أبو المعاطى أبو شارب يكتب: حكايات من الشارع الغربي (كل الدود قبل ما ياكلك)

أبو المعاطى أبو شارب يكتب: حكايات من الشارع الغربي (كل الدود قبل ما ياكلك)
أبو المعاطى أبو شارب يكتب: حكايات من الشارع الغربي (كل الدود قبل ما ياكلك)

من أجمل الذكريات مع الفنان العالمي الراحل عمر الشريف أثناء زيارته لمدينة فلورنسا في صيف عام 1986 ومعه مجموعة من الاصدقاء الفنانين الاجانب توجهنا لتناول العشاء في أحدي المطاعم التاريخية في المدينة مطعم اللاتيني الذي يقدم الاطباق الفيرونتيني المشهورة وجلس الجميع وامسكوا بقائمة الطعام وطلب كل منهم ما يريد عدا الفنان الراحل عمر الشريف.

لم يطلب شيئا وهمس في اذني وقال نفسي في قطعه من جبنة المش بتاعت بلادنا الاصلية اللي بالدود. كان الطلب من المستحيل ان يتواجد هذا االنوع من الاكلات الشعبية المصرية في المدينة. وأصبحت في حيرة من الامر وجاء الجرسون وهو من أبناء الصعيد وأسمه عادل ولازال موجود حتى وقتنا هذا في المدينة وسألني ما هي المشكلة لماذا لم يطلب الفنان عمر الشريف طعامه حتى الآن.

قلت له يا سيدي الفنان الكبير عمر الشريف بيدلع علينا شوية ونفسه يأكل قطعه من المش المصري. وأصدقاءه بيضحكوا على طلبه انه مصمم يأكل الجبنة المش.

أبتسم عادل وهز رأسه وقال اعطيني فرصة. كان الراحل عمر الشريف يجوب بنظراته في تحدي أمام أصدقاءه ومصمم أن نحضر له طلبه بأي طريقة ... حتى وقعت المفاجأة جاء عادل الصعيدي يحمل بين يديه طبق من المش الصعيدي الاصلي من بيته المقابل للمطعم والدود ينط حول الطبق والكل ينظر اليه باشمئزاز لمنظر الدود أمامهم  وسرعان ما شاهدوا عمر الشريف تمتد يده بقطعه من الخبز يغمسها في المش بالدود ويلتهمها وهو يهز رأسه بابتسامته الجميلة بكل فرح وسعاده وهو يقول الله أمام أصدقاءه وهم يستعجبون لهذا المنظر وهو يلتهم المش بالدود وهو يتراقص بينهم ويديه مرفوعة إلي أعلي من جمال طعمها اللذيذ. حتى بدأ يحكي لهم قصة هذا الطبق الشعبي منذ القدم توارثها الاجداد.

وقال لهم هناك حكمة مصرية تقول (كل الدود قبل ما ياكلك) وهو مضاد حيوي طبيعي للمصريين وتطعيم ضد جميع الامراض ويطل أعمارهم. رحم الله الفنان العالمي الراحل عمر الشريف الذي ترك لنا بصماته الفنية للتاريخ من أعماله الفنية التي أصبحت من تراث الاعمال الفنية ايام الزمن الجميل ...

وكان أخر لقاء مع الفنان العالمي الراحل عمر الشريف في المركز الثقافي المصري للسفارة جمهورية مصر العربية في روما عام 2007 وللحديث بقية؟