رحلة قد يظنها البعض شاقة، إلا أنها ممتعة، عندما تشاهد بعينك كيف تحولت الصحراء الجرداء إلى قلعة ومساحات خضراء، فى ذلك الوقت تتأكد أن مصر بها رجال قادرون على تحقيق الأحلام وجعلها حقيقة على الأرض، هذا ما شهدته منطقة غرب غرب المنيا ووسط، والتى يتم فيها استصلاح وزراعة 20 ألف فدان ضمن مشروع الــ 1.5مليون فدان.
حكايات أبطال يرفضون الإجازات ويواصلون الليل بالنهار حتى تحقق الحلم وتحولت تلك المساحة إلى جنة خضراء، لا يعبئون بدرجة البرودة التى تصل إلى صفر ولا حتى لهيب الشمس الحارة والتى قد تصل درجة الحرارة إلى 45، شقوا الطرق والمدقات، وغرسوا الشتلات وانتظروا حتى جنى الثمار ليتحقق الحلم، وتصبح منطقة غرب غرب المنيا جنة خضراء، ومنارة للمستثمرين.
قال الدكتور عادل الأشقر، رئيس قطاع الزراعة الآلية والمدير التنفيذى لمشروع غرب غرب المنيا، إن مشروع الـ20 ألف فدان تم تخصيصها لوزارة الزراعة فى عام 2017 فقام قطاع الزراعة الألية جهاز تحسين الأراضى بالزراعة بتسوية الأراضى وفى عام 2018 تم زراعة 600 فدان من محصول البنجر، و1000 فدان قمح وفى عام 2019 تم زيادة المساحة المزروعة بالبنجر لأنه من أفضل المحاصيل التى نجحت فى تلك المنطقة.
وأضاف الأشقر، أنه زادت المساحة إلى 3 آلاف فدان فى العام الماضى بينما هذا العام زادت المساحة إلى 4 آلاف فدان، لإن ما يميز البنجر فى منطقة غرب غرب المنيا نسبة السكر عالية جدا وهى اعلى معدل فى زراعة البنجر فى مصر ولا يصل إليها أى بنجر فى المنيا، موضحا أنه رغم نسبة ملوحة التربة التى تصل إلى 3 آلاف جزء فى المليون والظروف المناخية تصل إلى 2000 جزء فى المليون إلا أن البنجر يصلح فى جميع الأراضى فنسبة السكر تصل إلى 23% والمتوسط 21% وبعض الكميات وصلت إلى 24% وجودة البنجر تصل إلى 88% وهذه نسبة عالية جدا لا يصل إلى أى محصول فى مصر.
ولفت والمدير التنفيذى لمشروع غرب غرب المنيا، إلى أن كل عام تزيد المساحة المنزرعة وهناك خطة لزيادة المساحة المزروعة من بنجر السكر فى غرب غرب المنيا ومن المتوقع وموضوع فى الخطة أن تتضاعف المساحة إلى 8 آلاف فدان، وذلك نتيجة لطلب شركات السمر على البنجر وخاصة فى تلك المنطقة.
وأوضح الأشقر، أن البنجر يتم زراعته فى أول شهر أكتوبر ويستمر حتى نوفمبر ونبدأ الحصاد فى نصف شهر مايو وتنتهى فى يوليو، وخطوات الحصاد تتم عن طريق حش العرش ثم يدخل التلر لخلع البنجر وتفريغها ثم تفريغه فى السيارات لتحميلة، مشيرا إلى أن متوسط إنتاج الفدان يبدأ من 15 طنا حتى 25 طنا حسب ظروف الأرض المزروع فيها البنجر.
فيما قال الدكتور مصطفى عبد الجواد، رئس مجلس المحاصيل السكرية، إن المنطقة بدأت فى الاستصلاح منذ 3 سنوات وزاد إقبال المستثمرين على الزراعة بالمنطقة، وأن البنجر هذا العام تفوق عن العام الماضى والمساحة المزروعة بلغت 4 آلاف فدان، وأصبحت الـ20 ألف فدان منارة للمستثمرين، مضيفا أن هذا العام هناك طفرة فى إنتاج البنجر عن العام الماضى حيث تم استخراج 1.4 مليون طن سكر، وهذا العام سوف نصل إلى 1.850 مليون طن أو 1.9 مليون طن سكر، أى أننا اقتربنا من تحقيق الاكتفاء الذاتى من السكر ومع عمل مصنع القناه للسكر العام القادم، سوف يكون هناك فائض للتصدير، ولن تكون هناك مشكلة فى إنتاج السكر فى مصر أبدا.
وأضاف عبد الجواد، أنه من الممكن الاعتماد على زراعة البنجر فى الأراضى الجديدة وتخصيص الأراضى القديمة لزراعة المحاصيل التقليدية، موضحا أن ما يميز بنجر السكر غرب غرب المنيا هو نسبة السكر المرتفعة عن أى منطقة أخرى، موضحا أن وزير الزراعة طالب زراعة الـ20 ألف فدان بمحصول البنجر، خاصة مع النجاح الساحق للبنجر وارتفاع نسبة السكر فيه.
أما المهندس عماد عبد الجواد، أوضح أنه يتم تطبيق نظام التسمية الذى تضعه الإدارة ونقوم بعمل برنامج تسميد متكامل طوال الموسم بالإضافة إلى برنامج المكافحة ونعمل بنظام الرى المحورى فى الزراعة، وأن نسبة الملوحة فى المياه تخدم الزراعة وهى السبب فى نسبة السكر الأعلى للمحصول.
بينما قال المهندس عادل صابر، مدير عام منطقة المنيا الزراعية: "نقيم فى المزرعة ونقضى اليوم بأكمله فى العمل أى أننا نعمل 24 ساعة فى اليوم خاصة أننا فى موسم الحصاد".
أما سعيد فؤاد الصياد، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الفنية لقطاع الزراعة الآلية، أشار إلى أن حصاد البنجر يتم على 3 مراحل، المرحلة الأولى آلة تطويش العرش، والثانية مرحلة التقليع، والثالثة هى أعمال جمع محصول البنجر وتسويتها وتحميلها فى العربات المخصصة لذلك.
فيما قال المهندس أيمن حمدى عبد الحميد مدير قطاع المنيا وأسيوط بمصنع الفيوم للسكر: "وجدت ناس تبنى وتزرع رغم كل الظروف القاسية، حتى نجحوا فى تحقيق الحلم والآن هم يحصدون ما زرعوه، هنا تجد جنود حقيقيون يزرعون ويحصدون لبناء المستقبل وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
بينما قال كمال عبد الصالحين، أحد العاملين بالمشروع، إن العمل هنا متواصل طوال اليوم بنظام الورديات ولا نكاد نحصل على إجازات نظرا للعمل المتواصل.
أما محمد أبو خالد، سائق، قال، أعمل على جرار لرفع البنجر لما يقرب من 12ساعة وكل شيء متوفر هنا، والقائمين على العمل يوفرون لنا كل شيء.
مزرعة الجاموس المحسن وراثيا
وقال المهندس رمضان الشرقاوى، مدير محطة الإنتاج الحيوانى لتحسين الجاموس بمنطقة غرب غرب المنيا، أن مساحة المزرعة 15 فدانا وتضم بين جنباتها إلى الأن 1264 رأس جاموس، متنوعة بين جاموس أمهات ورضع وتسمين، موضحا أن إنتاج تلك المزرعة من الألبان يصل إلى 2 طن ألبان فى اليوم، ويتم تعظيم الاستفادة من إنتاج الألبان من خلال استخدام جزء منه فى الرضاعة للناتج الصغير والجزء الآخر يتم بيعه.
وأضاف الشرقاوى، أن الاستفادة من المزرعة لا يتوقف على إنتاج الألبان واللحوم فقط وانما أيضًا يتم استغلال السماد البلدى الناتج من المزرعة والذى يعد أعلى جودة فى استصلاح وتحسين أراضى الـ20 ألف فدان التى يتم زراعتها بمنطقة غرب غرب المنيا ضمن المليون ونصف المليون فدان.
ولفت مدير محطة الإنتاج الحيوانى بغرب غرب المنيا، إلى أن المزرعة النموذجية لتربية الجاموس المحسن وراثيا، تضم نوعان من الجاموس وهو نوع الجاموس الإيطالى البيور، والجاموس البلدى البيور، حيث يتم عمل الخلط بين الصنفين وذلك بهدف إنتاج سلالة من الجاموس المحسن وراثيا، لتعظيم الاستفادة منه فى إنتاج الألبان وكل شيء.
وأكد المهندس رمضان الشرقاوى، مدير المزرعة، أنه بين الحين والآخر نقوم بعمل الإحلال والتجديد بين قطيع الجاموس داخل المزرعة نحاول لتنقيتها وجعلها دائما متميزة وذلك من خلال استبعاد أى راس من الجاموس بها اضرار أو عيوب واضاف قائلا نضع فى خطتنا دائما الزيادة فى رؤوس الجاموس من الأمهات داخل المزرعة.
ولفت مدير المزرعة النموذجية لإنتاج الجاموس المحسن وراثيا، إلى أن هناك اتجاه قوى للتوسع وزيادة الأعداد داخل المزرعة خاصة أن المزرعة تسع إلى 1500 رأس، متابعًا: "والآن نقوم بشراء سلالات من خارج المزرعة لكن الزيادة التى نهدف إليها سوف تكون من السلالات الناتجة من المزرعة نفسها، أى أن التوسع سوف يكون توسعا ذاتيا".
وعن طريقة الأغذية للجاموس داخل المزرعة قال الشرقاوى، إنه يتم تخزين الأعلاف الخاصة برؤوس الجاموس من السلاج بحوالى 7 آلاف طن طوال الموسم، بالإضافة إلى العلف المركز وغيره من الأعلاف، هذا إلى جانب الرعاية الطبية الدائمة للحفاظ دائما على الحالة الصحية السليمة للمزرعة، ويوجد بها أعمار مختلفة من الجاموس وتم انشائها على أساس أن عملية التوسع يكون من خلال الناتج من داخل المزرعة.
وقال الشرقاوى، إن وجود المزرعة كان يتطلب عمل محطة لاستقبال الألبان بشكل يومى وبالفعل تم إنشاء محطة الألبان داخل المزرعة خاص بها، حيث يتم تجميع الجاموس فى مواعيد الحلب بأماكن الانتظار وإدخال مجموعة تلو الأخرى، وعند الانتهاء يتم تبديلها بمجموعة أخرى وقد تم مراعاة وجود صالة انتظار للجاموس فى مواعيد الحلب حتى لا يحدث تكدس، فكل عمل يتم بشكل دقيق ومتابعة جيدة.
محطة الآلات الزراعية
وقال الدكتور عادل الأشقر، رئيس قطاع الزراعة الآلية والمدير التنفيذى لمشروع غرب غرب المنيا، إن المشروع متكامل والهدف منه ليس استصلاح واستزراع ال20 ألف فدان فقط، وانما تكون المنطقة مجتمع عمرانى جديد، مجتمع يضم جميع الأنشطة الزراعية سواء من عمليات الزراعة أو التصنيع أو الخدمة، وجذب أكبر عدد من المستثمرين والمزارعين لأنها منطقة واعدة وتدخل ضمن المليون ونصف المليون فدان، حيث تم تخصيص نحو 450 ألف فدان من بين المليون ونصف فدان أى ما يقرب من 30% من المساحة، فكان لابد أن يكون هناك منطقة لخدمة المستثمرين والمزارعين، وأهم شيء بعد الاطمئنان على الزراعة والمحاصيل الناجحة، لابد من إنشاء محطة ميكنة زراعية حديثة تضم كافة الآلات الزراعية من عمليات الخدمة والحرث وتجهيز الأرض وعمليات الزراعة الآلية وحتى عمليات الحصاد والتحميل والنقل.
وأوضح الشرقاوى، أن المحطة تضم الات متنوعة وكثيرة، فهناك الات عمليات الزراعة والتسنيد ومكافحة الآفات والتغذية الورقية وآلات حصاد القمح والبنجر والأعلاف وآلات استصلاح الأراضى، فأى مستثمر أو مزارع لن يستغنى عن تلك الآلات، ومنها الجليدر والكراكات، هذه المحطة ساعدت على جذب أكبر عدد من المستثمرين إضافة إلى أن المحطة توفر تلك الآلات للمستثمرين بأسعار فى متناول الجميع، لدعمه وتشجيعه على الاستثمار.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع