بعد تعليمات المرشد بإبعاد الحرس الثورى والجيش عن الاقتصاد.. الجيش الإيرانى يقبل القرارات والحرس يلتزم الصمت.. الرئيس الإيرانى يواصل انعاش الاقتصاد ويأمر بالحد من تدخلات الحكومة فى الاقتصاد ويتجه لخصخصة شركاتها


إسراء أحمد فؤاد

بخطوات متعثرة يسير الاقتصاد الإيرانى نحو الخصخصة، واطلاق اقتصاد حر يمتلك فيه الشعب مفاتيح شركاته، وذلك عقب التحول الجديد لسياسة الدولة الإيرانية فى إدارة الملف الإقتصادى، وإصدار الزعيم الأعلى فى إيران والقائد الأعلى للقوات المسلحة، آية الله على خامنئى تعليمات بتخفيف قبضة المؤسسات العسكرية المتمثلة فى القوات المسلحة والحرس الثورى عن الاقتصاد، تعليمات تبعتها قرارات أخرى جريئة من الرئيس الإيرانى برفع يد الحكومة عن الاقتصاد تدريجيا.

 

بعد أيام من قرار المرشد الأعلى، أصدر الرئيس حسن روحانى قرارا للحد من تدخلات الحكومة فى الاقتصاد، وذلك تمهيدا لنقل ملكية شركاتها إلى القطاع الخاص، وكشف محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيرانى، أن الأخير أصدر أوامر جديدة بالحد من سيطرة بعض المؤسسات التى تديرها الدولة على الاقتصاد.

 

وبحسب صحيفة "ايران" الحكومية، أوضح واعظى أن روحانى أصدر تعليمات طالب فيها المؤسسات التابعة للحكومة بنقل ملكيتها إلى القطاع الخاص، من أمثال مؤسسة الشهيد "بنياد شهيد"، وهيئة التأمين الإجتماعى "سازمان تامين اجتماعى" وبعض البنوك، على أن تترك  تلك المؤسسات نشاطها الاقتصادى لصالح القطاع الخاص لدعم هذا القطاع الفترة المقبلة.

 

وأكد مدير مكتب الرئيس الإيرانى، أن روحانى لديه إصرار على نقل الأنشطة الاقتصادية التى تديرها المؤسسات العسكرية إلى الشعب والقطاع الخاص، ويرى أنه على الحكومة أيضا أن ترفع يدها عن الاقتصاد قدر ا،مکان، حتى تنعدم سيطرتها فى المستقبل لتصل إلى الصفر.

 

 وقال واعظى، ينبغى علينا تقوية القطاع الخاص، وتسليم المؤسسات الاقتصادية إلى هذا القطاع والشعب، لذلك يرى أن تعليمات خامنئى لا تخص الجيش والحرس فحسب، بل قرار معنى به كافة قطاعات الدولة.

 

وثمن واعظى القرار الذى أصدره المرشد الأعلى، لوزارة الدفاع  لمتابعة إجراءات خلع يد الجيش والحرس الثورى من الأنشطة الاقتصادية، والذى كشف عنه وزير الدفاع أمير حاتمى خلال مقابلة فى صحيفة "إيران" مطلع الأسبوع الجارى، وقال فيه إن خامنئى أصدر توجيهات بتخفيف قبضة الجيش والحرس الثورى عن الاقتصاد ووقف نشاطهم الاقتصادى ومنح شركاتهم الاقتصادية للشعب.

 

13941122164343149_PhotoL

حسن روحانى

 

إحياء قرار قديم

التغيرات التى ستطرأ على القطاع الاقتصادى داخل إيران، والاتجاه نحو الخصخصة لم يكن مفاجأ أو وليد اللحظة، ففى عام 2006 أكد خامنئى على بضرورة تنفيذ المادة 44 من الدستور، وخصخصة 80% من القطاع العام والتنازل عن الشركات الإيرانية إلى القطاع الخاص، إلا أن ذلك لم يحقق على أرض الواقع، واعتبر الخبراء فى إيران أن نقل القوات المسلحة المؤسسات الاقتصادية المملوكة لها إلى القطاع الخاص يعد أكبر حداث اقتصادى فى إيران، حيث تأتى تلك القرارات الهامة بعد أسابيع قليلة من احتجاجات عارمة شهدتها مختلف المدن الإيرانية أواخر ديسمبر الماضى، ضد الوضع الاقتصادى المتدهور.

 

الأمر الذى دفع العديد من المحللين فى الداخل لمناقشة تداعيات القرار وتطبيقه، وبحسب صحيفة "شهروند"، علق هادى حق شناس الخبير الاقتصادى الإيرانى، قائلا إنه وفقا لقرار المرشد عام 2006 بتطبيق المادة 44 من الدستور، التى تقتضى منح الاقتصاد إلى الشعب، أو بعبارة أخرى، بخلاف القضايا السيادية على الحكومة ألا تتدخل فى الاقتصاد، على أن يتم نقل الشركات الحكومية للقطاع الخاص الحقيقى، لكنه رأى أنه خلال العقد الماضى وبحسب تقارير المؤسسات الرسمية فى إيران لم تحدث خصخصة حقيقية.

 

قادة الحرس الثورى
قادة الحرس الثورى

 

ردود أفعال الحرس الثورى والجيش

قرار المرشد الأعلى، لاقى رد فعل من قبل قادة الجيش الإيرانى، الذين أعلنوا قبولهم بشكل صريح بالقرار، وعلق القائد العام للجيش الإيراني، العميد أحمد رضا بوردستان، فى مقابلة مع صحيفة "همبستگی" الإيرانية، قائلا "إن أنشطة الجيش فى المجال الاقتصادى ليست واسعة، لكن نسعى أن نوقف هذه الأنشطة الاقتصادية مع مطلع العام الجديد" (السنة الشمسية الإيرانية تبدأ فى 21 مارس)، مشيرا إلى أن الجيش تدخل السنوات الماضية فى بعض الأمور الاقتصادية، بشكل يتناسب مع احتياجات البلاد، وتقديم مساعدات للحكومة.

 

وعلى عكس منه، التزم قادة الحرس الثورى البارزين الصمت حيال تعليمات المرشد، فيما عدا تصريحات قالها نائب قائد مقر ثار الله التابع للحرس الثورى العميد محمد كوثرى، فى مقابلة لموقع "اعتماد اونلاين" الإيرانى، الذى نفى تدخل هذه المؤسسة فى الاقتصاد، قائلا "الحرس الثورى لم يتدخل مطلقا فى العمل الاقتصادى، وأغلب أنشطته الاقتصادية كانت تصب فى العمل الإنشائى وفقا للدستور الإيرانى.

 

وردا على سوال، لو لم يتدخل الحرس الثورى فى الاقتصاد لماذا إذا أصدر المرشد تعليماته لهذه المؤسسة، قائلا "لا أعلم، يجب أن أتابع تفاصيل هذه القضية"، وحول ما إذا كانت هناك مشكلات فى أنشطة الحرس الاقتصادية أدت فى النهاية إلى إصدار هذا القرار، قال كوثرى "لو كان هناك مشكلة، يجب أن تُسأل عنها المؤسسة، لأننى لا أعمل فى هذا القطاع، ينبغى أن يسأل مسئولى هذا القطاع المعنيين"

 

ويبدو من مقابلة كوثرى، أن هناك تخبط وامتعاض واضح داخل الحرس الثورى المسيطر على مفاصل الدولة من القرار الجديدة والتى جاءت فى صورة تعليمات أوكل بها المرشد وزارة الدفاع لتطبيقها وتحت إشراف خاص منها، ولم يصرح هو به أو يصدر بيان  كما هو متبع فى قراراته المفصلية، الأمر الذى لا يستبعد فيه حدوث صدام بين مؤسسة الولى الفقيه والمرشد.

 

العميد محمد كوثري
العميد محمد كوثري

 

 

تساؤلات البرلمان حول القرار

قرار المرشد الأعلى، وجد صدى واسع داخل البرلمان، وبحسب وسائل اعلام إيرانية، يرى بعض نواب البرلمان أن تطبيق القرار فى بعض الجهات لا يعد أمرا سهلا، وقال نائب منطقة سبيدان علاء الدين خام، "أن كافة الأنشطة الاقتصادية للحكومة وأنشطة الحرس الثورى لا يمكن نقلها للقطاع الخاص.واعتبر النائب أن قسما من نشاطات الحرس الثورى لا يمكن للقطاع الخاص أن يديرها، فالحرس الثورى لديه نشاطات فى صناعة البتروكيماويات، ويصنع مصفاة النفط، تلك الأمور خارجة عن قدرة القطاع الخاص على حد تعبيره. ولا تزال الأوساط السياسية والإعلامیة الإيرانية تناقش القرار وعملية تطبيقه على أرض الواقع.

 

البرلمان الإيرانى
البرلمان الإيرانى

 

 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع