الشاعر الكبير فؤاد حجاج لـ" صوت بلادي": حديث الصباح والمساء تجربة ولدت من رحم صرخة جنين

الشاعر الكبير فؤاد حجاج لـ" صوت بلادي": حديث الصباح والمساء تجربة ولدت من رحم صرخة جنين
الشاعر الكبير فؤاد حجاج لـ" صوت بلادي":  حديث الصباح والمساء تجربة ولدت من رحم صرخة جنين

 

الشاعر الكبير فؤاد حجاج لـ" صوت بلادي"

  • حديث الصباح والمساء تجربة ولدت من رحم صرخة جنين
  • الحجار وأنغام أكثر فنانين تغنوا بكلماتي لكنهم مقصرين في السؤال عني
  • التشابة القريب بين اسمي واسم فؤاد حداد تسبب لي بنوع الدعابة اللطيفة مع الجمهور .

 

حوار : رشا لاشين

 

ظهر جليا بعد جيل شعراء العامية العظماء إسمة ارتبط كثيرا بشاعر كبير واصبحوا توأم غير ملتصق لأن الأقدار فرقت بينهما بحرف واصبحت شهرتهما وأعمالهما رهان هذا الحرف الذي يمثل مفارقة عجبية .. فؤاد حداد الذي يسبق اسم الشاعر الكبير فؤاد حجاج كان له نصيب ان تكثر اعمالهما بسبب خلط الجمهور بين الاسمين .. فؤاد حجاج شاعر من الزمن الجميل وشاهد أمين علي عصر من افضل العصور التي مرت بها أم الدنيا .. كان ل " صوت بلادي " معه في هذا اللقاء

 

 

س : كيف كانت بدايتك مع عالم الشعر وخاصة انك كنت في سن صغيرة جدا ؟

ج : الرحلة بدأت بمفارقة بين الحياة والموت حيث كنا كشباب تلك الفترة نعانى من مرارة نكسة 1967 وإذا بي أعلم أن أبنا لأسرة مجاورة لنا في السكن كان مجندا ووصل خبر استشهاده في نفس اليوم الذي ولدت فيه زوجته مولودا جديدا ووجدتني اكتب عن لسان ذلك الوليد واستنطقه بمشاعر أوجاع الفراق وقلت هذه المشاعر بين الناس والناتج دائما هو إشعال مشاعر الناس وكما قال عمنا نجيب سرور:

(الشعر مش هو المقفى والفصيح .. الشعر لو هز قلبك وقلبي شعر بصحيح) ومن هنا كانت البداية التي تدل على ارتباطي مبكرا ومنذ الإرهاصات الأولى بهموم هذا الوطن.

 

 

- كانت بدايتك مع شعر العامية ثم تنوعت الإبداعات فكيف جاء ذلك؟

- كانت أغلب قراءاتي الباكرة في المسرح لدرجة أنني التهمت الـ 36 مسرحية لوليام شكسبير ولهذا تزامن عشقي للدراما مع بداية كتاباتي في الشعر العامي وكانت تجربتي الأولى مع مسلسل للأطفال وهو الشاطر حسن بطولة يونس شلبي و إخراج عيد عبد السلام وأرى أن الشعر قد لا يستوعب كل أشكال التعبير و لهذا كتبت العديد من المسلسلات الإذاعية و البرامج الشعرية أيضا ومنها جحا 79 بطولة عبد المنعم إبراهيم و إخراج مصطفى عيد كما قدم لي مسرح الدولة قطار الحواديت على مسرح البالون إخراج الدكتور عمرو دوارة و أيضا والله زمان يا فاطمة على مسرح السلام إخراج حسام الدين صلاح و شرفني المخرج حسن عبد السلام لكتابة أشعار مسرحية ابن حسب الله و نساء السعادة والتي لم تنفذ بعد (هن آه من هن) ونلحظ عبر هذا المشوار مجاراة الإبداع الشعري بإبداعات أخرى لا تخلو تماما من الشعر و لذا لن أقول لك (كلهم أولادي) ولكن أقول أن كل موضوع وفكرة تنادي الشكل الفني لها فلا أملك إلا أن اكتب و كأنني مدفوع بهاجس خفي يحرضني على الإنجاز.

 

 

- المبدع المتعدد العطاءات فؤاد حجاج .. لو سألك شباب المبدعين في أيامنا هذه عن مؤلفاتك التي احتضنتها المكتبة العربية .. فما قولك؟

- ديواني الأول صدر في عام 1971 م تحت عنوان (وادي الخوف) ورثيت عبد الناصر في ثلاثة قصائد متتالية و في عام 1973 كان ديواني (في المحكمة) ثم غنوة المطر في عام 1987 وصدرت الطبعة الثانية في 2003 ثم دراسة مشتركة من النقابي الفنان إبراهيم الأزهري أمين عام اتحاد العمال الآن و الدراسة بعنوان (العمال و المسرح) ثم يوميات عبد العال وهى قصيدة درامية بشعر العامية تتناول موضوع الغربة في حياة الإنسان المصري الذي يبحث عن لقمة العيش و الستر ثم محاكمة شخصيات نجيب محفوظ في عام 1988 وصدرت الطبعة الثانية في عام 2003 وفى عام 1989 نور النار و فى عام 2004 فتافيت الجمر وفى عام 2007 قطار الحواديت وهى مسرحية غنائية للأطفال و في عام 2008 علام قطار الأحلام وفى عام 2009 سلامات يا ست روز وكان ليه يا عم نجيب هذا بالإضافة إلى دراسات عن بتهوفن معزوفة التحدي وطه قنديل هذا الوطن .

 

 

س: الشاعر مرآة وطنه وانت تعددت عندك فنون الكتابة لما لا تعود لترتقي بالذوق العام وتكون صدي لمصر في هذه اللحظات الحرجة؟

ج : منذ عام 2010 وانا احاول ان انسج بكلماتي ثوب يناسب ما تمر به مصر من أحداث .. شعرت أن مصر تعود للوراء وكأنها تقع في هوة سحيقة بسرعة كبيرة وأن الموقف يخرج لي لسانه سخرية .. وقتها دعيت لبرنامج ندوات ينظمة صندوق التنمية الثقافية فألهمني الله لفكرة لما لا أستعيد الثنائي القديم المعروف المطرب والراوي او الشاعر فنفذت الفكرة بناء علي أساس ان الضد بالضد يعرف فاستحضرت زمن الإنجاز وزمن البيع في مده زمنية قدرها 45 دقيقة وفي حالة انسجام بيني كراوي وبين المطرب الشبراوي الرائع فايد عبد العزيز والذي كان علي قدر المسئولية وتجول هذا العمل وتجولنا معه الي 108 مكان من سوهاج الي الإسكندرية رغم دقات البرد علي صدري الا انني انطلق بمجرد مشاركتي في العمل واصبح المشاهد محاصرا بكمية حزن وشجن ودموع لانني وضعته في مقارنه بين زمنين " كان والان " ولكن بطريقه حساسة راقية ومنذ أن بدأت مشواري لم اقل قصيدة صادمة ابدا في حياتي لكنني قلت القصيدة الناعمة التي اقول من خلالها كل شيء دون ان أكون فج أو غليظ الكلام ولكنني ألمح وأشير ، أجمع حروف فسيفسائية بجوار بعضها البعض وماعلي المستمع الا أن يقرأ اللوحة فبالتالي كانت هذه حالة اشتباك مباشر بيني وبين الجماهير وخاصة علي صفحات جريدة العمال التي اكتب فيها منذ عام 1978 الي عام 2011 فتخرج علي يدي أجيال تابعتني وتابعت قراءاتي واشعاري وكنت لا اتعالي ابدا علي صغار الموهوبين فأتبناهم وانشر لهم بالجريدة أعمالهم أما صاحب الموهبه المكسورة كنت أجبر له كسرة وانشر له قصائدة دون ان اشير حتي لا أجرح أحدا فإذا كان نجما في دائرته لا أخدش وجة نجوميته بأي شكل من الأشكال .

وبعد هذا العمل كتبت " قوم يامصري" مع اقتراب الثورة وتوهج العمل مع توهج الأحداث واظهرت المصري بكافة صفاته من جدعنه وشهامة ومروءة وصفات السيء من استغلال وخيانه واستعراض وصدر هذا العمل ضمن رواية ا" الحد الفاصل" الذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب واستخدمت نفس الثنائي المطرب والراوي وكان هذا منذ حوالي عامين ونشرتها جريدة الدستور تباعا علي مدي 18 يوم بعد ذلك تاه عني المشهد وأصبحت في حالة تشتت لا اعرف اين أنا ؟

فأنا لا اكتب لمجرد الكتابة .. لكنني أكتب ما أشعر به وكأنني نائب عن كل صاحب رأي لا يستطيع التعبير عما يجول في نفسة .

فمثلا عبرت عن ذلك في مسلسل راجعلك يا اسكندرية قمت بتأليف 12 مقطع وكان منهم هذا المقطع الذي أعتز به كثيرا ويقول : يا ايد الغدر

 

ليه بالغدر قصداني

في قلب العشق للدنيا وظلماني

في قلب العشق للدنيا

وليه الدنيا ظلماني

في وقت ما اقول انا ليها

تروح هي معنداني

وايه الباقي مش عارف

تاريخ الخوف انا خايف

عشان الغدر يتسحب

يمد ايديه ولا يصالح

ويسرق بكره وامبارح

اقاوح ولا استسلم

اموت ارحم

وفيا نبض بيقاوح

 وقام علي الحجار بغناء التتر بشكل بديع جدا ولكن صلتي انقطعت فجأه بعلي الحجار وقد دعيته لأن يقوم بأداء شيء من أعمالي التي تناسب واقع الثورة ولكنه اعتذر وقال لي أنا بعمل حاجه للأبنودي ومن وقتها لم يتصل بي الحجار ابدا وأيضا أنغام التي غنت أعمالي في حديث الصباح والمساء كتبت علي التويتر في عزاء الشريعي .. رحم الله عمار الشريعي وربنا يخلي لنا عمنا فؤاد حجاج .. كلها شكليات ياعزيزتي لم يسال عني أحدا منهم بالهاتف حتي في المناسبات .

بمناسبة ذكري لحديث الصباح والمساء انغام قامت بغناء التتر بعد اربع اصوات قبلها ولم اجد افضل منها والحمد لله الظروف كلها كانت في خدمة العمل فاللحم والدم كان ل" محسن زايد " كاتب العمل والذي تناول حال الأسرة المصرية ما قبل نزول السيارة للشارع وكنت أقرأ  حلقة بحلقة فكان كاتب السيناريو بديع في صياغته راقي في تعبيراته وكنت في حالة متعه اثناء قراءة الحلقات وفي الحلقة العاشرة وجدتني اؤلف تتر المسلسل "مين فينا جاي مرساه مين رايح " .." لحظة ميلاد الفرح كان في حبيب رايح " ، فولدت حديث الصباح والمساء من رحم " صرخة جنين " التي كتبتها وعمري 18 عام والكلمات هذه تكاد تكون هي التي كتبتني وليس العكس فهي أمليت عليا من الوهاب وانا قمت بتدوينها ومحسن زايد وقتها كان يصر علي ان يقوم الراحل عمار الشريعي بتلحين هذه الكلمات ووافقته تماما .

 

س : هناك مواقف كثيرة تعرضت لها بالتأكيد بسبب تشابة السجع والاسم مع اختلاف حرف واحد فقط بينك وبين الشاعر الراحل فؤاد حداد .. ما أطرف المواقف التي تعرضت لها بسبب تشابة الإسم بصورة ملفته للنظر ؟

ج : كثير من الناس كانوا ينسبون أعمال الشاعر الكبير الراحل فؤاد حداد لي  والعكس صحيح مما سبب لي متاعب كثيرة في بداية مشواري الأدبى لكن بعد ذلك ذهبت لزيارتة قبيل وفاتة ووقتها كان يذاع لي عمل بعنوان " أبو الهول بيقول" كان يغنيها الفنان سمير الإسكندراني تقول كلماتها :

محروسة مصر اللي حارسها رب العباد معاه ناسها

والحب فينا مونسها وأنا وإبن عمي على الجانى

وكان ابو  الهول في هذا العمل شاهدا علي التاريخ وكنت أتناول سيرة كفاح المصريين ضد الحملة الفرنسية ودور البسطاء فيها وليس الزعماء وبعد بحث جهيد حصلت علي 30 مصدر بعد ستة اشهر من عناء البحث في دار الكتب لجمع شخصيات العمل من وحي خيالي بحكم التاريخ وقمت بكتابة العمل الذي كانت تستغرق الحلقة المذاعة فيه 20 دقيقة وكانت تذاع قبل المسلسل اليومي فقال الراحل فؤاد حداد لي هل تصدق أن الناس تعتقد أنني مؤلف هذه الحلقات ؟

فقلت له يكون لي الشرف يااستاذ كذلك الأمر بالنسبة للمسحراتي نسبوا عمل الراحل فؤاد حداد للعبد لله لذلك قمت بتأليف حلقات باسمي ايضا تحت عنوان المسحراتي ولكن كتبتها بنوع من التهيب وكانت انتاج القناة الخامسة بالاسكندرية وكنت اتقاضي مبالغ زهيدة جدا فوافقت علي المبدأ وكان قد مضي علي وفاة الشاعر الراحل فؤاد حداد اكثر من ست او سبع سنوات اسمي واسم الشاعر الراحل متشابة وهذا الأمر سيريح أخواتنا في الصعيد لأنهم ينطقون الجيم دال .. الاسمان مثل التوأم غير الملتصق .

