صوت بلادي ترصد أحوال اللاجئين السوريين بعد 5 سنوات من اغترابهم

صوت بلادي ترصد أحوال اللاجئين السوريين بعد 5 سنوات من اغترابهم
صوت بلادي ترصد أحوال اللاجئين السوريين بعد 5 سنوات من اغترابهم

 

  • الشيخة رانيا : أتيت إلي مصر بعد تذبيح أسرتي بالكامل
  • تيسير النجار : المفوضية السورية بمصر تغرق في الفساد وإختلاف المعايير
  • مواطنة سورية تحكي رحلة العذاب والفرار من الغوطة الشرقيه الي القاهرة .

 

تحقيق : رشا لاشين

كانت مصر ولا زالت هي قبلة الحياة بالنسبة لهم .. بعد أن جاءوا فارين من غياهب الموت والدمار وقد دخل معظمهم إلي الأراضي المصرية منذ خمسة أعوام تقريبا أي في عام 2013 بدون تأشيرات نظرا لظروف الحرب والخراب إلي أن تحولت إلي تأشيرة سياحية عند الأغلبية منهم ماداموا ليسوا طلاب أو رجال أعمال .. الجالية السورية في مصر تعاني الكثير وسط حياة الغلاء وعدم مساعدة المفوضية لهم بشكل واسع بعد ان كانت تقدم المساعدات المحدودة منذ أوائل عام 2013 .. انفردت جريدة صوت بلادي بتحقيق حول أوضاع السوريين بمصر بعد خمس سنوات من مجيئهم إليها :

تقول أحد المواطنات السوريات والتي تقطن في أحد الأحياء الشعبية بمدينة أكتوبر : أنها جاءت إلي هنا مع إخواتها وأولادها الصغار منذ خمسة أعوام فارين من الحرب بعد أن تم تدمير بيوتهم بالكامل ولم يعد لهم مأوي هناك وقامت المفوضية بمساعدتهم وايجاد سكن لهم ولكن بالايجار الذي يقدر ب750 جنية شهريا وتضيف أن الحياة صعبة كثيرا وسط الغلاء الفاحش الذي تشهدة مصر وأنها ليست معتادة علي النزول الي سوق العمل وخاصة أن حياتها كانت مستقرة ورغدة في بلادها قبل قيام الثورة وتعتمد هي واخواتها من السوريين علي مساعدات أهل الخير من المصريين والشهرية المحدودة من المفوضيه والتي تقدر ب400 جنية للفرد وهي بالطبع قليلة جدا في ظل ارتفاع الاسعار المستمر .. وتضيف أنها لم تشاهد والدتها منذ أكثر من خمس أعوام حيث انها من مدينة حمص ووالدتها تقيم مع أختها هناك وتتابعهم عن طريق مكالمات الفيديو الهاتفيه من وقت لآخر وأنه لو استقرت الأمور هناك سترغب بالطبع في أن تقيم مع أمها ولكن في حالة تعويضهم بقطعة أرض وبيت ولكن هذا لن يحدث لذا المكوث في مصر سيوفر علينا التعب ومشقة المعيشة والذهاب إلي هناك .. وعن مشكلة تجديد الإقامة فتقول نعاني من الزحام الشديد في قضاء وتخليص اوراق الإقامة وهي سياحية تجدد كل ستة أشهر وبطء الإجراءات والروتين وخاصة في ظل أجواء الشهر الكريم متعبة جدا وتعطيل الأوراق جعلنا نعاني بشدة من هذا الموضوع .

 

"الشيخه رانيا "

في نفس الحي تسكن الشيخه رانيا وهي إمرأة محبوبة بين المصريين أكثر من الأخوة السوريين هناك .. رقيقة القلب ورفيعة الذوق يشيد الكثيرين بودها و أخلاقها العالية وتحاول مساعدة المصريين الفقراء معها في الحي من الامدادات التموينية التي تأتي إليها كل شهر من أهل الخير بالمنطقة .. تقول الشيخة رانيا كما فضلت أن نطلق عليها : كنت أعمل كمدرسة لغة عربية بالغوطة الشرقيه بريف دمشق وأنفق علي أهلي وعلاج أخي المريض وساء الحال أكثر بعد أن أصيبت أختي بشظية في قدمها بالإضافة الي إصابتها بالسكر وهي تعالج الآن بأحد المستشفيات بالقاهرة وأحمد الله علي إقامتي بمصر بعد أن هربنا من الذبح والإغتصاب والدمار والتشريد من قبل جماعات بشار الأسد " علي حد قولها " ... وتضيف .. كنت منذ طفولتي اتمني زيارة مصر الجميلة التي كنت أراها بالأفلام العربية القديمة وكانت أمي دائما تحكي عن جمال عبد الناصر زعيم العرب ورموز الفن والسياسة .. وتنهمر دموعها وتقول " كنت أتمني زيارة مصر وأنا في أبهي حلة وفي ظروف مستقرة ماديا وأحوال نفسية هادئة  لكن جئت إلي مصر كملجأ آمن وليس كبلد سياحي أتمني أن استمتع بزيارة كل شبر فيها .. كما كان أبي يعمل ضابطا للشرطة وهذا منذ أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حيث يتم تبادل عناصر مصرية وسورية من والي الدولتين أثناء الوحدة عام 1958 .. وتقول " الشيخه رانيا " .. أنها تحب مساعدة جيرانها كثيرا وخاصة ان هناك أسرة صعيدية جاءت بلا مأوي الي هذه المنطقة وقامت هي باستضافتهم وتقديم يد العون لهم حتي ساعدتهم في الحصول علي شقة صغيرة وايجاد عمل لرب هذة الأسرة الصعيدية .وتضيف  أن هذه الأسرة   عوضتني عن أهلي الذين قتلوا جيمعا مذبوحين علي يد جماعة بشار وبخاصة أن منهم إمرأة كبيرة في السن عوضتني عن أمي التي قتلت وعمرها 65 عاما مذبوحة أيضا

وتقول الشيخه رانيا : أن المصريين هم أكثر شعب مضياف ومحبوب علي  مستوي العالم ..ومن يشتم علي مصر فهو أكبر خائن ولا يعرف قيمة بلدة .. السوريين يعاملون معاملة أقل ما يوصف عنها أنها مهينة في الأردن ولبنان .. لم نكن نتوقع منهم هذه المعاملة أبدا فسوريا كثيرا ما استقبلت الأخوة اللبنانيين في أزماتهم لكن قوبلت الأسر السورية هناك بنوع من الكبر والغرور والتعالي .. أشكر من كل قلبي كل مصري ومصرية فهم يقفون الي جواري أكثر من السوريين ميسوري الحال فالمصريين أبدا لم يشعروني بغربة ولا أري علي وجوههم سوي الإبتسامة والكلمة الطيبة .. أنا لن أترك مصر أبدا .

" الجيش الأول "

أما أحد المواطنين السوريين الذي يعمل كبائع للسجائر في أحد ميادين أكتوبر فيقول " أنني هنا منذ خمس سنوات .. واشتغلت في عدة مهن وأسكن مع أسرتي في أحد الأحياء شبة الشعبية "مساكن الشباب " ويدخل لي ايرادا معقولا كل شهر .. وقد قمت بتجديد إقامتي منذ أيام قليلة بسهولة ولم أجد صعوبة في ذلك وهي معروف انها تجدد كل ستة أشهر ولكن إذا تحسنت الأمور وتوقف الضرب والقصف في سوريا سأعود فورا دون تردد فكل أقاربي هناك بدمشق وحمص والغوطة الشرقية والأوضاع بدمشق تتحسن إلي حد كبير ويضيف أن هنا بمصر يتواجد الكثير من رجال الأعمال السوريين أصحاب المشاريع الكبري والذين نجحوا في مجالهم لن يصعب الأمر عليهم في حال العودة ولكن ستؤول تجارتهم بالنهاية الي مسقط رأسنا و أمنا ووطننا سوريا وسيحدث توفيق للأوضاع بين البلدين في استمرار تجارتهم مابين مصر وسوريا .. ويقول : أن سوريا وقعت ضحية الخونة الذين ادعوا الحب والولاء وهم في النهاية يسعون لاهثين وراء مصالحهم الشخصية ولو أن وحدتنا مع مصر إستمرت لما تجرأت أمريكا أو أي دولة عظمي من انتهاك حرمة الشعب السوري ولكنها سياسة الحكام الطامعين في استمرار جشعهم وظلمهم علي حساب الأبرياء .. سوريا كانت تملك الجيش الأول ومصر لديها الجيش الثاني حفظ الله لكم مصركم وجيشكم وجعلكم دائما عونا لنا واخوة .. مصر هي أمنا الثانية .ورحم الله القائد والمعلم جمال عبد الناصر .

" خسائر حرب "

تقول مواطنة سورية جاءت إلي مصر منذ عام 2012 .. أن الحياة بمصر صعبة جدا فالوضع اختلف عن سوريا بنسبة 180 درجة والأسعار عندنا بسوريا حتي الوقت الحالي ليست بهذا الارتفاع والغلاء .. فأنا أسكن بأحد الأحياء المعتدلة في المستوي المعيشي ولدي  إبنان شابان يعملان والمصروف يكفيني أنا وأسرتي بالكاد مع بعض الأغذية التي تخرج كتبرعات من الأمم المتحدة وتضيف أنها لديها إبنة تركتها بسوريا مع زوجها فأنا قمت بتزويجها ثم أتيت علي مصر مع أولادي ولكن لدي أمل كبير في العودة لأهلي ووطني علي الرغم من أن كل اللاجئين هنا تم قصف بيوتهم بالكامل ولن يتم تعويضنا عن خساراتنا بالحرب حتي اذا تم إعادة إعمار سوريا والحكومة السورية لن تساعدنا لانها حكومة هدم متآمرة ضد مصلحة البلد لأن كل المحافظات التي خرجت للتظاهرات أثناء الثورة هدموها وهجروا أهلها .. وتؤكد أنه علي الرغم من إستمرار مأساة التردد بين الرجوع الي سوريا أو البقاء في مصر فإن البقاء في مصر أكثر أمانا في الوقت الحالي .

"  رحلة العذاب "

تقول مواطنة سورية جاءت إلي مصر منذ عام : أنني تأخرت في مجيئي إلي مصر بسبب أن زوجي كان محاصرا بالغوطة الشرقية وأنا كنت خارجها مع أولادي بدمشق فأضطررت أن أنتظرة حتي يعود وعندما عاد قمت ببيع كل مصوغاتي وسافرنا مع عشرين أسرة  تم تهريبها معنا عبر السودان عن طريق طائرة نزلت بنا الي مطار بورسودان ثم استقلينا سيارة من بورسودان حتي أسوان ومن أسوان إلي مصر عن طريق القطار .. كل هذا التعب من أجل الحرص علي البقاء والحياة واستغرقت الرحلة خمسة أيام .. ويكفيني أنني هنا في أمان رغم صعوبات وتكاليف المعيشة .

" أزمة المفوضية"

أما تيسير النجار .. رئيس الهيئة العامة للاجئين السوريين فيقول : أن فكرة تبني أمور اللاجئين السوريين بمصر ومحاولة لم الشمل العائلي بدأت في عام 2012 من خلال مؤتمر التجمع الشعبي وكانت أول مرة أزور بها مصر وقد جئت أيضا لزيارة بعض   الأصدقاء السوريين بمحافظة أكتوبر ولفت نظري وجود بعض الأسر السورية المحتاجة وبعض الناس أيضا تستغل الحاجات أحيانا من السوريين والمصريين علي حد سواء ففكرت في هذا الموضوع جديا وقلت أنه بحاجة إلي تنظيم وكنت وقتها ادعو لتنظيم إئتلاف أحرار محافظات سوريا ... كما أن كان لي دور كبير بأول منظمة مجتمع مدني وذلك من خلال انشاء تجمع المهندسين السوريين المغتربين كنت أتولي مهمة المنسق العام وبعد ذلك انشئت اول تجمع لروابط المجتمع المدني والمقصود من ذلك أن تدعم كل رابطة أهلها بسوريا في المنطقة التي تنتمي إليها كما كنا نشجع تجمع الناس بالسعودية أيضا وتحديدا بالرياض حيث كان يوجد بها أكبر تجمع سوري خارج سوريا وذلك في عام 2011 والتي كانت تضم 400 ألف سوري بمنطقة الرياض وهو تجمع ميسور يضم كل الأطياف هناك .. ويضيف .. عندما جئت علي القاهرة وزرت منطقة أكتوبر ووجدت ان الأسر السورية هنا تجتاج الي الدعم والمساعدة وعندما عدت إلي السعودية مرة أخري فكرت بالأمر بشكل جدي ورجعت علي القاهرة وقمت بترخيص مكتب لشئون اللاجئين السوريين بمصر بأواخر عام 2012  ثم قمت بتأسيس الإئتلاف الوطني السوري بالقاهرة وكنت فخور أنني من ضمن الستين شخصية الذين وقع الاختيار عليهم وذلك علي مستوي سوريا كلها وبعد فترة إنطفأ إعجابي بهذا الإئتلاف وذلك بسبب انني اكتشفت أن أغلب الشخصيات المشاركة بهذا التجمع ليس لديهم علاقة بالسياسة وخلفياتهم الثقافية صفرية وكثيرون انضموا لمنفعتهم الشخصية وفيه منهم من هو متآمر علي سوريا وصار هذا الانطباع بعد أربع إجتماعات للإئتلاف .. في الاجتماع الثاني فكرت بالإنسحاب وفي الثالث أتخذت القرار وبالاجتماع الرابع انسحبت بالفعل وأخذت كل أوراقي لأنني تأكدت تماما أن الإئتلاف السوري ليس له علاقة بالوطنية وترك للدول المحيطة مثل تركيا وقطر فرصة أنها تنسق مع العسكريين والقادة من الجيش الحر فهذا تدخل في شرف العسكرية ونوع من الفضول والاقحام في شئون الدولة الخاصة .. كذلك فضحت أمر القاعدة وجبهة النصرة والتي ادعت أن لها علاقة بالجيش الحر وهذا غير صحيح ووضعني في مواجهة مع رئيس الإئتلاف أحمد معاذ خطيب لتوضيح رأيي في أن النصرة ليست لها علاقة بالجيش الحر أبدا فهي ضد الثورة وتنتمي إلي تنظيم القاعدة ولا نستطيع أن ننسب النصرة للجيش الحر لأننا بذلك نسود وجهه أمام العالم .. فالجيش الحر كان يحمي المواطنين والمتظاهرين بينما النصرة تقتلهم وبعد ذلك انسحبت من الإئتلاف ورجعت علي مصر وأسست هيئة اللاجئين السوريين بشكل شرفي تطوعي وحصلت علي ترخيص شامل واسع الطيف  للمكتب من وزارة الشئون الإجتماعية وصرنا نعمل من أجل شئون اللاجئين الأكثر إحتياجا فهناك الأرامل والأيتام والمطلقات وأسر بلا عائل بمعني ان هناك أسر سورية كثيرة هنا بمصر لكن الأب أو الزوج بسوريا فهو إما معتقل أو بمكان آخر محتجز أو محاصر وفي هذه الحالة نستطيع أن نساعد من خلال السوريين ميسوري الحال .. ويضيف أن المفوضية لا تعطي إلا القليل الذي لا يكفي ظروف المعيشة الصعبة ومحظوظ من يحصل عليها وأيضا هناك أسر تنتظر لمدة عام كي تحصل علي دعم المفوضية والتي يتفشي بها الفساد بشكل كبير وتختلط بها المعايير في عدم عدالة التوزيع علي الأسر السورية الأكثر حاجة وعوزا .. بالاضافة الي أنه عندما بدأت المفوضية عملها كانت تتمني مساعدة السوريين وظلت حوالي عامين تقدم خدماتها لهم وتستقبل كل الناس وتفتح أبوابها لكل السوريين صار الآن الوضع مختلف تماما فمنذ اربع سنوات استعانت المفوضية بشركة  أمن أجنبية ووضعت حول أسوراها أربعين من الحراس والموظفين خمسة أفراد فقط ويمنعون أي سوري من الدخول الا إذا حصل علي موعد عن طريق الهاتف والذي دوما ما يكون مشغولا أو لا يقوم أحد بالرد علينا ولكن دورنا نحن يختلف ففي حالة العوز نساعد بارسال مبالغ شهرية من القادرين إلي المحتاجين بشكل مباشر وأيضا نرسل المرضي إلي صيدليات معينة للحصول علي الأدوية بسعر مخفض كذلك الأمر بالنسبة لحالات الولادة نرسل الأمهات علي عيادات متطوعة كما أننا نرسل التلاميذ السوريين إلي مدارس رسومها قليلة كما أننا لدينا مكتب للمشاريع الصغيرة من خلال مساعدة الشباب السوري علي اقراضهم المبالغ البسيطة كرأس مال يبدأ به مشروعه .. كما أنني اسعي من خلال المكتب أن أقوم ببناء مستوصف ونواة مستشفي كي نقوم بتخفيض التكاليف والعلاج علي الناس وكل هذا بتمويل شخصي مني ومعي بعض المقتدرين من أبناء سوريا .