكر ابني عمرو فأحسست بالالم فجأه ففي اخر مرة كان معي بالمطار ، كنت مربوطا الي مقعدي في الحاله الاولي كما انا الان ، وانطلقت الخرطوشه الخضراء في سماء المطار ، معلنه حاله طوارئ واقلاع طائرات الحاله الاولي فورا ، كان عمرو علي رجلي داخل كابينه الطائرة يتعلم مني الطيران نظريا ونلهو قليلا ، لكن

الخرطوشه الخضراء تعني لي ان مصر في خطر ، مصر تنادي علي ان احميها ، فما كان مني الا

انني القيت بابني من الكابينه في رد فعل تلقائي وغريزي لكي اقلع في اسرع وقت ، واقلعت سريعا لدرء الخطر عن مطاري وعندما عدت الي المطار ، وجدت ان رجل ابني قد ُكسرت​

، فأحسست بالالم رهيب ومازلت احس به كلما تذكرت تلك الذكري ، لكني اعود واوقول لنفسي ان الموقف لو تكرر لاتخذت نفس الموقف ، فما وزن ابني فلذه كبدي مقارنه بمصر ؟ لا وزن له نهائيا فكل شئ فعليا يهون في سبيل مصر ، وما حدث لي كرد فعل تلقائي أكد ذلك وادركت بعده أن مصر قد استولت علي تماما ، ولم يعد هناك حتي لابني مجال للمنافسه امام حبي لمصر.​
 

لقد أثرت فينا نكسه يونيو 67 تأثيرا عميقا وادت الي وجود عقده نفسه لدينا ، عقده جعلتنا نهرع الي الصعود للجو كلما لاح في الافق شبه خطر ، فلم نعد نطيق ان نظل علي الارض وطائرات العدو تعربد في السماء منتهكه سمائنا وارضنا فأصبح الإقلاع الفوري جزء من تدريبنا وتطورنا في ذلك التدريب لنصل لمستوي راق جدا أثار دهشه الخبراء السوفيت أنفسهم ، فالثانيه تصنع فارق رهيب بين طائرة تصوب نيرانها علي ، او ان اصوب عليها أسرع منها ، فالثانيه دهر في عالم الطيران ، ثانيه واحده تضعني في موقف المطارد بدلا من الطريد ، ثانيه تعيدني حيا لمطاري او تعيدني الي خالقي ..​

أحسست بغصة في حلقي عندما تذكرت نظرات لوم ابني لي وهو يتألم من رجله المكسورة عندما عدت من الاشتباك ، وظلت نظرات الالم تطاردني في كل مكان وانا اتذكرها لكنني طردت تلك المشاهد من عقلي عندما تناهي الي اذني صوت تبليغات من قواعد جويه ومحطات رادار مختلفه برصد تشكيل معادي يقترب من قطاع الجيش الثاني ، يا له من شعور قاس مرير ، قطاع الجيش الثاني علي مسافه مائتي كيلو من مكاني وهناك بدل المطار ، اثنين وثلاث واربع ، بل اكثر من خمسه مطارات أقرب مني الي هذا التشكيل وتمنيت لو كان هذا التشكيل المعادي قرب مطاري ، لو كان قريبا لكنت ...... و ...... و....

نظرت الي رفاقي فوجدتهم متابعي التبليغات علي اللاسلكي بأهتمام بالغ ، لا استطيع ان اصف ما يحس به هؤلاء الرجال الذين لم يبلغوا منتصف عقدهم الثاني بعد ، شعور مرير استمر لسنوات ثلاث بعد وقف اطلاق النار عام 70 واصبحنا نمضي في التدريب وقتا ومجهودا اكثر مما نمضيه في اي شئ اخر في الحياه ، تدريب فقط منذ ثلاث سنوات حتي الان ، واصبح الشوق لقتال العدو يمثل شوق الجائع لوجبه دسمه ، لكن التعليمات الصادره هي تجنب الاشتباك مع العدو قدر الامكان ، وهي تعليمات زادت من القيد المفروض علي اعناقنا بجانب قيد اللاسلم و اللا حرب.​

وكان من الصعب علي كقائد تشكيل ان اكبح جماح رجالي معظم الوقت ، فهم شباب وملئ بالحماس والعزة والكرامه وحب الوطن ، وكان وجودهم علي الارض خطرا كبيرا مع مرور الوقت ، فانا اعيش معهم تماما كل يوم وكل ساعه وكل دقيقه واعرف ماذا يفكر فيه هذا او ماذا يريد ذاك ، لقد انصهرنا منذ مده في بوتقه واحده تسمي السرب 49 قتال واصبحنا عائله واحده ومنزلنا المطار ، فكان طبيعي ان اتعرف علي ما يفكر فيه اي من الطيارين الثلاث وهو يستمع الي تبليغات غرف العمليات بمسار التشكيل المعادي ، والذي اتضح لي من مسارة انه تشكيل استطلاع اسرائيلي ، فهم يتجولون في سمائنا بكل حريه كأنها بيتهم ولا حق لنا في طردهم بناء علي اوامر القيادة.​

تابعت التبليغات بكل انتباه ، فطائرات العدو اخترقت خطوط قواتنا شمال فايد واتجهت جنوبا لاستطلاع الجيش الثالث​

بكامله وكانت بذلك تقترب من السويس والمسافه تقل بينها وبيننا ، وبنظرة سريعه مع الطيارين اعطيتهم أمرا بالاستعداد ، كان الدم يغلي في عروقي بشكل رهيب ، فقد خيل لي ان تلك الطائرات تدخل محاوله اغتصاب امي مصر ، ولابد لي ان احافظ علي شرف أمي ولا يجب ان اسمح لتلك الطائرات بان تستمر في تلك المهمه بدون ان نعترضها
 

كانت الأوامر المعروفة هي ترك طائرات الاستطلاع المعاديه تقوم بمهامها في الاستطلاع بدون التعرض لها حتي عمق ثلاثين كيلو متر من خط القناه و في عمق دفاعاتنا ، و كان تكتيك القيادة العامة غير مقبول بالنسبة لنا كطيارين شباب متحمس او كما كان يقول عنا الرئيس عبد الناصر شباب متهور ، فقبلنا الامر الواقع و نفذنا التعليمات علي مضض و كلنا نكتم غيظنا و نتمنى أن يصدر لنا الامر بالاشتباك.​

استمرت الطائرات المعادية في تحركها تجاه الجنوب ومرت فوق السويس وكان اتجاهها مستمر في الجنوب وكانت مستمرة في الاقتراب من انتهاء مهمتها.

نظرت إلي الطيارين الثلاث ووجدت الغضب يجتاح الملامح والاعين تطلب الاشتباك ، وفي لحظه ما لم اتمالك نفسي وانا استمع الي بلاغات غرف العلميات وقدرت الموقف سريعا ووجدت انني ارفض ان تنتهك بلدي بالقوة واظل علي الارض، واتصلت بضابط العمليات الطيار كسيبه في برج المراقبه وطلبت منه ان يضرب خرطوشه اقلاع لاربع طائرات من المطار (فنجر فور- اربع طائرات ) فأطلق الرجل خرطوشه اطلاق طائرتين بالخطأ ، وعلي الفور انطلقت بطائرتي ومعي الطيار حسن لطفي ، بينما انتظر الطيار صفاء الدين مصطفي كامل ومعه الطيار حسن الرافعي الامر بالإقلاع
 

و فور الإقلاع و فتح اللاسلكي للاتصال بغرفه علميات المطار لاخذ التوجيهات بالاتجاه والارتفاع من الموجه الارضي رفعت الجمل ،و فور بدء عمل اللاسلكي بدأت اسمع صوت الموسيقي الجنائزيه علي موجه الاتصال الخاصه بنا والتي تعود الاسرائيليين ان يبثوها علي تردداتنا اللاسلكيه للشوشرة والتشويش علي اتصالاتنا والتي يقوم رجال من الخبراء السوفيت لدينا بتبليغها للاسرائيليين اول بأول وكنا نعلم ذلك ونتفاداه ، وكان الهدف من هذه الموسيقي هي بث موجه من الاحباط في نفوسنا ، لكننا تعودنا علي نقل موجه الاتصال الي موجه اخري تبادليه يعرفها المصريين فقط ونحتفظ بها سرا لانفسنا ونغيرها بأستمرار​


 

أقلعت ومعي حسن لطفي واشرت له باشارة فور بدء اقلاعنا بأننا داخلين علي اشتباك مع العدو ولن يكون الامر كما تعودنا من قبل مجرد تحرش وتهويش ، وكنت اعرف ان حسن مثلي تماما يسعي للشهاده بكل قوة..
 

وبدأت اطلب التعليمات بالاتجاه والسرعه من الموجه الارضي ، وبدأ الموجه الارضي اعطائي شرح كامل لموقف العدو – وكان اسم مطار بني سويف الكودي هو صفوان واسمي الكودي جاجوار ليدر.

س : كثير من الكتاب بعد الثورة حاولوا اغفال دور الرئيس السابق حسني مبارك في نصر اكتوبر .. لمصلحة من تشويه هذا التاريخ ؟

ج : التاريخ لا يشوة ولا يزور .. من الممكن ان يزور الناس الجغرافيا اما التاريخ فمستحيل .. فهناك اناس مثل التاريخ لا يمكن أن تعاد او تكرر مثل اللواء محمد حسني مبارك قائد القوات الجوية انذاك تولي تدريب الطيارين بأوامر من الرئيس جمال عبد الناصر .. فبعد تخريج الطيارين والاعداد لحرب 1973 الجوية والتي تكونت من 225 طيارة عبرت قناة السويس التي عرضها من 200 الي 300 متر في ثانيه او ثانيتين لانها كانت تمثل بالنسبة لنا شيئا اشبة بالخيط الأزرق .. عبرنا قناة السويس الساعه 2 وخمسة الظهر في  اكبر ضربة جوية كان من المنتظر الا يعود 50 في المائة من هذه الطائرات وعبرنا قناة السويس بالعرض كما عبرها الان الرئيس السيسي في قناة السويس الجديدة بعد 30 يونيو الثورة التي اطاحت بالجسم الهلامي السرطاني الذي كاد ان يتفشي في مصر ولكن بفضل الرئيس الهمام عبد الفتاح السيسي والذي يحمل علي عاتقه محاربة الارهاب والاخوان معا لان الارهاب سلاح وفكر لكن الاخوان عقيده سياسية بحته اتخذت من الدين ستارا للسيطرة علي الارض وتضييع العرض .. عبر السيسي قناة السويس بالعرض ايضا الساعه 2 وخمسة نفس الساعه التي انتصرنا فيها بواسطة يخت المحروسة فلكي ان تتخيلي 138 سنه حضارة لقناة السويس منذ ايام الخديوي اسماعيل الذي حفرت قناة السويس في عهدة لمدة عشرين سنه وحفرها 100 الف فلاح بعظامهم ,.. اربط هذا الرقم بالمناسبه حينما قال لنا الخبراء الروس ان 100 الف جندي مصري سيموتون في الحرب وان لم يموتوا بالرصاص فسيموتون حرقا او غرقا .. الحمد لله لدينا 225 طيارة وكان يقال لنا اننا اذا لم نخسر الكل سنخسر النصف وكنا موافقين علي ذلك ومستعدين للمواجهه ولكن الذي حدث ان الخسائر كانت من 1 الي 1.5 % من ال 225 طائرة وكانت الخسارة في القلب لان أول شهيد في حرب 1973 كان الشهيد طيار عاطف السادات أخو الرئيس المؤمن البطل محمد أنور السادات الذي قدمة قربانا لمصر مثلما فدي سيدنا ابراهيم ولده اسماعيل بكبش سمين .. كانت اول طلعه جوية لمصر والتي ذهب  فداها عاطف السادات والحمد لله تمكن 100 الف جندي مصري من عبور قناة السويس ومعهم الف دبابة والفين مدفع وانطلقت 62 الف قذيفه علي خط بارليف والذي بني علي انقاضة الان قناة السويس الجديدة لتنتهي بذلك اسطورة اسرائيل التي لا تقهر وغير قناة السويس مصر اصبح لديها درع وسيف وميسترال وسيسي وجيش يحتل المركز العاشر من بين جيوش العالم ولدي مصر قوة اقليميه رادعه لحاملة الطائرات الميسترال كذلك لم تتسلح مصر خلال الثلاثين سنه الماضيه كما تسلحت خلال السنوات الثلاث الاخيرة وتزويد الترسانه البحرية بالغواصات والبارجات والمدمرات وهذا بفضل تعاون الرئيس السيسي المشترك بينه وبين روسيا في مجال التسليح العسكري ثم اتجاهه الي فرنسا واستيراده لطائرات الرافال التي تعتبر من اقوي واحدث طائرات في العالم عسكريا حيث ان مداها ثلاث الاف كيلو متر والتي يمكن بضربة ان تشمل اثيوبيا والفرس والجهه الشرقيه للعدو فمصر محاصرة من جميع النواحي وخصوصا الجبهه الشرقيه من ناحية اسرائيل العدو الذي سيظل عدو مهما حدث وكذلك الداعشيين الاوباش الذين تم نقلهم من سوريا والعراق الي جهه الحدود الغربيه عند ليبيا عند سرت ودرنه وانزلوهم الي هناك ولكن بفضل اسود مصر ونسورها الذين لا يرمش لهم جفن ومرابطين ال24 ساعه بقيادة قائد القوات الجوية اللواء يونس المصري .. هذا الرجل بطل بحق فلابد ان يعلم هؤلاء الدواعش ان سماءنا محرقه ومياهنا مغرقه وهذه ارضي انا فأبي قال لنا مزقوا اعداءنا وعملت بوصية أبي علي أكمل وجه.

س : ما تفاصيل اطول معركة جوية في تاريخ مصر وكيف حطمت اسطورة الطيران الاسرائيلي " الست فانتومات " ؟

ج : كنت أجلس مربوطا الى كرسى طائرتى ضمن أربعة من طيارى الحالة الأولى فى قاعدة بنى سويف الجوية، كان الجو صحوا وشمس الشتاء تشع نورها على فترات، كنا على أعتاب فصل ربيع عام 1973 فشهر فبراير مازال فى منتصفه، و برودة الجو تظهر على فترات لتذكرنا بفصل شتاء قاس مر بنا. 
هكذا بدأ عميد طيار أحمد كمال المنصورى حديثه عن الاستعداد لحرب أكتوبر وما سبقه من معارك حيث سجلت المعركة التى قادها أطول المعارك الجوية بعد معركة المنصورة حيث استمرت لمدة 13 دقيقة.
بينما أجلس داخل طائرتى وأحزمة الكرسى تشدنى بقوة إلى الطائرة وكأننى جزء لا ينفصل من أجزائها، تطلعت ببصرى لأطمئن على رفاقى، ثلاثة من طيارى المقاتلات يقبعون داخل طائراتهم المسلحة انتظارا لأى طارئ لينطلقوا خلفى الى السماء مدافعين عن قاعدتهم ووطنهم وبلدهم - كلما انطلقوا انطلق معهم ملك الموت، فهذا الملك مصاحب لنا فى كل طلعة نكاد نحس به ونراه أثناء القتال الجوى المتلاحم مع العدو وحتى أثناء التدريبات.
ويروى العميد المنصورى تفاصيل المعركة الجوية قائلا: كنا طائرتى ميج 21‏ واحدة بقيادتى، والأخرى بقيادة زميلى الشهيد البطل طيار حسن لطفى، وكانت مهمتنا الاشتباك مع سرب طيران إسرائيلى فانتوم وعمل قتال معهم أعلى خليج السويس‏، وبدأنا المعركة أمام الفانتوم بإمكاناتنا المتواضعة جدا فطائرتا الميج بها صاروخان و‏200‏ طلقة أمام 6‏ طائرات فانتوم الواحدة منها بها 8 صواريخ و‏600‏ طلقة وتطير ثلاث ساعات ونصف الساعة ونحن نصف ساعة اشتباك‏.‏
كانت الأوامر المعروفة هى ترك طائرات الاستطلاع المعادية تقوم بمهامها فى الاستطلاع بدون التعرض لها حتى عمق ثلاثين كيلو مترا من خط القناة وفى عمق دفاعاتنا، وكان تكتيك القيادة العامة غير مقبول بالنسبة لنا كطيارين شباب متحمس أو كما كان يقول عنا الرئيس عبد الناصر شباب متهور، فقبلنا الأمر الواقع ونفذنا التعليمات على مضض وكلنا نكتم غيظنا ونتمنى أن يصدر لنا الأمر بالاشتباك.
استمرت الطائرات المعادية فى تحركها تجاه الجنوب ومرت فوق السويس  وكان اتجاهها مستمراً فى الجنوب وكانت مستمرة فى الاقتراب من انتهاء مهمتها.
نظرت إلى الطيارين الثلاثة ووجدت الغضب يجتاح الملامح والأعين تطلب الاشتباك، وفى لحظة ما لم أتمالك نفسى وأنا أستمع إلى بلاغات غرف العمليات وقدرت الموقف سريعا ووجدت أننى أرفض أن تنتهك بلدى بالقوة وأظل على الأرض، واتصلت بضابط العمليات الطيار كسيبة فى برج المراقبة وطلبت منه أن يضرب خرطوشة إقلاع لأربع طائرات من المطار، فأطلق الرجل خرطوشة إطلاق طائرتين بالخطأ، وعلى الفور انطلقت بطائرتى ومعى الطيار حسن لطفى، بينما انتظر الطيار صفاء الدين مصطفى كامل ومعه الطيار حسن الرافعى الأمر بالإقلاع.
فور الإقلاع و فتح اللاسلكى للاتصال بغرفة علميات المطار لأخذ التوجيهات بالاتجاه والارتفاع من الموجه الأرضى رفعت الجمل، وفور بدء عمل اللاسلكى بدأت أسمع صوت الموسيقى الجنائزية على موجة الاتصال الخاصة بنا والتى تعود الإسرائيليون أن يبثوها على تردداتنا اللاسلكية للشوشرة والتشويش على اتصالاتنا والتى يقوم رجال من الخبراء السوفيت لدينا بتبليغها للإسرائيليين أولاً بأول وكنا نعلم ذلك ونتفاداه، وكان الهدف من هذه الموسيقى هو بث موجة من الاحباط فى نفوسنا، لكننا تعودنا على نقل موجة الاتصال إلى موجة أخرى تبادلية يعرفها المصريون فقط ونحتفظ بها سرا لأنفسنا ونغيرها باستمرار. أقلعت ومعى حسن لطفى وأشرت له بإشارة فور بدء إقلاعنا بأننا داخلان على اشتباك مع العدو ولن يكون الامر كما تعودنا من قبل مجرد تحرش وتهويش، وكنت اعرف أن حسن مثلى تماما يسعى للشهادة بكل قوة وبدأت اطلب التعليمات بالاتجاه والسرعة من الموجه الأرضى، وبدأ الموجة الأرضى إعطائى شرحاً كاملاً لموقف العدو.
 وفتحت السرعة إلى السرعة القصوى وعلى يسارى حسن لطفى، وبعد ثوان أقلع حسن الرافعى ومعه صفاء الدين خلفنا لكنهم لم يعرفوا اتجاهنا ومكاننا بعد.
بدأ الموجه فى بنى سويف حشد الطائرات لكى يستعرض القوة أمام قوة العدو الجوية لكنه لم يكن يعلم بنيتى فى الاشتباك وعدم تنفيذ تعليماته الملاحية.
لم أرد على الموجه الأرضى وقتها فهو يقوم بتوجيهى على للابتعاد عن العدو بينما أخبرت صفاء فى اللاسلكى بأننى لن أنفذ تعليمات الموجه الأرضى، وبدأ تشكيل صفاء والرافعى فى الدوران لتنفيذ تعليمات الموجه لى، وقد قصدت بذلك أن أبعد الموجه عنى وأن يستمر فى الحوار مع صفاء وهو يظن أنه يحدثنى، وعندما ظهر له على الرادار أن هناك طائرتين تقتربان بسرعه كبيرة من تشكيل العدو ولا ينفذ التعليمات، أصدر الموجه تعليمات بإقلاع تشكيل من مطار بير عريضة وبدأ الموجه إعطاء تعليمات لتلك الطائرات بقيادة قائد السرب كمال فخر الدين بتدعيم تشكيل طائرتى لكى يظهر لليهود أن ست طائرات مصرية وخلفها طائرتان تقتربان منها فتقوم بإلغاء مهمة الاستطلاع لكن ما حدث غير ذلك.
فقد استمع صفاء الدين تعليمات الموجه لى أنا، فظل يدور فى دوائر حول المطار بينما الموجه يحاول باستماتة ان ينفذ تعليمات الاشتباك بعدم الاشتباك.
وكان الموجه فى حيرة كبيرة فأنا لا أنفذ التعليمات الصادرة وأستمر فى الطيران باتجاه مستقيم بينما ينفذها تشكيل صفاء والرافعى والفارق بيننا يزيد باستمرار والمسافة تقل باستمرار بينى وبين تشكيل العدو.
فى نفس الوقت كنت أرى العدو بالعين المجردة وخلال تلك الثوانى رصدت أربع طائرات معادية بينما هناك طائرتان على ارتفاع منخفض جدا فوق سطح الماء، وهو تكتيك أصبحنا نحفظه تماما، فالهدف مما يقومون به هو أن ارتفع للاشتباك مع الطائرات الأربع التى أراها جيدا، فى تلك اللحظه تطبق علىّ الطائرتان اللتان تطيران على ارتفاع منخفض وتطلقان النار علىّ فى مقتل، وأنا متأكد تمام التأكد أن قائد هذا التشكيل عندما رصدنا فى البداية تأكد أنه بصدد مقابلة طيارين هواة ومجانين، فطائرتا ميج 21 مسلحتان بأربعة صواريخ وأربعمائة طلقة ككل تدخل فى مواجهة ست طائرات فانتوم مسلحة بثمانى وأربعين صاروخا وما يزيد على ثلاثين ألف طلقة.
لذلك كنت أكاد أرى ابتسامه السخرية على وجه قائد التشكيل الإسرائيلى وهو يعطى أوامره بنصب كمين لهؤلاء الهواة الذين يدخلون النار، لكنه يقينا لم يكن يعلم أنه أمام طيارى مصر الذين يطلبون النصر والشهاده معا وأننا كنا ندخل هذه المعركه بدافع النصر وليس الانتحار، فلدينا من الثقه فى أنفسنا ومعدتنا أكبر من أن ننتحر.
ورغم نداءات الموجه الأرضى المتكررة لى وقائد تشكيل بير عريضه للانضمام الى التشكيل فلم أرد لأننى بدأت بالفعل تنفيذ عمليه هجوم سريع كنت أهدف الى الارتفاع خلف الطائرات الاربع الطعم لى، ثم التف فى مناورة مفاجئه الى الطائرتين اللتين فى الخلف لأهاجمهما بقوة مفاجئة وجها لوجه مستغلا المفاجأة وأشرت إلى حسن لطفى بمكان الطائرات ورد على بالإشارة بأنه رأها.
كانت حاله التخبط تشمل تشكيل صفاء والرافعى وتشكيل مطار بير عريضه فهم يحاولون الانضمام لى وهم لا يعرفون مكانى والموجه يقوم بتوجيه طائرات صفاء الذين يستخدمون اسمى الكودى ظنا أنه يوجهنى فالمسافه بينى وبينهم أكبر من 150 كيلو والموجه يعتقد اننى وسطهم.
يبدو أن حالة التخبط التى حدثت للموجه الأرضى نتيجه عدم تحكمه فى التشكيل قد أدت إلى دخول موجه آخر وهو طيار قديم اسمه عثمان ذهنى وهو طيار قدير جدا وحالت حالته الصحيه دون استمراره فى الطيران، فتم اسناد مهام التوجيه الأرضى له لاستغلال خبرته الجويه الواسعة، وتدخل عثمان ذهنى فى الحوار وكان صوته هادئا جدا وواثقا بدرجه كبيرة اراحتنى كثيرا فى الاشتباك.
وبدأت الاشتباك مع الطائرتين اللتين كانتا تنصبان كمينا لى و فى اقل من ثلاثين ثانيه استطعت بتوفيق الله أن اسقط طائرة فانتوم بصاروخين متتاليين عندما فوجئت بمناورتى أنا وحسن تجاهها واعطتنى تلك المناورة الافضليه فى هذا الاشتباك، فأطلقت صاروخين متتالين هما كل ما أملك من صواريخ، أول صاروخ اطلقته من مسافه كيلو ومائتى متر أصاب جناح الطائرة والصاروخ الآخر انفجر بها، لتنفجر الطائرة ويتناثر حطامها على مياه الخليج، بدون أن ينجو أى من الطيار أو الملاح.
وهنا بدأت خطورة الموقف، فطائرات العدو استيقظت من الهجوم المفاجئ لى وبدأت تتعامل معى بينما الموجه الأول يحاول حشد الطائرات تجاهى لدعمى سريعا لنجدة الموقف ولم يكن هناك شىء ممكن أن أقوم به سوى استمرار المناورة مع الطائرات المعادية وكنت اعتمد على صوت عثمان ذهنى فى النفاذ من طائرات العدو الأربع المقبلة علىّ بأقصى سرعة فصوته يأتى إلىّ وكأنه داخل الكابينة معى وليس على مسافه 150 كيلو منى، وكانت توجيهاته المستمرة لى باقتراب التشكيل المعادى تدريجيا وبسبب خبرته العالية ومعرفته بى وبأسلوب طيرانى سببا فى افلاتى من الطائرات الأربع.
فمع اقتراب الطائرات الأربع الإسرائيلية الإضافية كنت قد استخدمت أنا وحسن صواريخنا وطلقات مدافعنا كلها فى إسقاط الطائرة الأولى ومحاولة إسقاط الأخرى، وبدأت حفلة من الطائرات الخمس الإسرائيلية على طائرتينا، فصواريخ الفانتوم و طلقاتها انطلقت علينا بغزارة لا حصر لها، و لولا توفيق الله والتدريب العالى والثقة المتبادلة بينى وبين حسن ما كنا نجونا من تلك الحفلة، فبدأت أنا وحسن نناور لتخليص كل منا الآخر من طائرات العدو المتفوقة علينا عددا وتسليحا وكيفا ووقودا.
 
وينفذ حسن مناورة رائعة ليفلت من فانتوم فى ذيله فكلما بدأ صاروخ فى الانطلاق من طائرة فانتوم كنا نطير تجاه الصاروخ لكى نسبقه قبل أن يبدأ جهاز توجيه الصاروخ فى العمل، و لا أعتقد أن هناك ثقة فيمن معك أكبر من أنك تطلب منه أن يطير تجاه الصاروخ المعادى المنطلق نحوه لكى ينتحر الصاروخ ولا يتم توجيهه نحونا ويقوم زميلك بتنفيذ المناورة وينجو منها ويقوم هو بنفس الشئ معى، فكأنما تراقص الإسرائيليون على أنغام مناوراتنا طوال ثلاث عشرة دقيقة كاملة لم تستطع أية طائرة إسرائيلية أن تصيب أيا منا، لدرجة أنهم احسوا باليأس منا، فما لدينا من وقود معروف لهم تقديرا وعودتنا إلى أى مطار أصبحت مستحيلة، فمصيرنا الموت أو على الاقل سنخسر طائرتين مصر فى أمس الحاجة لهما فى هذا الوقت.
كان تشكيل الدعم القادم من مطار بير عريضه غير متمكن من أن يدخل إلى المعركة بسبب السحاب الكثيف فلم يتمكن من رؤيه المعركة للدخول فى الاشتباك رغم توجيهات الموجه الأرضى، لكن الطائرات الإسرائيلية المزوده برادارات مستقلة رصدت هذا التشكيل وتوقعت اشتراكه فى المعركه فى أية لحظة.
كنت أدعو الله أن ينجينا مما نحن فيه، فمنذ اقلعت أنا وزميلى كنا فى يدى الله تصويبنا بقدرته، وحياتنا بمشيئته، ونجاتنا بقدرته.
وفجأة تتخلص الطائرات الإسرائيلية من الاشتباك، وتخلصنا نحن من الاشتباك أيضا، وبدأنا نتجه غربا للعودة إلى فوق الأراضى المصريه، فالاشتباك كله دار فوق مياه خليج  السويس  ويظهر صوت قائد السرب المقدم تميم مخبرنا فى اللاسلكى بتعليمات صارمة ويكرر الأمر و يرد كل قادة التشكيلات الطائرة بالعلم فيستطرد المقدم تميم، ورغم أن وقودى لا يكفى الا لأقل من دقيقة لكنى رغبت أن اقترب من اتجاه أى مطار مصرى بقدر الإمكان ويخبرنى حسن بعودة الطائرات الإسرائيلية خلفنا مرة أخرى، ويقول لى إن ما لديه من وقود هو 200 لتر فقط أى ما يسمح بالطيران لمده دقيقه واحده فقط ، فأشير اليه بالاشتباك مع طائرات العدو التى تفاجأ بنا نعود للاشتباك مرة أخرى رغم وضعنا، فلا وقود لدينا ولا سلاح، فماذا نكون سوى مجانين نسعى إلى الموت سعيا، كنا نحاول أن نصطدم بطائرات العدو لتدميرها، وعندما أيقن اليهود أنهم أمام طيارين من نوع آخر غير معهود لديهم، تخصلوا من الاشتباك مرة أخرى وهو ما يعتبر فى عرف الطيران هزيمه لهم وانسحبوا.. بدأنا نتجه تجاه الساحل وأنا معى 100 لتر فقط من الوقود باحثا عن مكان يصلح للهبوط السريع، وإذا بى أفاجأ بمدفعيات مضاده للطائرات تنطلق نحونا من إحدى الوحدات الأرضية ونظرا لسوء موقفنا فلم يكن لتلك المضادات الارضيه اى فارق على حالنا، مجرد أنهم صعّبوا علينا الأمر أكثر، فقمت بالاتصال بقاعدتى وأبلغتهم بأننى سأهبط على الطريق وأخبرتهم بمكاننا لارسال طائرة هيلكوبتر لالتقاطنا.
وبعد أن قمت بالدوران للهبوط وجدت تشكيلا يقوده زميلى سيد رزق اسمه بلاك ليدر يقترب منى و يخبرنى انه سيقوم بحمايتى حتى أهبط ليحدد مكاننا بدقه للانقاذ القادم لنا.
أخبرت حسن أن يكون أعلى منى لكى اختار مكانا أهبط عليه أولا لكى اختبره فإن مت يختار هو مكانا اخرا يهبط فيه، وبدأت الهبوط على الطريق الذى تحده الجبال من الطرفين بينما ساحل البحر خلفه كأصعب ما يكون الهبوط، وفجأة يتوقف محرك الطائرة، وكانت تعليمات الخبراء فى كتيب الصيانه أن الطيار يقفز فور توقف المحرك لأن جميع اجزاء الطائرة تعمل بالهيدروليك و تتوقف تماما عن العمل فور توقف المحرك، مما يعنى انعدام التحكم بالطائرة وتمت الاستعانة الكاملة بالله واخذ القرار بالهبوط لأننى كنت أريد أن يكون انتصارا كاملا حتى النهاية، فيجب ألا يفوز الإسرائيليون بأى شئ فى هذا الاشتباك ولو حتى تدمير طائرة لنا لأن وقودها قد انتهى.
ولمست عجلات الطائرة أرض الطريق بعد متر أو اثنين من حافه الطريق لتندفع الطائرة على سرعتها لأفاجأ بعربة نقل كبيرة بمقطورة أمامى يقفز ركابها منها فزعا ويتركونها امامى على الطريق فرفعت مجموعه العجلات الخلفيه فورا ليبدأ باطن الطائرة فى الاحتكاك بالارض و تتوقف الطائرة فورا وسط الرمال على جانب الطريق.
أما حسن لطفى فقد خانه تقدير بدايه الطريق، وعندما بدأ الاقتراب النهائى للهبوط، لمست عجلاته الخلفية حافة الطريق البارزة ما بين الأسفلت وبين شاطئ الخليج، لتنقلب طائرته و تنفجر ويستشهد الطيار حسن لطفى بعد أن أدى واجبه كاملا، ويزف إلى الجنة فى أجمل و اطهر ما يكون اللقاء.
هبطت من الطائرة ساجدا لله لتنهار قواى وأنا ساجد ويغمى على، لتبدأ الاصوات تعود الىّ ببطء على صوت طائرة هيلكوبتر اسرائيلية تقترب منى محاولة أن تأسرنى، نفس الطائرة التى أبلغ عنها ليدر 1، لكن المضادات المصرية طردتها بسرعة.
وصلت طائرة هيلكوبتر مصرية لالتقاطى وبها عدد من الفنيين للاطمئنان على طائرتى يقودها الطيار عمر لطفى و الذى كان فى دهشه مما يراه ، فلأول مرة يشاهد طيار مصرى طائرة مقاتله تهبط على طريق وتظل سليمة خاصة طريق بهذا السوء ملئ بالحفر، فما كان منه الا انه اكتفى بترديد سبحان الله و هو مندهش.
وعدت إلى مطار بنى سويف، وتم وضع شباك تمويه على الطائرة لحمايتها وإخفائها فى ذلك الوقت كان اللواء طيار حسنى مبارك فى زيارة إلى ليبيا فأعطى تعليمات بأن تظل تلك الطائرة على الطريق حتى الصباح التالى، حيث إن الطريق يؤدى الى الكريمات ثم حلوان حيث ورشة اصلاح الطائرات والتى بدورها أرسلت سيارة نقل وجرار قطر طائرات لشحن الطائرة
المفاجأة أن طائرة هيلكوبتر إسرائيلية هبطت ليلا لقطع الطريق على سياره النقل التى من المفترض أنها تجر الطائرة لكن قرار اللواء مبارك بتأجيل نقل الطائرة أدى الى تفادى الوقوع فى هذا الكمين بعنايه الله، وفى الصباح التالى عثرت دوريه من حرس الحدود على اثار تلك الطائره وبقايا معلبات إسرائيلية بجوارها.
عدت إلى قاعدتى لأجد اللواء محمد نبيه المسيرى منتظرنى فى المطار لكن الفنيين والجنود والطيارين زملائى الذين علموا بتلك المعركة حملونى على الأعناق والهتاف بحياة مصر لأنال أعلى تقدير معنوى أناله فى حياتى من أحد.
وتمت مناقشه نتائج المعركه مع اللواء محمد نبيه المسيرى فورا بعد ان تلقيت منه التهانى، وتلى ذلك تكريم من اللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية المصرية ثم من المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية ثم من الرئيس محمد أنور السادات نفسه حيث أخبرته أنه لو عاد بى الزمن لقمت بنفس العمل لأن كل شئ يهون فى سبيل مصر وكرامة مصر وبسبب هذا الاشتباك نلت وسام الشجاعه ووسام النجمة العسكرية، وحاليا ترقد طائرتى التى شاركت فى هذه المعركه فى بانوراما حرب أكتوبر وأرقامها 8040.