جرجس بشرى يكتب: من خرافـة “الأسلحـة فـي الكنائس” إلى ادعاءات “فعل فاضح” في الأديرة

جرجس بشرى يكتب: من خرافـة “الأسلحـة فـي الكنائس” إلى ادعاءات “فعل فاضح” في الأديرة
جرجس بشرى يكتب: من خرافـة “الأسلحـة فـي الكنائس” إلى ادعاءات “فعل فاضح” في الأديرة

تعد الدراما من أخطر الأدوات التي يمكن أن تستخدم سلبا وإيجابًا في التأثير على اتجاهات الرأي العام وتعميق صورة ذهنية معينة تترسخ في ذهن المتلقي ، تؤثر على سلوكه ، وكما أن الفن يمكن أن يستخدم في الارتقاء بالذوق العام وشحن الهمم وتوحيد إرادة الأمة للالتفاف حول الوطن خاصة في أصعب واحلك الظروف التي يستهدف فيها من عدة قوى مخابراتية لها أذرع في الداخل ، فانه أيضا يمكن أن يستخدم كأداة لا تقل خطورة عن الحروب التقليدية كبديل عن الثورات لاسقاط الدول وانهاكها وتفتيت وحدتها وتعريض امنها القومي وسلامها الإجتماعي ووحدتها الوطنية لخطر داهم ، فالفن والدراما لا يقلان خطورة عن سلاحالإعلامفي تشكيل وعي واتجاهات الناس والتأثير عليهم خاصة لو كان اغلبهم من البسطاء في المجتمعات التي تضربها الأمية الدينية والأبجدية.

أقول ذلك بسبب ما تردد مؤخرًا عن قيام غادة عبد الرازق بتجسيد دورراهبةبأحد الأديرة تهجر ديرها بسبب ارتباطها بعلاقة عاطفية وغرامية مع أحد الاشخاص ، ومن الملفت للنظر أن مؤلف العمل الدرامي هو الكاتبمدحت العدل، وهذا المسلسل الذي يحمل اسمفعل فاضحيقال أنه مقرر عرضه في شهر رمضان المقبل ، والسؤال هنا : لماذا في هذا التوقيت الذي تتعرض فيه وحدة مصر لمخطط جهنمي يستهدف اشعالها بالفتنة الطائفية يتم الحديث عن مسلسل يتعرض لأقدم نظام رهباني في العالم مشهود له بالنسك والطهارة والعفة والانحلال من الكل للارتباط بالواحد وهوالله سبحانه وتعالى؟!

خاصة أن المجتمع المصري ممتلئ عن بكرة أبيه بأزمات طاحنة تستهدف المواطن والوطن ومشكلات لا تعد ولا تحصى وكأن اجدر بكاتب العمل التطرق إليها دون الدخول في هذه المنطقة الملغومة بحق والتي ستحدث فتنة بلا محالة إذا ركب القائمون على إنتاج العمل والعاملين فيه والرقابة دماغهم واصروا على اخراجه إلى النور ، ولمن لا يعلم فإن نظام الرهبنة قائم اساسا على العفة والطهارة والزهد في شهوات العالم الفانية.

وقد قدم التاريخ الرهباني أمثلة حية وروحانية فائقة تؤكد كيف عمل الله في قلوب كثير من الخطاة وتابوا توبة نصوحا ودخلوا سلك الرهبنة وقدموا اروع الامثلة على العفة والطهارة ، وكم ايضا من راهبات فضلن ان يستشهدن ويقدمن حياتهن للموت طواعية على ان لا تُمس طهارتهن وعفتهن ، وكأن اولى بالمؤلف أن يتطرق لهذه النماذج بعيدا عن التطرق لامور تسيء للكنيسة ولصورة الراهبات وللمسيحيين وللنظام الرهباني كله ، فهل الدفع بمثل هذا المسلسل في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به مصر يستهدف الهاء الشعب عن قضاياه الرئيسية الملحة ؟ وخطورة هذا العمل لو عرض بهذه الصورة المغلوطة والشاذة أنه سيخاطب وعي قطاع عريض من البسطاء بالصوت والصورة ومن الممكن ان يدفع البسطاء والدهماء والمتشددين لاستهداف اديرة الراهبات ، لان تأثير الصورة خطير جدا  سلبا أو ايجابا ، ولعلكم تتذكرون تداعيات تصريحسليم العواعلى الجزيرة بأن الكنائس ممتلئة بالأسلحة ، والضجة التي اثيرت حول هذه الخرافة والتي كانت ستدفع مصر كلها ثمنا لهذا التصريح الكارثي العاري عن الصحة ، خاصة انه تصريح قدم للتيارات المتشددة ذريعة للنيل من وطنية الكنيسة التي وقفت مع مصر وشعبها صامدة في مواجهة اي تدخل خارجي أو مؤامرات تستهدف وحدتها.

ولقد أثبتت وقائع حرق الكنائس على يد متشددين اسلاميين وبعض الاذرع التابعة لهم عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة زيف ادعاءات سليم العوا ، وانني من هنا أطالب الكنيسة المصرية بمراجعة العمل قبل عرضه ومعرفة هل يتوافق مع اصول وتاريخ الرهبنة في مصر أم لا ؟ وأطالب الكاتب مدحت العدل أن يقدم العمل بصورة صحيحة وليست مقلوبة ، وأطالب كل مصري مسلم أو مسيحي بمقاطعة الشركات المعلنة لهذا العمل، وإن كنت انا شخصيا مع حرية الرأي والتعبير إلا أنني ارى واؤكد أن حرية الرأي والتعبير يجب وبالضرورة في هذا التوقيت أن تكون مسئولة ومضبوطة ولا تتعارض مع قيم المجتمع والنظام العام ولا تعرض السلم الإجتماعي للخطر.

 وأؤكد ايضا كي لا يزايد عليّ احد أنه ليس احد معصوما من الخطأ ولكن التعرض لبعض الاخطاء الفردية والتي لا تعد على اصابع اليد الواحدة لتصبح حديث العامة والتأثير عليهم وعلى توجهاتهم امر جد خطير يخدم اجندة التيارات المتشددة وجماعة الإخوان الإرهابية والقوى الدولية المتحالفة معهم و يجب ان تتنبه له الحكومة نفسها وكل وطني غيور على هذا البلد ، وكما انني رفضت سابقا وما زلت ارفض أي اساءة للاسلام في مواضع عدة فانني ارفض اي اساءة للمسيحية ونظامها الرهباني العريق وارفض المساس بأي دين أو تشويه..

حفظ الله مصر وشعبها وأزهرها وكنيستها إلى يوم الدين.