هدى حجاجى أحمد تكتب: "ضحكات فى اللامعنى "

هدى حجاجى أحمد تكتب: "ضحكات فى اللامعنى "
هدى حجاجى أحمد تكتب: "ضحكات فى اللامعنى "


شحاذ يجذبنى من قلبى بعنف ((حسنة لله )). مار يتصادم بآخر دون أن يطلق صفارة الإنذار ....جندى يحرر محضرا لسيدة وأنا كالسمكة أسبح فى بحيرة من أجساد بشرية .. نظرات الكثيرين تتجمع على أرداف امرأة جميلة .. وأنا أتطلع فأبصر قبة فى السماء عليها أطراف خصلة من شعر ..لمسنى كائن نظرت إليه ..تمنيت لو يعيد لمسته تخيلتها تتكرر فغفوت قليلا ,, حلاق لا ينفك يرد تحيات الملايين من زبائنه بينما تصيح فتاة ((يا سلام عليك يا حلو )) تغازل البلح الذى أمامها . تحاشت النظر إلى بستارة رقيقة من خجل .. قبلت الهواء فتلقت قبلتى متضررة على أذنيها شعرت بغيرة من انسجام سلسلة ذهبية على صدرها .. طاردتنى سيارة فعدوت كالمجنون ولهثت الى اللقاء يا ملاكى نظرت من بعد رأيت التواء شفتيها هذه الدنيا أعدت عبور الشارع فى الاتجاه المضاد وأردفتلى أخ رفض قبول أى وظيفة بعد حصوله على البكالوريس فى الهندسة تفرست ملامحى كما لو كانت تبحث عن دبوس مفقود بينما رفعت صوتى رفض رغم كل العروض المغرية أن يكون مهندسا للطائرات ولكنه حبذ أن يقبل وظيفة ميت ابتسمت باستغراب لست أمزح لكنه ..أتقن مهنته جيدا لأنه كان يتوق إليها والدليل أنه لم يغادر مقبرته ليلا ولا نهارا تشبثت ببسمة امرأة سقطت عندما تلاشت من على ثغرها ...وأحسست أن قطرات العرق تتساقط من قلبى على المعدة والأمعاء جالت دمعة فى مقلتى لكنها تبخرت سريعا من حرارة الجو شاب يرتعش رغم قسوة الصيف كأن ثلاجة بداخله صوت صراخ رجل جهورى يتعقب زغرودة امرأة دق قلبي كأنه يسحق بعض البهارات ألا يمنك أن ينحسر عن الركبة ؟ لا ...عيب ماذا تقصدين ؟ ماذا تقصد أنت ؟ لا شئ مجرد حب استطلاع انكسرت قارورة أنوثة فى صوت ضحكتها عاوت كلامى إنى أتكلم بكل صدق أريد أن أعرف ماذا يعلو الركبة مجرد امتداد لسيقان كامتداد سيقانى ؟ لا بكل تأكيد هل يمكن أن أراها ؟ أين أنت ؟ على الكرة الارضية حددت مكانك بكل دقة لا تغيرى مجرى الحديث قلت أريد أن أراها عادت لضحكتها لم أفهمها افترضى أنى دكتور أمراض نساء ضربت فمها بيدها ما هذا ؟ افترضى هذا وضع آخر . لكنها نتيجة واحدة المهم أن رجلا قد لا ... لا عاودت إحدى السيارات مطاردتى هربت بعيدا كأنى قط يلتمس النجاة من كلب بحثت عن محدثتى أبصرت إنسانة تطول على غير المألوف ((هل أنت التى كنت أتحدث إليها نظرت الى مجاورتها واستغرقتا فى الضحك كانت ضحكات شديدة ألقتنى على الرصيف الآخر سألت ثانية وثالثة ثم انزويت فى أحد الأركان أضمد جراح نظراتهما أحد الباعة يلعن بضاعته فى ثورة ((يا أنتن موز فى العالم ..يا أكل البهائم يا ملقى فى الشارع )) ردد طفل كلماته فزمجر بعبارات متشابكة بينما خيل إلى أنه يغنى فأصغيت بانسجام إلى نبراته بركة عرق فى يدى طفل يستحم فيها قرش وعيناه زائغتان تنقبان عن كل شئ تقدم الى بائع ثم رجحت كفة القرش فعاد شق طولى فى جسد امرأة رشيقة الخطوات قصيرة الشعر تصدع فى جدران رجل بدين الجسم منسجم الملامح نافورة أنوثة تنبع من صدر أرملة شابة تغمر المنطقة حولها أصابنى رذاذ قليل رطب وجهى فقلت جميلة شكرا لا يمكن أن يكون هناك أجمل من ذللك تزايد الرذاذ حتى غمر جزءا كبيرا .. قلت متابعا ألست أنت الإنسانة التى كنت أتحدث إليها من لحظات ؟ ضحكت بصوت مرتفع ألا تعرفها ؟ كان الجو حارا وكنت ضعيف الذاكرة ؟ بل أتذكر الطعام الذى أكلته فى مثل هذا اليوم من العام الماضي . يا سلام ! التفت إلى اليمين والى اليسار من الشارع كان الطريق شاحبا والناس كقطرات دماء نازفة من جسده أكملت التفاتتى إلى مجاورتى كان حزاما من حمرة قد بدأ يأخذ طريقه إلى وجهها هل ترين ذلك الرجل الذى يسير بجانب البقالة التى على يمينك ؟ نعم ؟ ((إنه يسير عاريا كما ولدته أمه تحت هذا القميص والبنطلون اللذين يرتديهما )) . نظرت إلى بركن عينها ثم علت الطوار وهتفت : _ ماذا ؟ ....... ولابد أن غالبية الناس كذلك اصطدمت أرجلها ببعضها مرات متوالية ولمستنى من كتفى غفت شعرة على قميصى بعض الوقت , شريحة من الهواء تبعدنى عنها . طردتها بخطوة جانبية صغيرة لمستنى فشعرت كأن اسراب من النامو تطن فى أذنى تعمدت النظر إلى عينيها ... كانت شبة مرتخية الأهداب سألها أحد العابرين (( هذه محطة شبرا ؟)) أومأت برأسها ثم فتحت فمها فى تثاؤب كسول متراخ وهمست بصوت نحيف ملئ بتعبيرات حارة إبتعد قيلا لماذا ؟ الجو حار. مرت عربة حصانها رجل عليها مجموعة من الجزر الأصفر تفرست فى الحمرة المتزايدة حول وجنتيها وسألت هل تتألمين من أجل حياتك السابقة مع زوجك ؟ __ نعم ... كان رجلا كما تحلم به أى امرأة . ___أى امرأة ؟ __ نعم أى امرأة . ماذا تقصدين ؟ __ نفس ما تقصد السؤال عليه __ هل ما زلت تذكرينه ؟ . __ بكل تأكيد . لن أنساه وتيقظت للحظة ثم بدأت الجمرة تتزايد حول وجنتيها حتى وصلت الأذنين وطوقت الأنف والفم .. التهب صوتها فأردفت __ مع السلامة __ غنى أسير فى نفس الأتجاه ارتعشت وحاولت التحدث مرتين وأجمحت مرتين فخرج صوتى كالكلب ثم انتفضت فى حمية المهزوم الثائر على هزيمته . __ لماذا لا تحبذ المرأة فى الحياة فى أفق واحد ؟ __ ماذا تعنى ؟ __ لماذا لا تقاوم المرأة إعجاب رجل عابر ؟ __ ولماذا لا يكف الرجل العابر عن مغازلتها أو حتى ..؟ تسمرت على محطة الأتوبيس أفحص كلماتها فى رأسى .... ثم أحسست كأن بعض الميكروبات تهاجم المخ نفرت على رأسى بعنف اهتزت من جذورها نفرت ثانية بقبضة يدى أكثر عنفا وأكثر شدة أشفق على رجل عجوز وهلل طفل بينما اندهشت مجموعة من السيدات واستنكرت فتاة كانت الأرض ما تزال بلونها الرمادى والسماء تفاخرها بلونها الأزرق الأزلى ... حتى النساء كان لهن نفس القوام ونفس تعبيرات الصوت لم تتغير دققت رأسى بقوة غير عادية فشعرت كأنها منزل خال من أى كائن صنعت من رقبتى برجا للمراقبة وخيل إلى أننى أنظر فى خلال تليسكوب ..رصدت الأرملة التى كانت تسير من الغرب طور ومن الشرق طول الشارع ثم غيرت مكانها وأصبحت تقع فى الجنوب الشرقى لصالةدون الحلاقة .. لون فستانها يظهرها كنقطة شاذة أردافها الراقصة توزع جزءا من أنوثتها بأنتظام أسرعت فترة ثم أجهزت عليها من طريق متقاطع __ مازلت تحتفظين بجمالك . تكلفت اضطرابا مفاجئا والتهمت شفتها السفلى __ يا أمى تقيأت شفتيها ثم استطردت __ أين كنت ؟ __ كنت أسير معك . أين ؟ __ فى نفس الشارع ... ألم تحسى بوجودى ؟ __ لا . __ لابد أن سنة من النوم أخذتك ألن نتقابل مرة ثانية ؟ __ألا تفهم ؟ __ فهم رجل عادى . __أقل من العادى . __ بل أكثر من أى شخص لكنى أصدق أذنى أكثر من أى شئ آخر . __ ماذا تقصد؟ __ الإقرار دائما والتعبير باللسان هما أوضح وسيلتين للفهم .. أى أن لغة العيون قد لا يفهمها إلا القليلون وتعبيرات الصوت قد لا يفهمها أحد . افترستنى بنظرة خيل إلى أن عظامى قد تحولت إلى دهون فقلت وكأنى فى تجربة عملية لسكرات الموت . إرفعى وجهك حتى أتعلم قراءة ما عليه من تعبيرات . اشمأزت وهى ترفع خصلة شعر على جبينها غمرت الطريق موجة من المد البشرى .. فقدت صديقتى فى موجة الجذر والمد التى أعقبتها .... انقبضت ثم جثمت على صدرى كتلة حزن كأنها دانة مدفع رشاش ..... رأيت الشارع عند نهايته وكأنه يقف على قدم واحدة وخيل إلى أن الناس مسامير مثبتة فى ظهره .