كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : جرس الانذار الاخير !

كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : جرس الانذار الاخير !
كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : جرس الانذار الاخير !
 
جمهورية الموز مصطلح ساخر يطلق عندما ينتقد البعض دولة فقيرة و ضعيفة و غير مستقرة وليس لها ثقل سياسي واقتصادي بين الدول و محكومة بمجموعة صغيرة ثرية فاسدة !
صاغ المصطلح في بادئ الأمر الكاتب الأمريكي أوليفر هنري للإشارة إلى هندوراس في رواية ملفوف والملوك عام 1904 و يحكي فيها مجموعة قصص قصيرة تجري أحداثها في أمريكا الوسطى ليطلق هذا المصطلح على الحكومات الدكتاتورية التي تسمح ببناء مستعمرات زراعية شاسعة على أراضيها مقابل المال ! أما الاستخدام الحديث للمصطلح يوصف به أي نظام غير مستقر أو دكتاتوري ،،
في جمهوريات الموز نجد التخلف و عدم احترام القانون و تعطيل الأولويات مثل التعليم و الصحة و التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية و يسود فيها الحكم الديكتاتوري الذي لا يسمح بالمعارضة و حرية التعبير الا من خلال صناعة أحزاب المعارضة الكرتونية التي تتظاهر بالديمقراطية و ترفع شعارات رنانة لكسب ثقة المواطنين و هي من الاساس صناعة النظام نفسه ! و للأسف الشديد ان هذه الأنظمة ماضية في مسلسل الكذب رغم عدم رضا مواطنيها لهذا الزيف ،،
في جمهوريات الموز لا وجود للمناضل و المفكر و صاحب الرؤية بأستثناء أصوات فردية غير فاعلة لا حول لها و لا قوة غير قادرة علي فعل التوازن مع الدولة العميقة و أجهزة الحكم الغير منتخبة التي تتحكم بمصير الدول مثل المؤسسات الأمنية و الأحزاب و المؤسسات البيروقراطية المدنية و بعض رجال الأعمال و اللوبيات فجميعهم يمثلون دولة داخل الدولة و إن كان هناك أمثلة كثيرة لما يسمي بالدولة العميقة في جميع دول العالم القوي منها و الضعيف  بلا أستثناء لكن لدي بعض الدول قوانين يعمل الجميع علي احترامها و حدود لا يمكن تخطيها بخلاف الدول الرخوة التي لا يطبق القانون فيها الا علي الضعفاء ! اما الكبار لا يبالون اما بسبب امتلاكهم المال او السلطة و النفوذ و دائما ما تتجنب الدولة المواجهة مع هؤلاء الكبار لأنها دولة ضعيفة او لانها تشجع الفساد و الانحراف لتهيمن علي الجميع علي حسب اعتقاد أولي الأمر فيها الذين يستعينون بأهل الثقة و الموالين حتي و ان كانوا غير مؤهلين للقيادة ! دولة نجد فيها أصحاب السعادة و المعالي يتشبثون بالمناصب حتي الممات أو الخروج مدحورين بسبب حدوث فضيحة مدوية ! نجد في هذه الدولة طبقتان إحداهما تستمتع بالمال و النفوذ و خرق القانون و الثانية فقيرة مطحونة تبحث عن قوت يومها صامتة و عاجزة تنتظر تنفيذ الوعود بإصلاح جودة الحياة ! و دائما ما يحدث الاسوء و تزداد حياتهم صعوبة أكثر فأكثر ،،
و نجد في هذه الجمهوريات أيضا معاقبة مناهضي الفساد و المطالبين بحقوقهم كأنهم مجرمين و التهم المعلبة يتم توظيفها ضد أي معارض للنظام من أي طبقة أو فئة ! و فيما يري البعض أن هذا انتهاك لحقوق الانسان يزعم النظام انه يملك الحق في قمع معارضيه لانه اختيار إلهي ،، و هذا المناخ بالطبع يسكت كل المستقلين و من يملك إمكانيات فكرية و أصحاب القدرات خوفا من التهم المعلبة مثل العمالة و الخيانة و الأسلمة و اللبرلة والعلمنة أو الإلحاد و غيرها من التهم قد تصل بعضها للخوض و الطعن في السمعة و الشرف بالباطل ! اغتيال معنوي أبشع بكثير من الاغتيال المادي او الاعتقال ! فالمواطن في هذه الدول يتعرض لكل أنواع الارهاب النفسي والاجتماعي و السياسي ان لم يكن من التابعين ،، مناخ يقتل الابداع و التفكير الخلاق و ينشر الفزع و الأمراض النفسية و يسبب إحجام الأفراد عن المشاركة في صياغة الأهداف العامة لمجتمعاتهم او محاولة إيجاد حلول للمشاكل العامة ،، مناخ لا يحقق التعددية الفكرية والثقافية والاجتماعية و السياسية ! 
إن هناك تحولات من الحكم العسكري نحو الديمقراطية جديرة بالدراسة مثل تجربة جمهوريات امريكا اللاتينية و التي تتمتع فيها الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ومدافعي حقوق الإنسان بإرث تاريخي وكثير مما تم تحقيقه في المنطقة في مجالات الحقوق والكرامة والعدالة والسلام في ظل الفساد الواسع الانتشار وارتفاع الإنفاق العسكري والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان وتفوق المصالح التجارية المفترسة ! و عبر التاريخ هناك تجارب ملهمة لمن يريد العبور من النفق المظلم الي البراح الفسيح و الانتقال من حال الي حال و الحمد الله ان مشاكل منطقتنا العربية ليست بحجم مشاكل هذه الدول في مرحلة ما قبل التحول و صراعها للوصول إلى منطقة الأمان و ليس علينا ان نخوض تجربة السقوط كاملة لنأخذ العبرة و ندفع ثمنا باهظا لكن علينا فقط تنظيم أولوياتنا و الاهتمام بالظهير الشعبي و خصوصا الطبقة الوسطى التي لعبت دورًا كبيرًا في تطوير المؤسسات السياسية في أنحاء العالم فهي الاساس في نشر قواعد الديمقراطية و تطوير مؤسسات الدولة و تحقيق التوازن و إنفاذ القانون و تحقيق الشفافية لأن مستقبل أي وطن و نجاحه و صموده و قوته يعتمد علي الطبقة الوسطى فإن تآكلت هذه الطبقة لا أمان و لا استقرار و لا عدالة فهي العمود الفقري لاي مجتمع لأنها ليست موغلة بالفقر و البحث عن قوت اليوم و ليست من اصحاب الثروات و أصحاب السلطة و المصالح الخاصة ! فالطبقة الوسطى هي من تشعر بنبض الشارع و تساهم في نشر الوعي و تماسك المجتمع و الخوف كل الخوف لو وقعت هذه الطبقة في براثن الفقر ! ستعم الفوضى و تنتشر المخدرات و يتغير شكل الجرائم و تنخفض معدلات النمو و الاستهلاك و سينعكس هذا بالسلب علي ايرادات الحكومة من الضرائب و الرسوم التي تصب في خزينة الدولة ،، إن نجاح اي حكومة يقاس بنمو الطبقة الوسطى و الحفاظ علي مستوى معيشتها ! لذلك يجب معاقبة و حساب اي حكومة فاشلة تسببت في إفقار مواطنيها و خروجها بلا عودة و بلا تبديل للأدوار و علاج الآثار السلبية اما ان يتم ترقيع الحكومات بأشخاص مثل سابقيهم ينفذون أوامر ضابط الأمن ! وعندما تكون الانتخابات البرلمانية مزورة و نتائجها معلومة مسبقا و مدفوعة الثمن لخدمة مصالح شخصية لنواب لا يمثلون الشعب و يخدمون أنفسهم أو لهم اجندات خارجية فلا أمل في النجاة ،،