بوابة صوت بلادى بأمريكا

بعيدًا عن التسريبات.. ما بين استقالة أو إقالة عبدالله بن ناصر نقطة تحول فى الديوان القطري.. 5 مشاهد لا يُمكن إغفالها لتحليل المشهد.. تعيين رجل تميم خلفًا لعبدالله بن ناصر رجل "بن جاسم" وعشاء "الحمدين" أبرزها

الأيام المقبلة تحمل الإجابة: إما تعديل فى السياسات القطرية أو استمرارها على النهج المعادى لمحيطها العربى والخليجى 

 

تسريبات وتكهنات ملأت سماء الفضاء الإليكترونى سواء عبر المواقع الإخبارية أو الصفحات والحسابات المختلفة عبر السوشيال ميديا، خاصة موقع التدوينات القصيرة، تويتر حيث الكثير من المهتمين والمتابعين والسياسيين للشؤون العربية ولاسيما الخليجية؛ حول خبر استقالة رئيس الوزراء وزير الداخلية القطرى، الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثانى الأسبوع الماضي.

 

الإعلان بشكل رسمى جاء من قبل عبدالله بن ناصر عبر حسابه الرسمى علة تويتر، أعقبه توجيه الشكر له من قبل أمير قطر، تميم بن حمد آل ثانى عبر حسابه الرسمى على تويتر، وهكذا فإن الأمور بشكل رسمى تحدث عن استقالة "بن ناصر" وقبول الأمير القطرى بها. فيما أثار هذا الأمر الكثير من الجدل والتوقعات والتحليلات خاصة فى إطار ما تداوله نقلًا عما يُسمى بالمعارضة القطرية أو مصادر من داخل الديوان الأميرى، بأن عبدالله بن ناصر لم يستقل من منصبه بل تمت إقالته، بسبب أوامر تركية صادرة من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، كونه ونظامه أصبحوا متحكمين بشكل كبير فى القرار القطرى بعد توغل قواته العسكرية فى أراضى الدوحة بموجب اتفاقيات رسمية بين البلدين، وبعد تسريب لعبدالله بن ناصر ينتقد هذا التدخل التركى فى بلاده، هذا ووصف البعض هذه الإقالة بمثابة انقلاب فى البلاط القطرى بسبب فقدان ثقة "تميم" فى من حولة مؤخرًا، وأيضًا بهدف تعزيز القمع فى الدوحة بعد ارتفاع وتيرة الاستياء من السياسات القطرية من قبل الشعب وبعض من أفراد السرة الحاكمة، وذلك من خلال تعيين الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثانى خلفًا لعبدالله بن ناصر.


رجل تميم فى مواجهة رجل الحمدين

ربما يجب العودة إلى بداية وأصول الموقف للوصول للسيناريوهات الأقرب إلى الواقع، فبعيدًا عما أفادت به عدد من التقارير والتسريبات الإعلامية خلال الأيام الماضية، يجب الإشارة إلى أن عبدالله بن ناصر هو أحد أبرز رجال تنظيم الحمدين، فهو أول رئيس وزراء قطرى ووزير داخلية فى أول حكومة بعدما تقلد تميم مقاليد الحكم من الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى منذ يونيو 2013، ليخلف بذلك حمد بن جاسم بن جبر، والذى عمل معه لعدة سنوات، فقد كان "بن ناصر" وزيرًا لدولة قطر للشؤون الداخلية وعضوًا فى مجلس الوزراء فى حكومة "بن جاسم" أثناء فترة حكم الأمير الوالد. فى حين أن رئيس الورزاء القطرى الحالى - خالد بن خليفة بن عبدالعزيز - هو أحد المقربين للأمير تميم فقد تولى منصب مدير مكتبه فى عام 2007 حينما كان وليًا للعهد، وهو المنصب ذاته الذى عينه به الأمير القطرى حينما تولى الإمارة، ثم رئيسًا للديوان الأميرى فى عام 2014. وفى تصريحات إعلامية أكد الأكاديمى القطرى ماجد الأنصارى على مدى العلاقة الوطيدة بينهما، قائلًا أن "رئيس الوزراء الجديد قريب جدًا من تميم"، مضيفًا أنه "جزء من دائرته الداخلية".


"عشاء التحدي" 

مشهد آخر يجب تذكره وهو تعمُد الحمدين فى الظهور سويًا، من خلال تسريب الآلة الإعلامية القطرية عبر السوشيال ميديا لصور تجمع بين الأمير الوالد و"بن جاسم" والتأكيد على العلاقات الوطيدة بينهما، ما يُرى فى ظل الظروف السياسية التى تُعانى منها قطر وأزمتها مع محيطها العربى والخليجى نوعًا من التحدى واستمرار فى سياسات قطرية طالما أضرت بالمنطقة ومن ثم بالدوحة ذاتها حيث أصبحت فى عزلة عن محيطها وأشقاءها وهو ما يُلاقى القبول فى الوسط الشعبى القطري. 


مبعوث تميم إلى السعودية 

ولا يُمكن إغفال أن عبدالله بن ناصر هو المسؤول القطرى الذى ذهب إلى المملكة العربية السعودية مؤخرًا وللمرة الثانية، بتكليف من تميم لتمثيله فى القمة الخليجية فى دورتها الـ40 فى ديسمبر الماضى، تلك الفترة التى اعتلت فيها وتيرة الأنباء حول مصالحة مُقتربة مع السعودية، بعد مقاطعة الدوحة من قبل الرباعى العربى (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) فى يونيو من عام 2017. وأنه تم مقابلته بروتوكوليًا وبشكل جيد من قبل الجانب السعودي. فيما انتهت الزيارة دون أى أنباء حول مصالحة أو تسوية الأزمة مع الدول الأربعة من الرياض؛ بل ازداد الأمر تعقيدًا فيما بعد، من خلال استمرار الآلة الإعلامية القطرية فى الترويج لمزاعم وأكاذيب حول القيادة السعودية وباقى دول المقاطعة.


اعتزال "بن الذيب"

ظهور الشعر القطرى محمد بن الذيب العجمى معتذرًا ومعلنًا اعتزاله الشعر تحقيقًا لرغبة أحد المقربين له ممن طلب ذلك، بحسب تعبيره فى مقطع فيديو تم تداوله عبر تويتر، بعد استقالة "بن ناصر" مباشرة، لا يُمكن ابعاده عن المشهد ذاته، فقد كان "بن الذيب" أثار غضب شعبى فى مطلع الأسبوع الماضى، بسبب قصيدة بُثت له يرثى خلالها قائد الحرس الثورى الذى تم اغتياله من قبل واشنطن، قاسم سليمانى، ما تسبب فى حالة من الجدل الكبير لما عكسته من استمرار النظام القطرى فى تحدى منظومة التعاون الخليجى فيما يخُص الشأن الإيرانى وتوتر العلاقات بين طهران وبعض من دول الخليج، وقد ردّ عليه الكثير من الشعراء والكتاب الخليجيين مُنتقدين موقفه ومن ثم الموقف القطرى من "سيلماني" واستمرار دعم إيران بشكل فجّ. والجدير بالذكر أن "بن الذيب" تم الإفراج عنه بعفو من "تميم" فى عام 2016، بعد أن كان حُكم عليه بالمؤبد فى عام 2012، بتهمة التطاول على الرموز القطرية والتحريض على الإطاحة بنظام الحُكم، بسبب قصيدة له بعنوان "قصيدة الياسمين" كانت تُشيد بالثورة التونسية مع تلميحات برغبة فى تكرارها فى دول خليجية آخرى ألمحت أنها قطر.


لا حرية رأى ولا حقوق إنسان 

أيضًا خبر بثته جريدة "الراية القطرية"، والمقربة من تنظيم الحمدين، نشرته ثم قامت بحذفه وتراجعت فيه بعد إثارته لحالة من الجدل الشعبى بشكل كبير، حيث جاء بشأن تعديلات على قانون إثارة الراى العام بقطر، وهو ما فسره البعض بأنه مٌنافى لما تتغنى به الدوحة من حرية الرأى والتعبير وإرثاء مفاهيم الديمقراطية. إضافة إلى تقارير حقوق الإنسان الدولية التى باتت مؤخرًا تنتقدها فى قطر، مشيرة إلى سوء معاملة العمال من الجنسيات المختلفة وبعض من المقيمين على أراضى الدوحة، هذا إلى جانب أزمة المهندس المصرى على سالم، وما بثته تقارير إعلامية خلال الأسابيع الماضية حول معاناته فى السجون القطرية وأسرته بشكل عام حيث منعهم من السفر.


فرصة للعودة والإصلاح

ان كل المشاهد السابقة الذكر وما بينهما من فارق زمنى مُتقارب إلى حد كبير؛ يعنى أن ثمة علاقة بينهم وأن ما صدّر من قرار بشأن عبدالله بن ناصر؛ ورحيله عن منصبه فى هذا التوقيت يحمل دلالة حول بادرة تُغير فى السياسات القطرية سواء كان سلبًا أو إيجابًا، وأنه اعتراف بفشل سياسات الدوحة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن ظلت تحت سيطرة "الحمدين" من خلال تصعيد رجالهم فى الديوان الأميرى والمناصب السياسية العليا فى قطر، وخروج تميم من المشهد، وظهوره بمظهر خيال المآتة كما سماه الكثير من الخليجيين عير السوشيال ميديا إبان تصاعد أزمة الدوحة مع جيرانها بمنظومة التعاون الخليجي. فهل يحاول "تميم" تحسين سياسات بلاده وإصلاح علاقاتها مع محيطها العربى والخليجى، أم سيتخذ مُنحنى مشابهًا لما سبق، ويبقى الحال على ما هو عليه ؟!.. ها هو ما ستُجيب عليه الأيام المقبلة.

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع