خالد منتصر يكتب: جهاز حماية المستهلك الفتواستانى

خالد منتصر يكتب: جهاز حماية المستهلك الفتواستانى
خالد منتصر يكتب: جهاز حماية المستهلك الفتواستانى

يُحكى أنه فى سالف العصر والأوان كانت هناك مملكة اسمها فتواستان، كان كل مواطنيها لا يأكلون ولا يشربون ولا يتنفسون ولا يمارسون الجنس ولا يقضون حاجتهم ولا يشترون بضاعتهم ولا يدللون عيالهم ولا يرتدون ملابسهم ولا يتغطون ببطاطينهم إلا بختم وفتوى خاقان البرين والبحرين مفتى مملكة فتواستان المعظم، وكان المواطن الفتواستانى ينتظر أحياناً بالأسبوع وهو يعانى من إمساك مزمن وانفجار فى القولون المستعرض نتيجة انتظاره لختم فتوى السماح له بقضاء حاجته فى الخلاء، وانتشر الطلاق وعمّ البلاء أرجاء البلاد بسبب انتظار الزوجة بالشهور لزوجها الذى يقف فى الطابور الممتد بالكيلومترات انتظاراً لختم السماح له باللقاء الحميم فى الحلال! ووقعت الواقعة وحدثت الطامة الكبرى حين احتاج رئيس الديوان لفتوى خلع ضرس العقل بينما مفتى فتواستان يستجم على شواطئ حورستان مع زوجاته الأربع وجواريه السبعين مما نتج عنه انفجار جمجمة رئيس الديوان وانفصال فك فخامته! لذلك نزل المرسوم الملكى بتشكيل لجنة الخمسين المبشرين بالفتوى المنبثقة عن إدارة صكوك الغفران برئاسة الخاقان الأعظم والتى شكلت بدورها جهازاً لحماية المستهلك الفتواستانى من أضرار الفتاوى منتهية الصلاحية، وعلى الفور تشكلت لجان مهمتها كتابة تاريخ صلاحية الفتوى وطريقة تخزينها، وللتسهيل تم إنشاء لجنة خاصة بالفتاوى الدليفرى مع بعض الكاتشب التراثى لتسهيل تذوق وهضم الفتاوى الفاست فود.

عاش الشعب الفتواستانى فى نعيم وسلام نائماً الأربع والعشرين ساعة يشخر بسيمفونية متناغمة رائعة نتيجة فتوى إباحة النوم خوفاً من اللوم! وملأت الفتاوى أثير المملكة يراها المواطن الفتواستانى فى أضواء الإشارات وعلى جدران المحلات وفى عيون الأمهات وداخل بامبرز البيبيهات، واحتفلت المملكة بدخولها ولحاقها بركب الحضارة حين صارت الفتوى بالفيزا كارد والإيه تى إم، وكان هذا أعظم انتصار تكنولوجى للمملكة، مما جعلها تحصل على جائزة نوفل للسلام، وساد الهدوء المملكة وصارت الثقة علامة الجودة ولم يعد للخيانات الزوجية أى مكان فى ربوع ووديان المملكة، فقد أفتى نجم خط هجوم فريق جهاز حماية المستهلك الفتواستانى بأن أقصى مدة للحمل هى أربع سنوات فقط، مما طمأن جماهير فتواستان الذين كانوا يسافرون إلى إمارتَى قفاستان وقرنستان ويظلون هناك بالسنين ويعودون ليجدوا أطفالاً قمامير ملائكة تهدهدهم الأمهات اللاتى يغنّين لهم فى المهد نشيد المملكة «نام يا حبيبى نام.. وخلى أبوك يطنش المنام.. مسافر من أربع أعوام... وانت عمرك يا دوب أيام».

ومن أعظم ما أصدرته لجنة حماية المستهلك الفتواستانية هى السماح برضاع الكبير عند تفاقم أزمة اللبن المبستر، مما أنقذ المملكة من مصير جارتها مملكة ضرعستان المؤلم التى انتشرت فيها المجاعة الحليبية الشهيرة، والحمد لله صار فى مملكة فتواستان مرجع مهم تتداوله الممالك فى العالم كله مقتدية فيه بالمملكة العظمى التى صارت إمبراطورية بعد نجاح تطبيق أوبشن نكاح البهائم لزيادة الثروة الحيوانية، وتحميل أبليكيشن نكاح الميتة لحل مشكلة زرع الأعضاء.

الحمد لله على نعمة العيش فى إمبراطورية فتواستان العظمى.. هاى هىء.

 

حنجرتك سلم نجاحك فلا تجعليها هاوية سقوطك

 

هذا نداء إلى المطربة شيرين، صاحبة الصوت العذب والحماقة العذاب! نفس الحنجرة التى تعزف عليها شيرين أجمل الألحان هى نفس الحنجرة التى تلقى علينا وتبطحنا بها بهذا الكلام الدبش. لن أذبح شيرين لكنى أتمنى ألا يكون لسانها هو سكينها المسنون الذى تذبح به نفسها، أعشق صوتها، وشرائطها تستقر فى سيارتى، وأغانيها تطربنى. تغاضيت عن تصرفاتها السابقة مع زملائها واعتبرتها تفاهات صغيرة نتيجة الشهرة السريعة بدون تجهيز نفسى ودعم ثقافى وجهاز مناعة اجتماعى، لا يهمنى أن تخلع حذاء فى برنامج أو تنتقد زميلاً فى حفل زفاف، كل هذا من الممكن أن يمر ونمرره ونبلعه رغم مرارته وهيافته، لكن ما ارتكبته أخيراً فى حفلتها بلبنان هى حماقة لا تُغتفر فى حق بلدها أولاً ثم فنها ثانياً، طلبت منها معجبة لبنانية أغنية «ماشربتش من نيلها»، ردت شيرين: «حييجى لك بلهارسيا، اشربى مياه معدنية ايفيان أفضل»!! رد سخيف ثقيل الظل لا يحمل أى لمسة ظرف أو دم خفيف، وبه من الجلافة ما يكفى مجرة ويلوث محيطاً!!

الفن إحساس، وروح الكوميديا غير الاستظراف ولا يملكها إلا مستويات معينة من الذكاء واللماحية وسرعة البديهة، أظن أنه لا يتوافر فيها، ما يغيظك ويفرسك ويصيبك بجلطة هو أن المتفرجة اللبنانية تعشق مصر ونفسها تسمع شيرين وهى تتغنى بنيلها وجماله، بينما الفنانة المصرية تسخر من هذا النيل وتتهمه بأن من يشربه سيصاب بالبلهارسيا!! وبغضّ النظر عن أننا قد اقتربنا من القضاء على البلهارسيا تماماً بعد معركة ضروس ناجحة وعظيمة، وبغضّ النظر أيضاً عن أن الشرب ليس وسيلة العدوى، فأن تقول أشهر نجمة طرب مصرية هذا الكلام فى بلد جار عربى، فهى إهانة لهذا البلد الذى صنع شهرتها والذى يتسابق إليه كل العرب ليتم تدشينهم كفنانين بعد أخذ الختم على باسبورهم الغنائى والتمثيلى، ولا أقبل تفسيرات مثل الجهل وقلة التعليم، فسعاد حسنى كانت غير متعلمة وعلمها إبراهيم سعفان وعبدالرحمن الخميسى الأبجدية العربية، لكن بالرغم من ذلك تصريحاتها كانت منضبطة لا منفلتة بهذا الشكل الشيرينى الزاعق، هل تتجرأ مطربة أمريكية وهى تغنى خارج حدود بلادها أو داخلها أن تقول للجمهور لا تهبطوا أمريكا ففيها مرض الإيدز؟! لم ولن يحدث، ولن أقول وأردد الكلام الكبير الضخم الرنان من قبيل الخيانة وتدمير السياحة وتحطيم السمعة ونشر الغسيل...إلخ، فالأمر لم يصل إلى تلك المرحلة، ولكن أقول: هذه دعوة لانضباط النجوم المصريين خاصة خارج الوطن، كل نجم أو نجمة هو سفير أو سفيرة بلا سفارة، يحمل السفارة فى حنجرته ولسانه وتصرفاته وسلوكياته، لا أطلب منه خطباً عصماء عن الوطنية وأفلاماً سياحية وبوسترات عن الوطن، ولكنى أطلب منه الرفق بهذا الوطن الذى يتلقى الطعنات ذات اليمين وذات الشمال، وقوته الناعمة هى فى إبداعكم وفنكم وعطائكم.