حمدي رزق يكتب: زغــرودة فــى جنــازة الشـهـيــد

حمدي رزق يكتب: زغــرودة فــى جنــازة الشـهـيــد
حمدي رزق يكتب: زغــرودة فــى جنــازة الشـهـيــد

فى تشييع شهداء الوطن الذين اغتالهم الإرهاب فى الواحات، شاهدت عجباً، زغاريد تودع الشهيد، تزف الشهيد إلى الجنة، إذا سمعت زغاريد الفرح فى موكب الشهيد فلا تعجب منهم.. المصريون خبروا الشهادة.. يضربون أروع الأمثال!.

والزوجة الثكلى تحمل النعش شامخة «فارده قلوعها» تتصدر المشهد الرهيب أمام النعش المهيب، «مع السلامة ياقلبى»، والرجال على صيحة واحدة: «الشهيد حبيب الله».. صور تقشعر من هولها الولدان، يشبون عن الطوق على سُنة الشهادة، على الواجب، الصورة لا تكذب، والثوانى جمرات فى دمى، والزغرودة تخترق حشا قلبى، يا قلب أمك.

ومدد وشدى حيلك يا بلد، إن كان فى أرضك مات شهيد، فيه ألف غيره بيتولد، مواكب الشهداء تسير فى الطرقات الباردة تودع البيوت الباكية، مواكب تحمل جثامين ساخنة زكية الدماء، تعطر الأجواء، مصر تزف خير الشباب، المصريون يقدمون الشهداء عن طيب نفس، الأرض من تحت أقدامهم مزهوة بمواكب الشهداء.

تحتاج إلى أن تكون مصرياً أصيلاً لتعرف لماذا يودعون شهداءهم هناك فى الريف بالزغاريد، لا يبكونهم، ولكن يزفونهم إلى السماء، الزغاريد لا تطلق هكذا هزوا فى الهواء، لكنها سلاح الأقوياء، أقوى من زخات الرصاص، إنهم يقاتلون الإرهاب بالزغاريد، يعلنون فى الدلتا فرحة الانتصار، وفى الصعيد يتشحون بنوط الفخار، وكلما سقط شهيد لا يسألون عن السبب كما يفعل المتحذلقون فى خوائهم الفضائى والإلكترونى، كفى أنه مات شهيداً، وفى الشهادة فليتنافس المتنافسون.

الزغرودة كالرعد فى آذان المجرمين، هناك فى الجرود الجبلية شباب يعرفون جيداً الطريق إلى الجنة، هم السابقون ونحن اللاحقون، فى سهول الدلتا والصعيد ينتظرون يوم زفاف الشهداء، بالله عليك يا مؤمن، كيف ينتصر الإرهاب على أم قادرة على استخراج الزغرودة من حلق فى مرارة الصبار؟!.

الخونة يواجهون جيشاً من الأمهات الصابرات، تلدن مقاومين أشداء، اسمع قوة أنين الأم، والدة الرائد شهيد إسلام مشهور، يخترق الحجب، يصل بنجواه ما بين السماء والأرض: «يا رب لك الأمر من قبل ومن بعد وقلبى وجعنى على حبيبى روحت لربنا يا شهيد الوطن يا ابنى يا غالى».

الزغرودة رسالة، والرسالة بعلم الوصول، مصر قامت قيامتها، ستحمى الحدود، وتصون العهود، ولو تكالبت علينا الأمم، زغرودة من قلب أم الشهيد تفرقهم شيعاً، هشيماً تذروه الرياح، وطالما فى أم الشهيد طلقة أخيرة لإنجاب شهيد، ستلده وتهبه إلى الشهادة، بُكرة الوليد جاى من بعيد، راكب خيول فجره الجديد، يا بلدنا قومى واحضنيه، ده معاه بشاير ألف عيد، قومى انطقى وسيبك بقا، من نومة جوا فى شرنقة، ده النصر محتاج للجَلَد، ومدد..

نحن قوم نروم شهادة، النصر أو الشهادة، الأم المكلومة عندما تزغرد تقتحم خوفنا، وتصفع جبننا، وهواننا على الناس، تفحمنا، تلقمنا حجرا، كفى تنظيراً، كونوا شهداء أو اصمتوا يوم يمر موكب الشهيد يحزنكم على ما أنتم فيه، تتصاغرون، وتجبنون حتى عن المشى فى موكب الشهيد، وتمارون، وتتآمرون، نفر منهم كانوا يختانون أنفسهم فى مخادع الإرهابيين، ويذرفون الدمع الهتون على دولة الإخوان.

 

«عايزين جنازة ويشبعوا فيها لطم»!!

دين أبوهم اسمه إيه؟!

(اللى فتحوا القلب لخيول العدو (من قصيدة جمال بخيت

أعمى يقودُ بصيراً لا أبا لكمُ، قد ضلَّ من كانت العميان تهديه، كلاب عقورة شمتانة، وحوائط فيسبوكية متسخة، وبوم أسود على شجر الزقوم ينعق فى الفضاء الإلكترونى، أحاديث البهتان التى تصدر عن عميان القلوب لا تغير ما فى القلوب، وعبدالودود على الحدود صامد ورابض، ولابد من يوم معلوم.

والدماء ساخنة، والشباب يخوضون المعركة، نصب كل منهم نفسه خبيرا عسكريا على فيسبوك، وخبيرا أمنيا على تويتر، وثعلبا من ثعالب الصحراء، يفسفسون فى البراح، ويتطوعون بالأرقام، ويهرفون بالتقصير، ويقصفون الجند بما فى أنفسهم من غل، عاوزين جنازة ويشبعوا فيها لطم.

ويسبقهم لطماً ودرمغة فى التراب عصبة فاجرة من المستأجرين على قنوات الإخوان التركية، جنازة وهات يا لطم، يقتلوا القتيل تحريضا وتعريضا ويمشون فى جنازته لاحقا، دماء الشهداء صارت تجارة والسماسرة يجولون فى الأسواق التركية يبيعون بضاعة فاسدة، متى كانت أرواح الشهداء معصومة من كذبكم وخداعكم، أنتم من حرّضتم على قتال الجيش والشرطة ولا تزالون.

وطائفة من المخنثين العراة من كل فضيلة وطنية، إذ فجأة ظهرت عليهم أعراض الوطنية، وبرزوا مغردين محزونين، يشقون الجيوب، ويلطمون الخدود، برز الثعلبُ يوماً فى شعار الواعِظينا، الثعالب العقورة يعظون فينا، وهم ألد الخصام، يدسون الملح فى الجرح الطرى، لينزف القلب الحزين دماً.

وسرعان ما يتلوّنون كالحرباء يدلفون إلى حديث الإفك، وإلقاء الاتهامات جزافا يمينا ويسارا، يتكاثرون كالبعوض السام يمصون الدماء، كالغربان ينقرون الرؤوس، ويولولون على الدم المراق، وينتحبون، مثلهم مثل الندابة فى الجنازات، مستأجرة مغسلة ومعددة وستقبض الثمن على رأس الميت.

الطابور الخامس يهز ديله جزلاً مسروراً، الخلايا النائمة تستيقظ، والصفحات المزورة ترغى وتزبد، وهز الثقة هدف- لو تعلمون- خطير، حذارِ من الغدر والخداع، بين الصفوف مدسوس إخوان خونة مجرمين، فتنبهوا وكونوا حذرين يقظين، ما خلفه الإخوان من سوس ينخر فى العظام، يمارسون كل ألوان الخديعة، دموعهم دموع تماسيح، ويظهرون ما لا يستبطنون، ويعمدون إلى التعاطف كذباً وزوراً وبهتاناً، ويبخون السموم فى الجروح، ثعالب عقورة مطلوقة تلغ فى دماء الجنود.

إخوان كاذبون، إذا رأيت إخوانياً حزيناً، فاعلم أن قلبه يرقص فرحاً، سيشاطرك الأحزان، ثم يدلف دامعاً من فوره إلى حديث الإفك والبهتان، والخطط والتخطيط والقيادة، ودم الغلابة، ولا ينتهى إلا وقذارة يلوكها فى فمه، ويبصقها لتنشر العدوى بغية إحداث الغضب.

خلاصته يرومون زعزعة اليقين بالتسلل إلى العقول الذاهلة حزنا، فرصة وسنحت لتجميع سحابات الحزن لتمطر غضبا، ولكنهم واهمون، هذا شعب يزف الشهداء عرسانا إلى السماء، ويتحسب، حسبنا الله، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقكم لمحزونون.