صفوت عطا الله يكتب: وما الدنيا الا ملعب كبير

صفوت عطا الله يكتب: وما الدنيا الا ملعب كبير
صفوت عطا الله يكتب: وما الدنيا الا ملعب كبير

بمناسبة مباريات كاس العالم لكرة القدم والمقامة في روسيا الان لم اجد سوى مقولة الفنان الكبير يوسف بك وهبي عميد المسرح العربي وما الدنيا الا مسرح كبير مع هذا التعبير البسيط وحيث ان كرة القدم هى اللعبه الشعبيه الكاسحه في معظم بلدان العالم و الحدث الابرز حاليا علي مستوي العالم وخاصه ان مصر نجحت في الوصول الى التصفيات النهائيه بعد ثمانيه و عشرون عاما ولا اعلم متى تاتى المره القادمه ولكنها تربعت فى قلوب الملايين تلك المجنونه المستديره وهذا البساط الاخضر السندسي البديع ابعاده عرضيا ما بين 64-75 متر وطولا ما بين 100-110 متر ويتبارى اثنين وعشرون لاعبا ويؤدون ادوارهم بحرفه و اتقان مذهل بقيادة قائد او مايسترو الفريق في مباراه كأنهم ممثلون في مسرحية الحياه يشاهدها عشرات الآلاف من البشر حول هذا  المستطيل الاخضر ومئات الملايين امام شاشات التلفزيون في تجمعات الميادين و المقاهى و المنازل لا تفرق بين الناس وهم في شغف و لهفه لرؤية اللعب الجميل و الحركات و التمريرات و الركلات والأهداف و اهتزاز الشباك و المدربين و جهاز الفريق كالمجانين يتحركون يمينا و يسارا ويرفعون ايديهم ويرتفعون ويهبطون ويصرخون ويصرخون مع كل لعبه وحركه وكل مدرب يضع خطط وتكتيك كالعسكريين في المعارك بين صمود المدافعين عن المرمى و حصونهم المنيعه لصد هجمات ودحر الفريق الاخر من غزو الشباك واحتلال الكره في المرمي محرزا هدفا بحرفيه و مراوغة المهاجمين البارعه تحدث الثغرات و تلوح الفرص للتهديف و احراز الاهداف و عند اعلان الحكم نهاية المباراه او المسرحيه بين فرحة المنتصرين و دموع المهزومين تلهب مشاعر وأحاسيس الملايين من عشاق الكره المغرمين بها طوال الليل ساهرين فرحانين وبالزغاريد و الأهازيج رافعين أعلام أنديتهم و بلادهم بينما يعم الحزن و الكآبه والدموع الآخرين تخطف الألباب و الإبصار و الآهات بين الكبار و الصغار و بين الصبايا الحلوين و العجائز المتصابين لا فرق بين امير عظيم او صعلوك حقير فالكل امام الكره المستديره مفتونين و عاشقين و امام دعوات و ابتهالات الجماهير بالنصر المبين ارى اللاعبين كأنهم عازفين ماهرين علي الآلات الموسيقية في مقطوعة من أروع سيمفونيات بتهوفن يتراقص معا السامعين و المشاهدين العظماء و الملوك و الرؤساء دون خجل او توارى الكل يغار منها ايتها الساحره المجنونه تؤجل اجتماعات وجلسات الرجال وتعطل المصالح و الدواوين وبعشق المغرمين تتوحد القلوب و تتأجج المشاعر في احلي مظهر للانتماء للاوطان و الانديه الديار تنعش النفوس العطشانه وتريح الاجساد التعبانه و تروي القلوب الظمآنة ننسي بحبك كل الهموم و الاحداث و الاخبار السياره لاجل تلك المباراه المقامه  لا مخدرات ولا منشطات ولا خمور حتي التدخين ممنوع علي دكة الاحتياطيين و المدربين و هذا أخلاق المحترمين الأدب و الاحترام و سماع كلام الحكم المتزن الرزين عند اصدار الحكم الفورى النافذ دون تباطؤ أو تأجيل ولا مكان للغضب او الانفعال او الاعتراض علي قرار الحكم والا كان الكرت الاصفر للانذار او الاحمر للطرد و الحرمان فهو جاهز للغلطانين المتهورين لا فرق بين جنس او لون او دين او عرق فالكل امام الكره متساوين و الفيصل بينهم اللعب و الجهد و العرق و المهاره و الاتقان اما السياسه فقد فتحت الأقدام منداسين لا مكان للمجانين او المهووسين ولا الفاشلين العاطلين او الفاسدين المجرمين فالاحكام فوريه و النتيجه النهائيه فالفرحه نصيب الكسبان و الحسره من نصيب الخسران من غير زعل او غل في القلوب لانها لعب و منافسه شريفه و انهم بنى ادمين متصالحين بالاحضان و القبلات بين اللاعبين قبل او بعد المباراه تلك هى الروح الرياضيه الصحيحه و السليمه و المفروض تكون بين البشر و الناس اجمعين انها حقا لعبة كل الخلق الفقراء و الساكنين في الشوارع و الميادين يلعبونها وأيضا بين الأغنياء المتريشين في الانديه مؤدبين و الجميع في حبك يا كره هيمانين و عاشقين هل عرفتم الان لماذا يعشق العالم كرة القدم ببساطه شديده تشبه الحياه و المعيشه و تعرفنا و تعلمنا كيف نعيش في حب و سلام و كفاح وجهد وتعطي كل فرد المكافأه و النتيجه تفرز بين المجتهد الفائز و المتكاسل المهزوم هكذا يتضح لنا ممارسه اللعبه علي اصولها و ادابها و تقاليدها و قوانينها بروح رياضيه لها تأثيرها الايجابي في كافة نواحي الحياه و المجتمع و الناس و تعلم فن التعامل و السلوك الاخلاقي السليم التي تربط كافة البشر في جميع البلدان وعلي المستوي المحلي في بلادنا المصريه تأخذ كرة القدم مساحه كبيره حيث يلتفون حول الشاشات لمشاهدة مباريات كرة القدم ويحاول الباحثين دراسة تلك الظاهره حيث تعم الفرحة بعد الانتصارات سواء علي مستوى الانديه او المنتخب المصرى رغم صعوبه الحياه و المشاكل و الارهاب و الازمات وكيف يتم توظيف الرياضه اقتصاديا و سياسيا مقتبس بعض المعلومات ففى عام 1950 ألقى برتراند راسل خطابا بمناسبة حصوله علي جائزة نوبل في الادب قدم معنى وفهم جديد للدوافع و السلوك الانسانى بأنها لا تحركها المبادئى و القيم بقدر ما تحركه الدوافع و الرغبات وقد حدد خمس نقاط

  1. حب التملك وهو هوس الانسان بالتملك ولا يتوقف عند حد الاشباع الضرورى يتواجد دائما من يحتكرون الثروة ومن يحرمون منها دون دون وجه حق
  2. حب التنافس هو الرغبة في الاستحواذ و الحصول علي نصيبه لندرة الموارد يتعلم الانسان فن التنافس و ربما الي الصراع
  3. حب الظهور وهى رغبة الانسان ان يكون بؤرة الاهتمام وسط الاخرين مما يدفعه ان يكون فنان او قائد او لاعب او رجل دين ناجح
  4. حب القوه و السلطه و الرغبه في السيطره علي الاخرين و ليس بالضروره بالقوه و لكن بقدراته و سلطاته

الاثاره وهى نوع من الهروب من الملل و الخمول فيحتاج الي دوافع للاثاره لاستعادة حيويته و التوازن بين العقل و الجسد و لو طبق تلك النقاط علي محبي كرة القدم نجدها واضحه تماما نجد دوافع رجال السياسه و الاعمال من مشاهدة كرة القدم ليس للتنافس و الاثاره بل هوس التملك و النخبه السياسه حب القوه اما المشاهدين البسطاء يكون الدافع الرئيسى هو حب التنافس و الاثاره ولأجل الفوز و المكسب فيكون الفرحه صادقه و تعبيرا و تعويضا للاحتياج الداخلي للنفس المتلهفه و المتنفس الوحيد للجماهير المصريه الهوس كلمه لها معني في المعجم العربي بمعنى جنون وخفة عقل أي تضخيم الافكار لهذا يمكن القول هذا هوس ديني وهذا هوس كروي وهوس كلمه قبطيه بمعنى اخر و هو التسبيح و أيضا تشمل حاله مرح و ابتهاج و تهليل عقب ثورة 23 يوليو 1952 و الغاء الاحزاب السياسيه التى كان  يلتف الشعب و الجماهير حولها و التمركز في شخصيه وحيده تحول تدريجيا لحاله من عشق و هوس للقائد جمال عبد الناصر لما فعله في اول عهده من طفره في المجتمع خاصه لعامة الشعب و كان هناك تناغم و تآلف بين الهوس الكروى و الهوس السياسي خاصه عقب حرب بورسعيد 56 حتى احداث النكسه 67 عندها تحول الشعب معظمه تدريجيا لهوس كروى فقط و تحولت الانديه كالاهلى و الزمالك و الاتحاد و المصري و الترسانه كالاحزاب لها الجماهير المتحمسه و المؤيده لها علي حساب السياسه المتدنيه في تلك الفتره و لتغطيه الهزيمه و الازمه الاقتصاديه اثناء حرب الاستنزاف ‌‌كان من مصلحة السلطة ترك هذا المهوس الكروي ينتشر و يزداد و عندما تولي السادات وحرب أكتوبر تنامي هوس أخر وهو الهوس الديني وأستحواذ جزء كبير من البشر حول الدعاة و الفكر الجديد للصحوة الدينية كالوهابية و الخمينيه في العالم الإسلامي و منها مصر فظهرت ملامح في الوسط الرياضي غريبة مثل إطلاق ذقون بعض اللاعبين و الشورت الشرعى و قراءة القرآن و إصباغ التصرفات و الانتصارات إلي رضا الله عليهم ومع الأيام انتشرت ظاهرة السجود من بعض اللاعبين حتى أن أطلق غلي الفريق المصري فريق الساجدين خاصة في بطولات إفريقيا أعوام 2006 -2008- 2010 حيث انتصرنا بالبطولة بقيادة حسن شحاتة وكان من مصلحة السلطة تنمية هذا الشعور الديني من أبناء الرئيس مبارك جمال وعلاء و اشتراكهم في الدورات الرمضانية وحضور تدريب الفريق القومي و تشجيعهم طالما بعيدين عن السياسة وحالة الغليان و الفوران الشعبي الغاضب من ظاهرة التوريث إلي أن  قامت انتفاضة الشعب 25 يناير 2011 وميل الكفة للتيار الديني القادم بقوه و الصراعات التي حدثت بعد ذلك بين الأخوان و السلفيين و استغلالهم لأحداث المباريات للتعبير عن تواجدهم وإظهار قوة كل منها و نتيجة للفتاوى باعتبار كرة القدم تلهى الشباب و تبعدهم عن التدين و ضياع للوقت و المشاهدة حرام تدعو للفتنه كانت مذبحة بورسعيد الشهيرة و التي سقط 72 قتيل من مشجعي النادي الأهلي و توقف النشاط الكروي ومنع حضور الجماهير مباريات الكره حتى الأيام ترجع باستحياء وخوف وكلما يعود تحدث مشاغبات والاحتكاك خاصة من تكوين كائنات و تجمعات إرهابية  للانديه الكبرى مثل الالتراس الأهلاوي و الزملكاوي و استغلالها سياسيا و دينيا خاصة في جماعة الأخوان الذي ظهر واضحا من مجزرة الدفاع الجوى الذي كان طرفه نادي الزمالك وسقوط 19 قتيل عام 2015 في عهد الرئيس السيسي و شماتة الإخوان في هزيمة الفريق المصري وظهر جليا مدى الصراع الخفي بين الهوس الكروي و الهوس الديني في مصر و مدي تغلغل الدين في الكره و شؤون اللاعبين و تحفيز مشاعر الجماهير مره وتأليب الدعاة عليهم مره أخري إلي أن جاءت الفرصة السانحة التي لا تعوض بوصول الفريق المصري إلي مونديال موسكو و تصفيات كاس العالم ليكون من ضمن أحسن 32 فريق في منافسه شريفه قويه و ميول الجماهير المصرية إلي حالة الانتماء الوطني مع وجود القيادة الجديدة و لكن بصوره انفعاليه ممتزجة بالزى و الصبغة الدينية فلا عجب نجد اللاعبين صائمين في رمضان خاصة في المباريات الودية وقد ارجع المدرب النتائج السلبية لتأثير الصيام عليهم أو المواظبة علي الصلاة و قراءة القرآن و ربما كل هذا أشياء طيبه و جميله و لكنها ليس لها تأثير علي مجريات كرة القدم من موهبة أو جهد و إتقان قوه ولا دخل للدين من قريب أو بعيد بها و فيها للأسف الشديد هناك ظواهر لا علاقة لكرة القدم فيها علي مثال استضافة مذيع مشهور مدحت شلبي في برنامج شيخ ازهرى لسؤاله و الفتوى عن بعض أمور دينيه أو استغلال و السخرية من مدرب الفريق هكتور كوبر في برنامج رامز تحت الصفر بصوره تقل من مكانته و قيمته في الفريق القومي وإصابة اللاعب محمد صلاح من اللاعب راموس الي امور بعيده عن ممارسة كرة القدم  نعم ظاهرة محمد صلاح تلك الموهبة الشابة التي ظهرت العام الماضي في الدوري الانجليزي مع فريق ليفربول تفضح و تكشف القصور و الحالة المتدنية و المتخلفة للعقل و الفكرة التي تسيطر علي شؤون الكره في بلادنا هذا اللاعب الذي رفضه نادي الزمالك لاعتبارات بعيده عن الموهبة أدى إلي خروجه منذ ستة سنوات للعب في الخارج وباجتهاد و تعب و كفاح تمكن للوصول للعالمية و التألق بين فطاحل لاعبي الكره ميسي و رونالدو و نيمار و جعله فخر المصريين كلهم و مشرف أمام العالم كله مما جعل الفريق يعتمد كليا عليه دون مجادله و مساعدة اللاعبين المحليين للظهور لوجود خلل واضح في منظومة الكره ملاحظه واحده أن هدافي كرة القدم في الدوري العام هم اللاعب المغربي ازارو بالأهلي و جوى انطوى وهو غاني الجنسية و دييجو كالديرون لاعب الاسماعيلي من كولومبيا اى أنهم أجانب و ليس من لاعب مصري مما أدي إلي ندرة المهاجمين لسوء تصرفات الاتحاد و المصري فعندما منع الاستعانة بحراس المرمى الأجانب للانديه ظهر بعض الحراس الممتازين خاصة بعد جيل عصام الحضري فالمشكلة الاساسيه عدم الاعتماد علي التدريب و العناية  ومساعدة الناشئين بقدر الاعتماد علي الوافدين مما اضعف بعض الخطوط ثم نلجأ للدعاء و الصلاة أن يسترها معنا تلك المصيبة الكبرى و الخيبة بالويبه و نفس الفكر المغلوط الذي جعل المصريين في الخارج ينجحوا أمثال مجدي يعقوب و احمد زويل و فاروق الباز و هاني عازر و هاني النقراشي و مصطفى السيد و الآخرين لعدم وجود التقدير و عدم مجازتهم في حياتهم الأولي لأسباب شخصيه أو عنصريه أو دينيه ثم نتمحك فيهم بعد الشهرة بالضبط كما حدث مع اللاعب محمد صلاح الموهوب نرجو أن يهتم الاتحاد المصري لكرة من ألان بالاهتمام والبعد عن الضعف الواضح في قراراته المهزوزة في رجوع الجماهير إلي الملاعب و الضرب بيد من حديد لكل متهور أو متعدى بقسوة ومنع تدخل الدين في شؤون الكره ورجوع الرياضة الجميلة المحبوبة إلي عهدها الأول بدون عنصريه أو تحيز أو تحزب و التحلي بالروح الرياضية وتكون الكره لعبة ترفيه و تسليه و تنميه الروح و الانتماء للانديه و للفريق القومي المصري نتمنى أن يشرفنا مع فريق اورجواى و روسيا و السعودية و تحقيق نتائج مرضيه خاصة أن كتابة هذا المقال عقب مباراة السعودية و روسيا خمسة أهداف نظيفة في أداء ضعيف مهزوز برغم أن روسيا بفريق مصنف أو قوى لهذه النتيجة الكبيرة مما قلب الحسابات و المعادلات ولكن عشمنا في أداء متوازن قوى بعيدا عن المؤثرات السلبية أو التراخي المقيت أو الأخطاء القاتلة علي الأقل ليظهر بموقف مشرف سواء في المكسب أو الخسارة بشرف وتكون المباريات فرص لتألق اللاعبين لمصلحتهم الشخصية أولا و لأنديتهم و أن تحقق النتائج الطيبة وستكون بدون شك فرص و ابتهاج لجميع المصريين العاشقين لكرة القدم تلك الساحرة المستديرة و ترجع معها روح مصر و رفعة مصر و قامة مصر العظيمة و نرفع علم مصر عاليه حقا وما الدنيا إلا ملعبا كبيرا.