والجدل الذي يحدث حول الي من تنسب هذه الأعمال سواء كان لي أو للراحل فؤاد حداد أو الراحل سيد حجاب لا يزعجني ابدا بل هو نوع من المدح اللطيف.

 

 

س : هل من المسلمات أن يكون الشاعر هو راية الحاكم بمعني أن هناك شعراء عامية من الشباب لا يتفقون مع الحاكم ويحجبون تماما فيظهر أنصاف المواهب .. ؟

ج : الإعلام عليه دور وعامل مهم لابد أن يؤمن بموهبة هؤلاء الشباب ويدعموهم ويقدموهم للجمهور وطالما ان الحظر لا يشمل الجرائد أو أي وسيله من وسائل التواصل الإجتماعي نستخدمها فورا لكن القضية الأعمق هو أننا نطالب بمزيد من الحرية لانها تصنع المجتمعات المتقدمة وفرض الرأى من قبل الدولة علي المواطنين هذا تحدي من قبلهم وتحدي أيضا للمستقبل فالقضية هنا هي إفشاء مبدأ الحرية مابين الناس.

 

 

س : هل هناك أمل في عودة الروح للحياة الثقافية في مصر خاصة بعد تقلد الدكتورة إيناس عبد الدايم منصب وزير الثقافة ؟

ج : طالما أنه توجد الحياة فإنه سيوجد الأمل لكن لو الحياة توقفت اذن فانتهي الأمر لكن مازلت حتي هذه اللحظة لا أستطيع أن اكون متفائلا بشكل كامل لكنني أقول لكي أنني " متشائل" الا اذا انصلحت أمور الحياة السياسية والإقتصادية تجعل نصف الكلمة السيء يزول تماما وأن تتحقق العديد من الأحلام التي تراودني وتراود كل مصري مخلص لوطنة .و أن يكون هناك نوع من التناغم بين أصحاب القرار وبين من ينفذون هذا القرار.

 

 

س : ما رأيك بحجة من يقول أن نقص الميزانية بالدولة يحول دون التطوير والنهوض بمراكز الثقافة الجماهيرية وقصور الثقافة علي العلم من ان هناك دولا عربية تهتم بتطوير منظوماتها ومبانيها الثقافيه وخاصة ان الريادة لمصر .. فما تعليقك ؟

ج : هي تكئة كاذبة يتكئون عليها مصر مليئة بالخير وهناك اموال تصرف ببذخ لأشياء عابرة واعتبارات تافهه والقضية الأم تكمن في توزيع الحقوق اذا تم توزيعها بالعدل فنحن نسير في الاتجاة الصحيح واذا لم يحدث هذا سيظل الميزان مأرجحا فكما انا مؤمن ببلدي وبريادتها في كل المجالات فلابد علي أن استغل العقول الجبارة بها واعتمدنا عليهم بدون وسائط دون محاباة سنسير بالطبع في ركب التقدم وسيخترع المصري الذي لم يخترعة الأوروبى .. فجدك بني لك الهرم وانت بنيت السد .. عبد الناصر أنشأ السد في ظروف سيئة جدا جدا ليتحدي به العالم ولم نتبرع لبناء السد العالي ابدا فهو تم بناؤة دون ان يمس جيب المواطن المصرى فلم نعيش هذا الغلاء حتي ايام حرب اكتوبر .. أين تشغيل واستغلال الثروات البشرية المملوءة بها مصر ؟

القضية تكمن في الادارة وعلي رأي ما يقولون في أمثالنا الشعبيه " أنا جمل زين ولكن علتي الجمال " .

فأتمني من الله أن ينصر بلادنا ويحميها ويحقق ما تسعي اليه خلال هذه الظروف الصعبة.

 

 

س : ما الكلمة التي تود ان توجهها إلي الجالية المصرية في أمريكا ؟

ج : الأفكار الجينية تزلزلت مع الصراعات التي مازالت تدور تحت راية الإسلام والذبح تحت لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذه تناقضات عجيبة الشكل  ولابد علي الجالية المصرية الا تفرط يوما في النبع الأساسى ولا يتخلوا عنها بأي حال من الأحوال حتي لو كانت الظروف لم يمكنك منها وطنك لأن وطنك في حالة مرضيه تستوجب الدعاء له بالشفاء وأيضا يجب عليهم أن يتمسكوا بمصريتهم ويظل فخورا بها لأن العالم يحج الي مصر لمشاهدة حضارتها القديمة .