في انتظارِ من لا يغيبُ بقلم سيد حسني سيد

في انتظارِ من لا يغيبُ بقلم سيد حسني سيد
في انتظارِ من لا يغيبُ بقلم سيد حسني سيد
 
 
جَاءوهُ بالنَّهْرِ بَوحُ النَّبْعِ فَاضَ فَلَمْ
يَشْعُرْ إِذَا الماءُ قَصَّ سِيرَةً يُتْمَا
 
جَاءوهُ بِالرِّيحِ سَالَ الشَّدْوُ مِنْ شَجَرٍ
حَتَّى رَأَى طَائِرًا لَمْ يَبْلُغِ الْحُلْمَا
 
جَاءوهُ بالْوَرْدِ إذْ يَتْلُو الأَرِيجُ لَهُ
يَشْتَمُّ عِطْرَ عَشِيقَةٍ فَمَا اغْتَمَّا
 
جَاءوهُ بِالْبَحْرِ قَالَ الْمَوجُ: كَمْ وَلِجُوا
سَمَّ الْخِيَاطِ وَمَا عَرَفُوا بِيَ النَّومَا
 
جاءوهُ بالأرضِ فَاضَ الْجَدْبُ مِنْ ظَمَأٍ
فَقَامَ مُعْشُوشَبًا يَسْتَعْطِفُ الْغَيمَا
 
جاءوهُ بِالطِّينِ لَمْ يَلْمَسْ سُلُالُتَهُ
وَسَارَ بين القبورِ يَبْتَغِي قَومَا
 
جاءوهُ بِالْقَبْرِ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى جَسَدٍ
وَلَمْ تَجِدْ رُوحُهُ حَتَّى تُرَى جِسْمَا
 
جاءوهُ بالنَّخْلِ ظَلَّ التَّمْرُ يَسْأَلُهُ
عَنْ زَارِعٍ فِي الثَّرَى لَمْ يَلْقَهُ يَومَا
 
جاءوهُ بِالشَّمْسِ قَالَ الضَّوءُ فِي أَسَفٍ:
أَبْصِرْ بِهِمْ وَاسْمَعْ لَا تَبْتَغِ الْفَهْمَا
 
فَصَارَ بَعْضًا يُنَادِي بَعْضَهُمْ عَبَثًا
وَعَاشَ فِي جِسْمِهِ لَا يَرْتَجِي عِلْمَا
 
حَتَّى رَأَى أُمَّهُ مَا بَينَهُمْ فَبَكَى
وَمَاتَ فِي حْضْنِهَا وَوَدَّعَ الْهَمَّا