بوابة صوت بلادى بأمريكا

التفاصيل الكاملة لتقرير المخاطر العالمية لعام 2022.. الاقتصادات النامية تواجه انخفاضا 5.5% عن نمو الناتج المحلى الإجمالى المتوقع قبل كوفيد.. و"الإخفاق فى العمل المناخى" التهديد الأول للعالم على المدى الطويل

يحرص الاتحاد المصرى للتأمين دائمًا على إطلاع سوق التأمين المصرى على كافة المستجدات العالمية، ولهذا دأب الاتحاد منذ عام 2018 على عرض ملخص لتقرير المخاطر العالمية والذى يصدر عقب المنتدى الاقتصادى العالمى السنوى، وذلك حتى يتسنى للعاملين بصناعة التأمين وجميع المهتمين بها من معرفة أحدث التطورات التى طرأت على الأخطار القائمة وكذلك التعرف على الأخطار التى بدأت فى الظهور وإدراك حجم ومدى خطورة الخاصة بكل خطر. وبالتالى يصبح سوق التأمين المصرى قادرًا على مواكبًا المستجدات العالمية مما سيساعد القائمين على صناعة التأمين فى وضع الاستراتيجيات والآليات التى تساهم فى وضع صناعة التأمين المصرية فى المكانة التى تستحقها فى المشهد الاقتصادى العالمى.

بدأ تقرير المخاطر العالمية لعام 2022 باستعراض سريع لما وصل إليه الوضع العالمى فى 2021؛ حيث ساهم الانتعاش الاقتصادى المتباين من الأزمة الناجمة عن الوباء بتعميق الانقسامات العالمية فى وقت تحتاج فيه المجتمعات والمجتمع الدولى إلى التعاون على وجه عاجل لمكافحة كوفيد -19، والتعافى من آثاره ومعالجة المخاطر العالمية المتفاقمة.

ونجحت بعض المجتمعات فى تحقيق تقدم سريع فى مجال التطعيم وتحقيق خطوات واسعة فى مجال التحول الرقمى والعودة إلى معدلات النمو السابقة للوباء مما يبشر بوجود آفاق أفضل لعام 2022 وما بعده. إلا أنه على الجانب الآخر قد تظل بعض المجتمعات مثقلة الكاهل لسنوات بسبب السعى المستمر من أجل حصول مواطنيها على جرعات اللقاح الأولية والتغلب على الفجوات الرقمية وإيجاد مصادر جديدة للاقتصاد.

ثم انتقل التقرير بعد ذلك للحديث عن العام الحالى وتناول أهم المخاطر التى برزت خلال هذا العام والتى تم التوصل إليها من خلال الدراسة البحثية والاستقصاء الذى تم من خلال الفريق القائم بإعداد التقرير.

انتعاش متباين للاقتصاد وسياق عالمى مضطرب

مع بداية عام 2022، لا يزال كوفيد – 19 وعواقبه الاقتصادية والاجتماعية تشكل تهديدًا كبيرًا على العالم، وتشكل عدم المساواة فى تناول اللقاحات وما نتج عنه من عدم تكافؤ حالات الانتعاش الاقتصادى تهديدًا بتفاقم التصدعات الاجتماعية والتوترات الجغرافية - السياسية.

ففى الدول الأكثر فقرًا على مستوى العالم – والتى يبلغ عددها 52 دولة تقريبا وتعد موطنًا لحوالى 20% من سكان العالم - تم حصول 6% فقط من السكان على اللقاح حتى وقت كتابة هذا التقرير. وفى عام 2024، ستواجه الاقتصادات النامية (باستثناء الصين) انخفاضًا بنسبة 5.5% عن نمو الناتج المحلى الإجمالى المتوقع قبل انتشار الوباء، فى حين أن الاقتصادات المتقدمة ستكون قد تجاوزته بنسبة 0.9% - مما سيساهم فى اتساع فجوة الدخل العالمى.

ولا تزال التحديات الاقتصادية الناجمة عن الوباء قائمة مع ضعف التوقعات المتعلقة بها.. فقد كان من المتوقع، حتى وقت كتابة هذا التقرير، أن يتضاءل حجم الاقتصاد العالمى بنسبة 2.3% بحلول عام 2024 وذلك خلافًا لما كان متوقع قبل ظهور الوباء. وبالتالى، فقد أصبح ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم والديون من المخاطر الناشئة. وعلاوة على ذلك، فإن ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد -19 قرب نهاية عام 2021 أدى إلى تقييد حركة الدول نحو التعافى بشكل مستدام.

وإضافةً للآثار الاقتصادية لأزمة كوفيد-19 فقد كان لهذه الأزمة أيضًا عدد من الآثار الصحية واسعة النطاق، ويرجع ذلك بشكل جزئى إلى عدم إعطاء الأولوية للأمراض الأخرى. وبالتالى فقد أدى الوباء إلى حدوث 53 مليون حالة اكتئاب حاد أخرى على مستوى العالم. وقد أظهرت نتائج الاستقصاء الذى جاء مصاحبًا لهذا التقرير أن "تدهور الصحة النفسية" يعد أحد المخاطر الخمس الأولى التى تفاقمت أكثر من غيرها خلال أزمة كوفيد-19. كما تفاقمت حالات الإصابة بالأمراض غير المعدية مما تسبب فى وقوع 41 مليون حالة وفاة خلال العام - معظمها فى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل - فى جميع أنحاء العالم بسبب التأخر فى العلاج. وبالإضافة إلى ذلك، تسبب الاستخدام غير المناسب للمضادات الحيوية المستخدمة لعلاج كوفيد-19 فى وفاة ما يقرب من مليونى شخص فى عام 2020خاصة بالنسبة لأمراض الملاريا والسل.

التداعيات الخاصة باضطراب أحوال المناخ

أوضح التقرير أن "الإخفاق فى العمل المناخى" يعتبر التهديد الأول للعالم على المدى الطويل وأن المخاطر المتعلقة به قد تنطوى على أشد التأثيرات خطورة خلال العقد القادم. وذكر التقرير أن تغير المناخ قد بدأ بالفعل فى الظهور على نحو سريع فى شكل حالات الجفاف والحرائق والفيضانات وندرة الموارد وفقدان الأنواع، وإلى غير ذلك من التأثيرات الأخرى.

 ففى عام 2020، شهدت العديد من المدن حول العالم ارتفاع شديد فى درجات الحرارة بصورة لم يشهدها العالم من قبل منذ سنوات وذلك فى عدة مناطق متفرقة حول العالم والتى منها على سبيل المثال الدائرة القطبية الشمالية. ومن ثم تواجه الحكومات والمؤسسات والمجتمعات ضغوطًا متزايدة لمحاولة إحباط أسوأ العواقب المتوقعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التحول المناخى غير المنضبط والذى يتميز بمسارات متباينة فى جميع أنحاء العالم وعبر عدة قطاعات سيساهم فى تباعد الدول وتشعب المجتمعات مما يخلق حواجز أمام التعاون بين هذه الدول وتلك المجتمعات.

وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد الطبيعة قادرة فى الوقت الحالى على الوفاء بالتزاماتها فى ظل التعقيدات التكنولوجية والاقتصادية والمجتمعية التى يشهدها العالم، وبالتالى أصبح من الصعب الجزم بأن هدف الوصول إلى مستوى الصفر من انبعاثات الكربون سيتحقق بحلول عام 2050 كما كان متوقعًا فى السابق. وعلى الرغم من ذلك، فإن الدول التى لازالت تواصل السير فى طريق الاعتماد على القطاعات كثيفة الكربون تخاطر بفقدان الميزة التنافسية من خلال ارتفاع تكلفة الكربون والفشل فى مواكبة الابتكار التكنولوجى وضآلة نفوذها فى الاتفاقات التجارية. إلا أنه من ناحية أخرى، فإن الابتعاد عن الصناعات كثيفة الكربون، والتى يعمل بها حاليًا ملايين العمال، سيؤدى إلى حدوث بعض التقلبات الاقتصادية والمساهمة فى تعميق مشكلة البطالة مما يزيد من التوترات المجتمعية والجغرافية-السياسية. وبالتالى، يوضح التقرير أن تبنى سياسات بيئية متسرعة سيكون له عواقب غير مقصودة على الطبيعة وسيؤدى التحول الذى لا يأخذ فى الحسبان إلى تفاقم عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها، مما يؤدى إلى زيادة الاحتكاكات الجغرافية - السياسية.

تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية يؤدى إلى زيادة المخاطر الإلكترونية

أدى الاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية – والذى تسبب كوفيد-19 فى تزايد استخدامها بشكل مكثف- إلى حدوث تغييرات ملحوظة داخل المجتمعات. فعلى مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، خضعت العديد من الصناعات إلى التحول الرقمى السريع، وتحول الموظفين إلى العمل عن بعد كلما أمكن ذلك، وانتشرت المنصات الإلكترونية والأجهزة التى تساهم فى حدوث هذا التغيير. وفى الوقت ذاته، تزايدت التهديدات المتعلقة بالأمن الإلكترونى، ففى عام 2020، زادت هجمات البرامج الضارة وبرامج الفدية بنسبة 358% و435% على التوالى حتى أنها تفوقت على قدرة المجتمعات على منعها أو الرد عليها. ويتوقع التقرير أن تؤدى الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الاقتصادية الكبيرة والاستراتيجية إلى عواقب مادية كبيرة داخل المجتمعات، فى حين أن إجراءات الوقاية من تلك الهجمات ستترتب عليها حتما تكاليف أعلى. كما ستؤثر المخاطر غير الملموسة - مثل المعلومات المضللة والاحتيال والافتقار إلى السلامة الرقمية - على ثقة الجمهور فى الأنظمة الرقمية. وإضافة لما سبق، ستؤدى التهديدات الإلكترونية الكبيرة إلى إعاقة التعاون بين الدول بدلًا من تعميق التعاون بينها.

تزايد النشاط فى مجال الفضاء يمكن أن يزيد من احتمالات التصادم

بدأ استكشاف الفضاء منذ عدة عقود، إلا أن السنوات الأخيرة قد شهدت نشاطًا متزايدًا، سعيًا من الجميع لخلق فرص جديدة وقد نتج عن ذلك ظهور مجموعة جديدة من المخاطر الناشئة.. حيث يعمل الوافدون الجدد إلى سوق الأقمار الصناعية التجارى على عرقلة التأثير التقليدى للشركات القائمة المسيطرة على النشاط الفضائى على مستوى العالم حيث أن تلك الشركات هى المسيطرة على تقديم خدمات الأقمار الصناعية وخاصة الاتصالات المتعلقة بالإنترنت. وبالتالى يمكن أن يؤدى زيادة عدد الجهات العاملة فى هذا المجال إلى حدوث صدامات بين الأقمار التى يتم إرسالها إذا لم تتم إدارة استكشاف الفضاء واستغلاله بشكل مسؤول.

تتمثل إحدى نتائج النشاط الفضائى المتسارع فى ارتفاع مخاطر الاصطدامات التى يمكن أن تؤدى إلى انتشار الحطام الفضائى والتأثير على المدارات التى تستضيف البنية التحتية لأنظمة الاتصالات الرئيسية على الأرض أو إتلاف معدات فضائية قيمة أو إثارة توترات دولية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدى زيادة النشاط الفضائى إلى حدوث تأثيرات بيئية غير معروفة أو ارتفاع تكاليف الخدمات العامة مثل مراقبة الطقس أو مراقبة تغير المناخ.

السنة الثانية من الوباء تقدم رؤى حول القدرة على الصمود

فى عام 2021، نشرت الدول آليات جديدة للاستجابة لأزمة الصحة العامة والتى اتسمت بخصائصها المتغيرة، مما أدى إلى كل من حالات النجاح والفشل فى التعامل مع الوباء. وقد كان هناك عاملان متلازمان فى الإدارة الفعالة للوباء:

 أولا؛ مدى استعداد الحكومات للقيام بتعديل استراتيجيات الاستجابة وفقًا للظروف المتغيرة؛ وثانيًا؛ قدرتهم على الحفاظ على الثقة المجتمعية من خلال القرارات المبدئية والتواصل الفعال.

وسيساعد الاطلاع على الأهداف التى وضعتها الحكومات والمؤسسات والمجتمعات والتى تخص المرونة فى التعامل مع الأزمة على ضمان توافق الأجندات فى تحقيق منهج متكامل للمجتمع بأكمله لمعالجة المخاطر الحرجة من أى نوعها.

وبالنسبة للحكومات، فإن العوامل الخاصة بموازنة التكاليف وتنظيم المرونة وتعديل ترتيبات مشاركة البيانات لضمان إدارة الأزمات بشكل أكثر تحديدًا تعتبر هى المفتاح الرئيسى لتحقيق التنسيق والتكامل بين القطاعين العام والخاص. وبالتالى يمكن للشركات - التى تدرك أن الاستعداد الأفضل على المستوى الوطنى أمر بالغ الأهمية للتخطيط والاستثمار وتنفيذ استراتيجياتها والتعامل بمرونة مع القوى العاملة - الاستفادة من الفرص فى مجالات مثل سلاسل الإمداد وقواعد السلوك داخل الصناعة التى تمارس نشاطها بها.

الرؤية المستقبلية

فى بعض الأحيان تفضى الأزمات إلى مسارات غير متوقعة وإلى مجموعة من النتائج الغير متوقعة مع وجود احتمالات وتأثيرات متفاوتة. وبالتالى فإن هذا التقرير يدعو كل من يقرأه إلى النظر فى عواقب المخاطر التى تم ذكرها فى هذا التقرير من حيث مدى إحتمالية تحقق الخطر أو عدم تحققه وكذلك مدى حدته وإمكانية السيطرة عليه.

ومن بين أبرز مجالات الاهتمام الاجتماعية والاقتصادية التى يجب الاهتمام بها مستقبلًا هى الانتعاش الاقتصادى المتباين والصعوبات الاقتصادية وتزايد عدم المساواة وما لها من تأثير على الاستقطاب الأيديولوجى وشعور قطاعات كبيرة من سكان العالم بالحرمان من حقوقهم. ومن ناحية اخرى سيتعين على الحكومات أن تواصل جهودها لاحتواء وباء كوفيد-19 خاصة فى ظل الافتقار إلى التعاون العالمى بشأن وضع رؤية واقعية لآفاق إدارة المخاطر العالمية المستقبلية مثل الأوبئة والطقس المتطرف. أما فيما يتعلق بالأعمال التجارية والصناعة فمن المتوقع أن تضطر الشركات والمؤسسات فى بعض الأحيان للوفاء بالالتزامات البيئية والاجتماعية والحوكمة القيام بتعزيز مرونة سلاسل الإمداد الخاصة بها والتكيف مع التغيير الاجتماعى والتكنولوجى ومحاولات التصدى لتهديدات مثل الهجمات الإلكترونية.

وقد أوضح الاستقصاء الذى تم إجرائه لأغراض هذا التقرير أبرز المخاطر العالمية خلال 2022 والتى جاءت محور اهتمام الأشخاص المشاركين فى الاستقصاء وذلك على النحو التالى:

عواقب كوفيد -19

"تآكل التماسك الاجتماعي" و"الأزمات المعيشية" و"تدهور الصحة النفسية" هى ثلاثة من خمسة مخاطر تدهورت أكثر من غيرها على مستوى العالم من خلال الأزمة، ووفقًا للاستقصاء فإن هذه المخاطر الثلاثة بالإضافة إلى وباء كوفيد-19 نفسه ("الأمراض المعدية" بوجه عام) يمكن النظر إليها على أنها من بين التهديدات الوشيكة للعالم.

أزمات الديون تلوح فى الأفق

تمت الإشارة إلى "أزمات الديون" باعتبارها تهديد وشيك للعالم خلال العامين المقبلين، بينما جاءت نتائج الاستقصاء لتوضح أنها النقطة الأكثر خطورة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. وقد كان النشاط الحكومى أمرًا حيويًا فى هذا الصدد لحماية الدخل والحفاظ على الوظائف ودعم الشركات والمؤسسات حتى تتمكن من مواصلة نشاطها.


هذا الخبر منقول من اليوم السابع