مريم المهدي تكتب: المرحلة الأصعب انتهت باخر جرعات الدواء المر

مريم المهدي تكتب: المرحلة الأصعب انتهت باخر جرعات الدواء المر
مريم المهدي تكتب: المرحلة الأصعب انتهت باخر جرعات الدواء المر

الدواء المر.. ووعى الشعب

تمر مصر بمرحلة إصلاح اقتصادى صعب بعد أن ظلت الحكومات السابقة فى عهد مبارك تسوف وتؤجل فى اتخاذ القرارات اللازمة لاستمرارية عملية الإصلاح الاقتصادى بسبب الخوف من تداعياتها الاجتماعية وعلى حالة الاستقرار فى البلاد حتى وصلت مصر إلى الطريق الصعب الذى تمر به الآن مجبرة. غير أنه منذ ثورة 30 يونيو وتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم وجد أنه لا مفر من اتخاذ قرارات اقتصادية جريئة لإنقاذ الاقتصاد المصرى من الانهيار بعد أن صارح الشعب بكل الحقائق ووضعه فى الصورة شريكا ليعرف حجم وأبعاد الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر لأسباب كثيرة ليس هنا المجال لذكرها.

فالتحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية صعبة، حيث ترتفع أسعار السلع والطاقة فى العالم بشكل غير مسبوق ونحن نستورد معظم احتياجاتنا من السلع والوقود من الخارج فى نفس الوقت الذى تراجع فيه دخل مصر من السياحة ولم تزد مواردنا المالية، خاصة من النقد الأجنبى الذى نحتاجه لاستيراد تلك السلع.

وعلى سبيل المثال، فإن أسعار البترول تشهد زيادات كل يوم حاليا حتى وصل سعر برميل البترول ما بين 75 و 80 دولارا ومصر تستورد نحو نصف احتياجاتها من الوقود من الخارج وبالتالى فإن فاتورة الاستيراد ترتفع، وهكذا.

وهذا تحديدا ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته خلال حفل افطار الأسرة المصرية في رمضان من أنه لا تأجيل لقرارات الإصلاح الاقتصادى الصعبة مطالبا الشعب بأن يكون على قدر المسئولية ويتحمل من أجل الأجيال المقبلة، وقال نصا «كل التحديات والمصاعب سوف تصبح أمرا يسيرا فى حالة تحمل المصريين هذه الظروف التى تمر بها الدولة».

ويراهن الرئيس السيسى على وعى الشعب المصرى العريق فى تحمل تلك التحديات حتى تخرج مصر من الأزمة الاقتصادية وقد برهن الشعب فى كثير من الأزمات على مدى نضجه ووعيه بالتحديات والمخاطر التى تمر 

 .بها الدولة المصرية وسوف يثبت هذه المرة أيضا أنه شعب واع وعريق.

 

المرحلة الأصعب انتهت

انتهت الحكومة المصرية من المرحلة الأصعب من عملية الاصلاح الاقتصادى، وذلك بعد صدور القرارات الاقتصادية الأخيرة برفع أسعار المواد والمنتجات البترولية، وماسبقها من قرارات بشأن رفع أسعار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وتذاكر المترو. ووفقا لتقديرات وزير المالية د. محمد معيط فإن مصر انتهت من أكثر من 90% من الإجراءات والقرارات الصعبة فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الجريء، والذى شرعت مصر فى تنفيذه على مدى العام المالى 2016/ 2017، والمستمر على مدى 3 سنوات.

وتدرك الحكومة المصرية أن حزمة الإصلاحات تطلبت القيام باتخاذ إجراءات صعبة، ولكن الأمر ضرورى للحفاظ على استقرار الأوضاع المالية، فضلا عن العمل على ترشيد الاستهلاك فى ظل الرغبة المشتركة مابين الحكومة والمواطنين فى الاستمرار فى الإصلاح الاقتصادى وتمويل حزم الحماية الاجتماعية وزيادة الاستثمارات وتوفير المزيد من فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية. وفى ظل زيادة المطالب المشروعة من قبل الموطنين، ومحدودية الموارد فإن الحكومة المصرية تشارك الرأى العام ضرورة وضع المطالب السابقة على رأس أولوياتها، إلا أنها ترى أنه لتحقيق ذلك لابد من إعادة توجيه موارد الدولة من دعم المنتجات البترولية إلى دعم التنمية البشرية والاجتماعية، والإصلاح الاقتصادى وتأمين المستقبل المالى للبلاد.

ومما لاشك فيه أن هذه الإجراءات صعبة، وتدرك القيادة السياسية مدى صعوبتها على المواطنين إلا أنها ترى أنها «لامفر منها»، وأنها مثل «الدواء المر» لابد من تجرعه، إلا أن الشيء المهم هو أن عملية تناول هذا الدواء قد أوشكت على نهايتها. وتأمل الحكومة والرأى العام معا فى رؤية «عوائد الإصلاح» على صحة الاقتصاد وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لما يتجاوز أكثر من عشرة مليارات دولار سنويا، وأن تدخل مصر مرحلة «النمو السريع» بمعدلات نمو تصل إلى 7% سنويا لمدة عقد من الزمان، وأن تتعافى عوائد السياحة المصرية متأثرة بالاستقرار الأمنى 

وجاذبية الأوضاع الاقتصادية المصرية وتنافسية الأسعار، فضلا عن قدرة 

الدولة على تعظيم استثماراتها العامة فى مجال التنمية البشرية، وإعداد عمالة مدربة تناسب سوق العمل، ويبقى أن «الأصعب» بات شيئا من الماضي، والقادم أفضل    

حماية المواطن اقتصاديا 

الحماية الاقتصادية للمواطن جزء لا يتجزأ من أمنه الشخصي، وعامل لا غني عنه لاستقراره النفسي والأسري وسلامة المجتمع ككل. في هذا الإطار جاء التحرك العاجل من الحكومة لضبط الأسواق واجهاض أي محاولة لرفع الأسعار بصورة عشوائية مبالغ فيها بعد القرارات الأخيرة بشأن زيادة أسعار المحروقات والطاقة.

وحسنا فعل الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عندما وجه تحذيره العلني القوي والصارم لسائقي الأجرة غير الملتزمين من عواقب رفع تعريفة الركوب سواء داخل المدن أو بين الأقاليم.

عكست تصريحات مدبولي حرص الحكومة علي تخفيف آثار الاصلاحات الاقتصادية عن المواطن ومسارعتها باتخاذ ما يلزم من إجراءات لحمايته، وهو ما عبر عنه رئيس مجلس الوزراء بالاعلان عن توقيع عقوبات صارمة علي المخالفين.

لم تكن تصريحات مدبولي مجرد كلمات عابرة، فقد قرنها بتعليمات واضحة لجميع المسئولين بنشر تعريفة الركوب الجديدة والمحددة من جانب الأجهزة المختصة في كل المحافظات.