د.مريم المهدي تكتب : جائحة الدولار وتداعياتها العالمية

د.مريم المهدي تكتب : جائحة الدولار وتداعياتها العالمية
د.مريم المهدي تكتب : جائحة الدولار وتداعياتها العالمية
 
تسارع المخاطر والتحديات الاقتصادية العالمية وتداعياتها من وتيرة التغيرات والضغوطات من آثار هيمنة الدولار، واتجاه العديد من الدول إلى بحث إجراءات واتفاقات تبادلية بديلة تقلل من سطوته، فيما شبهه البعض بالثورة ضد الدولار الأمريكى، والتى يعول على أن تقودها الصين أو مجموعة البريكس.
ويعد التسارع فى ذلك الاتجاه مدفوعا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما سببته من آثار اقتصادية، فضلا عن توسع الولايات المتحدة وحلفائها فى فرض العقوبات الاقتصادية. يرتبط بذلك أيضا ما تتحمله الدول النامية والأسواق الناشئة من حساسية اقتصاداتها لتغيرات سعر الفائدة الأمريكى ما كبدها خسائر متزايدة فى الفترة الأخيرة وخاصة في مصر.
المؤشرات فى اتجاه التمرد على الدولار كثيرة، منها حرص البنوك المركزية خاصة فى الاقتصادات الناشئة والدول النامية على شراء الذهب كاحتياطى استراتيجى على حساب الدولار، حيث تشير التقديرات إلى أن البنوك المركزية أصبحت تشكل أكثر من ثلث الطلب العالمى الشهرى على الذهب، وتشتريه بمعدلات لم يسبق أن تحققت منذ خمسينيات القرن الماضى. ومنها كذلك إبرام العديد من اتفاقات التبادل التجارى التى تعتمد العملات الوطنية بدلا من تسوية المعاملات عن طريق الدولار الأمريكي.
 
 
_البترو دولار :_
أثارت مؤخرا ،تصريحات الرئيس البرازيلى (لولا دا سيلفا) أثناء زيارته للصين، والتى انتقد فيها هيمنة الدولار، العديد من التكهنات حول نية وقدرة مجموعة البريكس على تحدى الدولار الأمريكي. فقد صرح دا سيلفا، بلغة مشحونة، بأنه يتساءل مساء كل يوم ما الذى يجعل الدول تعتمد الدولار كعملة تبادل تجارية!وكانت الصين والبرازيل، قد اتفقتا على اعتماد عملتهما فى المعاملات التجارية البينية، بعد أن كانت تتم عن طريق الدولار كعملة وسيطة، حيث تعد الصين الشريك التجارى الرئيسى للبرازيل، وبلغ حجم التبادل التجارى بينهما العام الماضى نحو 150مليار دولار.
ولم تعد اتفاقات من هذا النوع فريدة فى الآونة الأخيرة، ووفقا للتقديرات ،أبرمت الصين اتفاقات شبيهة مع العديد من الدول، وتسعى كذلك إلى التوسع فيما يطلق عليها( لبترو يوان )على غرار (البترودولار) ، والمقصود به  تسوية التعاملات النفطية باستخدام (اليوان)  الصينى.
وليست التحركات الصينية فى هذا السياق منفردة، وإن كانت الصين مركز الثقل الاقتصادى فيها. فمنذ عدة أشهر، صدرت تصريحات، منسوبة للرئيس الروسى بوتين، وهى ذات مدلول سياسى بطبيعة الحال، تشير إلى توجه نية دول تجمع البريكس الذى يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، نحواستخدام عملة احتياط موحدة مبنية على سلة عملات الدول الأعضاء، ومدعومة بغطاء من الذهب أو معدن نفيس. وصرح وزير الخارجية الروسى مطلع العام بأن الفكرة سوف تناقش فى القمة القادمة لمجموعة البريكس فى جنوب أفريقيا فى شهر أغسطس القادم.
 
 
_ بديل الدولار غير متاح عالميا حتي الآن :
ورغم زخم التناولات الإعلامية لمسألة التمرد على الدولار، ما زال التيار الرئيسى فى التحليلات الاقتصادية يرى أن الأمر ليس بهذه السهولة، وتكتنفه العديد من الصعوبات، فالمساعى ليست جديدة، والصعوبات ما زالت قائمة، والبديل الجاهز غير متوافر. فالدولار لا تدعمه القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية فقط، وإنما قدر غير قليل من الثقة فى المؤسسات الأمريكية وشفافية عملها واستقرار قواعدها. كما يتشكك البعض كذلك فى الرغبة الفعلية للصين فى أن يحل (اليوان ) محل الدولار، على الأقل فى المدى القريب ، بسبب حجم المصالح المتبادلة بين البلدين، وطبيعة عمل اقتصاد كل منهما والتى بنيت عليها سنوات من الاعتماد المتبادل.
ولكن الاستغراق فى تفاصيل المشهد، أحيانا ما يغيب الصورة الكلية، فأيا ما كانت حدود القدرة الحالية على كسر احتكار الدولار من قبل الصين أو دول البريكس، فإن تواتر التحديات الرمزية واتساع دائرتها، يعكس تزايد المكانة الاقتصادية لتلك القوى، ويؤشر كذلك على احتمالات أكبر لتحديها القواعد التى ظلت متوائمة معها حتى وقت قريب.
فاليوم أصبح الحضور الاقتصادى والمعنوى لهذه القوى أكثر وضوحا، وتقدر حصتها الإجمالية من الناتج المحلى العالمى 31.5٪ بزيادة طفيفة عن نسبة مجموعة السبع الصناعية، فى اتجاه لتحرك مركز الثقل الاقتصادى فى العالم لصالحها. أضف إلى ذلك تنامى وضع الصين كمانح دولى، بل كبديل أيديولوجى فى مجال التنمية تحت مسمى توافق بكين الذى يصيغه البعض كمنافس لتوافق واشنطن.
 
 
_ بداية تحدي القوة الاقتصادية العالمية الجديدة:_
فاليوم أصبح الحضور الاقتصادى والمعنوى لهذه القوى أكثر وضوحا، وتقدر حصتها الإجمالية من الناتج المحلى العالمى 31.5٪ بزيادة طفيفة عن نسبة مجموعة السبع الصناعية، فى اتجاه لتحرك مركز الثقل الاقتصادى فى العالم لصالحها. أضف إلى ذلك تنامى وضع الصين كمانح دولى، بل كبديل أيديولوجى فى مجال التنمية تحت مسمى توافق بكين الذى يصيغه البعض كمنافس لتوافق واشنطن.
فقبل عدة سنوات، كانت تلك القوى الصاعدة تطمح فقط فى الحصول على قوة تصويتية وتمثيل مناسب فى المؤسسات المالية الدولية بما يعكس حجمها من الاقتصاد العالمى، وأصبحت اليوم أكثر تعبيرا عن رغبتها فى قواعد تمثل ثقلها وتلبى مصالحها، وقد تصبح نواة لمثل هذا التمرد!
 
 
_ اثر جائحة الدولار علي سعر الدولار في السوق السوادء في مصر :_
برغم أن أسعار صرف الدولار واصلت استقرارها مقابل الجنيه المصرى لدى البنوك ، في بداية تعاملات اليومية ، في البنوك المصرية. لكن في المقابل، تراهن السوق السوداء على إعلان تعويم جديد وخفض سعر الجنيه مقابل الدولار الأميركي.
على الصفحات التي تتابع أسعار الصرف على منصات التواصل الاجتماعي، زاد المعروض من الدولار خلال الأيام الماضية، لتستقر الأسعار في حدود 36 جنيهاً، فيما يعرض آخرون بأسعار تصل إلى 40 جنيهاً، بينما تتحدث شريحة كبيرة من المتعاملين عن ترقب تعويم جديد سيقوم به البنك المركزي المصري خلال الفترة المقبلة.
في السوق الرسمية، ولدى أكبر بنكين من حيث الأصول والتعاملات وهما البنك الأهلي المصري وبنك مصر، سجل سعر صرف الدولار مستوى 30.75 جنيهاً للشراء، و 30.85 جنيهاً للبيع.