عضو تكتل "الجمهورية القوية" اللبنانى: الحل فى حكومة مستقلة تنفذ خطة إنقاذ اقتصادى.. النائب جورج عقيص: مواقف حزب نصر الله من الاحتجاجات تأتى من خلف الحدود وعليه الاستجابة وألا يدخل فى الصراع بقوته العسكرية

- الشعب لن يعود إلى الوراء
- المجلس النيابى الحالى هو مجلس نيابى فتى لم يمر على انتخابه أكثر من 18 شهرا
- لكن بكل الأحوال إذا كانت الجماهير اللبنانية تريد سحب الشرعية عنه
- فلا مانع من إجراء انتخابات مبكرة

تتواصل الاحتجاجات فى لبنان، وتتصاعد يوما بعد الآخر، ومعها تتصاعد مطالب المحتجين فى مختلف الساحات رفضا للأوضاع الاقتصادية المتردية، ولكافة الحلول السلطة السياسية المطروحة من قبل الحكومة، واقتراحات الرئيس ميشال عون، حيث يصر المحتجون على مطلب تغيير كل الوجوه السياسية التى تراها هى السبب فى الجوع والفقر والفساد فى لبنان.

فى مشهد آخر، هناك محاولات حزبية تسعى للاعتداء على متظاهرين واجهاض التظاهرات لحسابات إقليمية من أمثال حزب الله اللبنانى، رغم انتفاضة البيئة الشيعية نفسها، ومناشدة اللبنانيين فى كل المدن المختلفة بألا يفرض الأمين العام للحزب حسن نصر الله أجندته على الشعب الذى انتفض ويقف على قلب رجل واحد.

 

«اليوم السابع» أجرت حوارا مع النائب اللبنانى جورج عُقيص، وعضو تكتل الجمهورية القوية، حزب القوات اللبنانية كشف فيه ما يدور خلف الكواليس فى هذه التوقيت العصيب فى الحياة السياسية اللبنانية.. وإلى نص الحوار:

الاحتجاجات أنهت أسبوعها الأول.. هل ترى أفقا للتغيير فى لبنان الآن.. وماذا تقترحون لحل الأزمة؟

أعتقد أن التغيير أصبح قاب قوسين أو أدنى، وهذه الجماهير التى تتحدى الطبيعة وتتحدى الفقر والعوز والتهديد والترهيب والترغيب لا تزال تملأ الساحات بكل أطيافها وبكل قراها ومدنها الكبرى، وأعتقد أن الشعب قال كلمته والكلمة واضحة، والصوت وصل إلى الجميع فى الداخل والخارج، وأن الشعب اللبنانى ضاق ذرعا بسلطة سياسية فاسدة لا تعبأ بمشاكل الناس تربت على فكرة المحاصصة وعلى فكرة الزبائنية والشعب اللبنانى انتفض، ليس لكى تفشل هذه الانتفاضة على الرغم من الوقت الذى يمكن أن تستغرقه لتحقيق أهدافها ومطالبها، ولا نعلم متى ستتجاوب السلطة السياسية مع المطالب، ونأمل أن يحدث ذلك فى أقرب وقت، لأن تأخير كل يوم، فيه ضياع للفرص وتعميق للهوة التى تفصل بين الناس والسلطة السياسية.

 

التغيير أصبح أمرا واضحا، وتبقى عملية إعلانه وكيفية إعلانه، وهذا التخبط الذى تعيشه السلطة السياسية والصمت المريب الذى يحتل المؤسسات الدستورية الرسمية لا يدل إلا على محاولة شراء الوقت والمراهنة على عامل الوقت ويأس الناس من هذا الحراك، ولكن الناس أصبحت فى مكان آخر، وباعتقادى لن تعود إلى الوراء.

 

والحل بسيط وهو الاستجابة لمطالب الناس والإتيان بحكومة مستقلة بوجوه تقنيين واختصاصيين ولبنان ملىء بالكفاءات، سواء من المقيمين داخله أو المنتشرين فى دول العالم، حكومة مصغرة تعطى دفعا إيجابيا، وتوحى بالثقة داخل المجتمع اللبنانى والمجتمع الدولى.

