ترجل ثلاثة يابانيين من طائرة تعود لشركة الطيران الفرنسية «إير فرانس» فى مطار «اللد» أو «بن جوريون الدولى»، وانتظروا حقائب سفرهم وعندما وصلت الحقائب لأيادى المسافرين أخرج الثلاثة أسلحتهم الأوتوماتيكية من حقائبهم، وباشروا إطلاق النار فى كل اتجاه وإلقاء القنابل اليدوية على أرض المطار، وأدى ذلك إلى قتل ٢٦ مواطنًا مسافرًا، معظمهم من الأجانب، وجرح نحو ثمانين، أما المهاجمون الثلاثة، فقتل واحد منهم بعدما نفدت ذخيرته، فيما انتحر الثانى بتفجيره قنبلة يدوية على ما يبدو، وألقى القبض على «كوزو كوموتو» بعد إصابته، والذى تحول فى أوساط «الثورة اليسارية العالمية» إلى أكثر المناضلين والسجناء شهرة، بعد أن أمضى 13 عامًا فى الأسر فى السجون الإسرائيلية، أمضاها بالعزل الانفرادى بعد أن حكمت عليه محكمة إسرائيلية ٣ مؤبدات».. «عرب 48 - موقع إلكترونى - توفيق عبدالفتاح - 31 مايو 2014».
تم تنفيذ هذه العملية يوم 30 مايو «مثل هذا اليوم عام 1972»، وكانت فى رأى «غسان شربل» ضربة موجعة وجهها «المجال الخارجى» فى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بقيادة «جورج حبش» إلى إسرائيل عبر الرفاق «اليابانيين»، مؤكدا فى كتابه «أسرار الصندوق الأسود» عن «دار رياض الريس» أن «وديع حداد» كان هو قائد «المجال الخارجى» الذى كان يقوم بمثل هذه العمليات، مضيفا: «تحول حداد رمزا وملاذا، وتحول «المجال الخارجى» معهداً للثوار، تخرج منه من هزوا العالم بعنف «سالم» الفنزويلى الذى لم يكن غير «كارلوس»، و«مريم» اليابانية التى لم تكن غير «نوركو شيغينوبو» زعيمة «الجيش الأحمر» و«مجاهد الأرمنى» الذى لم يكن غير «آغوب أغوبيان» زعيم «الجيش السرى الأرمنى لتحرير أرمينيا»، يضيف «شربل»: «جاءوا من بعيد إلى المعسكرات الصغيرة، قلة تدربت فى الأردن قبل إخراج المقاومة الفلسطينية منه، قسم تدرب فى لبنان، بعضهم فى مقديشيو «الصومال»، لكن المعهد الكبير كان فى «عدن» باليمن الجنوبى، وقت أن كان اليمن دولتين، شمال، وجنوب».
يكشف «شربل» عن أسرار عملية «مطار اللد»، مشيرا إلى أن «المجال الخارجى» أقام علاقة مع تنظيمات ومجموعات فى العالم تعتقد أن المعركة واحدة على مستوى العالم كله، وإن كانت لكل بلد خصوصيته، ومن تلك العلاقات كانت العلاقة مع مجموعة من «الجيش الأحمر اليابانى»، وكانت موجودة فى بيروت، وتخضع لتدريبات ويتنقلون بين شقة وأخرى للسرية وضمانا لعدم معرفة سر وجودهم، ويصفهم شربل قائلا: «كان لدى أفراد هذه المجموعة ولع بالنقاش خصوصا حول مائدة الطعام»، ويضيف أنه فى أثناء تلك الفترة، غرق شاب أمام صخرة «الروشة» فى بيروت، وكان هذا الغريق أحد هؤلاء اليابانيين، وكان مقررا أن يشارك فى عملية «اللد» التى كان «حداد» يخطط لها فى سرية تامة، ويؤكد «شربل»، أنه كان من الطبيعى أن يثير غرق «اليابانى»أسئلة حول هويته، وماذا يفعل، فقرر «حداد» التعجل بتنفيذ العملية، وبالرغم من شعور الذين سيشاركون بألم فقد زميلهم، فإنهم تجاوزوا الحادث وعقدوا سلسلة لقاءات مع وديع وتعيين بديل للشاب.
يؤكد «شربل»، أن «حداد» شرح لأفراد المجموعة الخطة كاملة، وكانت: «الصعود إلى الطائرة والأسلحة التى ستكون بحوزتهم وبينها قنابل صنعها «المجال الخارجى»، ولم تكن أجهزة المطارات قادرة على اكتشافها، والانطلاق إلى محطة أخرى، ومنها إلى مطار اللد، كان المنفذون ثلاثة فى حوزة كل واحد منهم رشاش من طراز «كلاشينكوف» مع الذخائر والقنابل، وصلوا إلى مطار اللد، وحين جاء دورهم للتفتيش فتح كل واحد منهم حقيبته وبدأ إطلاق النار، هزت عملية اللد الكيان الصهيونى، كانت الضربة التى وجهت إليه مؤلمة ومكلفة، دخل المنفذون المطار بأسلحتهم، يابانيون ينفذون هجوما جريئا و«الجبهة الشعبية» تعلن مسؤوليتها، فى الجانب المالى وحده أنفقت مبالغ مالية هائلة لتحسين إجراءات الأمن فى مطارات إسرائيل، ومطارات الدول الغربية أيضا، راحوا يضعون أجهزة الرقابة ثم يستبدلونها بأخرى أكثر تطورا».
يؤكد «شربل»، أن بعد كل عملية من هذا النوع كان يتم وضع خطة أمنية لإقامة وتحرك الكوادر الأساسية للجبهة الشعبية حينها مثل قائدها الدكتور جورج حبش، وفى هذه العملية بالذات طلب وديع حداد من الشهيد الكاتب الروائى غسان كنفانى «وكان حينها الناطق الرسمى باسم الجبهة وأحد مفكريها، ووضع تحت الإعلام بصورة خاصة»، أن يغير مكان إقامته وسيارته مع تأمين التسهيلات اللازمة لذلك، إلا أن كنفانى تردد خوفا من المزايدات التى قد تصفه بـ«البرجوازى».
بقى «أوكوموتو» فى السجون الإسرائيلية، وتعرض لتعذيب جسدى ونفسى، وتم عزله مما أدى إلى تدهور صحته العقلية والنفسية بشكل كبير، وفشلت كل محاولات «الجبهة الشعبية» لإطلاق سراحه، حتى تم تحريره فى صفقة تبادل «النورس» التى أبرمت فى العام 1985 بين الإسرائيليين والجبهة الشعبية - القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع