بوابة صوت بلادى بأمريكا

جاكلين جرجس تكتب : الحوار الوطنى و معطيات التجارب السابقة


    جاءت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق "حوار وطنى" مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز، ورفع مخرجاته للرئيس بشكل مباشر و هو أمر مستجد نسبيًا على المجتمع المصرى فهو يُعد تدشينًا لمرحلة جديدة فى شتى مسارات المجتمع الذى بات فى حاجة مُلحة لتعلم اساليب الحوار الموضوعى و المعارضة البناءة و ليصبح مدخلاً أساسيًا لترسيخ مفهوم الدولة الوطنية التى تهدف إليها مصر و ارتكزت عليها رؤية التنمية المستدامة ٢٠٣٠ .
   لذلك تأتي على رأس الأهداف المرجوة من هذا الحوار إرساء قواعد الديمقراطية السليمة فالحوار مظهر من مظاهر الديمقراطية، حتى أن النظم الديمقراطية هى التى إعتادت فكرة الحوار بين الأطراف والاتجاهات المتعددة و المختلفة للوصول  إلى أفضل نتائج  وحل ما يمكن أن يحدث من تناقضات واختلافات بالطرق والوسائل السلمية لذلك يعتبر الحوار هو صمام الأمان  للأمن المصري وتعزيز الريادة المصرية إقليميًا ودوليًا و هو ما لا يمكننا تحقيقه دون تكاتف و تلاحم قوى لجميع أطياف الشعب المصرى .
إذن ما هي أهداف الحوارات الوطنية؟
    يتم تحديد أهداف الحوار الوطنى وفقًأ للسياق القائم وقد تركز على مجموعةٍ ضيّقة من الأهداف المحدَّدة مثل : الترتيبات الأمنية، والتعديلات الدستورية، ولجان تقصّي الحقائق، وغيرها ؛ أو على عمليات تغيير واسعة النطاق، والتي قد تستلزم إعادة بناء نظام سياسي جديد و وضع عقدٍ اجتماعي ؛ كذلك يُعد الحوار الوطني آلية لإدارة الأزمات أو إيقاف الأزمات التي تتعرّض لها الدول أو منعها من الوقوع، من خلال كسر الجمود السياسي وتحقيق الحد الأدنى من التوافق السياسي بين جميع الأطراف .
كيف يمكن تحقيق الغاية من الحوار الوطني؟ 
   يلعب السياق السياسي الذي يجري فيه الحوار الوطني الدور الأكبر والرئيسي في نجاح الحوار أو فشله، وتوجد العديد من العوامل الأخرى التي تساعد في نجاح الحوار و الوصول للنتائج المرجوّة منه منها :
الإرادة السياسية: 
   تعني الإرادة السياسية اتفاق النخبة المشاركة في الحوار الوطني على المضي قدمًا في هذا الحوار و الإصرار على نجاحه، أيضًا ارتباط الحوار الوطني مع العمليات الانتقالية: لابدّ أن يكون الحوار الوطني جزءًا أساسيًا من عمليات التغيير التى تمر بها البلد .
 الأرضية المشتركة بين الأحزاب السياسية: 
   إن وجود أحزاب سياسية متعارضة فيما بينها يؤدي إلى إفشال الحوار الوطني، ولهذا لا بدّ من اشتراك الأحزاب بالمبادئ والأهداف الأساسية للوصول إلى آراء متقاربة وبالتالي ضمان نجاح الحوار الوطني. 
أيضًا من عوامل نجاح الحوار الاستفادة من التجارب السابقة: 
   حيث يمكن لأطراف الحوار الوطني أن تتعلّم من معطيات الحوارات السابقة الناجحة وتتبع نهجها للنجاح والوصول إلى الحلول المناسبة؛ لذلك يجب أن نضع نصب أعيننا نماذج لبعض للحوارات الوطنية فى بعض دول العالم للوقوف على أسباب نجاحها لنحذو حذوها و الاستفادة من معطياتها إذا كانت تناسب الوضع الراهن فى مصر  لتحقيق مبادىء الجمهورية الجديدة أو الاستفادة من خلال الدراسة المتعمقة لأسباب إخفقاها لتلافيها فى حوارنا الوطنى وضمان تحقيق الأهداف المرجوة من الحوارعلى أكمل وجه .
و أخيرًا لتحقيق الغاية الأساسية من الحوار تأتى مرحلة التنفيذ: 
   فيها  ينبغي وضع وسائل لإنفاذ النتائج المتفق عليها وتخويلها بالسلطات اللازمة لوضع الأطراف موضع المساءلة، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم عملية التنفيذ بالتمويل اللازم والخبرات والعقوبات الذكية إذا لزم الأمر، كما يجب أن تُطبَّق العقوبات بحرص بحيث لا تقوِّض الإرادة الشعبية ولا تدعم شخصيات سياسية بعينها .
   و كما أشرنا فى البداية أن إحدى أهم أهداف الحوار هو إرساء قواعد الديمقراطية و المدنية و التى تتحقق بالحوار الوطنى الشامل ؛ لذلك علينا إعادة ترتيب أوراق المواطنة و مدنية الدولة من خلال بنود الدستور و وضعها على طاولة الحوار ذلك لارتباط المواطنة بالديمقراطية، حيث أن الديمقراطية هي الحاضنة الأولى لمبدأ المواطنة، وفي هذا الإطار تعي الديمقراطية التأكيد على لا مركزية القرار، في مقابل اختزال مركزية الجماعة، كما تعني أن الشعب هو مصدر السلطات ، إضافة إلى التأكيد على مبدأ المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين، بصرف النظر عن الدين أو العُرف أو المذهب أو الجنس.. وتربط الأمم المتحدة مفهوم المواطنة بمفهوم "سيادة القانون"،حيث يكون جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات والقطاعات العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام قوانين صادرة علناً تتفق مع القواعد والمعاير الدولية لحقوق الإنسان، وتُطبّق على الجميع بالتساوي ،أما في القرن العشرين، بدأ ظهور أفكار تدعو إلى أن الحقوق السياسية والمدنية تكون جزءاً من التزامات الدولة تجاه مواطنيه وهو ما ستصل إليه مصر .

 

أخبار متعلقة :