كيف تكاتف 7 آلاف مواطن بقرية العقاربة بالأقصر لخدمة أحفادهم؟.. الجهود الذاتية بدأت بـ3 قراريط لإنشاء مدرسة.. وأقاموا "جمعيات" لكل أسرة لبناء مسجد ووحدة شئون وتحفيظ قرآن وحضانة وطريق لدخول القرية.. فيديو وصور

ملحمة وتكاتف كبير تم على مر السنين ولا يزال حتى الآن داخل قرية العقاربة بمدينة الطود شرق محافظة الأقصر، حيث أن كافة أهالى القرية يتبرعون بصورة دورية لكافة متطلبات القرية منذ الأجداد وحتى الأحفاد، حيث أن تلك القرية تمتلك عادات وتقاليد لا تزال راسخة حتى الآن، فمنذ عشرات السنين تبرع الأجداد بأراضى لبناء فصول وتحويلها لأول مدرسة بالقرية، وبعدها تبرعوا لبناء مسجد وقاموا بعمل جمعية شاملة بكل منزل لبناء المسجد والجمعية الخيرية ومبنى الشئون الاجتماعية ودار لتحفيظ القرآن وحضانة للأطفال، وحاليًا يتبرع الأهالى لعمل طريق يساعد الجميع فى الدخول والخروج من القرية بدلًا من السير وسط الزراعات.

احد اهالى القرية يشرح تفاصيل التكاتف

وفى هذا الصدد رصد "اليوم السابع" ملحمة وتكاتفا كبيرا بين أبناء قرية العقاربة بمدينة الطود شرق محافظة الأقصر، والذين قرروا منذ عدة سنوات أن تكون القرية على قلب رجل واحد لتوفير كل المتطلبات اللازمة للقرية لخدمة أبناؤهم وأحفادهم على مدار السنوات الماضية، حيث تبرع الأجداد منذ عدة سنوات لبناء مدرسة ومسجد للقرية، ولا يزال الأحفاد يقومون بالتكاتف فيما بينهم لخدمة أبناء القرية البالغ تعدادها حوالى 7 آلاف فرد.

الاهالي يقيمون طريق بالتبرعات لخدمة القرية

الأهالى يقيمون طريق بالتبرعات لخدمة القرية

وفى هذا الصدد قال محمد حسانين، أحد أهالى القرية، إن بداية التكاتف والترابط بين أبناء القرية بمدرسة الشيخ محمد متولى الشعراوى بالقرية، حيث وهب الدكتور الطاهر أحد أبناء القرية فى عام 1997 مساحة 3 قراريط داخل القرية لمدرسة للأطفال، وتبرع باقى الأهالى لزيادة المساحة حتى وصلت إلى 5 قراريط لتكون ملائمة لبناء مدرسة، وبدأت أولى الخطوات بعمل فصل ملحق لمدرسة بالطود وفى العام الثانى أصبح 3 فصول وبعدها وصلت لـ6 فصول، حتى تحولت الفصول لمدرسة بعد مرور 3 سنوات، مؤكدًا على أنه تم التعاون والتكاتف بين أبناء القرية بالكامل لبناء تلك المدرسة.

الحاج محمد حسانين يكشف تفاصيل تكاتف أهالى القرية

محمد حسانين يكشف تفاصيل تكاتف أهالى القرية

وأضاف محمد حسانين لـ"اليوم السابع"، على أنه كل كبار وشباب وسيدات القرية كانوا يتعاونون فيما بينهم لبناء تلك الفصول بأيديهم لعدة شهور، وبعد تحويلها لمدرسة قامت هيئة الأبنية التعليمية بتطويرها وبناؤها بالكامل بعد عدة سنوات لتصبح مبنى أفضل لخدمة أطفال القرية، موضحًا أن تلك المدرسة كانت نقطة الانطلاق فى الترابط لبناء عدة مبانى مختلفة لخدمة القرية ومنها مسجد وجمعية خيرية لدعم الأسر الفقيرة، ويجرى حاليًا العمل فى طريق يدخل منه الأهالى للقرية حيث أنه من قبل كان يضطر الأهالى لدخولها عبر الزراعات ويسقط الكبار والسيدات فى الزراعات وقت السقاية بالماء، ولذلك تبرع الجميع بأموال وأراضى لفتح طريق وسط القرية وهو ما تم بالفعل وتنتظر القرية وأبناؤها الدعم من المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر خلال الفترة المقبلة لرصف وتوصيل المرافق للطريق ليكون جاهز لخدمة المرضى والكبار والسيدات والأطفال بالقرية.

الطريق الجديد بالقرية ينتظر الرصف والإنارة

فيما قال مكى إبراهيم، إنه من أشكال التكاتف بقرية العقاربة بالأقصر بناء مسجد القرية والذى تم التعاون بين أبناء القرية في بناؤه، حيث أنه فى البداية حضر مهندس لاختيار موقع المسجد والبدء فى بنائه، وقرر الأهالى بناء المسجد بصحن مساحته 20 فى 20 مترًا وذلك فى عام 1998، وقام بالإشراف على صندوق التبرع لبناء المسجد من أبناء القرية وكافة أبناء العقاربة من مختلف محافظات مصر.

الطريق الجديد داخل القرية بتبرعات الأهالى

وأضاف مكى إبراهيم لـ"اليوم السابع"، أنه قام عدد كبير من الأهالى ومنهم الحاج خير تبرع بقيراطين فى أرض المسجد، والحاج محمد السعدى قام بالتبرع بقيراطين ونصف، والحاج عرفات تبرع أشقاؤه بقيراط وآخرين تبرعوا بقيراط آخر، وتقرر بناء المسجد على مساحة 7 قراريط وتم بناء سور أخضر، وقاموا بعمل جمعية من كافة أبناء القرية شهريًا للتبرع لفترة عام ونصف شهرياً من أبناء القرية وباقى قبيلة العقاربة فى كل مكان، حتى أنهوا بناء المسجد بالكامل وأصبح مسجل فى الأوقاف منذ سنوات وحاليًا يوجد به ملحق بالمسجد عبارة عن جمعية لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال وتعليمهم دروس الدين برعاية الأوقاف والأزهر الشريف، وكذلك حضانة للأطفال الصغار بالقرية.

تبرعات الأهالى فى انشاء مدخل للقرية

ومن أبرز مواقف التكاتف والتعاون بين أبناء القرية ما يتم بالتخفيف فى تكاليف الزواج بالقرية، حيث قال أحمد عويس أحمد 58 سنة، إن تكاليف الزواج وتجهيز العروس يعود لظروف وإمكانيات والد العروسة وولى أمرها، فمن لديه إمكانيات مادية جيدة ينفق على ابنته وعروسته ما يريد ويوفر لها كل المتطلبات، ولكن العريس دوره تجهيز منزل الزوجية بجانب ما تنص عليه عادات وتقاليد القرية من مهر 60 قرشا وملابس 7 قطع فقط، ولا توجد لديهم قائمة منقولات زوجية نهائياً فهم لا يقومون بتلك التصرفات حيث إن الأولاد أولادهم والبنات بناتهم ولا توجد خلافات بين أحد من أبناء العمومة بالقرية.

سور المسجد بنى على مساحة 7 قراريط

وأضاف أحمد عويس لـ"اليوم السابع"، أن أمور الزواج والعادات والتقاليد القديمة لا تزال مستمرة بالنسبة لمبلغ الـ60 قرشا والـ7 قطع ملابس، وحالياً الشباب يتدخلون لشراء محبس بجانب دبلة الخطوبة والزواج، قائلاً: "رسول الله وصانا وقال فاظفر بذات الدين تربت يداك، ونحن أسسنا أبناءنا وبناتنا على الرحمة والمودة فى الزواج خصوصاً ونقوم بتوفير كل المتطلبات خلال الزواج، ولذلك نسبة الطلاق والانفصال بسيطة خالص ولا تتعدى 2% من أبناء نجع العقاربة"، موضحاً إن جميع أبناء العقاربة دفعوا مبلغ الـ60 قرشا سابقاً، ولكن فى تلك الأيام تقدر الأسرة سعر الـ7 قطع من الملابس ويقدمونها عبارة عن مبلغ مالى للعروسة وأسرتها، حيث يتجمع أبناء النجع فى الخيمة المخصصة للزواج والخطوبة ويتفق الجميع على أصول العادات والتقاليد الخاصة بهم، حيث إن العريس يقدم المهر البسيط وسعر الـ7 قطع ملابس ويتوجه لتجهيز منزل أو شقة الزوجية لحين موعد حفل الزفاف ولا تطلب منه أسرة العروسة أى طلبات أخرى.