إدوارد فيلبس جرجس يكتب: مجـد الـقيامـة

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: مجـد الـقيامـة
إدوارد فيلبس جرجس يكتب: مجـد الـقيامـة

أطيب التهاني بمناسبة عيد القيامة المجيد .. تهنئة نكررها كل عام بهذه المناسبة العظيمة ، لكن هي في الحقيقة ليست مجرد مناسبة تمر مرور الكرام ، المتأمل فيها سيعلم أنها  " حياة "  بكل ما ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، حياة هنا على الأرض ، وحياة أبدية في الآخرة ، بها نعيش على الرجاء في الأرض ، وبها تكون الأبدية السعيدة والرائعة . المسيحيون هذه هي عقيدتهم ، وبها يعيشون الرجاء وينتظرون الأبدية . فلو تتبعنا حياة السيد المسيح منذ ولادته وحتى الصليب نؤمن تماما برسالته التي انقذت البشرية من الموت الأبدي ، كل خطوة بل كل لمحة في حياة السيد المسيح له المجد القصيرة على الأرض ، تقول أنه جاء ليبذُر غلته الصالحة على الأرض ثم يصعد بكامل إرادته إلى الصليب ليفتح باب الفردوس أمام كل من يؤمن به . عيد القيامة المجيد هو حكاية رائعة تبدأ بولادة الطفل الصغير في المذود وتسير بنا إلى الصبي الذي كان يحاج الكهنة والفريسيين في الهيكل وهو لا يزال صبياً ، وتمضي في هدوء إلى بداية الرسالة ولعل أجمل ما قيل عن السيد المسيح أنه " كان يجول يصنع خيراً " ، ولقد كانت " الموعظة على الجبل " رسالة بأكملها للبشرية . ما قام به السيد المسيح خلال حياته القصيرة على الأرض قال عنه الرسول " يوحنا " أن ألاف الكتب لا تكفي لأن يدون بها أعماله ومعجزاته ، والتي أنهاها بصعوده إلى الصليب بكامل إرادته ليصلب ويموت ويقوم في اليوم الثالث ليعلن على العالم كله قيامته المجيدة . إنني في الحقيقة لا أكتب موضوعاً دينيا ، فأنا لا أجيد الكتابة في مثل هذه الأمور فلها من هم أفضل ، لكنني بدأت بكتابة تهنئة بعيد القيامة ثم كلمات عن السيد المسيح له المجد وعندما قررت وضع النهاية وجدت أنني منساق للكتابة أكثر وأكثر عن هذا الموضوع الذي تنفتح أمامه كل أفاق الكتابة ولا تغلق ، فكما ذكرت أنها حياة بأكملها سواء في الدنيا أو في الآخرة ، بدأت بولادة الطفل يسوع في مذود البقر ، مكان وضيع  اختاره ليكون موضع ميلاده ، لم يشأ أن تكون الولادة في قصر أو مكان فخم ، ليعلن أنه جاء من أجل الفقراء والضعفاء ، ليأخذ بيدهم ويرتفع بهم إلى ما هو أجمل وأفضل من الغنى الأرضي ، كل شئ كان مرتبا من الأزل ، الكلمة التي تجسدت من الروح القدس وتأنست من مريم العذراء ، كل شئ كان مرتبا من الأزل ، من أجل خلاص الخليقة التي لم يشأ لها الآب أن تهلك بعد أن أخطأ أب الخليقة كلها " آدم " وُكتب الموت على الجميع ، لكن الله الخالق لم تهن عليه خليقته وتجلت محبته الفائقة عندما أرسل ابنه الوحيد ليكون فداء لكل البشرية ، إن الكلمات التي تقال في عيد القيامة " المسيح قام .. بالحقيقة قام " هي الإيمان الكامل بل هو العقيدة المسيحية بأكملها المجسدة في هذه الكلمات القليلة ، بل هي تأخذنا دائما إلى البداية ، الولادة المعجزية لطفل أتى دون زرع بشر ، طفل تجسد من الروح القدس وتأنس من عذراء نقية عفيفة لم يكن اختيارها عشوائيا ، بل أُعدت قبل أن تأتي إلى الحياة ليكون لها هذا الدور المقدس دون النساء جميعا ، أُعدت لتولد من أب وأم مقدسين لتأتي هي أيضا في القداسة لتنال هذه الكرامة اللانهائية بولادة الطفل يسوع منها ، إن بشارة الملاك لها كانت الإعلان العظيم بأنها ستكون الأم العذراء القديسة التي ستلد مخلص العالم ، ولادة معجزية من أم عذراء لم يمسسها بشر ، سابقة لم ولن تحدث لأي بنات حواء ، لأن الطفل المولود ليس أي طفل  ، وهذا نتذكره  دائما عندما ننظر إلى تعاليمه خلال السنوات الثلاث تقريبا منذ أن بدأ في عمر الثلاثين وحتى الثالثة والثلاثين بالتقريب ثم صعوده إلى الصليب والأروع القبر الفارغ فجر القيامة ، وإن كنا نتحدث عن القيامة لكن هذا لا يمنع أن ننتوقف دائما أمام  الميلاد لأنه بداية الطريق السمائي  . ميلاد وحياة السيد المسيح وصلبوته وموته وقيامته حقيقة واقعة لا يرفضها العقل المفكر دون عصبية أو تشنجات . إن النبؤات عن الميلاد والصلب والقيامة  التي وردت في العهد القديم أي قبل ميلاد السيد المسيح بمئات السنين وتحققت في العهد الجديد أي بعد ميلاد السيد المسيح لا تعد ولا تحصى ، نبؤات كانت بوحي الروح القدس على الأنبياء الذين ولدوا ورحلوا قبل أن يروا السيد المسيح  ، كلها تحكي عن ولادته من عذراء  وخطواته حتى الصليب والمعاداة والحقد من رؤساء الكهنة اليهود له خوفا على مناصبهم والتي ظهرت عند محاكمته وتفضيلهم أن يطلق لهم الوالي "بيلاطس " اللص القاتل " باراباس "  على أن يطلق  يسوع المسيح ، إن الشيطان أغلق عيونهم عن حقائق واضحة كشروق الشمس وللأسف حتى الآن تعيش الأجيال الحالية من اليهود في ضلالات الأباء .                                                                                    

تغريدات مع الميلاد والصلب والقيامة

***************************************

1_ ميلاد السيد المسيح له المجد ... لا تكفيني ألاف من علامات الاستفهام والتعجب عند التحدث عن هذا الميلاد العجيب ، أو كيف حُبل به في بطن السيدة العذراء ، وأيضا لا تكفيني ألاف من علامات الاستفهام والتعجب أضعها أمام كلمة " عذراء " ولا تكفيني ألاف من علامات الاستفهام والتعجب أضعها أمام " العذرية " التي ظلت حتى بعد ولادة السيد المسيح ، والتي تنبأ بها النبي العظيم حزقيال " هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه .. حز 44 "  ، ليست علامات استفهام أو تعجب عادية ، بل كل علامة منها تحتاج إلى الفكر العميق والمنطق الذي قد يخرج عن حدوده البشرية ليحلق مع الإرادة الإلهية . لا شك أن اختيار الأم العذراء تم قبل أن تأتي إلى العالم ولن نكون قد شطحنا بعيدا عن الفكر السليم أو المنطقي إذا قلنا أنه منذ بدأ الخليقة ، فالحدث ليس سهلاً ولا يمكن لأي فتاة أن تقوم به ، وليست أي أحشاء يمكن أن تتحمله ، فكلمة " تجسد إلهي " تثير القشعريرة في أذهاننا حتى الآن ، السماء تهبط لتسكن أحشاء عذراء تم اختيارها بدقة ، شئ يخرج عن حدود العقل ، الحمل تم في زمن بدائي لم يكن به علم أو تكنولوجيا ، لو تم الآن لكثرت الأقاويل والتحليلات والنظريات العلمية المشككة ، ولخرجت السفسطات على كل شكل ولون ، حمل تم بالموعد والساعة والثانية واللحظة ، ترتيب إلهي لا يخطأ في حساباته أبداً ، تقبلته السيدة العذراء بكل بساطة ونقاء ولم تسأل الملاك المبشر سوى سؤال واحد " كيف هذا وأنا لم أعرف رجلاً ؟"  ، مجرد دفاع عن النقاء من عذراء نقية ، وأثلجت إجابة الملاك المبشر صدرها وقبلتها بكل إيمان فرحة لأن الذي سكن في أحشائها في التو واللحظة هو الإله المتجسد ، الذي اختارها لتكون أمه دون أن يمسسها بشر . كون السيد المسيح ولد بهذه الطريقة كاف لأن يثير ألاف من " لماذا " ، أليس لو كان جاء ليكون نبيا كان يمكن أن يولد كغيره من الأنبياء من أب وأم ، الأب يحمل خطيئة آدم الأبدية والأم مجرد امرأة عادية ؟!، ولادة عادية جدا تحمل خطيئة الجد وغير محصنة من أي خطيئة على الأرض ، لكن السيد المسيح حتى في ناسوته لم يحمل أي خطيئة ، جاء ليكون ملكا منذ طفولته وبالرغم من هذا ولد فقيرا ليكون للجميع ، كان يجب أن تكون الولادة المعجزية مؤشرا بأنه جاء ليحقق شيئا أكبر بكثير من مجرد النبوة .                                                                   

2_ هل صُلب السيد المسيح ؟! ، سؤال لا معنى له ، وكأنني أسأل هل الشمس تشرق من الشرق وتغرب من الغرب ، أو هل الأرض تدور ؟!!!! ، العقيدة المسيحية كلها أساسها الصلب ، هو الإيمان المسيحي الذي لا يُجرح ، لا يوجد مسيحي من أي مذهب من المذاهب لا يؤمن بأن السيد المسيح أتي خصيصا لُيصلب من أجل خلاصه ، الأناجيل الأربعة حدَثت عن إشارة السيد لتلاميذه بأن أبن الأنسان أتى ليصلب ، وبالرغم من هذا عقولهم المغلقة في ذلك الوقت والتي لم ينزل عليها الروح القدس بعد شكلت صعوبة الفهم بالنسبة لفكرهم البسيط ، لا يصدقوا أن المعلم الذي صنع أمامهم هذا الكم الهائل من المعجزات وإقامة الموتى ، يمكن أن يتجرأ أحد على صلبه ، بدليل أنهم تشككوا ، لكنهم بعد ذلك وقد  انبلجت الحقيقة أمامهم بقيامته تحققوا أن كل كلمة قالها السيد المسيح عن صلبوته وقيامته كانت مختومة بخاتم إلهي ، وتحققت نبؤة " سمعان " الرجل البار التقي الذي أُوحي له بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب وعندما أخذ الطفل يسوع على ذراعيه قال الكثير لأمه مريم وقد تكون مقولته " وأنتِ أيضاً يجوز في نفسك سيف لُتعلَنَ أفكارُ من قلوب كثير " أشارة قوية لما ينتظرها من أحزان بصلب ابنها ، وهذا ما حدث بالفعل ، إن من يذهب إلى القدس ويرى طريق الألام الذي انتهى بالجلجثة ، يشعر شعورا قويا بأن هذا الحدث قد تم بالفعل وكأنه تم بالأمس بل يتم أمامه في ذات اللحظة  ، صلب السيد حقيقة لا جدال فيها رآها تلميذه يوحنا ومريم أمه ليجوز في نفسها سيف كما تنبأ سمعان ، رآها الكثيرين  ،  وأوجعت نيقوديموس ويوسف الرامي فذهبا بالحنوط والأطياب ليكفنا الجسد المقدس في قبر جديد منحوت في الصخر لم يدفن به أحد من قبل وأغلقاه بحجر كبير وتولى حراسته حراس دفع بهم رؤساء الكهنة ، الخوف ملأ قلوبهم أحسوا بالدم الطاهر الذي سُفك على الصليب فوق رؤوسهم وصراخهم حتى الآن يتردد في الجلجثة وهم يطلبون صلبه والوالي بيلاطس يحاول أن يبرأه فيزدادون صراخا " أصلبه . أصلبه .. دمه علينا وعلى أولادنا " ، صلب السيد ونال اللص اليمين الفردوس بلحظة إيمان واحدة . نعم صلب السيد المسيح وأعطى كل من آمن به رجاء الأبدية .                               

3 _ " القبر الفارغ " كم هي كلمة رائعة ، أين ذهب السيد ؟!  سؤال حائر لمريم المجدلية وهى عند القبر فجر الأحد أي فجر القيامة ، ركضت لتخبر بطرس ويوحنا وهما جاء بدورهما لينظرا القبر الفارغ والأكفان ملفوفة بداخله وبدا عدم الفهم يزول عن عقليهما ويتذكران كلمات السيد المسيح عن قيامته ، ظهر للكثيرين بعد ذلك وحتى صعوده إلى السماء ، لقد بدأت أذهان التلاميذ تتفتح وتعود لكل كلمة قالها السيد المسيح عن صلبه وقيامته ، شاهدوا ورأوا وعاينوا ، وانطلقوا إلى كل العالم يبشرون بموت المسيح وقيامته ، قيامة السيد المسيح هي النهاية السارة لكل من آمن به ، إن القبر الموجود بكنيسة القيامة الذي يفج منه النور المقدس فجر القيامة كل عام وتشهده الملايين يهلل نوره  " المسيح قام .. بالحقيقة قام " ، والصليب الذي عثرت عليه الملكة " هيلانة " والذي أقام الميت يقول أن رب المجد كان فوقه ، حقاً أنه فخر لكل من يؤمن به .  وفي النهاية لا يسعني في ختام كلماتي البسيطة التي لا تمثل قطرة في محيط من قوة وجمال ونور وبهاء القيامة إلا أن أقول : أجمل التهاني بعيد القيامة المجيدة ، ومع نور القيامة دائما . " المسيح قام .. بالحقيقة قام "
 


القدس الغاضبة

***************

نعم القدس غاضبة ..... كيف تكون هذه المقدسات سواء الإسلامية أو المسيحية تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني ، كيف تكون تحت احتلال من لا يؤمنون بميلاد السيد المسيح أو قيامته ، كيف تكون تحت احتلال أبناء من علقوه على الخشبة ، كم شعرت بالألم عندما زرت القدس منذ عامين وفي كل خطوة أشاهد أعين الجنود الصهاينة المتفحصة وهو يحملون الأسلحة ، حتى أمام أبواب كنيسة القيامة شاهدتهم ، أقولها وأنا في كامل أسفي ، إذا كنا قبلنا أن تنسلخ القدس عن فلسطين ووقفنا لا نفعل أي شئ سوى مصمصمة الشفاه ، وهانت علينا الأرض المقدسة التي ولد عليها السيد المسيح وسار وعلم وقام بمعجزات لا حصر لها ثم صُلب بأيديهم لكنه انتصر بقيامته المجيدة ، ويشهد على ذلك قبره الفارغ هناك لأن رب المجد لم يمكث به سوى ثلاثة أيام وقام ليعلن انتصاره على الموت ، نعم كل شبر في هذه الأرض يقول أن ترابها مقدس ، أقول أذا كنا استسلمنا لهذا الهوان فأنا أطالب العالم أن توضع القدس تحت أشراف دولي يتولى الرقابة والحفاظ على المناطق المقدسة ، بالتأكيد لا يستطيع أحد أن يرميني بالخيانة لقولي هذا لأن الخيانة ثوب ارتداه كل من تهاون  في استرداد هذه الأرض وكل من خان القضية ولم ينجح سوى في محاربة أبناء جلدته وتحول إلى الإرهاب وأعتقد أن الإشارة ليست غامضة وتتجه بكل قوتها إلى حماس الإرهابية .. نعم فلتدول القدس فهذا أفضل من وجودها تحت وطأة الاحتلال . 

 

إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com