د. مريم المهدي تكتب : الحرب « تضخم عالمي .. والوعي في مواجهة ارتفاع الأسعار بمصر»

د. مريم المهدي تكتب : الحرب « تضخم عالمي .. والوعي في مواجهة ارتفاع الأسعار بمصر»
د. مريم المهدي تكتب : الحرب « تضخم عالمي .. والوعي في مواجهة ارتفاع الأسعار بمصر»
* التضخم يربك المشهد الاقتصادي العالمي :
 
يبدو واضحا أن التضخم الذي تحول بالفعل إلى آفة حقيقية عالميا، بدأ يربك واضعي السياسات النقدية هنا وهناك، ولا سيما في ساحات الاقتصادات المتقدمة. وتعزز الارتباك أكثر مع الارتفاع الأخير لأسعار الطاقة بكل أنواعها، من جراء الحرب الدائرة حاليا بين روسيا وأوكرانيا، مع احتمال وصول سعر برميل النفط إلى 300 دولار، إذا ما طال أمد الحرب أولا، وتوقفت الإمدادات الروسية، سواء من جانب موسكو أو بفعل إجراءات عقابية جديدة قد تتخذها أوروبا تماشيا مع تلك التي اتخذتها الولايات المتحدة أخيرا على صعيد الطاقة. فحتى أسعار الفحم الحراري الذي من المرجح أن يسد نقصا متوقعا لاحقا، بلغت مستويات لم يتوقعها أحد في الأسواق، ناهيك عن أن روسيا تعد من أكبر الدول المصدرة لهذه المادة غير الصديقة للبيئة والمناخ.
 
مسألة التضخم لا ترتبط بارتفاعات جديدة لأسعار الطاقة فقط، بل تشمل أيضا زيادات كبيرة في أسعار السلع والغذاء، وتأثيرات اضطراب سلاسل التوريد. فعلى سبيل المثال، رفعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا أسعار الحبوب، ولا سيما القمح، خصوصا أن هاتين الدولتين تتمتعان بقدرات إنتاجية وتصديرية هائلة للحبوب بشكل عام. من هنا، بات التضخم المشكلة الأكثر إلحاحا أمام الحكومات، التي تعاني عجزا ماليا طويلا أصلا، ولا سيما بعد أن ضربت الاعتقاد الذي كان راسخا قبل اندلاع الحرب المشار إليها، بأن التضخم المرتفع سينخفض من تلقاء نفسه إلى ما دون هدفه البالغ 2 في المائة في أوروبا بحلول نهاية العام الحالي. الواضح هنا، أن مستوى التضخم سيظل مرتفعا لفترة أطول، يعتقد بعض المشرعين أن يستمر حتى منتصف العقد الجاري.
 
 
 
 
قوة نووية مدمرة ..وحلول سياسية غير حاضرة ؟!
 
الحال في الولايات المتحدة وبريطانيا يبدو متطابقا مع الوضع في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. التضخم ارتفع في هاتين الدولتين إلى مستويات اعتبرت من قبل السياسيين مخيفة، وينبغي التوصل إلى حلول ناجزة وسريعة لها. والأمر لا يتعلق بالقضاء على التضخم، لأن أيا من هذه الحكومات لا يمكنها أن تحقق ذلك، لكن كل ما تستطيع فعله هو كبح جماحه، أو السيطرة على ارتفاعاته في عالم متغير مليء بالمفاجآت، وخصوصا تلك الآتية من الحرب الدائرة في قلب القارة الأوروبية. حرب هي الأخطر منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، لسبب واحد فقط، وهو أن أطرافها يتمتعون بقوى نووية مدمرة، يضاف إلى ذلك أن المؤشرات على إمكانية التوصل لحلول سياسية قريبة لها ليست حاضرة على الساحة، ناهيك عن ويلاتها الاجتماعية التي بدأت منذ يومها الأول.
 
 
 
 
 * السيطرة على التضخم  الاقتصادي العالمي :
 
الخوف الآن أن تفشل الحكومات في الاقتصادات المتقدمة في السيطرة على التضخم، ولا سيما إذا ما صدقت بعض السيناريوهات التي تختص بإمدادات الطاقة، بما في ذلك الارتفاعات التاريخية الهائلة المتوقعة لأسعارها. فعندما وصل سعر برميل النفط عند حدود 120 دولارا، انتقل ذلك على الفور إلى ساحة التضخم، بحيث زاد إنفاق الأسر في المتوسط إلى ما قيمته 1200 دولار في العام على الوقود، وإذا ما استمر على ما هو عليه، سترتفع بالضرورة معدلات الفقر في المجتمعات الغربية. من هنا، لا بد للبنوك المركزية الرئيسة أن تتقدم بجرأة أكبر وترفع الفائدة بصورة دورية و بمعدلات ليست متواضعة علها تمتص ضربات التضخم، إلى أن تتضح الصورة العامة تماما. التضخم عادة لا ينال من الناس فقط، بل يستهدف مستقبل السياسيين أيضا.
 
 
 
* الوعي في مواجهة ارتفاع الاسعار بمصر :
 
على الرغم من أن تداعيات الحرب مستمرة بين روسيا وأوكرانيا، وتلقي بظلالها سلبًا على كثير من المناطق في العالم، من واقع ارتباط النظام الاقتصادي العالمي، غير أن الدولة المصرية استطاعت خلال السنوات الماضية أن تؤمن الجوانب الاقتصادية عبر عديد من الإجراءات والمشروعات على أرض الواقع، وخصوصًا فيما يتعلق بالسلع الأساسية، ومن ثم فإن شيطنة الأسواق وهذا الارتفاع الجنوني بلا رقيب في السلع ليس له أي مبرر، بقدر ما هو جشع من بعض التجار الذين لجأوا استنادا إلى حجة الحرب للتلاعب في الأسعار.
 
 
 
 
* سرعة مواجهة وضرب جشع واحتكار التجار للسلع  :
 
ومن ثم لابد من وقفة جريئة وقوية وواضحة تضرب هذا السلوك الجشع في مقتل، فإلى جانب حرص الحكومة على توفير السلع بأسعار منخفضة بالتوسع في المنافذ الحكومية حتى لا يكون المواطن فريسة لجشع التجار والمحتكرين، فإن هناك ضرورة لتوفر الوعي القانوني لدى المواطنين، بأن يكونوا إيجابيين خصوصًا إذا تعلق الأمر بمصلحتهم ومصلحة أسرهم في جانب رئيسي من جوانب الحياة، ومن الممكن جدا أن يتوافق المواطنون عبر حملات باتفاق إلى تحديد يوم أو يومين وعدم شراء سلعة لجأ التجار إلى رفع أسعارها، وتكرار التجربة من وقت لآخر، مما سيؤثر بالتأكيد وبالخسارة على هؤلاء الذين لن يجدوا تصريفا لبضائعهم ولو بأقل من أسعارها.
 
 
 
* بعد توجيهات الرئيس السيسي .. تسعير الخبز الحر بأنواعه وضبط الية السوق بالكامل  :
 
إن توجيهات الرئيس السيسي بتسعير رغيف العيش الحر طوق نجاة للمواطن من جشع بعض التجار وأصحاب المخابز. وبالتالي ان توجيه القيادة السياسية بتسعير رغيف العيش الحر سينعكس بالإيجاب على المجتمع المصري وليس فردًا دون الآخر لما يمثله رغيف العيش من أمن قومي لا يستغنى عنه مواطن في أمنه الغذائي .
 أن الأجهزة الحكومية المعنية بدأت على الفور تنفيذ تكليفات الرئيس السيسي حيث سيتم إعداد قائمة  بأسعار الخبز الحر وأوزانها على أن تكون هذه القوائم هي المعتمدة بالسعر وأن من يخالفها سيواجه بالعقوبات المنصوص عليها في القانون وتتولى الأجهزة المعنية مراقبة السوق.
 
 
 
* وعي المواطن في مواجهة ارتفاع الأسعار :
 
وكذلك من الوعي الضروري ألا يتوانى المواطنون في الإبلاغ عن أي تاجر يستغل الظرف العام ويلجأ إلى رفع الأسعار دون مبرر أو سند قانوني، ومباحث التموين وجهاز حماية المستهلك هما الأهم في الرقابة على محتكري السلع وحائط الصد الأول ضد جشع التجار المتلاعبين، وفي هذا السياق نثني كثيرا على الخطوة التي اتخذها اللواء عصام سعد محافظ أسيوط، من تدشين حملة "خليك إيجابي" لتوعية المواطنين بالإبلاغ عن أية شكاوى أو بلاغات تتعلق بالتلاعب فى الأسعار واحتكار السلع والمواد الغذائية والغش التجارى، وذلك لمواجهة جشع التجار، وإعلانه خطوطًا ساخنة لتلقي شكاوى المواطنين على مدار 24 ساعة والاستجابة العاجلة لها بالتنسيق مع الأجهزة الرقابية ومديرية التموين وجهاز حماية المستهلك بالمحافظة، فضلًا عن شن حملات مفاجئة بمختلف أحياء ومراكز المحافظة لضبط الأسواق ومنع احتكار السلع، ومناشدة المواطنين التحلي بالإيجابية والإبلاغ عن أية تجاوزات أو مخالفات من قبل التجار أو فى حالة اكتشاف احتكار بعض التجار للسلع والمواد الغذائية أو مغالاة فى الأسعار أو أى تلاعب بالأسعار.