بوابة صوت بلادى بأمريكا

مدينة كرانيس الأثرية شاهد على الحضارة القديمة بالفيوم.. أنشأها بطليموس الثانى فى القرن الثالث قبل الميلاد.. وكانت مستعمرة زراعية ومكافأة للجنود بعد إنهاء الخدمة العسكرية.. وبها أوانى ومعاصر للزيت

مدينة كرانيس الأثرية بمحافظة الفيوم تقع بمنطقة كوم أوشيم على طريق القاهرة / الفيوم عند الكيلو 70 وهى إحدى القرى اليونانية الرومانية التى أنشأها بطليموس الثانى وتبلغ مساحتها 800 متر عرضا، وبلغت مساحة مدينة كرانيس السكنية حوالى كيلو متر واحد من الشرق الى الغرب وحوالى 800م من الشمال إلى الحى الشرقى واشتهرت بعدة شوارع منها الشارع الملكى، وقد كشف عنه حفائر بعثة كلية الآداب وكانت كرانيس، وعلى حافة واحدة من أهم المناطق الخصبة فى مصر وهى الفيوم وكان يزرع بها القمح والشعير والبلح والزيتون والفواكه بكثرة.

يقول أحمد حسن مصطفى، مفتش آثار بمنطقة آثار الفيوم: إن مدينة كرانيس كوم أوشيم بها معبد تم بناؤه فى القرن الأول الميلادى ويوجد أمامه حوض كبير خارج المعبد كان يستخدم لتربية التماسيح ثم المعبد والذى يبدأ بصالة طولية، وبها مجموعة غرف فى الجانبين الشمالى والجنوبى، وبها سلالم للصعود للطابق العلوى الذى إندثر حاليا بالكامل، وهناك صالة عرضية قبل قدس الأقداس كانت تستخدم لوضع التماسيح المحنطة، ثم قدس الأقداس وهو عبارة عن مكان كبير "مصطبة" تستخدم لوضع التمثال المحنط وعلى جانبى الغرفة كان يوجد مجموعة من الغرف تستخدم لحفظ الأشياء الثمينة الخاصة بالمعبد والقرابين التى تقدم من قبل عامة الشعب للمعبد، والمعبد استخدم لعبادة الإله سوبك والذى كان يجسد فى شكل التمساح وانتشرت عبادته فى الفيوم بداية من الأسرة الأولى حتى نهاية العصر الرومانى وبداية دخول المسيحية لمصر.

وأضاف أن المعبد الجنوى والشمالى خاليين من الزخارف وتم باؤهما فى القرن الأول الميلادى، وفى واجهة المعبد نقش موجه من الوالى الرومانى على مصر بيهدى النقش من الإمبراطور نيرون إلى المعبود سوبك، بالإضافة الى وجود نقش آخر فى البوابة المجاورة للمعبد من الإمبراطور فاسفيان إلى المعبود سوبك.

ولفت إلى أن مدينة كرانيس بنيت فى القرن الثالث قبل الميلادى على يد الملك بطليموس الثانى وكان الهدف من بناؤها ضمن سلسلة من القرى والمدن لتسكين الجنود الإغريقيين واليونانيين، وتم منحهم هذه القرى والأراضى بإقليم الفيوم، واستمرت كرانيس فى حالة إزدهار حتى القرن الثالث الميلادى، ثم تدهورت نتيجة وجود مشكلات فى مياه الرى الواصلة إلى القرية، وانكمشت مياه الرى حتى اندثرت بشكل كامل.

ولفت إلى أن نشاط المنطقة كان مستعمرة زراعية للجنود الذين تم إنهاء خدمتهم وكان كلا منهم يحصل على قطعة أرض مكافأة له وكانت أشهر الزراعات الزيتون والغلال وفى المتحف الزراعى يوجد بقايا الزيتون المعصور بمنطقة كرانيس.

وقال سيد الشورة مدير عام آثار الفيوم إن أولى أعمال الحفائر بهذه المدينة بدأت عام 1895 للعالم الأثرى هانت وبعد ذلك قامت بعثة متشجن بإجراء حفائر فى الفترة من 1914حتى 1935 وكانت بعثة من كلية الآداب بجامعة القاهرة قامت بعمليات حفر وتنقيب فى كرانيس سنة 1968، وعثرت البعثة فى المدينة على أعداد هائلة من التوابيت والمنازل من الحجر وأوانى فخارية من الطين المحروق وتماثيل لبعض لاآلهه وبعض تماثيل القيشانى الأزرق للإله المصرى بس وبعض القطع البرونزية ورؤوس مغازل ومطاحن من الحجر والخشب وصحون من الفخار المصقول وأوانى منزلية وجرار لحفظ الغلال وقدور لحفظ المياه وأدوات من البرونز مثل المخارز و الإبر وآلات الثقب وعدد من القبور المزخرفة.

وأضاف الشورة أنه تم العثور على حى قائم بذاته فى أقصى أطراف القرية من الشمال الغربى والجنوب الشرقى به مطحن ومخبز ومخزن للغلال، فضلا عن حمامين من العصر الرومانى، لافتا إلى أن المدينة الآن عبارة عن أطلال للمنازل وهى مبنية من الطوب اللبن ولبعضها أساس من الحجر؛ وتتميز بأنها مكونة من طابق واحد، وكل منزل مستقل عن الذى يليه ولا يوجد جدران مشتركة بين المنازل ومازالت تتميز الجدران بحفر رسومات لأوراق وعناقيد العنب وعدد من معاصر العنب وطواحين الغلال، كما يوجد الكثير من المعابد والتماثيل والمبانى الجديدة حيث يوجد المعبد الجنوبى أو معبد بتسو خوس وبنيقروس وهو مشيد من الحجر الجيرى وتم تشييده فى عهد الإمبراطور نيرون، وأمام المعبد بقايا حوض يبدو أنه كان مخصصا للتماثيل، والمعبد من الداخل به عدد من الحجرات يتوسطها مقصورة كان يوضع عليها الإله "سوبك" والقرابين وفى حائط بجوار المقصورة يوجد مكان داخل الحائط يبدو من شكله وحجمه أنه كان مخصصاً لحفظ الإله بعد أداء مراسم العبادة.

أما المعبد الشمالى فيقع فى الناحية الشمالية من المدينة ويبعد عن المعبد الجنوبى بحوالى مائتى متر وهو مبنى من الحجر الجيري؛ وطوله حوالى 33.5 متر وعرضه حوالى 10متر وكان مخصصا لمعبد الإقليم "سوخوس"، والمعابد بنيت من الحجر الجيرى على عكس مبانى المدينة والتى شيدت من الطوب اللبن.

كما يوجد بالمكان الجبانة وتقع على تل مرتفع عن الأرض وتبعد حوالى 2 كيلو متر شمال (ام الاثل)، ومقابرها مقسمة إلى أنواع منها الحفر وهى مبنية من الطوب اللبن ونوع آخر منحوت فى الصخر وشكلها مستدير.

وأكد مدير عام آثار الفيوم أنه عثر فى مدينة كرانيس على أفران كانت تستخدم لصناعة الفخار حيث وجد مجموعة من القلل والأطباق ما يدل على أن هذه الاطباق تم تصنيعها محليا وبأعداد كبيرة فى مدينة كرانيس فى العصرين اليونانى والرومانى، ووجدت هذه الأوعية والأدوات فى مجموعات ما يدل انها مكونات المنزل البطلمى والمطبخ وكانت عبارة عن اوعية دنيوية حمراء اللون فخارية.

وعن منازل مدينة كرانيس قال سيد الشورة إنها كانت ذات متانة واضحة وتواضع يتناسب مع العائلات الريفية الذين تكاتفوا مع بعضهم البعض ليكفوا أنفسهم الحاجات الضرورية الأساسية للحياة.

وأكد الشورة أن وجود الرى أدى إلى السماح بزراعة أشجار الجميز والنخل المستخدمتان فى إنشاء المنزل وأثاثاته، ففى كثير من المنازل كانت جزوع الأشجار تدخل فى الفواصل المتعددة بين لبنات الطوب لذلك كان لابد من الإسقاط والنشر الغير منتظم للفروع، وكانت الأسطح والأسقف المستوية تبنى من العوارض الخشبية الكبيرة المتقاطعة المصنوعة من الأغصان الكبيرة من الأشجار.

أما أسقف الحجرات أسفل المنزل فكانت عادة يتم قبوها وكان الخشب يستخدم فى صناعة الشبابيك والمداخل وخزانات الملابس وتقوية الجوانب خارج المنزل، بدلا من الحجر وكانت صناعة الشبابيك بسيطة جدا حيث كان يتم وضع الواح خشبية فى الحائط فى الأربع جهات المستطيلة المفتوحة أفقيا أو رأسيا كان يتم وضع ألواح متقاطعة حيث أنها كانت صغيرة جدا ومرتفعة للغاية من أجل إدخال الضوء والهواء.

وأشار سيد الشورة إلى أن مدينة كرانيس ظلت مزدهرة عامرة بالسكان منذ نشأتها فى العصر اليونانى حتى العصر الرومانى و المسيحى ثم الإسلامى، حيث اكتشفت بعثة هيئة الآثار، فى يناير1990، وجود آثار إسلامية فى كرانيس وعثر على تمثال من الفخار يمثل حصانا عليه تفاصيل واضحة من النقوش الإسلامية تزين "ركابه"، ويرجع الى بداية العصر الإسلامى وميدالية من الزجاج الأزرق مازالت تحتفظ بلونها الطبيعى حتى الآن مرسوم عليها هلال وسط مجموعة من النجوم، كما عثرت البعثة على آثار بعض المنازل من الحجر الرملى ومجموعة من الاوانى الفخارية كبيرة الحجم كانت تستخدم فى حفظ الحبوب والغلال ومجموعة من المسارج البرونزية كما تم العثور على 100 مقبرة سطحية ترجع إلى العصرين الرومانى والقبطى.

 


 

 


 

 


 

 


 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع