غادة الشريف تكتب: يا عينى.. يا عينى ع الولا

غادة الشريف تكتب: يا عينى.. يا عينى ع الولا
غادة الشريف تكتب:  يا عينى.. يا عينى ع الولا

يا وجع القلب!.. وصدقوا أصحاب المواويل حين يقولون إن القلب لو يوم إتوجع وجعه ما لوهش مثيل.. وصدقت شادية حين بكت قائلة: يا عينى ع الولا.. يخطئ أفراد القوات المسلحة والشرطة عندما يرددون دائما أنهم مننا.. ما هى أكتر حاجة ممكن تخاف أن تحدث لك فى حياتك اليومية؟.. أن تصدمك سيارة؟.. إن زوجتك تمسك فى خناقك؟.. إن عربيتك تتسرق؟..

ماذا ستفعل لو عرفت أن منزلك آيل للسقوط؟.. طبعا ستسارع بإخلاء منزلك بعد أن تكون قد وجدت إقامة بديلة ولو بشكل مؤقت.. ماذا ستفعل عندما تسير فى شارع ما به حركة بناء فى جهة منه؟..طبعاً ستسارع بالعبور للجهة الأخرى من الشارع خوفاً على حياتك من أن يقع عليك شىء.. إحنا فى معهد الأورام، عندما نعلم أن هناك تسريباً إشعاعياً فى غرفة ما فإننا نسارع بإخلاء حتى الغرف المجاورة.. كلنا كده، بنخاف من الموت.. ده انت حتى لو بتولع كبريت فى بيتك بتركز وكأنك بتولع صاروخ!.. لكن، ما بالك بقى بناس عارفين إن عملهم ومكان تواجدهم يحمل لهم الموت فى كل دقيقة وكل ثانية وبكثافة تزداد يوماً بعد يوم ومع ذلك لم نر واحداً منهم يطلب إعفاءه من الخدمة أو رفض تنفيذ الأوامر!.. وسط كل ما سمعنا عن إضرابات فئوية وامتناع فئات عن العمل بسبب حقوق مالية، لم نسمع عن جنود جيش أو شرطة أضربوا بسبب تعرضهم المستمر للموت!.. لذلك، يخطئ الجيش والشرطة عندما يقولون إنهم مننا، فواقع الأمر يقول إنهم أفضل مننا.. بل المؤكد أنهم أيضا خلقوا من طينة تانية أنقى وأطهر من تلك التى خلقنا منها.. كم من حوادث القتل والاستشهاد حدثت فى سيناء حتى الآن؟.. كم من الكمائن استُهدفت؟.. هل سمعت بعدها عن واحد منهم طلب حتى نقل مكان الكمين أو تحويل طبيعته لكمين متحرك؟.. بل إنه حتى المجندين منهم لم يبدوا أى اعتراض أو حتى تململ..

وييجوا بعد كده يقولوا إنهم مننا؟.. كيف يكونون مننا بينما إحنا بنتخانق على القرش والمليم فى الوقت الذى يفدوننا فيه بأرواحهم؟.. كيف يكونون مننا ومنهم من يرفض تنفيذ إنهاء مدة خدمته حتى يستمر بجوار زملائه ليثأر لمن استشهد منهم؟.. كيف يكونون مننا وإحنا يوم ٢٥ يناير الماضى لزمنا منازلنا خوفاً على حياتنا بينما هم نزلوا للمواجهة فى الشوارع وعلى الحدود؟.. يمكن تكون بتخاف من الموت من منطلق إن الموت علينا حق وإن الموت بييجى فى أى وقت.. لكنك فى قرارة نفسك مطمئن على نفسك، لأنك تعلم جيدا أنك بعيد عن كل الأسباب التى تؤدى إليه وتعلم أن حتى خوفك الشديد من أن تصدمك سيارة حلّه سهل، وهو إنك تكون مركز وإنت بتعدى الشارع، لذلك فأين أنت وأين نحن ممن يذهبون بأرجلهم وبكامل إرادتهم ليعيشوا الموت كل يوم.. عندما أتأمل فى صور الشهداء أجدهم سبحان الله كلهم شبه بعض وكلهم شبه الملائكة.. هذه الابتسامة الصافية وهذه النظرة البريئة..

منتهى الملائكية.. أما أسرهم فقد كتب عليهم أنهم سيجرِبون الموت يوميا منذ أن يعلموا بفقدان أحبائهم وحتى نهاية الحياة.. يخترق قلبى بكاء الأمهات.. ويخلع قلبى مشهد أبناء الشهداء.. ويؤلمنى مشهد أمهات فى مقتبل العمر وشبن قبل الأوان.. كل هؤلاء لا يكفى أن يكون تكريمهم فى حفلة وانتهينا، ولا يكفيهم بضعة جنيهات كتعويض ودمتم على كده.. يجب أن تتكفل القوات المسلحة والشرطة بمصاريف تعليم الأبناء الابتدائى والجامعى وحتى زواج الأبناء.. أتمنى أن يشرّع قانون يفرض على شركات القطاع الخاص نسبة عمالة من أبناء الشهداء فى مقابل إعفاء ضريبى مناسب.. هكذا يكون بعض من رد الجميل للشهداء. بل ربما لا أكون أبالغ عندما أطالب بأن تتم ترقية الشهيد باستمرار مع ترقية أبناء دفعته وبالتالى تظل أسرته تتحصل على زيادات مرتبه كلما حان ميعاد ترقيته، بالتالى بعد نهاية سنوات الخدمة ستتحصل أسرته على معاش لواء حتى لو كان الشهيد توفى على رتبة صغيرة.. طبعا أنا لن أطمع وأطالب بأن تصل الترقية لرتبة فريق أو مشير.. مجرد أن يوضع المبدأ ويتم تشريع القانون يبقى كتر خيركم قوى!.. فهل تحدث التشريعات حتى نحصن أسر الشهداء من ضنك العيش الحالى والمستقبلى ونعينهم على تكاليف الحياة دون إهدار كرامتهم، أم أننا سنتركهم يجربون الموت؟.