لماذا لم يقتنع المتظاهرون بورقة إصلاحات الحكومة؟ وهل من سبيل آخر أمام الحكومة لإقناعهم؟

لسببين الأول: الناس لم تعد تثق بهذه السلطة السياسية بالمطلق، وهذا الغضب الذى نلمسه فى الشارع يعبر فعلا عن حالة عدم الثقة المطلقة بهذه السلطة السياسية، الناس تريد أن تتاح لها الفرصة لإنتاج سلطة سياسية أخرى فى لبنان، السبب الثانى أن هذه الورقة تمت صياغتها على عجل تحت وطأة الضغط الشعبى، والناس ليسوا سذّج يعرفون تماما أنه لو كانت نية الحكومة بإجراء هذه الاصلاحات لكانت أجرتها منذ زمن بعيد والتأخير فى إجرائها ينم عن رغبة بعدم الإصلاح وتجميع هذه الأفكار، وهذه المقترحات للإصلاح ليست مترابطة ويشوبها الكثير من الغموض والناس لم تعد تثق بأن هذه السلطة راغبة فعلا فى الإصلاح وكل ما فعلته هو الخروج على الناس بورقة عل بها تمتص نقمة الشارع، وتفشل الحراك والانتفاضة والثورة اللبنانية الشعبية.

مرت هذه الأيام ذكرى مصادقة النواب اللبنانيين على اتفاق الطائف عام ١٩٨٩، هل تعتقد أن هذا الاتفاق اليوم أصبح على المحك؟

اليوم مطلب الناس ليس إعادة النظر بالطائف، ما يهم اللبنانى اليوم هو الجوع والفقر والبطالة وإرادة الناس بتغيير طبقة فاسدة، وأعتقد أن اتفاق الطائف لم ينفذ بحذافيره منذ تاريخ إقراره حتى اليوم، ونفذ بشكل مجتزأ وأحيانا بشكل لا ينم عن روحية الاتفاق اللبنانى فى الطائف عام 89، عندما أرداد اللبنانيون أن ينهوا الحرب اللبنانية، المهم الآن تلبية مطالب الشارع بحكومة تنقذ الوضع الاقتصادى، وليس الوقت اليوم لإعادة النظر بشكل النظام وبالتركيبة الدستورية فى النظام، لأنه هذا موضوع خلافى من شأن طرحه فى هذا الوضع الاقتصادى الدقيق أن يعمق الخلافات اللبنانية ونحن لا نشجع على ذلك.

حكومة سعد الحريرى ماضية بورقة الإصلاحات برغم استمرار الحراك الشعبى، فما مصير من هم بالشارع الآن؟

المراهنة على يأس الناس ليست فى محلها والنصيحة التى يمكن قولها للسلطة القابضة على زمام الأمور اليوم ولرئيس الحكومة تحديدا هى أن الرهان على عامل الوقت عامل تعب الناس وخروجهم من الشارع هو رهان خاطئ وقاتل ومدمر، لأن رئيس الحكومة وكل المسؤولين يعرفون فى قرارة أنفسهم أنهم غير قادرين على الإنقاذ المالى والاقتصادى، هم وضعوا أنفسهم فى مكان سحيق جدا، والبطالة والجوع والفقر وانعدام الخدمات سيستمر عندها سيعود الناس إلى التحرك وربما بشكل غير سلمى كما هو حاصل اليوم، وهذا ما نحذر منه يجب أن يتلقفوا اليوم قبل الغد مطالبات الشارع وأن يتصالحوا مع الشعب اللبنانى وأن يأتوا بحكومة اختصاصيين مستقلة عسى تستطيع أن تعيد بعض الثقة إلى الشعب اللبنانى الغاضب.

برأيك هل تحل الانتخابات النيابية المبكرة الأزمة فى البلاد؟

المجلس النيابى الحالى هو مجلس نيابى فتى لم يمر على انتخابه أكثر من 18 شهرا، ولكن بكل الأحوال إذا كانت الجماهير اللبنانية تريد سحب الشرعية عنه، فلابأس من إجراء انتخابات مبكرة لكن بشروط هو أن يلبى المطلب الأول وهو تشكيل حكومة جديدة مستقلة من اختصاصيين، وهو المطلب الأول فى سلم أولويات المتظاهرين، وهذه الحكومة الجديدة بإمكانها أن تعمل على خطين الأول تنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادى والإصلاح الإدارى، والثانى هو الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة مع التأكيد على أن هذا المطلب ليس من الأولوية مع أولوية تشكل حكومة، تستطيع إنقاذ الوضع الاقتصادى.

هل تعتقد أن الحكومة يمكن أن تقدم على الاستقالة تحت هذه الضغوط؟

نعم.. ولم لا، لسنا أول حكومة تستقيل تحت ضغط الشارع والغاضبين فى الشارع، وهذا أمر مألوف فى كل الديمقراطيات، ونحن دولة ديمقراطية عمر الديمقراطية اللبنانية ناهز الـ100 عام، من غير المألوف بالمقابل أن تستمر السلطة أو حكومة فى ظل إرادة شعبية عارمة بتغييرها عبرت عنها جماهير من كل المناطق والأطياف والمستويات الاجتماعية، سواء من النخب الفكرية أو الطبقات العاملة، توحدت خلف مطلب واحد وهو إسقاط هذه الحكومة.

ما تفسيركم لموقف حزب الله من الأزمة وتدخل أنصاره لفض الاحتجاجات والاحتكاك بالمتظاهرين؟  

 دائما الإجابة عن موقف حزب الله تحملنا على القول أننا كنا نتمنى لو أن حزب الله يعمل بأجندة داخلية فقط، ووقتها كان سهلا علينا أن نفسر مواقفه، ولكن نحن نعلم جميعا أن حزب الله يعمل بأجندة خارجية، وبقرار خارجى وهنا الصعوبة فى تفسير وتكهن مواقفه، لأنها تأتى من خلف الحدود، وبكل الأحوال إذا كان لدى قيادة حزب الله الحكيمة التى توصف بها فلابد أن تستجيب للمطالب الشعبية، وهى مطالب أيضا صادرة عن البيئة الشيعية بيئة حزب الله نفسه، حيث نرى تحركات فى صور وبعلبك وفى النبطية وفى كل المناطق التى تخضع لسيطرة تامة من حزب الله، ونتمنى ألا يدخل حزب الله فى هذا الصراع بقوته العسكرية أو بفائض القوى التى يتمتع بها وأن يدرك تماما، بأن كل القوة التى قد تكون لدى أى فريق لبنانى يجب أن تتعطل أمام الإرادة الشعبية الواحدة.

كنت قاضيا سابقا.. فى رأيك ما هو الموقف الدستورى الآن بعد استقالة ٤ وزراء من الحكومة، وهل يمكن للحكومة أن تستمر؟ وما هو البديل لهذه الحكومة حال رحيلها؟ 

استقالتنا كوزراء حزب القوات اللبنانية لم تكن بهدف إسقاط الحكومة ونحن كنا ندرك بأن استقالة وزراءنا ليس من شأنها أن تؤدى حكما إلى إسقاط الحكومة، لأنه بحسب الدستور اللبنانى لا تسقط الحكومة إلا باستقالة أكثر من ثلث أعضائها ونحن لا نشكل هذا الثلث، ولكن الموقف كان موقفا مبدئيا يستجيب للمطالب الشعبية ونحن حزب نحترك كلمة الناس ونحترم إرادتهم، وكنا سباقين فى الأيام الأولى على تلبية هذه الدعوة والخروج من الحكومة تلبية للمطالب، قلنا إنه باستمرار الحكومة سيستمر نزف الثقة بكل من يبقى فيها، لأنه يكون باقيا فى حكومة سقطت شرعيا فى الساحات والشوارع اللبنانية التى اجمعت على مطلب إسقاطها.

 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع