توطين الصناعة الطريق إلى المستقبل وقاطرة التنمية الاقتصادية..الملف على رأس أولويات الرئيس السيسى منذ 8 سنوات لتحقيق 100 مليار دولار صادرات.. وأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أكدت الحاجة الضرورية له

توطين الصناعة الطريق إلى المستقبل وقاطرة التنمية الاقتصادية..الملف على رأس أولويات الرئيس السيسى منذ 8 سنوات لتحقيق 100 مليار دولار صادرات.. وأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أكدت الحاجة الضرورية له
توطين الصناعة الطريق إلى المستقبل وقاطرة التنمية الاقتصادية..الملف على رأس أولويات الرئيس السيسى منذ 8 سنوات لتحقيق 100 مليار دولار صادرات.. وأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أكدت الحاجة الضرورية له

الهدف الوصول إلى مساهمة القطاع بأكثر من 15% فى الناتج الإجمالى المحلى وتفادى الأزمات العالمية

الصناعة هى الحل وهى القاطرة القوية للتنمية الاقتصادية.. ببساطة الصناعة تعنى الإنتاج وتلبية حاجات السوق المحلى والتصدير وتقليل الواردات وزيادة الصادرات وبالتالى تقليل الاعتماد على العملة الأجنبية وتفخيم قيمة العملة المحلية

 

توطين الصناعة وإحياء الصناعات المصرية، يأتى على رأس أولويات القيادة السياسية والدولة المصرية فى السنوات الأخيرة، وتنامى هذا الاتجاه محليًا مع التوجه العالمى نحو الاهتمام بتوطين الصناعات فى ظل الأزمات الصحية والأمنية، نتيجة تفشى فيروس كورونا واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عنه من تعرض سلاسل الإنتاج بشكل عام لاضطرابات، نظرًا لوجود الكثير منها موزعة فى شتى أنحاء العالم.

الحل لكثير من أزمات مصر الاقتصادية لن يتم إلا بتوطين الصناعات الضخمة، وبإعادة إحياء الصناعات التى كانت فى يوم من الأيام علامات تجارية مميزة فى الداخل والخارج، طوال 40 عامًا، لكنها تعرضت للإهمال والتدمير. 

 

مع الدولة الجديدة فى 30 يونيو 2013، عاد الاهتمام مرة أخرى بالصناعة المصرية، وأصبح هناك فرصة متاحة ومواتية لتحقيق تطوير ونهضة شاملة لها حتى تستعيد مكانتها، وهى الشركات والمصانع التى كانت تلبى احتياجات السوق المحلية من غذاء وكساء ودواء وغيرها، وتصدير منتجاتها إلى الأسواق العربية والأفريقية بل والأوروبية والأمريكية.

 

مصر لديها إمكانات تفضيلية، فيما يخص قطاعات صناعية بعينها، وهى المنسوجات، والأدوية، والمنتجات الكهربائية والأثاث، وربما صناعات الأغذية ممثلة فيما تبقى من القطاع العام، وهو حوالى 120 شركة من أصل 317 شركة تقع تحت مظلة الشركات القابضة، ومازالت تذكرنا بأن مصر كانت فى وقت من الأوقات تنتج أكثر من 70% من احتياجاتها، بسبب مصانعها وشركاتها الوطنية، التى خاضت بها حروبا عدة دون أن يشعر المواطن بأية أعباء حقيقية أو أزمات فى السلع الاستهلاكية والغذائية.

 

الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ أن تولى مسؤولية الحكم، وهو يولى الصناعة اهتمامًا خاصا، ويشير إليها فى كل مناسبة، ففى إحدى هذه المناسبات- مؤتمر الشباب عام 2017- أشار فى مداخلة له إلى أهمية الصناعة فى الاقتصادات الوطنية، وأن التصنيع فى دول العالم الثالث مرهون بالإرادة الدولية ومدى سماحها بذلك، وهذا الكلام يعيد الاعتبار إلى قيمة ما أنجزته مصر من نهضة صناعية كبرى، وبقدرة وتحدٍ حتى أصبحت قلعة للعديد من الصناعات الاستراتيجية، لكن تم إهدار هذه الثروة فى السبعينيات وحتى التسعينيات.

 

إن الرئيس بالفعل يدرك أن الصناعة هى الحل، مثلما فعلت دول كثيرة مثل ماليزيا والهند وكوريا، وساهمت فى زيادة صادراتها بشكل مذهل، وتتعدد اجتماعات الرئيس السيسى لبحث مسألة توطين الصناعة، كان آخرها الأسبوع الماضى، حيث اجتمع الرئيس اللواء أ.ح وليد أبوالمجد، مدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وذلك بحضور المهندس أحمد السويدى، الرئيس التنفيذى لمجموعة شركات السويدى إلكتريك، والمهندس أحمد عودة، رئيس شركة السويدى إلكتريك للبنية التحتية، والمهندس وائل داود، نائب الرئيس التنفيذى لمجموعة شركات السويدى إلكتريك، وقد تناول الاجتماع متابعة الموقف التنفيذى لجهود جهاز الخدمة الوطنية فى مجال توطين الصناعة، ووجه الرئيس بتعزيز عملية توطين الصناعة بكل مكوناتها ونقل التكنولوجيا الحديثة، وما يتضمنه ذلك بالتوازى مع تدريب الكوادر البشرية المصرية على أعمال التصنيع والصيانة، من أجل توفير المزيد من فرص العمل، ودعم الاقتصاد من خلال استغلال الصناعات الوطنية المغذية، فضلا عن طرح منتجات الصناعة المحلية بأسعار أقل من نظيرتها المستوردة.

 

 كما وجه الرئيس بالتوسع فى استكشاف المزيد من المجالات لتوطين الصناعات بها، خاصة تلك المتعلقة بمشروعات البنية التحتية، وذلك نظرا لحجم وانتشار تلك المشروعات على مستوى رقعة الجمهورية. وأوضح المتحدث الرسمى، السفير بسام راضى، أن الاجتماع شهد استعراض جهود جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالاشتراك مع القطاع الخاص فى توطين الصناعة، خاصة فى قطاعات المشروعات التنموية الكبرى، بما فى ذلك أجهزة الرى الحديثة، بما يساهم فى تعظيم قيمة المكون المحلى فى تلك الصناعة، ومن ثم خفض الفاتورة الاستيرادية.

 

تأتى عملية توطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلى، ضمن أهم الأهداف التى تسعى إلى تحقيقها الدولة المصرية، بقيادة الرئيس السيسى، لتحقيق مستقبل مشرق للأجيال المقبلة، وهو ما دعا الرئيس، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، إلى إطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلى، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.

 

تمثل ترجمة توطين الصناعة من الحكومة المصرية فى حصر 131 بندًا جمركيًا، يتم العمل على تصنيعها محليًا، وإتاحة 83 فرصة استثمارية أمام المستثمرين كبدائل عن الاستيراد، ودعم القطاعات فى الصناعات الصغيرة بأكثر من 6 مليارات جنيه سنويًا عبر جهاز تنمية المشروعات، كما عملت الحكومة على تسكين الصناعات الصغيرة فى مناطق صناعية مجهزة ومؤهلة، إذ أنشأت وزارة الصناعة 17 مجمعًا صناعًيا بـ15 محافظة على مستوى الجمهورية بتكلفة استثمارية إجمالية بلغت حوالى 10 مليارات جنيه، بإجمالى وحدات صناعية يبلغ عددها 5046 وحدة.

 

حرصت الحكومة على تسهيل إجراءات التخصيص، والحصول على الوحدات الصناعية بهذه المجمعات، وشهدت تقديم تيسيرات كبيرة وغير مسبوقة للمستثمرين، شملت تخفيض سعر كراسة الشروط من 2000 جنيه للكراسة إلى 500 جنيه و300 جنيه فى بعض الحالات، وكذا إلغاء التكاليف المعيارية لدراسة الطلبات، وتكاليف مقابل تقديم العروض، فضلًا عن تخفيض قيمة جدية الحجز من 50 ألف جنيه إلى 10 آلاف جنيه، كما تم مد فترة الإيجار للوحدة من 5 سنوات سابقا إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى إتاحة حصول مستثمر واحد على 8 وحدات بدلا من 4 وحدات سابقًا، وإلغاء نظام التوكيلات لتشجيع المستثمرين الجادين فقط على التقدم للحصول على الوحدات الصناعية، والبدء فى مشروعاتهم الصغيرة ومتناهية الصغر.

 

أعلنت وزارة التجارة والصناعة، أنها أعدت قائمة بـ83 فرصة استثمارية، مؤكدة لمنتجات صناعية يمكن البدء فى تصنيعها محليًا بدلًا من استيرادها من الخارج، مشيرة فى هذا الإطار إلى قيام الوزارة، ممثلة فى مركز تحديث الصناعة، بإجراء تحليل لهيكل الواردات، إذ تم تحديد 131 بندًا جمركيًا يمكن تصنيعها محليًا، الأمر الذى يسهم فى تقليل فاتورة الواردات.

وفى إطار استراتيجية توطين الصناعة، وقعت وزارة النقل بروتوكول تعاون لدراسة إنشاء مصنع مصرى لتصنيع عربات ركاب السكك الحديدية، بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وشركة تالجو الإسبانية والشركة الوطنية المصرية لصناعة السكك الحديدية «نريك». يهدف البروتوكول إلى توطين صناعة عربات السكك الحديدية فى مصر، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، ويشمل البروتوكول تصنيع 500 عربة ركاب سكك حديدية متنوعة «100 عربة درجة أولى مكيفة- 200 عربة درجة ثانية مكيفة- 200 عربة درجة ثالثة متطورة» بتكنولوجيا تالجو العالمية كمرحلة أولى من إجمالى 1000 عربة سكة حديد مخطط تصنيعها محليًا.

 

يعد البروتوكول هو الثانى فى مجال توطين صناعة الوحدات المتحركة بمصر، بعد عقد توطين 320 مترو أنفاق بواقع 40 قطارا، الذى سبق توقيعه مع اتحاد شركات هيونداى روتم نيرك لتوطين صناعة قطارات المترو، بهدف مواجهة الزيادة المتوقعة فى أعداد الركاب خلال السنوات المقبلة، وكذلك تقديم أعلى مستويات الخدمة لجمهور الركاب.

 

الجهود لم تتوقف لتوطين الصناعة المصرية، فقد تم الإعلان فى يونيو الماضى عن إنشاء 4 مدن صناعية و17 مجمعا فى 15 محافظة، و100 إجراء لتحفيز القطاع الصناعى ودعمه بـ12 مليار جنيه، وهو ما يؤكد على التوجه القوى لتعميق الصناعة المحلية فى بعض مجالات الإنتاج عوضًا عن الاستيراد، أبرزها الصناعات الدوائية والغذائية والهندسية، مع السعى لفتح منافذ تسويق جديدة، وفى الأسواق الأفريقية خاصة، كما أولت الدولة اهتمامًا بالغًا فى تعزيز منظومة إنشاء المجمعات الصناعية لتلبية احتياجات الصناعة المحلية من مستلزمات الإنتاج والسلع الصناعية الوسيطة، حيث تمثل هذه المجمعات منظومة متكاملة تستهدف توفير المناخ والبيئة والبنية التحتية اللازم لدعم الصناعات المقامة بها، وتوفير فرص للتوسع بتلك الصناعات.

 

وطوال السنوات الماضية، منذ عام 2015، أثمرت جهود الدولة واهتمام القيادة المصرية عن ارتفاع لقيمة الصادرات المصرية خلال عام 2021 لتبلغ 32.3 مليار دولار، وهى أعلى قيمة للصادرات فى تاريخ التجارة الخارجية لمصر، مقارنة بـ 22 مليارا عام 2015، وهو ما يعنى إمكانيات كبيرة لزيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج القومى، الذى يمثل حاليًا 11.7% بما يساوى 982 مليار جنيه، والهدف أن يصل إلى 15% قريبا، فالقطاع الصناعى يستوعب حوالى 28.2% من إجمالى العمالة المصرية، وتقدر استثماراته بحوالى 49 مليار جنيه.

 

من جانبه، يؤكد اتحاد الصناعات المصرية على أن توطين وتشجيع الصناعات سيكون له انعكاسات مباشرة على توفير احتياجات البلاد من الإنتاج بكل الأنواع، وخلال أزمة كورونا، ركزت مصر على توطين الصناعات الطبية والمستلزمات، وتشجيع الصناعة المحلية واضح لكل القطاعات، ليس المستلزمات الطبية فقط، وهذا يتضح أيضا من خلال لقاءات الحكومة مع المصنعين، وكذلك وضعت خطة لدعم الصادرات بأكثر من 4 مليارات جنيه سنويا، وسددت أكثر من 28 مليار جنيه للمصدرين بهدف الوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار السنوات المقبلة.

 

 الحكومة، كما يشير اتحاد الصناعات، أصدرت القانون رقم 5 لسنة 2017 الخاص بتفضيل المنتجات المحلية فى العقود الحكومية، من أجل زيادة الاعتماد على الإنتاج الوطنى فى المشروعات التى يجرى تدشينها، إذا كان هناك مساع لتشجيع الصناعات المختلفة، مشيرا إلى أن تقوية الصناعة الوطنية وتشجيعها يساهم فى زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلى والحد من الاستيراد، والحكومة تعمل على ملف تعميق المكون المحلى وملف استبدال الواردات المستوردة بإنتاج وطنى، وهذا يعنى ضخ استثمارات جديدة وخلق وظائف وزيادة الإنتاج المحلى.

 

بدأت الدراسات والأبحاث والندوات فى الاهتمام بمناقشة مسألة توطين الصناعة، وماذا يعنى فى الحالة المصرية، وما الفرص المتاحة والتحديات أمامها والأهمية المستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة فى توطين الصناعة بمصر، المتمثلة فى الاستثمارات الصينية والأوروبية المهاجرة من الصين، وهى فرص مؤقتة يتنافس عليها الجميع، مثل تركيا والمغرب، وهو ما يتطلب التحرك السريع لجذب هذه الاستثمارات، من خلال تقديم حوافز غير تقليدية.

التحدى الأخر الذى أظهرته الأزمات الأخيرة، مسألة توطين صناعة الخامات، وهناك حاجة ملحة لتوطين صناعة الخامات محليا، بالاستفادة من القدرات البحثية وتطور البحث العلمى، فعلى سبيل المثال، فإن حجم استثمارات صناعة الدواء فى مصر يقدر بـ80 مليار جنيه، بإنتاج 5.2 مليار علبة دواء سنويا، حيث يقدر حجم الإنتاج المحلى بنسبة 93 %من الحصة السوقية مقابل 7 % للمستورد، ورغم ضخامة الحصة السوقية من الإنتاج المحلى، فإن هناك مشكلة تتعلق باستيراد 93 %من الخامات اللازمة لصناعة الدواء من الخارج، وهى الأزمة التى تزايدت فى أعقاب أزمة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، نتيجة منع الصين والهند لتصدير خامات صناعة الدواء الداخلة فى صناعة الأدوية اللازمة لمواجهة كوفيد 19.

 

وفى مصر يوجد نحو 150 مصنع أدوية، فى حين لا يوجد سوى مصنعين فقط لصناعة الخامات، وتمثل الصناعة استثمارا فى المستقبل، والرئيس عبدالفتاح السيسى يوجه دائمًا بتعزيز الجهود لتوطين الصناعة، لتقليل فاتورة الاستيراد وتوفير المزيد من فرص العمل، وزيادة مشاركة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى. 

 

من المهم أن نقرأ التاريخ جيدًا ونعيه، لنستفيد من تجربة مصرية خالصة بدأت عام 57 وحتى عام 67 أنشأت مصر خلالها 1200 مصنع.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع