أحمد بكير يكتب: «محمد» و«بوتين» و«دينج»

أحمد بكير يكتب: «محمد» و«بوتين» و«دينج»
أحمد بكير يكتب: «محمد» و«بوتين» و«دينج»

معظم المعجبين والمنبهرين بالنهضة الصينية، لم يعلموا كيف تحققت.. فالناظر في تاريخ الصين الحديث يجد أنَّ النهضة الكبري قد تحققت أولي خطواتها في عهد الرئيس الصينى دينج شياو بينج، ولأنَّ رؤيته للنهضة الصينية كانت تتصادم مع معتقدات الماويين من أتباع الزعيم الصيني ماوتسي تونج فكان عليه أن يهيئ الطريق ويزيل أي عقبات تعوق مسيرة الاصلاح التي عزم علي أنْ يخطوها، فأطلق دينج شياو بينج حملته الشهيرة لمحاربة الفساد والمفسدين، التي طالت العديد من رجال السلطة والسياسة والمال، فاستمال غالبية الشعب لتأييده للخروج من حالة التخلف والانغلاق الشيوعي.. وحملة «شياو» جعلته في نظر معارضيه ديكتاتوراً قامعاً للحريات، لكنه لم يعبأ بهذه الأوصاف أو باحتجاجات الغرب، وركز في أهدافه مدعوماً بشعبه الذي عاني من فشل كل مبادرات الاصلاح التي أطلقها زعيمهم الأسبق ماو تسي تونج، من ثورته الثقافية إلي مشروع «القفزة الكبري إلي الأمام»، وهي محاولات ماتت مع ماو تسي تونج قبل أنْ يتحقق منها شيء سحق «دينج» خصومه، واعتقل الفاسدين المفسدين، وأزال من طريقه سداً منيعاً من طريق الاصلاح الذي وضع الصين في مقدمة الدول الكبري بعد أنْ كانت تعيش في فقر مدقع.

وعندما تقلد فلاديمير بوتين مقاليد الحكم في روسيا الاتحادية، كانت دولته المفككة من الاتحاد السوفيتي تكاد تغرق في الديون والفساد، ووجد «بوتين» نفسه مُحاطاً بعدد كبير من أصحاب النفوذ، فاستشعر أنهم سيكونون حائلاً بينه وبين إنقاذ البلاد من فساد المال والسلطة، والأخطار الخارجية المحيطة بالدولة الروسية، فأعلن حربه ضد مراكز القوي ورعاة الفساد، فنال التأييد الشعبي، وحقق ما أراد، وصعد بروسيا لتحل محل الاتحاد السوفيتي، قوة عظمي تناطح قوة أمريكا وتحقق توازنا في مواجهة نفوذها في العالم.

وعندما يأتي الأمير محمد بن سلمان مؤهلاً لتولي أمر المملكة السعودية، كان لابد أن يحظي بتأييد شعبي، ولأنه يعلم جيداً أنَّ 70٪ من المجتمع السعودي من الشباب فتوجه لهم بأفكار تنموية ومشاريع نهضوية ومجتمعية ستنقل المجتمع إلي آفاق أرحب، وتخرجه من شرنقة الجمود والتشدد، وكان لابد له وهو علي عتبة بوابة الحكم المطلق أنْ يُطلِق حملته ضد الفساد والمفسدين، فأطاح بأمراء ووزراء ورجال مال، ليُبعدهم عن طريقه نحو الاصلاح والانفتاح علي العالم.. ومن يُدقِق فيما توفر من معلومات عما يحدث في السعودية، يُدرِك أنه لو أعلن الشباب السعوديون دعمهم (للأمير الملك)، لنجح في تخطي الأزمة، والبدء في تحقيق انطلاقه من مجتمعه الجديد (نيوم) الذي يتبني انشاءه في شمال غرب المملكة علي حدودها مع الأردن ومصر.

الأسابيع القادمة إنْ مرَّت علي خير في السعودية، ستضع «محمد» السعودي مع «دينج» الصيني، و«بوتين» الروسي جنباً إلي جنب.