عفاف بايزيد تكتب: مأساة أم

عفاف بايزيد تكتب: مأساة أم
عفاف بايزيد تكتب: مأساة أم

رمت بالرسالة التي وصلتها منذ لحظات في نار الموقد..الدموع تنهمر والنار تأكل هذه الورقة اللعينة لتصبح رمادا، دون التفكير في الإبقاء عليها... كانت ترتجف من شدة الخوف، ولا تستطيع أن تفكر مجرد التفكير في ترك ابنتها الوحيدة والابتعاد عنها...كيف ستستمر حياتها من دونها؟ إنها كل ما تبقى لها في هذه الدنيا التعيسة.. لم تنم تلك الليلة وهي تفكر في حل للخروج من ذلك المأزق الذي لم تتوقعه..كيف لهذا الأب المنحرف أن يطالب بابنته بعد كل هذه السنين..؟ مالذي جعله يتذكرها الآن؟؟ طبعا إنها روح الانتقام القابعة في ذاته الشريرة.. يجب فعل شيء..

تتذكر غربة الأيام ووجعها الدفين..تحمل هول المنايا بقلبها الحزين.كانت تحتضن في صومعة حياتها حقيقة بشعة. والنار تؤججها النوى..فاضت دموع عينيها صبابة.. أدركت أنها كانت في عالم الوهم..خار فكرها وهي تستنجد به للخلاص من هذه اللعنة البشرية التي وقعت عليها.. واقتنعت في الأخير بأنه يجب الابتعاد والتخلي عن دور البطولة المأساوية والتحسر المتمثلة على خشبة مسرح حياتها المزري..أن تنتفل إلى واقع مخالف لواقعها الحالي.....واهتدت إلى فكرة التخلي عن هويتها الماضية والتحلي بهوية جديدة.. والارتحال إلى بلاد الفرح والسعادة بعيدا عن واقعها الدامع الدامي.. واعتباره رسما على ورق السراب..لتلمح السعادة تلوح تعابيرها على وجه السماء.. جمعت كل أغراضها المهمة، وعزمت على الوداع الأخير.. اتصلت بصديقتها المتواجدة في مدينة الشمس.. لترسل لها بعضا من أشعتها الدافئة المنقذة وتساعدها على مغالبة كل شديدة.. استقلت أول طائرة تقودها رياح الأمل الواعد وتبعد ابنتها عن براثن الألم والحزن القابع في سجن أبيها غير المسؤول... حطت الطائرة بهما على أرض الشمس المنيرة تطلب بها حياة مشرقة مزهرة.. وتلبس ابنتها قوة الاستمرارية المنسوجة من دروب الصبر الطويلة، وترسم لها طريقا مغايرا لتتجمل حياتها بألوان الفرح والسعادة، وتنتهي مأساتها مع هوية جديدة بعيدة عن الماضي الحزين وتجافي الأيام والسنين.

 

 

عفاف بايزيد-تبسة-الجزائر