أحمد بكير يكتب: قرار السادات الجرئ

أحمد بكير يكتب: قرار السادات الجرئ
أحمد بكير يكتب: قرار السادات الجرئ

السادس من أكتوبر «عيد النصر» ذكرى تحرير الأرض.. قبل 44 عاماً بالتمام والكمال، خُضنا حرباً وحققنا  نصراً أزال عار الهزيمة التى لحقت بنا فى عام 1967.. والغريب أنَّ بعض الأخوة الناصريين، الذين ينكرون الهزيمة، ينسبون النصر لعبدالناصر، لأنَّه ـ كما يدَّعون ـ هو الذى جهز الجيش وسلحه وأعدَّ للحرب قبل وفاته، ولم يفعل السادات سوى اتخاذ قرار الحرب، وكأنَّ هذا القرار سهل، أو مُجرد أمر يصدره القائد.. لم ينتبه هؤلاء إلى قيمة وأهمية وخطورة قرار الحرب.. لم يتخيلوا ماذا لو لم يتخذ الرئيس الراحل أنور السادات قراره الشجاع بالمبادأة بالحرب على الإسرائيليين المُحتلين؟!.. ولم يتخيلوا لحظة كيف يكون الوضع لو لم يتحقق النصر.. أكيد أنَّ إسرائيل كانت ستظل باقية فى سيناء، ترتع ونهب ثرواتها، وتبنى فى كل ركن فيها مستوطنة تكون عائقاً لأى تسوية تقترحها المفاوضات المستمرة من عشرات السنين، تماماً كما يحدث مع الفلسطينيين.. لم يتخيل هؤلاء الناصريون ماذا لو أنَّ قرار الحرب لم يتخذه السادات، والسلاح السوفيتى الذى نمتلكه ويتسلح به الجيش قد فقد فاعليته، وروسيا ترفض تسليحنا، وأمريكا تفرض حظراً وحصاراً علينا .. لم يتخيل هؤلاء لو أن إسرائيل قد أقنعت العالم بأهمية تطهير وإعادة تشغيل قناة السويس أمام الملاحة العالمية، ثم تولَّت إدارة القناة، بإشراف الأمم المتحدة.. لم يتخيل هؤلاء مشاهد جنود الاحتلال وهم ينشرون لباسهم على أسوار خط برليف فى البر الشرقى للقناة، فى تحدٍ سافر،  كما كانوا يفعلون من قبل.. إنَّ التحقير من قيمة قرار الحرب ومُتخذه، يُعبِّر عن سفاهة وقلة وعى، لا تصدر إلا عن حمقى أو حاقدين أو جهلاء، ينكرون أنَّ ما  قام به السادات عملٌ لم يستطع غيره أنْ يقوم به فى وقته.. قرار السادات كشف عن شجاعة وجسارة فائقة داخل إنسان ظهر وديعاً طيباً، لكن قلبه الذى كان يملؤه الوداعة والطيبة والحب، كان به مكان للقوة والشجاعة، أظهرها يوم أمر ـ وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ بأنْ يبدأ الجيش المصرى حرباً، استعد لها طويلاً، وباغت بها العدو، وفاجأ بها العالم.. ولو لم يتخذ السادات قراره الجرىء، لكنَّا غارقين فى دوامة المفاوضات والمباحثات المستمرة. ومازال المبعوث الأمريكى يتنقل ما بين القاهرة وتل أبيب، ليقنع الطرفين بقبول المزيد من التنازلات لإسرائيل.

سبق السادات عصره برجاحة عقله وعمق رؤيته فأصدر قرار الحرب، وحقق النصر، ومازال بيننا جهلاء يعيشون الوهم بروح الهزيمة.