شهد العام 2021، العديد من الإنجازات التى حققها علماء الآثار فى مختلف دول العالم بالاكتشافات الأثرية المذهلة والمتنوعة التى أبهروا بها المهتمين بالاستكشافات التى تنقب وراء حضارة الأجداد، وقبل أيام من انتهاء العام، نستعرض فى هذا التقرير بعض من الاكتشافات الأثرية الهامة فى عدة دول والتى تعود إلى عشرات القرون.
اكتشاف خنجر أثرى عمره 2000 سنة
وفى هذا الصدد، اكتشف باحث عن الآثار فى سويسرا باستخدام جهاز للكشف عن المعادن خنجرًا مزخرفًا كان يستخدمه جندى رومانى قبل 2000 عام، ما قاد فريقًا من علماء الآثار إلى موقع الاكتشاف قرب إحدى القرى السويسرية، حيث اكتشفوا بعد ذلك مئات القطع الأثرية جرى استخدمها فى ساحة معركة "قديمة" حين حارب الرومان المحاربين الرايتيين الذى ينتمون إلى جبال الألب في وقت سعت الإمبراطورية الرومانية إلى تعزيز سلطتها فى المنطقة.
الخنجر الأثرى
ويعتقد علماء الآثار أن أحد الجنود دفن الخنجر المكتشف حديثًا عن قصد بعد المعركة، وتم العثور على أربعة خناجر متشابهة - ذات سمات مميزة تحمل شعار المقبض المتقاطع – الذى هو على شكل الأراضي الرومانية.
وتشمل الاكتشافات التى شهدها الموقع القريب من قرية تيفينكاسل الجبلية رؤوس حراب، ومقاليع من الرصاص، وأجزاء من الدروع، وعملات معدنية، ومسامير من الصنادل ذات النعال الثقيلة، التى يطلق عليها "كاليجاى" باللاتينية - التى كان يرتديها الجنود الرومان.
وبدأ لوكاس شميد طالب طب الأسنان استكشاف المنطقة القريبة من قرية تيفينكاسل الجبلية فى كانتون جراوبوندن جنوب شرق سويسرا بعدما كشفت الحفريات الأثرية في عام 2003 عن آثار جيش روماني قديم في المنطقة.
اكتشاف فسيفساء رومانية عمرها 2500 عام
كما تمكن علماء الآثار البريطانيين خلال العام الحالى الذى شهد الكثير من التنقيبات، عدة استكشافات هامة، ففى البداية اكتشفوا رفات الملك ريتشارد الثالث، قبل العثور على جثة آخر ملك إنجليزى قُتل فى معركة - عام 1485 - تحت موقف للسيارات من قبل أعضاء من الخدمات الأثرية بجامعة ليستر فى عام 2012، بعد أكثر من 500 عام.
وفى آخر الاكتشافات، أعلن علماء آثار جامعة ليستر، أنهم استخرجوا فسيفساء رومانية مهمة فى شرق ميدلاندز تصور البطل الأسطورى أخيل يقاتل هيكتور خلال الأيام الأخيرة من حرب طروادة.
الفسيفساء الرومانية
ووفقا لـ"بى بى سى"، قال جون توماس، مدير مشروع الذى أشرف على الحفريات فى بيان صادر عن الجامعة: "هذا بالتأكيد أكثر اكتشافات الفسيفساء الرومانية إثارة فى المملكة المتحدة فى القرن الماضى".
ويعتقد أن الفسيفساء تعود إلى أواخر عصر الامبراطورية الرومانية بين عامى 250-450 قبل الميلاد، وقد وجدت ضمن آثار مدفونة تحت حقل مزارع.
وتبلغ مساحة الفسيفساء 36 قدمًا فى 22 قدمًا تقريبًا، وهى بحجم ثلاثة ممرات بولينج، وقد رصدها ابن مالك الأرض التى جرى استخراج الآثار منها لأول مرة قبل شهور وبعدها اتصلت العائلة بالفريق الأثرى فى مجلس مقاطعة ليسيسترشاير، وتم التنقيب عن الموقع بواسطة فريق آثار جامعة ليستر بمساعدة مجموعة الحفاظ على التراث فى إنجلترا التاريخية وبالتنسيق مع مجلس مقاطعة روتلاند.
الكشف عن قناع حديدى ارتداه الجنود الرومان قبل 1800
كذلك، اكتشف علماء الآثار قناع وجه حديدى كان يرتديه أحد أفراد سلاح الفرسان الرومانى قبل نحو 1800 عام فى وسط تركيا، وقد جرى الاكتشاف خلال عمليات التنقيب فى هيكل محصن فى مدينة هادريانوبوليس القديمة فى بافلاجونيا، بالقرب من إسكيبازار الحديثة، فى مقاطعة كارابوك.
وقال علماء الآثار من جامعة كارابوك القريبة إن المكتشفات تشير إلى تأثير الإمبراطورية الرومانية فى المنطقة خلال أوائل القرن الثالث الميلادى، ويعتقد أن مدينة هادريانوبوليس - المعروفة أيضًا باسم قيصرية كانت مأهولة بالسكان من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثامن الميلادى.
ويقوم علماء الآثار بالتنقيب فى الموقع منذ عام 2003، بعد أن اكتشفوا 14 مبنى بما فى ذلك حمامان وكنيستان ومسرح ومقابر صخرية وموقع ضخم وفيلا وساحة ومبنى محصن تم العثور فيه على قناع سلاح الفرسان.
وقال عالم الآثار الرئيسى إرسين تشيليكباش من جامعة كارابوك لـ Gazete Global نعتقد من جدار التحصين فى المبنى أن هذا هيكل عسكرى، كما أنه تم الكشف عن قناع حديدي أثناء عمليات التنقيب هنا.
القناع الأثرى
اكتشاف آثار كنيسة عمرها 1500 عام فى فلسطين
ومن بين الأماكن الأثارية المكتشفة فى الوطن العربى، اكتشف علماء الآثار كنيسة عمرها 1500 عام بجنوب غرب القدس فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهى كنيسة كانت مبنية لتخليد اسم شهيد مسيحى مجهول تتضمن فسيفساء حيوانات تم محوها، كما تحتوى الكنيسة الكبيرة وفقًا لما جاء بموقع "live science" على نقوش يونانية مخصصة لهذا "الشهيد المجيد" لكنها لا تذكر هوية هذا الشهيد.
فى الوقت الذى تم فيه بناء الكنيسة، سيطرت الإمبراطورية البيزنطية على فلسطين وقد عثر علماء الآثار على نقوش فى الكنيسة تنص على أن الكنيسة توسعت فى عهد الإمبراطور فلافيوس تيبيريوس، الذى حكم من عام 578 إلى 582 ميلادية، وعلى الرغم من انتشار الإسلام فى المنطقة، فقد ازدهرت الكنيسة، ولم يتم التخلى عنها حتى القرن العاشر الميلادى، كما وجد علماء الآثار.
والكنيسة تحمل ندوب محرقة قديمة – أو ما يعتقد أنه تدمير متعمد لبعض القطع الأثرية والصور وقد جد علماء الآثار أن بعض الفسيفساء كانت مزينة فى الأصل بصور حيوانية الشكل، ولكن تم محوها عمداً بطريقة غير معروفة، دون أن يرجحوا أى احتمال فى هذا السياق.
وفى حين أن علماء الآثار لا يعرفون هوية الشهيد الذى نيت لأجل تخليد اسمه هذه الكنيسة الأثرية، فإن أحد الاحتمالات هو أنها كانت مخصصة لشهيد مقدس يُدعى زكريا وهو اسم استخدم عدة مرات فى الكتاب المقدس.
وتشير السجلات القديمة إلى أنه تم العثور على قبر شهيد مسيحى بهذا الاسم فى مكان قريب فى القرن الخامس، كما تؤكد بعض النصوص القديمة أن مزارًا مخصصًا لزكريا يقع بالقرب من موقع التنقيب ، مما يعنى أن هذه الكنيسة يمكن أن تكون ذلك الضريح، ومع ذلك ، حتى لو كانت الكنيسة مخصصة لزكريا ، فإن النصوص الباقية لا توضح أى زكريا كان.
الفسيفساء على جدران الكنيسة
اكتشاف أثرى يشير لمرافقة كلاب الصيد للإنسان فى مرحلة ما قبل التاريخ
وفى منتصف العام، عثر علماء آثار فى موقع دمانيسى للإنسان القديم، فى جورجيا، على بقايا كلب صيد من عصور ما قبل التاريخ عمره حوالى 1.8 مليون عام، وهو أقدم دليل لظهور كلاب الصيد فى موقع للبشر، وتشير مجلة Scientific Reports، إلى أن موقع دمانيسى يقع جنوب القوقاز.
وقبل فترة عثر علماء الآثار الإيطاليون من جامعة فلورنسا برئاسة سيفيريو بارتولينى لوسينتي، مع زملائهم من جورجيا وإسبانيا، فى هذا الموقع، على أسنان وأجزاء من فك كلب كبير عمرها 1.77-1.76 مليون عام، وكان هذا أقدم دليل لظهور كلاب الصيد إلى جانب الإنسان القديم.
وبالنظر إلى أن الكلاب البرية انتقلت من آسيا إلى أوروبا وإفريقيا، فقد اتضح أنها التقت البشر الساكنين فى القوقاز وكذلك فى أوروبا خلال فترة استيطان منطقة كلابريا فى عصر البليستوسين قبل 1.8-0.8 مليون عام، حسب ما ذكر روسيا اليوم، حيث جاءت الكلاب مع البشر ولاحقا انتقلت معهم إلى إفريقيا.
الأسنان التي عثر عليها فى موقع دمانيسى
واستنادا إلى سمات الأسنان، التى عثر عليها، حدد الباحثون أن اللحوم كانت تشكل 70 % من طعام هذه الكلاب، ويعتقدون أن هذه الكلاب كانت فتية وضخمة يصل وزنها إلى 30 كيلوجراما، لأنهم لم يكتشفوا أى تآكل فى الأسنان، وأنها تتوافق مع سمات أسنان فصيلة الكلبيات البرية "Canids" فى عصر البليستوسين.
ويعتقد الباحثون، أن البقايا التى عثروا عليها تعود إلى حيوان من نوع Xenocyon من جنس Canis المنقرض "نوع من كلاب الصيد الأوروبية"، الذى يعتقد أنه ظهر فى شرق آسيا وأصبح لاحقا سلفا لكلاب الصيد الإفريقية الحالية، وتشير معظم الأدلة، إلى أن هذه الكلاب كانت تصطاد بشكل جماعى وتهاجم قطعان الحيوانات.
ووفقا للباحثين، تتميز كلاب الصيد الأوراسية عن غيرها من الكلاب الضخمة، باهتمامها وإطعامها للكلاب الضعيفة والمريضة من جنسها فقط، ووفقا لهم، ربما يكون هذا هو الجواب عن سؤال لماذا أصبح الكلب رفيق الإنسان فى مرحلة ما قبل التاريخ.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع